استقبلت مصر أكثر من 45 مليار دولار منذ اتفاقية رأس الحكمة مع الإمارات قبل 3 شهور، منها 20 مليار دولار في صورة أموال ساخنة، ما ساعدها في تغطية العجز المالي وتلبية بعض الاحتياجات العاجلة، لكنها لم تؤدِ إلى تحسن ملموس في حياة المواطنين بشكل مباشر.

بحسب بنك ستاندرد تشارترد العالمي فإنه في ظل استمرار العجز الحالي، واعتماد مصر على استثمارات أجنبية مباشرة، أو استثمارات قصيرة الأجل "الأموال الساخنة"، وفي ظل أن التعويم يظل مدارا وليس حرا، فإنه من المتوقع أن يتراوح سعر الدولار من 45 الى 50 جنيها للأعوام الثلاث المقبلة.



الأموال الساخنة هي استثمارات قصيرة الأجل في أدوات الدين الحكومية، تدخل السوق بحثًا عن أرباح سريعة من الفوائد والعوائد على الأدوات المالية. هذه الأموال يمكن أن تخرج من السوق بنفس السرعة التي دخلت بها، ما يجعلها غير مستقرة ولا تساهم بشكل دائم في تعزيز الاقتصاد.

وأدى تحرير سعر الصرف في أعقاب التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على زيادة برنامج الدعم المالي الممدد إلى ثمانية مليارات دولار، إلى ارتفاع سعر الدولار بنحو 60% ليقفز من 30.94 جنيه إلى نحو 50 جنيها قبل أن يهبط إلى نحو 48 جنيها في البنوك.

التدفقات المالية تذهب في بحر الديون
قالت خبير الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان لبنك ستاندرد تشارترد، كارلا سليم، إن تحركات الحكومة المصرية لتقليص الدعم ومنها الطاقة سيؤثر على التضخم، كما أن قرار رفع أسعار الخبز لم يكن متوقعا.

وتلاشت آمال المصريين في تحسن أوضاعهم الاقتصادية بعد التدفقات النقدية الكبيرة من الخارج، بل على العكس ساعدت الحكومة المصرية في اتخاذ قرارات غير مسبوقة، حيث رفعت أسعار الخبز المدعم 300% ما شكل صدمة كبيرة للمواطنين وحفزتها على المضي قدما في رفع الدعم الطاقة والكهرباء، ضمن خطة زمنية قصيرة الأجل.



وكشفت الحكومة المصرية اعتزامها زيادة أسعار الوقود حتى نهاية 2025، وكذلك زيادة أسعار الكهرباء خلال السنوات الأربع المقبلة بدعوى تخفيف الأعباء على موازنة الدولة، حيث تستحوذ أعباء خدمة الدين على أكثر من 60% من مخصصات الموازنة.

وتم تخصيص أكثر من 3.4 تريليون جنيه لأعباء خدمة الدين، (سداد القروض والفوائد)، بنسبة 62.1% من استخدامات الموازنة العامة. ويمثل بند سداد القروض 1.6 تريليون جنيه ، ومخصصات الفوائد 1.8 تريليون جنيه.

أين أنفقت مصر التدفقات الدولارية الضخمة؟
في تقديره لمصارف التدفقات النقدية الكبيرة التي جاءت خلال الفترة الأخيرة، يقول الخبير الاقتصادي ورئيس تحرير جريدة المال سابقا، محمد النجار، إن "الأموال التي استقبلتها مصر ساعدت في تغطية العجز المالي وتلبية بعض الاحتياجات العاجلة، لكنها لم تسهم في تحقيق تحسن اقتصادي ملموس بسبب طبيعتها المؤقتة وعدم توجيهها نحو استثمارات إنتاجية، بالإضافة إلى التحديات الهيكلية والاقتصادية التي يواجهها البلد."

ورأي في حديثه لـ"عربي21": أنه "لتحقيق تحسن مستدام، تحتاج مصر إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية وزيادة الاستثمار في القطاعات الإنتاجية وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد لكن جزء كبير من هذه الأموال يُستخدم لتغطية العجز في الموازنة وتمويل النفقات الحكومية، بدلاً من توجيهها إلى استثمارات منتجة تسهم في تحقيق نمو اقتصادي حقيقي".

وأشار النجار إلى "الحاجة إلى إصلاحات عميقة. الاقتصاد المصري يحتاج إلى إصلاحات هيكلية عميقة لتحسين مناخ الاستثمار وزيادة الإنتاجية وتعزيز القطاعات الصناعية والزراعية. بدون هذه الإصلاحات، تصبح الأموال الواردة مجرد مسكنات مؤقتة.



