مصر تستقبل 45 مليار دولار.. حل مؤقت أم أمل بعيد لتحسين المعيشة؟
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
استقبلت مصر أكثر من 45 مليار دولار منذ اتفاقية رأس الحكمة مع الإمارات قبل 3 شهور، منها 20 مليار دولار في صورة أموال ساخنة، ما ساعدها في تغطية العجز المالي وتلبية بعض الاحتياجات العاجلة، لكنها لم تؤدِ إلى تحسن ملموس في حياة المواطنين بشكل مباشر.
بحسب بنك ستاندرد تشارترد العالمي فإنه في ظل استمرار العجز الحالي، واعتماد مصر على استثمارات أجنبية مباشرة، أو استثمارات قصيرة الأجل "الأموال الساخنة"، وفي ظل أن التعويم يظل مدارا وليس حرا، فإنه من المتوقع أن يتراوح سعر الدولار من 45 الى 50 جنيها للأعوام الثلاث المقبلة.
الأموال الساخنة هي استثمارات قصيرة الأجل في أدوات الدين الحكومية، تدخل السوق بحثًا عن أرباح سريعة من الفوائد والعوائد على الأدوات المالية. هذه الأموال يمكن أن تخرج من السوق بنفس السرعة التي دخلت بها، ما يجعلها غير مستقرة ولا تساهم بشكل دائم في تعزيز الاقتصاد.
وأدى تحرير سعر الصرف في أعقاب التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على زيادة برنامج الدعم المالي الممدد إلى ثمانية مليارات دولار، إلى ارتفاع سعر الدولار بنحو 60% ليقفز من 30.94 جنيه إلى نحو 50 جنيها قبل أن يهبط إلى نحو 48 جنيها في البنوك.
التدفقات المالية تذهب في بحر الديون
قالت خبير الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان لبنك ستاندرد تشارترد، كارلا سليم، إن تحركات الحكومة المصرية لتقليص الدعم ومنها الطاقة سيؤثر على التضخم، كما أن قرار رفع أسعار الخبز لم يكن متوقعا.
وتلاشت آمال المصريين في تحسن أوضاعهم الاقتصادية بعد التدفقات النقدية الكبيرة من الخارج، بل على العكس ساعدت الحكومة المصرية في اتخاذ قرارات غير مسبوقة، حيث رفعت أسعار الخبز المدعم 300% ما شكل صدمة كبيرة للمواطنين وحفزتها على المضي قدما في رفع الدعم الطاقة والكهرباء، ضمن خطة زمنية قصيرة الأجل.
وكشفت الحكومة المصرية اعتزامها زيادة أسعار الوقود حتى نهاية 2025، وكذلك زيادة أسعار الكهرباء خلال السنوات الأربع المقبلة بدعوى تخفيف الأعباء على موازنة الدولة، حيث تستحوذ أعباء خدمة الدين على أكثر من 60% من مخصصات الموازنة.
وتم تخصيص أكثر من 3.4 تريليون جنيه لأعباء خدمة الدين، (سداد القروض والفوائد)، بنسبة 62.1% من استخدامات الموازنة العامة. ويمثل بند سداد القروض 1.6 تريليون جنيه ، ومخصصات الفوائد 1.8 تريليون جنيه.
أين أنفقت مصر التدفقات الدولارية الضخمة؟
في تقديره لمصارف التدفقات النقدية الكبيرة التي جاءت خلال الفترة الأخيرة، يقول الخبير الاقتصادي ورئيس تحرير جريدة المال سابقا، محمد النجار، إن "الأموال التي استقبلتها مصر ساعدت في تغطية العجز المالي وتلبية بعض الاحتياجات العاجلة، لكنها لم تسهم في تحقيق تحسن اقتصادي ملموس بسبب طبيعتها المؤقتة وعدم توجيهها نحو استثمارات إنتاجية، بالإضافة إلى التحديات الهيكلية والاقتصادية التي يواجهها البلد."
ورأي في حديثه لـ"عربي21": أنه "لتحقيق تحسن مستدام، تحتاج مصر إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية وزيادة الاستثمار في القطاعات الإنتاجية وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد لكن جزء كبير من هذه الأموال يُستخدم لتغطية العجز في الموازنة وتمويل النفقات الحكومية، بدلاً من توجيهها إلى استثمارات منتجة تسهم في تحقيق نمو اقتصادي حقيقي".
