تنطلق أعمال دينا حدادين ودلير شاكر في معرض "انعكاس المكان"، المقام على جاليري كريم بعمّان، من مفاهيم ترتبط بالمدينة، سواء من خلال تصور بنائها، أو مشاهدها، أو موادها، أو أشكالها وتحولاتها.

يقدم شاكر المولود في بغداد عام 1971 مجموعة من الأعمال التي تعتمد على الذاكرة؛ تلك المحملة بمشاعر الحنين للمكان الأول، الوطن، وللمدينة الأولى؛ بغداد التي غادرها منذ زمن، ثم عاد إليها في زيارات متفرقة، وفي كل مرة حين يحمل كاميرته ليلتقط صورة لها، يتجلى أمامه مشهد المدينة وتحولاتها الحضرية.

ومن هذه المشاهد يبدأ الفنان في تكوين عمله، حيث يستخدم التفاعل الفيزيائي والكيميائي بين الحديد والملح والماء والألوان، ليخرج بتشكيلات لا يمكن التنبؤ بها، طبقات مؤكسدة متغيرة ومتحولة، تبدو للناظر كما لو أنها لوحات تتفاعل على الدوام وتتغير وفقاً للظروف وتنمو وتتنفس كما تفعل "المدينة" في صراعاتها الدائمة مع الزمن.

في أعمال دلير شاكر الذي درس في معهد الفنون الجميلة ببغداد متأثراً بوالده الخزاف سعد شاكر، ثمة اعتماد ظاهر على الآثار الغامضة التي تشكلها طبقات الأكسدة، مثل لوحته التي تصور آثار أسلاك كهربائية متشابكة، لم يتمكن الصدأ من طمس معالمها بالكامل، فظلت خطوطها وتقاطعاتها ظاهرة للمشاهد ممثلة رحلة بصرية تسائل ما هو مخفي في طبقات المادة المتغيرة والمتحولة.

التداخل والتشابك والتمازج بين الأشكال سمات تحضر في جلّ أعمال دلير، وهو ما يمنح أسطحه حيوية، بخاصة أنه يترك إلى جانب التشكيلات قاتمة الألوان، مساحات من الألوان الهادئة والفاتحة، في صياغات بصرية أقرب إلى مفاهيم القص واللصق والكولاج والنحت.

أما التشكيلية حدادين المولودة في عمّان عام 1983 ونالت شهادة البكالوريوس في هندسة العمارة من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية قبل أن تلتحق في كلية الفنون المرئية بنيويورك، فتبث الحياة في مخططاتها الهندسية وتحولها إلى عوالم من الكسور والشظايا غير المتماثلة، معبّرة بذلك عن التحول الحضري الذي تشهده مدينة عمّان، كأنها جزر مفككة، لذا تظهر في أعمال الفنانة خرائط جديدة ومبتكرة للمدينة.

وهكذا فإن عمل حدادين الفني ينطلق من مراجعة لما تسمّيه "الحق في المدينة"، وما تعتبره "حق المواطن" في امتلاك مدينته، وهي ترى أن المدينة لها خرائط وحدود ترسم معالمها، وتتسم في بعض الأحيان بالمنع والقطع والتهميش.

وتوظف التشكيلية مساحات سطوح لوحاتها باستخدام الخطوط والألوان التي تعتمد على تشكيلات هندسية وألواناً قوية، عاكسة اهتمامها بتصوير المدينة التي تتعرض للتحضر السريع والمؤقت وتغير الملامح الجغرافية للمكان. إنها تطرح أسئلة "تتعلق بالشمولية والاندماج المجتمعي والعمارة المؤقتة أو هوس الخلود والقوة" بحسب تعبيرها.

يشكّل هذا المعرض للفنانَين فرصة لاستكشاف الكيفية التي تتقاطع من خلالها الأعمال الفنية مع المشهد الحضري للمدينة، وطرح موضوعات عميقة تتصل بالتحديات الاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية للسكان، وذلك عبر صياغات بصرية فنية جمالية، تؤكد بمجملها ديناميكة الثقافة الحضرية، وغناها كمصدر للإلهام والتمكين.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

100 ألف زائر.. "رمسيس وذهب الفراعنة" وجهة سياحية في ألمانيا

قالت وزارة السياحة والآثار المصرية، إن عدد زائري معرض "رمسيس وذهب الفراعنة" المقام بمدينة كولن بألمانيا، تخطى الـ100 ألف زائر.

