حكاية من عُمان.. سيدة تطلق مشروع محو الأمية وتفوز بجائزة مرموقة للعمل التطوعي
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
مسقط- الخامسة عصرا، من أمام جامع الصالحين أحد جوامع ولاية السيب بمحافظة مسقط، يتردد صوت أطفال وهم يتلون، "يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" (سورة النور-الآية 35).
مع دخول الجامع، تجد ما يقارب 40 طفلا تتراوح أعمارهم من 3 إلى 12 سنة، كانوا يجلسون في حلقة يلتفون حول معلمتهم زهرة بنت سالم العوفية، وهي تتلو الآيات وهم يرددون، عقب ذلك أخذوا يتقدمون واحدا تلو الآخر لتسميع ما حفظوه من آيات القرآن الكريم.
لم ينته المشهد بعد، فما أن انتهى الأطفال من تسميع الآيات، حتى جاء وقت توزيع الهدايا فاليوم هو الأخير من شهر مايو/أيار، وهو آخر يوم من العام الدراسي الذي بدأ في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، واستمر لهؤلاء الأطفال بواقع ساعتين في يومين من كل أسبوع، يتعلمون القرآن الكريم مع معلمتهم التي تقيم في محافظة مسقط في هذه الفترة من العام منذ 3 سنوات.
لم يكن الأطفال وحدهم يتعلمون، فهناك أيضا ما يقارب 25 أم تقوم العوفية بتعليمهن يومين من كل أسبوعين بواقع ساعتين في كل يوم.
هذا مشهد اليوم، وحول تفاصيل المشهد كان للجزيرة نت الحوار الآتي مع زهرة العوفية:
بداية حديثنا عن بداياتك، ومن أين جاءت فكرة مشروعك "محو أمية أبناء قريتي مسؤوليتي" الذي تكلل بفوزك بالمركز الأول في جائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي؟أنا زهرة بنت سالم العوفية، من ولاية الحمراء إحدى الولايات التابعة لمحافظة الداخلية، كانت بدايتي في عام 2007، والآن أكمل 18 عاما، في عام 2017 سجلتني إحدى المعلمات في جائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي، لم أتوقع الفوز بالجائزة. وهذا الفوز كانت بداية معرفة الناس بمشروعي بشكل أوسع.
بدأت مشروعي بتحفيظ الطلاب ممن أعمارهم 5 سنوات -وبعضهم أقل من ذلك- القرآن الكريم في منزلي. وبعد التحاق 3 من أبنائي بالمرحلة الجامعية، وجدت وقتا كافيا للقيام بالعمل التطوعي، إذ أصبحت المسؤولية أقل، وصار عندي وقت فراغ، فأحببت استغلال هذا الوقت، فبدأت أتطوع في تعليم أطفال جيراننا، وكانوا حوالي 20 طفلا.
وهكذا انتشر خبر زهرة والأطفال، وما يكتسبه هؤلاء الصغار من تعليم، فأصبح الأهالي يأتون بأطفالهم من أماكن بعيدة.
العُمانية زهرة العوفية -ترتدي الأخضر- تدرس الأطفال القرآن الكريم (الصحافة العمانية) ما المناطق التي بدأ مشروعك بتغطيتها؟ وما تفاصيله؟بدأ مشروعي بتغطية المناطق الجبلية البعيدة التي لا يوجد بها مدارس لتعليم القرآن الكريم – في ذلك الوقت- ولا يوجد فيها رياض أطفال أو مدارس للتعليم ما قبل المدرسي.
وبعد انتشار خبر تعليم الأطفال، قامت إحدى مدارس الحلقة الأولى بالولاية بدعوتي لتقديم حصص للأطفال، فلاحظت خلال هذه الحصص تدني مستوى القراءة والكتابة لدى بعض الطلبة على خلاف زملائهم، فسألت المعلمة عن هؤلاء الطلبة فعرفت أنهم من أبناء القرى الجبلية وأنهم لا يلتحقون بالتعليم ما قبل المدرسي.
