متابعات – تاق برس – تفاجأ تلاميذ الصف السادس لـ(المرحلة الأساسية) في السودان بوجود سؤال غير متوقع في امتحان مادة اللغة العربية، يوم أمس الأحد.

 

فقد تضمن سؤال الإنشاء في الامتحان العبارة التالية: “وقفت مخاطبًا تلاميذ مدرستك تحثهم على الوقوف مع الجيش السوداني في معركة الكرامة ضد أعداء الوطن.. ماذا قلت لهم؟”.

 

وجذب السؤال المذكور انتباه الناشطين بمواقع التواصل الاجتماعي، الذين انقسموا بين مؤيد ومناهض.
ففيما كال المؤيدون عبارات الثناء على الموضوع ووصفوه بأنه جميل ومهم يشجع الطلاب على حب الوطن وجيشه، رأى المعارضون أن الموضوع برمته مربك للتلاميذ ووصفوه بالمكايدة السياسية، ولا صلة له بالتربية والتعليم.

وقفت مخاطبا تلاميذ مدرستك تحثهم و تدفعهم للوقوف مع للجيش السوداني في #معركة_الكرامة ضد أعداء الوطن ، ماذا قلت لهم ؟

– موضوع للانشاء في امتحان شهادة الصف السادس اليوم.!! pic.twitter.com/MHAaxt7z02

— NabeilShakoor (@NabeilShakoor) June 2, 2024

 

من جانبه، اعتبر الناطق الرسمي باسم لجنة المعلمين السودانيين، الأستاذ سامي الباقر، لـ”العربية.نت” أن الموضوع لا علاقة له بالتربية والتعليم، بل محاولة لإقحام التعليم المدرسي في الصراع الدائر حاليًا في البلاد.

 

كما رأى أن البعض يعتقدون أن التعليم يمكن أن يكون أداة لترسيخ أفكارهم وقناعاتهم التي رفضها بعض السودانيين، في إشارة إلى الصراع الدائر في البلاد منذ منتصف أبريل 2023.

 

“وسيلة لغسل الأدمغة”

بدوره، قال أحد معلمي مرحلة الأساس لـ”العربية.نت” إن الملاحظة هنا هي أن السلطة الحالية تستخدم التعليم كوسيلة لغسل أدمغة الأطفال.

كما اعتبر أن التعليم بحاجة إلى إصلاح كبير وشامل، وأنه يجب على الحكومة القادمة تخصيص ميزانية حقيقية لهذا القطاع، مشددًا على أن إصلاح التعليم يجب أن يكون أولوية أكثر من إصلاح الجيش والاقتصاد.

 

كذلك، قال معلم ثانٍ لـ”العربية.نت” إن “هذا الموضوع لا يمت بأي صلة للتربية، بل يعكس نظرة سياسية ضيقة. فمن هم أعداء الوطن؟ ولماذا يتم إقحام التلاميذ في المعارك؟ وما هو مفهوم العداوة. ورأى أن “هذا يُعد دعوة لتجنيد التلاميذ وزرع العداوة والبغضاء بينهم” مضيفا “الموضوع برمته لا يتعلق بالتربية والتعليم أو بالسلوك التربوي”.

 

 

في المقابل، أكد معلمون استطلعتهم “العربية نت” أن الموضوع ليس بدعة، ووصفوه بالممتاز، لأنه من الطبيعي تناول ما يشغل بال التلاميذ وأسرهم. ولا نظن أن هناك ما يشغل السودانيين أكثر من الحرب الدائرة حاليًا بالبلاد”، على حد تعبيره.

 

ويعيش السودان منذ أبريل 2023 معارك دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو حيمدتي.

 

فيما لم تفلح بعد كافة المحاولات الدولية والإقليمية من أجل وقف الحرب والعودة إلى طاولة المفاوضات بين الجانبين.

ؤال غير متوقع في امتحان مادة اللغة العربيةإمتحانات المرحلة الأساسيةمعركة الكرامة

المصدر: تاق برس

كلمات دلالية: معركة الكرامة العربیة نت

إقرأ أيضاً:

التعليم في السودان: قصة مجد وتحديات

في قلب كل سوداني تجاوز العقد السادس من عمره، ينبض حب خاص للعلم؛ قصة متجددة تروي أيامًا كان فيها التعليم في السودان مصدر فخر وإلهام، ورمزًا لصناعة النخبة التي حملت اسم السودان عاليًا في المحافل الإقليمية والدولية.
في عام 2014، وخلال عملي كممثل لمنظمة الصحة العالمية في لبنان، تلقيت رسالة عاجلة من المكتب الإقليمي في القاهرة بضرورة استقبال شخصية دولية مرموقة مهتمة بأوضاع اللاجئين السوريين. كان المسؤول في طريق عودته إلى جنيف بعد زيارة لسوريا والأردن، وكان هدف اللقاء عرض دور مكتبنا في خدمة اللاجئين السوريين. ونظرًا لضيق وقت زيارته، أعددت تقريرًا مفصلًا لتسليمه له مباشرة.
عندما التقيت المسؤول الأممي، لاحظت منذ لحظة دخوله مكتبي نظرة مليئة بالتساؤلات. تصفح التقرير سريعًا، ثم قال: "هذا التقرير أجاب عن كل ما كنت أنوي سؤالك عنه، لكن هناك سؤال واحد أرجو أن تحدثني عنه." وعندما استفسرت عن سؤاله، أجاب بدهشة: "خلال زيارتي لدمشق وعمان، التقيت عددًا كبيرًا من المسؤولين الأمميين، ولاحظت أن معظمهم من السودانيين. جميعهم يتقلدون مناصب رفيعة بكفاءة واقتدار. حدثني عن التعليم في السودان، كيف استطاع بلد بإمكانات بسيطة أن يخرج كل هذه النخبة اللامعة؟" ظل يلاحقني بالأسئلة عن التعليم لمدة ساعة ونصف، دون أن يتطرق إلى شؤون اللاجئين التي جاء من أجلها. شعرت حينها بمزيج من الفخر والخوف من الحسد، واستعذت بالله، وأخبرته أن تعليمنا كان بسيطًا في مبناه، لكنه عظيم في رسالته. جلسنا على الأرض، كتبنا على الرمل وعلى ألواح الأردواز، لكن عقولنا كانت تعانق السماء. معلمونا كانوا قدوة في الإخلاص للعلم وحب الحقيقة، وجامعاتنا كانت منارات علمية حقيقية تعد الإنسان للعالم، لا لمجرد وظيفة.
هذه ليست الحكاية الوحيدة. فقد سألتني طبيبة سعودية ذات مرة بدهشة بعد مشاهدتها برنامجًا وثائقيًا عن التعليم في السودان: "كيف خرج من هذه المدارس البسيطة كل هؤلاء العلماء الذين درسونا في الجامعات؟" فأجبتها: "ليس المبنى ما يصنع الإنسان، بل الرسالة التي يحملها المعلم."
لقد غزا خريجو الجامعات السودانية، خاصة جامعة الخرطوم، العالم العربي والأفريقي بكفاءاتهم. تميزوا بإتقان اللغتين العربية والإنجليزية، وبالتفوق العلمي والمهني، حتى أن دول الخليج استعانت بهم لبناء نهضتها التعليمية والأكاديمية في السبعينيات والثمانينيات. لم يكونوا مجرد موظفين، بل صناع نهضة حقيقية.
ولكن، مع مرور الزمن، بدأت ملامح التراجع تظهر. ففي نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، أثرت الأزمات الاقتصادية على التعليم. وتصاعدت المشكلات مع الحرب الأهلية والصراع السياسي. وفي التسعينيات، جاءت سياسات التوسع الجامعي والتعريب للمناهج لتضعف الجودة الأكاديمية. ومع العقوبات الدولية عام 1997، تدهورت البحوث العلمية، وعانت الجامعات من العزلة. أما الحرب الأخيرة (2023)، فقد دمرت البنية التحتية للجامعات، وأوقفت الدراسة في كثير منها. لقد عايشت بنفسي أثراهتمام الدولة بالتعليم السوداني، فبفضل دعم الدولة وقتها، تمكنت من متابعة دراستي العليا في جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس، رغم بساطة دخل والدي، الموظف البسيط في بريد الأبيض.
فهناك مؤشرات خطيرة تهدد مستقبل التعليم في السودان منها تدهور مهارات القراءة والكتابة وتفشي الأخطاء الإملائية والنحوية و ضعف الخط اليدوي فالمعلمون يؤكدون أن خط الطلاب بات غير مقروء بسبب الاعتماد المفرط على الأجهزة الإلكترونية و انهيار دور المكتبات المدرسية فالمدارس الحكومية تفتقر لمكتبات مجهزة أو أن المكتبات مغلقة و تراجع إتقان اللغات إذ قلت نسبة طلاب الثانويات يستطيعون التحدث بالإنجليزية بطلاقة بصورة ملحوظة و ضعف تدريب المعلمين خاصة في المناطق المتأثرة بالنزاعات لم يتلقوا تدريبًا مستمرًا منذ خمس سنوات و تردي البنية التحتية المدرسية فالمدارس تفتقر إلى الكراسي والمكاتب والمعدات الأساسية و ارتفاع معدلات التسرب المدرسي خاصة في المناطق الريفية و ندرة الأنشطة اللاصفية بانتظام كالأنشطة الرياضية أو الثقافية أو الفنية.
التعليم السوداني، رغم تاريخه العريق، يمر بمنعطف خطير. إذا أردنا إعادة بناء نهضتنا، فعلينا أن نعيد الاعتبار للمعلم، ونوفر الدعم الحقيقي للبحث العلمي، ونربط مدراسنا و جامعاتنا بالعالم الأكاديمي الدولي، ونغرس حب العلم والعمل الجاد في أبنائنا. و لنعلم أن التغييرات المطلوبة قد تحتاج لزهاء عقدين من الزمان لتؤتي أكلها بإذن الله إذا أحدثنا التغيير اليوم.
مضى زمانٌ وكنا سادة العلم نشرِي الهدى ونضيء الدروبا
تغير الحال وانحسر الضياء وأصبح العلم في أرضي غريبا
بقلم: الدكتور حسن المهدي البشري الغبشاوي

hassanemelbushra@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • التعليم في السودان: قصة مجد وتحديات
  • وزير إسرائيلي يثير جدلاً: تحرير الرهائن ليس أولوية الحرب على غزة
  • وزيرا التربية والتعليم والأوقاف يناقشان القضايا المشتركة وأمور التعليم ‏الشرعي
  • انشطار مفاجئ لشجرة الغريب المعمرة بتعز يثير حزن اليمنيين / فيديو
  • انشطار مفاجئ لشجرة الغريب المعمرة بتعز يثير حزن اليمنيين
  • وزارة التربية والتعليم تعلن تفاصيل امتحانات الثانوية العامة 2024-2025: جداول الامتحانات ونظام توزيع الدرجات
  • وزارة التربية والتعليم تنظّم ندوة تعريفية حول توظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم
  • عمرها 2000 عام.. انشقاق مفاجئ لشجرة "الغريب" الأثرية في تعز يثير تفاعلاً واسعاً
  • عودة الرهائن ليست الهدف الأهم.. سموتريش يثير جدلا في إسرائيل بتصريح حول غزة
  • مشروع عقاري للمسلمين في تكساس يثير جدلا واسعا