وأشار النجار إلى "الحاجة إلى إصلاحات عميقة. الاقتصاد المصري يحتاج إلى إصلاحات هيكلية عميقة لتحسين مناخ الاستثمار وزيادة الإنتاجية وتعزيز القطاعات الصناعية والزراعية. بدون هذه الإصلاحات، تصبح الأموال الواردة مجرد مسكنات مؤقتة.
وحذر الخبير الاقتصادي من "ارتفاع المخاطر الاعتماد على الأموال الساخنة يعرض الاقتصاد لمخاطر خروج هذه الأموال في حال حدوث أي أزمات أو تقلبات سياسية أو اقتصادية، مما يزيد من عدم الاستقرار المالي، ولا يعول عليها لا في إنقاذ الاقتصاد ولا في تحقيق أي تنمية ويتم استخدامها في تمويل العجز وتغطية النفقات الحكومية وخدمة الدين مما يحد من تأثيرها الإيجابي على الاقتصاد العام".
وتوقع النجار أن "ينتهي دعم الطاقة والوقود خلال السنوات القليلة المقبلة استجابة لتوصيات وطلبات صندوق النقد الدولي، وأن يتقلص دعم التموين ودعم الخبز بشكل تدريجي وتحويل جزء منه إلى دعم نقدي وبالتالي فالدولة تسير وفق أجندة الصندوق".
المواطن خارج الحسابات في أي تدفقات
تكمن المشكلة، بحسب الخبير الاقتصادي، الدكتور إبراهيم نوار، في أنه "لا أحد يعرف على وجه التحديد كيف تم توزيع التدفقات المالية الأجنبية في الأشهر الأخيرة والتي جاءت في أعقاب صفقة رأس الحكمة مع الإمارات واتفاق صندوق النقد الدولي".
لكنه أَضاف لـ"عربي21": "إلا أنه من المفترض طبقا للاتفاق مع صندوق النقد إن يذهب نصف التدفقات المالية لتخفيف عبء الديون. نصف صفقة رأس الحكمة من المرجح أنه تم تخصيصه لهيئة المشروعات العمرانية الجديدة، ربما تكشف مناقشات الموازنة التي بدأت يوم الأحد القادم عن بعض التفاصيل لكن الأرقام المتاحة تنقصها الشفافية".
وقلل نوار من أثر تلك التدفقات في إحداث إصلاح اقتصادي أو تحسن مستوى المعيشة للمواطنين، قائلا: "لا هي قشة تنقذ الغريق.. ولا هي من شأنها تخفيف الأعباء من المواطنين"، مشيرا إلى أن "دورها وظيفي أكثر من أي شيء آخر للمساعدة في تغطية العجز وسداد جزء من الديون، نحن نقترض من أجل سداد ما اقترضناه سابقا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي مصر الاقتصاد التضخم الاستثمار الديون مصر اقتصاد التضخم الديون الاستثمار المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صندوق النقد أکثر من
إقرأ أيضاً:
القاهرة للدراسات: تخصيص 78.1 مليار جنيه في مشروع موازنة 2025 /2026 لدعم الإنفاق العام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن المخصصات الاستثنائية في الموازنة العامة الجديدة ستشهد المزيد لدعم القطاعات الإنتاجية، حيث تم تخصيص 78.1 مليار جنيه في مشروع الموازنة العامة لعام 2025 / 2026، للعديد من مسارات الإنفاق العام الواردة في مشروع الموازنة العامة للعام المالي الجديد، بما يتكامل مع جهود الدولة في زيادة تنافسية الاقتصاد المصري من خلال تشجيع الاستثمار و توطين الصناعة وتعميق الإنتاج المحلي.
وأوضح مدير مركز القاهرة للدراسات، أن الموازنة الجديدة تتضمن تمويلات استثنائية لدعم (التصنيع والصادرات والسياحة والنمو الاقتصادي)، بما يتماشى مع أولويات وأهداف برنامج عمل الحكومة، ويدعم مبادرات التنمية الاقتصادية ذات الأولوية بأهداف محددة ضمن إطار زمني واضح، لدعم المبادرات والبرامج الإنتاجية والتصديرية و يعكس توجه الحكومة نحو تحفيز القطاعات ذات الأولوية وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.
وأضاف الدكتور عبد المنعم السيد، أن هناك توجه من الدولة لدعم القطاعات المنتجة بدلاً من الاعتماد على الاستهلاك، مما يزيد الإنتاج المحلي وبالتالي التصدير، كما أن تحفيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة يساعد في تحقيق نمو شامل، فيما تسهم المبادرات البيئية في تقليل الأعباء الاقتصادية والبيئية مستقبلاً.