قمت بزيارة للمناطق التي يأتي منها هؤلاء الطلبة، وذلك بالتنسيق مع سائق المركبة التي توصل هؤلاء الأطفال إلى منازلهم ليخبر الأمهات بأنني سأقوم بزيارتهم، وبالفعل تمت الزيارة والتقيت بالأمهات، وبدأت في تدريس الأطفال والأمهات أيضا.
سنتان كنت أقوم خلالهما بتعليم الأمهات في القرى الجبلية القرآن الكريم، كما كنت أذهب أيضا إلى المدرسة، وأعطي حصصا لتعليم الطلبة.
كما كنت أدرس الأمهات في مجالس عامة في هذه القرى قد تكون مجالس للعزاء في بعض الأحيان، وأحيانا أخرى أدرس الأمهات تحت الأشجار.
بعد ذلك قمت بتوظيف معلمات من القرى نفسها، وهن خريجات دبلوم التعليم العام لتدريس الأطفال ممن هم دون سن المدرسة، وكذلك تدريس الأمهات.
ما التحديات التي واجهتها خلال هذه السنوات وبخاصة في بداية مشروعك؟التحديات المادية كانت أبرز ما واجهته في مشروعي فالمصاريف عالية، خاصة وأن التدريس في مشروعي مجاني، وأتكفل بما يتطلبه ذلك من احتياجات مالية.
وللتغلب على التحديات المالية بدأت أشتغل في مجال الطبخ، لتوفير المصاريف، والهدايا التحفيزية للطلبة، وكنت في بداية المشروع أستأجر سائقا للوصول إلى المناطق الجبلية البعيدة.
وهكذا قمت بتوفير الميزانية التشغيلية لمشروعي من خلال مشروع آخر حيث أقوم بالطبخ في منزلي، وأبيع لعدد من المدارس في الولاية، وتكون عوائد مشروع الطبخ، لشراء الكتب والأدوات التعليمية والقرطاسية، وهدايا تشجيعية للأطفال، إضافة إلى صرف مكافآت للمعلمات.
أين أصبح مشروع زهرة العوفية اليوم، وما نتائجه؟اليوم يتضمن المشروع "22" فصلا في قرى مختلفة، تقوم بالتعليم في هذه الفصول 40 معلمة.
أما نتائج المشروع اليوم، فتتمثل بوجود أمهات حافظات لأجزاء من القرآن الكريم، كما أصبح الطلبة يلتحقون بالصف الأول ولديهم معرفة بالقراءة والكتابة، وأيضا يوجد حافظون لقصار السور من القرآن الكريم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات تعليمي القرآن الکریم
إقرأ أيضاً:
انطلاق اختبارات مسابقة القرآن الكريم بفروع الراوق الأزهري بأسيوط
انطلقت اليوم وعلى مدار أربعة أيام فعاليات اختبارات مسابقة القرآن الكريم التي تنعقد بروعة الرواق الأزهري في بني عدي بمحافظة أسيوط، يؤديها حوالي ١٧٠٠ دارس على خمسة مستويات في حفظ القرآن الكريم.
خريجي الأزهر بالهند تنظم لقاءً توعويًا للشباب لتزويدهم بالعلوم الإسلامية مرصد الأزهر يحلل إحصائيات جرائم التنظيمات الإرهابية شرق إفريقيا خلال ديسمبر 2024وفي سياق سابق ذكر الدكتور هاني عودة مدير عام الجامع الأزهر، أن هذه الاختبارات تأتي في إطار حرص فضيلة الإمام الأكبر، على التوسع في أنشطة الرواق الأزهري بجميع محافظات الجمهورية، انطلاقا من ترسيخ الدور الحضاري للأزهر الشريف في المحافظة على الريادة المصرية في حفظ القرآن الكريم ورعاية أهله، وتشجيع النشء والشباب على الإقبال على القرآن الكريم حفظًا وتدبرًا وتعلمًا لأحكامه وآدابه، وتطبيق أحكام التجويد والتلاوة عمليًا، واكتشاف وتشجيع المواهب القرآنية، والأصوات الحسنة، وإبراز القدرات الإبداعية لديهم.
وأوضح الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر، أن المسابقة مدتها ٤ أيام، تنعقد خلالها اختبارات في حفظ كتاب الله تعالى، والأحاديث النبوية المطهرة، إضافة إلى الابتهالات والمدائح النبوية،موضحًا أن اختبارات القرآن الكريم تتم بتقنية الاختبار المميكن الذي يتم تسجيله بالصوت والصورة؛ ضمانًا للشفافية، والعدالة في توزيع الأسئلة، وتحقيقًا لمبدأ تكافؤ الفرص بين الممتحَنين.
يأتي ذلك برعاية كريمة من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وباعتماد من الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، وبإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري، وبمتابعة من الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، والشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشئون الدينية، والدكتور مصطفى شيشي، مدير إدارة شئون الأروقة، كما تنعقد الاختبارات برئاسة الشيخ حسن عبد النبي عراقي، وكيل لجنة مراجعة المصحف الشريف، وبمشاركة أعضاء لجنة مراجعة المصحف الشريف، وباحثي الجامع الأزهر.
الجامع الأزهر يناقش الدروس المستفادة من الهجرة إلى الحبشةوعلى صعيد اخر، عقد الجامع الأزهر الشريف، الندوة الثانية من البرنامج الحادي والعشرين من برامجه الموجهة إلى المرأة، بعنوان "الهجرة الأولى إلى الحبشة.. دروس وعبر".
جاء ذلك بحضور كل من الدكتور لمياء متولي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، والدكتور منى صلاح، مدرس الحديث بجامعة الأزهر، والدكتور سناء السيد الباحثة بالجامع الأزهر.
استهلت الدكتور لمياء متولي، حديثها ببيان أن هجرة المسلمين الأولى إلى الحبشة كانت فِي شَهْرِ رَجَبَ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ مِن بعثة المصطفى ﷺ، وهي هجرة دينية عقَدية ليست اقتصادية ولا تعليمية وكانت خيرًا للمسلمين وفتحًا جديدًا للإسلام، كما بينت أسبابها، وأوضحت لماذا اختار رسول الله ﷺ الحبشة بالذات دون غيرها، ولماذا هاجر الأشراف دون البسطاء؟ كما ذكرت أستاذ الفقه العديد من الدروس المستفادة من الهجرة الأولى والتي من أهمها: أن العدل أساس الملك، والنجاشي كان ملكًا عادلا، قال عنه رَسُولُ اللهِ ﷺ "إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لَا يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ، فَالْحَقُوا بِبِلَادِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ" .
من جانبها تحدثت الدكتور منى صلاح، عن أخلاق المؤمنين المهاجرين إلى لحبشة، وأوضحت كيف كان ردُّ سيدنا جعفر بن أبي طالب على أسئلة النَّجاشيِّ في غاية الذَّكاء، وقِمَّة المهارة السياسية والإعلاميَّة والدَّعويَّة والعقديَّة، حيث عدَّد سيدنا جعفر عيوب الجاهليَّة، وعرضها بصورةٍ تنفِّر السَّامع، ثم عرض شخصيَّة الرَّسول ﷺ، وبين كيف كان بعيدًا عن النَّقائص كلِّها، معروفاً بنسبه وصدقه وأمانته وعفافه، ثم عرض محاسن الإسلام وتعاليمه وأخلاقياته الَّتي تتَّفق مع أخلاقيَّات دعوات الأنبياء، وأحسن الثَّناء على النَّجاشيِّ بما هو أهله.
وخلال اللقاء أوضحت الدكتور سناء السيد، أن الإسلام أقرَّ الهجرةَ في سبيل الله قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾، كما بينت العديد من الدروس المستفادة من الهجرة الأولى؛ ومنها أنه يجوز للمسلمين أن يدخلوا في حماية غير المسلمين إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وأن الاعْتصَامَ بالكِتاب والسُّنةِ حَبلُ النَّجَاةِ، وضرورة التمسك بالدِّين في بلاد المَهجر، وأن أهل الحق لا يتقاضون رشوةً لإبطالِ حقٍّ أو إحقاقِ باطلٍ، أو ظلمِ أحدٍ، ولذا رفض النَّجاشي الرشوة وردَّها وقال : "رُدُّوا عَلَيْهِمَا هَدَايَاهُمَا، فَلَا حَاجَةَ لي بهَا".