وحذر  الخبير الاقتصادي من "ارتفاع المخاطر الاعتماد على الأموال الساخنة يعرض الاقتصاد لمخاطر خروج هذه الأموال في حال حدوث أي أزمات أو تقلبات سياسية أو اقتصادية، مما يزيد من عدم الاستقرار المالي، ولا يعول عليها لا في إنقاذ الاقتصاد ولا في تحقيق أي تنمية ويتم استخدامها في تمويل العجز وتغطية النفقات الحكومية وخدمة الدين مما يحد من تأثيرها الإيجابي على الاقتصاد العام".

وتوقع النجار أن "ينتهي دعم الطاقة والوقود خلال السنوات القليلة المقبلة استجابة لتوصيات وطلبات صندوق النقد الدولي، وأن يتقلص دعم التموين ودعم الخبز بشكل تدريجي وتحويل جزء منه إلى دعم نقدي وبالتالي فالدولة تسير وفق أجندة الصندوق".

المواطن خارج الحسابات في أي تدفقات
تكمن المشكلة، بحسب الخبير الاقتصادي، الدكتور إبراهيم نوار، في أنه "لا أحد يعرف على وجه التحديد كيف تم توزيع التدفقات المالية الأجنبية في الأشهر الأخيرة والتي جاءت في أعقاب صفقة رأس الحكمة مع الإمارات واتفاق صندوق النقد الدولي".

لكنه أَضاف لـ"عربي21": "إلا أنه من المفترض طبقا للاتفاق مع صندوق النقد إن يذهب نصف التدفقات المالية لتخفيف عبء الديون. نصف صفقة رأس الحكمة من المرجح أنه تم تخصيصه لهيئة المشروعات العمرانية الجديدة، ربما تكشف مناقشات الموازنة التي بدأت يوم الأحد القادم عن بعض التفاصيل لكن الأرقام المتاحة تنقصها الشفافية".

وقلل نوار من أثر تلك التدفقات في إحداث إصلاح اقتصادي أو تحسن مستوى المعيشة للمواطنين، قائلا: "لا هي قشة تنقذ الغريق.. ولا هي من شأنها تخفيف الأعباء من المواطنين"، مشيرا إلى أن "دورها وظيفي أكثر من أي شيء آخر للمساعدة في تغطية العجز وسداد جزء من الديون، نحن نقترض من أجل سداد ما اقترضناه سابقا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي مصر الاقتصاد التضخم الاستثمار الديون مصر اقتصاد التضخم الديون الاستثمار المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صندوق النقد أکثر من

إقرأ أيضاً:

بتكلفة تتجاوز مليار دولار.. ننشر خطة الحكومة لوقف انقطاع الكهرباء نهائيا

كشف الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تفاصيل خطة الحكومة لعدم تكرار أزمة انقطاع الكهرباء مرة أخرى.

خطة الحكومة لعدم تكرار أزمة الكهرباء 

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى الخطة الموضوعة لتجاوز فترة الصيف، التي تمت بالتنسيق بين كل من وزارات الكهرباء، والبترول، والمالية، والتي ترتكز على أهمية التحسب والتعامل مع ما تم رصده من موجات وارتفاعات في درجات الحرارة غير المسبوقة، وخاصة خلال شهور الصيف القادمة.

وتابع: من 48 ساعة عرض وزير البترول المطلوب لزيادة حجم الاحتياطيات الاستراتيجية للمازوت المستخدم للمناورة بين المحطات الكهربائية وبعضها البعض، والذي يقدر بـ 300 ألف طن مازوت إضافية، وذلك بقيمة 180 مليون دولار.

وأشار إلى أنه تمت الموافقة الفورية على هذا العرض، مع التوجيه لوزير المالية بتدبير المعادل لهذا المبلغ بالجنيه المصري، وبالفعل بدأ وزير البترول التعاقد على هذه الكميات، والتي من المقرر وصولها بداية الأسبوع المقبل، وذلك بهدف زيادة الاحتياطيات الاستراتيجية المستخدمة داخل المحطات.

ولفت رئيس مجلس الوزراء إلى توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، للحكومة للتعامل مع الأزمة غير المسبوقة التي حدثت أمس، والتدخل بصورة استثنائية لحل هذه الأزمة، والتخفيف من تداعياتها.

وذكر أنه تم عقد اجتماع طارئ بحضور وزيري الكهرباء والبترول، لمناقشة آليات التنسيق والتعاون بين مختلف أجهزة الدولة المعنية من وزارة المالية والبنك المركزي المصري، لوضع خطة استثنائية للتعامل مع موجات ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف هدفها التخفيف تمامًا من انقطاع الكهرباء خلال فترة الصيف، تحسبًا للموجات الحارة الكبيرة.

وطلب رئيس الوزراء من وزيري الكهرباء والبترول أن يتم حساب المبالغ الإضافية التي ستكون في صورة شحنات للحصول عليها؛ سواء غاز طبيعي أو مازوت حتى نتجاوز فترة الصيف ومعنى ذلك الوصول إلى صفر انقطاع للكهرباء طول فترة الصيف.

وأعدّ الوزراء الدراسات اللازمة والتي تضمنت حجم الكميات المطلوبة، وأفادوا بأنهم في حاجة لمنتجات بقيمة مليار دولار، بالإضافة إلى الـ 180 مليون دولار التي دبرناها من 48 ساعة، أي نحن نتحدث عن إجمالي 1.18 مليار دولار سنخصصها كدولة من أجل تجاوز فترة الصيف خلال الفترة المقبلة أي ما يعادل 57 مليار جنيه، وأن هذا المبلغ سيتم تدبيره من الموارد الدولارية للدولة المصرية خلال هذه الفترة المهمة للغاية.


وأضاف: بناء على هذا العرض ومراجعة هذا الرقم مع الوزراء اليوم، وجهت وزير البترول بالبدء الفوري في التعاقد على هذه الشحنات حتى نستقدمها بصورة فورية حتى نتجاوز فترة الصيف، كما تم التنسيق مع وزير المالية من أجل تدبير المبالغ بالجنيه المصري، وأيضا التنسيق مع محافظ البنك المركزي لتدبير المعادل لهذه المبالغ بالدولار.

ولفت مدبولي إلى أنه لا يمكن الحصول على هذه الشحنات دفعة واحدة، لأن هذا الأمر يستغرق وقتًا طويلًا في التعاقدات، وبناء على هذا الكلام وتقدير وزير البترول الذي أفاد بأننا سنكون قادرين على الوصول إلى الحجم الكامل من الشحنات التي تمكنا من وقف قطع الكهرباء بصورة تامة طوال فترة الصيف مع الأسبوع الثالث من شهر يوليو، ولذلك ستكون خطتنا من اليوم وحتى الأسبوع الثالث من شهر يوليو المقبل هي كالتالي: خلال الأيام المتبقية من هذا الأسبوع  سنضطر آسفين للاستمرار في تخفيف الأحمال لمدة 3 ساعات في اليوم، وبدءا من الأسبوع المقبل سنعود إلى فترة الساعتين وتدريجيًا ومع وصول مختلف الشحنات والمنتجات المطلوبة سيتم العمل على إيقاف انقطاع التيار الكهربائي طوال فترة الصيف.

وتتضمن الخطة الموضوعة من جانب الحكومة، العمل على وقف انقطاع الكهرباء بنهاية العام، قائلا: بعد انتهاء فصل الصيف سيتبقى شهرين أو ثلاثة أشهر على نهاية العام، وهو ما سيتم خلالها العمل على التقليل من تخفيف الأحمال من خلال خطة سيتم العمل عليها، والمبالغ الإضافية المطلوب تدبيرها من جانب الدولة لتوفير المنتجات والشحنات اللازمة للتقليل من تخفيف تلك الأحمال حتى نهاية العام.


وأكد رئيس الوزراء استمرار الجهود المبذولة للتعامل مع أزمة انقطاع الكهرباء، سعيًا للانتهاء منها قبل المواعيد المقدرة لذلك بنهاية العام الحالي، مشيرا إلى أن المبالغ التي تم الإعلان عنها وهي "مليار دولار" هي أرقام مبدئية قابلة للزيادة، وذلك مع حجم الاستهلاك وموجات الحرارة غير المسبوقة التي من الممكن أن نشهدها، مجددًا التأكيد على استعداد الحكومة لتدبير وتوفير المطلوب من المنتجات، بما يضمن عدم تكرار قطع الكهرباء في كل من المنازل والمصانع ومختلف المنشآت.

مقالات مشابهة

  • تقرير: واشنطن قدمت 6.5 مليار دولار كمساعدات حرب لإسرائيل منذ 7 أكتوبر
  • استولى على 115 مليون جنيها.. الحبس 10 سنوات لـ مستريح الإسكندرية
  • 307.1 مليار ريال استثمارات أجنبية في السوق السعودي
  • بتكلفة تتجاوز مليار دولار.. ننشر خطة الحكومة لوقف انقطاع الكهرباء نهائيا
  • مليار دولار مطلوبة.. كيف تخطط الحكومة لحل أزمة الكهرباء؟
  • رئيس الوزراء: تخصيص مليار و180 مليون دولار لتجاوز أزمة الكهرباء
  • عبور لاند تسعى لزيادة صادراتها إلى 40 مليون دولار خلال 2024
  • شعبة المستوردين: 31 مليار دولار استثمارات دول الاتحاد الأوروبي بمصر
  • سونلغاز: إستثمار بـ 90.5 مليار دج لتحسين الخدمة العمومية
  • البنك الدولي يمول المغرب ب 600 مليون دولار لتحسين أداء القطاع العام