وأن معرض "قمة الهرم :حضارة مصر القديمة" والمقام بمتحف شنغهاي بالصين، وصل عدد زائريه إلى ما يقرب من 525 ألف زائر، وذلك منذ افتتاحهما في منتصف يوليو (تموز) الماضي، حتى اليوم الثلاثاء.

وأوضحت الوزارة، في بيان أن البعثات الأثرية المصرية العاملة بالمواقع الأثرية داخل عدد من المحافظات التاريخية، قامت بالعديد من الاكتشافات الأثرية الهامة خلال شهر سبتمبر (أيلول) المنتهي.

العصر الروماني 

وبحسب بيان الوزارة، فقد عثر عن جبانة مدينة مرسى مطروح الأثرية التي ترجع للعصر الروماني، إلى جانب  العثور مقابر وحمام كامل وتماثيل ولقى أثرية عديدة، تؤكد أهمية تلك المدينة كمركز للتجارة الخارجية في حوض البحر المتوسط عبر العصور التاريخية المختلفة.

وأشارت إلى الانتهاء الجزئي من ترميم معبد أدفو ونجاح البعثة الأثرية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار، وجامعة فورتسبورج الألمانية في الكشف عن الألوان الأصلية لعدد من نقوش المعبد وظهور عدد آخر للنقوش لأول مرة.
ولفتت إلى الانتهاء من ترميم واجهة مقاصير معبد سيتي بمعبد أبيدوس بسوهاج، والانتهاء من ترميم الجدار الشمالي من الطابق الثاني (جدار الولادة الإلهية) بمعبد حتشبسوت بالدير البحري، إضافة إلى انتهاء مركز تسجيل الآثار المصرية، من أعمال التسجيل والتوثيق العلمي لمقبرة سننموت من عصر الدولة الحديثة بالدير البحري بالأقصر.

الواقع الافتراضي 

وأشار البيان إلى موافقة المجلس الأعلى للآثار المصرية، خلال اجتماعه برئاسة شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، على  توقيع مذكرة تفاهم بين المجلس الأعلى للآثار ومؤسسة التراث الثقافي البروسية بألمانيا في مجال اكتشاف المخطوطات والبرديات القديمة في المتاحف المصرية، وإقامة معرض مؤقت لمدة أسبوع لمسار العائلة المقدسة في مصر، بتقنية الواقع الافتراضي بـ7 لغات بمتحف شرم الشيخ.
ووفق البيان، استعرض الاجتماع أيضاً نسب الإنجاز الخاصة بعدد من مشروعات الترميم القائمة بالمواقع الأثرية الإسلامية، حيث تم الإنتهاء من ترميم بيمارستان المؤيد شيخ وزاوية فرج بن برقوق بنسبة 95%، ومئذنة وقبة الحلبي برشيد بنسبة 90%، وسبيلي رقية دودو ومصطفى سنان وزاوية فرج بن برقوق بنسبة 95%.
ولفت إلى أنه جاري استكمال أعمال الصيانة الدورية في عدد من المواقع الأثرية، منها أعمال تنظيف الوحدات النحاسية، والسقف الخشبي، والأعمدة الرخامية، والشخشيخة، والرخام بمسجد السيدة عائشة، بنسبة إنجاز 97%، بالإضافة إلى أعمال الصيانة الدورية بمسجد السلطان بيبرس.

مقالات مشابهة

  • 100 ألف زائر.. "رمسيس وذهب الفراعنة" وجهة سياحية في ألمانيا
  • السياحة والآثار: 600 ألف زائر لمعارض مصر الأثرية في الخارج
  • على هامش معرض كتاب “الصحفيين”.. ندوة عن تجربة ندوات "أرواح في المدينة" غدًا
  • أمانة المدينة المنورة تواصل أعمالها في تحسين المشهد الحضاري
  • هاني شاكر يحيي حفلا في دبي بهذا الموعد
  • المدينة التي لا ترحم: ارتفاع الإيجارات يدفع البغداديين نحو المجهول
  • سر تصدر سلمى أبو ضيف للتريند.. تفاصيل
  • مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة يشارك في معرض الرياض الدولي للكاتب 2024م
  • إدوارد ينضم لقائمة أبطال مسلسل تليجراف
  • كيفية تحسين سرعة الإنترنت عبر وضع الراوتر الشبكي في المكان المثالي