وكشف السيد، في تصريحات صحفية اليوم، اشتملت الموازنة الجديدة على تخصيص 8.3 مليار جنيه لمبادرة دعم قطاع السياحة، و5 مليارات جنيه للأنشطة الصناعية ذات الأولوية، و3 مليارات جنيه لمبادرة تحويل المركبات للغاز الطبيعي، واعتماد حوافز نقدية تتراوح بين 3 و5 مليارات جنيه للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، ومليار جنيه لمبادرة توفير سيارات أجرة تعمل بالغاز الطبيعي وشاحنات ربع طن للشباب.
و لفت إلى أن هذه المخصصات تهدف إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، فمن الملاحظ أن الحكومة ركزت على القطاع السياحي، والصناعة، والطاقة النظيفة، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة لعدة أسباب استراتيجية، حيث إن القطاع السياحي يدر عملة أجنبية تجاوزت في عام 2024 حدود 15.7 مليار دولار، ويشغل القطاع ملايين العاملين وتسعي الدوله لزيادة عوائد السياحة إلى 30 مليار دولار خلال الثلاث سنوات القادمة، وسيكون أوجه الصرف المحتملة في (تحسين البنية التحتية للمدن السياحية والمزارات، تطوير المنشآت الفندقية وتقديم حوافز لها، ودعم شركات الطيران لجذب مزيد من السياح، وتعزيز التسويق والترويج السياحي عالميا).
وأضاف مدير مركز القاهرة للدراسات، انه في قطاع الصناعة وهو القطاع الذي يخلق قيمة مضافة محلية ويقلل الاعتماد على الاستيراد وتعمل الدولة على توطين التكنولوجيا الصناعية، حيث إن الصناعة هي قاطرة النمو الاقتصادي، وتعزز الإنتاج المحلي.
وفيما يتعلق بشأن القطاعات الصناعية المستهدفة من قبل الدولة لتعزيزها ودعمها، أوضح الدكتور عبد المنعم السيد، أن من أهم هذه القطاعات (الصناعات الهندسية والإلكترونية، الصناعات الغذائية والتعبئة والتغليف، صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، الصناعات الكيماوية والبتروكيماويات)، كما أن الاهتمام بتحويل المركبات للعمل بالغاز الطبيعي يساعد على التقليل من استهلاك الوقود الأحفوري ويخفض فاتورة الدعم، وتخفض استهلاك البنزين والسولار، كما أن الاستثمار في النقل المستدام يعزز التوجه نحو اقتصاد أخضر صديق للبيئة.
وأوضح، أن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تعد قاطرة الاقتصاد وتوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وذلك بهدف رفع معدلات التصدير وتحسين تنافسية المنتج المصري في الأسواق العالمية وجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وأكد مدير مركز القاهرة للدراسات، أنه لا شك أن هذه المخصصات تمثل استثمارًا في القطاعات الإنتاجية وليس مجرد إنفاق حكومي، لأنها ستساعد في زيادة الإنتاج، وتحسين الصادرات، وتقليل الاستيراد، وتدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر والطاقة المستدامة، كما أنها توفر فرص عمل جديدة، خاصة للشباب وأصحاب المشروعات الصغيرة مما يساعد في توظيف العمالة غير الرسمية ودمجها في الاقتصاد الرسمي، وسيساهم هذا التخصيص في زيادة معدلات نمو الاقتصاد المصري علي تحفيز النمو الاقتصادي وتحسين الميزان التجاري، ودعم الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد مما يخفف الضغط على العملة الأجنبية.
وأشار إلى أنها تعمل على تشجيع التصدير بما يعزز إيرادات الدولة ويجذب استثمارات أجنبية جديدة، وكذلك دعم المشروعات الصغيرة يعزز النشاط الاقتصادي المحلي، خاصة في المحافظات، وتقليل معدلات البطالة وتوفير فرص عمل جديدة في قطاعات (السياحة والصناعة والمشروعات الصغيرة) وهي القطاعات التي تستوعب نسبة كبيرة من القوى العاملة، لافتًا إلى أن المبادرات الخاصة بالنقل والمركبات توفر وظائف للشباب، مثل سائقي التاكسي وأصحاب سيارات النقل.
وأكد الدكتور عبد المنعم السيد، على أن هناك جهود حكومية ملحوظة في تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات، و دعم الصناعات ذات الأولوية مما يعزز تنافسية الاقتصاد المصري في الأسواق العالمية وزيادة تدفقات النقد الأجنبي، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي.