لوتان: هل يسير العالم نحو الحرب العظمى؟
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
كتب الصحفي المتخصص في الشؤون الروسية إريك هوسلي أن الصراع في أوكرانيا تحول من صراع محلي إلى صراع معولم، مقدما نقاط الشبه بين الوضع الراهن وما كان عليه الأمر عام 1914، عندما لم يكن أحد يتوقع أن يشتعل حريق شامل في العالم.
وانطلق هوسلي، في مقال له بصحيفة "لوتان" الفرنسية، من أن حاجز مليون ضحية عسكرية تم تجاوزه في الحرب الأوكرانية، موضحا أن تطور أرقام القتلى يتماشى كل يوم مع سير العمليات على الأرض، وهذا ما يؤكد حجم المذبحة المستمرة، حيث أصبحت الأشهر الأخيرة هي الأكثر دموية في الحرب، والأسابيع الأخيرة هي الأكثر دموية في الأشهر الأخيرة، والأيام الأخيرة هي الأكثر فظاعة في الأسابيع الأخيرة.
ولتقييم تأثير هذه الأرقام على الأمد الأبعد، يذكر الكاتب بالحالة الديمغرافية في البلدين، إذ انتقل عدد سكان أوكرانيا من نحو 52 مليون عند استقلالها عام 1991 إلى ما يزيد قليلا على 33 مليونا اليوم، بسبب الانخفاض المذهل في معدل المواليد والهجرة ثم الحرب، ولا يختلف الأمر كثيرا في روسيا، حيث الاتجاه هو نفسه ولكن بأعداد أكبر بكثير.
وفي هذه الظروف الصعبة للغاية، تقود حكومة كييف موجة جديدة من التعبئة لملء الرتب المنهكة من جيشها، مخفضة سن التجنيد إلى 25 عاما، ومانعة أي رجل سنه بين 18 و60 عاما من مغادرة البلاد.
وعلى الجانب الروسي، فإن تدفق المتطوعين الذين تجتذبهم المكافآت العالية لن يكون بلا نهاية، لضمان الحصول على الأعداد اللازمة لتحقيق نصر إستراتيجي، بعد أن استعاد الجيش الروسي زمام المبادرة منذ فشل الهجوم الأوكراني المضاد في صيف عام 2023، كما يقول الكاتب.
دوامة التصعيدوفي بداية الصيف وصل مسار الحرب إلى عتبة جديدة، حسب هوسلي، وهذا ما يتطلب تبريرا أقوى وخطابا جديدا بسبب حجم التضحيات التي تم تقديمها حتى الآن والتي ستزيد في المستقبل في دوامة التصعيد.
ومن اللافت لنظر الكاتب تغير عرض الصراع وقضاياه على الجانبين، حيث تتغير لغة الزعماء السياسيين كل يوم، فمن حرب "محلية" تؤلب الروس والأوكرانيين ضد بعضهم، انزلقنا إلى حرب عالمية بين روسيا والغرب، حيث تصبح أوكرانيا مجرد مسرح للعمليات في المواجهة العامة.
ولا أدل على ذلك من الحديث عن إرسال وحدات عسكرية أوروبية، وإطلاق النار من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) لحماية المدن الأوكرانية، والسماح للصواريخ الأوروبية والأميركية بضرب الأراضي الروسية، بل والحديث عن مولدوفا وجورجيا وبيلاروسيا باعتبارها جبهات محتملة، وهو ما يعني أن على أوروبا أن تستعد ما دامت الحرب الأوكرانية أصبحت حربا في أوروبا.
انزلاق ماكروأشار الكاتب إلى أن اعتماد أوكرانيا الكامل على الغرب يتطلب منه أن يعمل على توسيع هذا المجال، لأن الجميع يدركون أن الحرب بالنسبة لأوكرانيا لا بد أن تكون عالمية أو أنها سوف تخسر، وهو ما يعطي الولايات المتحدة وأوروبا طريقة سهلة لإضفاء الشرعية على التزام ثقيل على نحو متزايد وربما طويل الأمد إلى جانب أوكرانيا.
ومع أنه لا أحد يريد أن يرسل مواطنيه للموت من أجل دونيتسك أو ماريوبول، فإنه ليس من الصعب إقناع الأوروبيين بدفع المزيد لإنقاذ الغرب، لأن الشعور بالخطر المشترك يعزز التحالف الأطلسي ويعزز الإصرار الذي يظهره الغرب تجاه موسكو، كما أنه ضروري لجهود إعادة التسلح العام المعلن عنه في العقد المقبل.
وعلى نحو مماثل، يستخدم الكرملين نفس آليات إضفاء الشرعية، فلم يعد جنوده يموتون من أجل باخموت أو أفدييفكا، بل من أجل الدفاع عن روسيا الأبدية، مثلما فعل أجدادهم من قبلهم، كما يبرز التهديد الغربي المتمثل في تسليم الأسلحة لأوكرانيا، والعقوبات والإجراءات التمييزية ضد الروس من الرياضيين والفنانين والسياح ونحوهم بسبب جنسيتهم.
وخلص هوسلي إلى أن عولمة القضايا عن عمد تضاعف عوامل الخطر، وبالتالي فكل طرف لديه أجندته الخاصة، وكل شرارة يمكن أن تفجر الترسانة بأكملها، لننزلق بمكر -كما يقول- نحو حرب أكبر وأطول، تقدم لنا على أنها غير مرغوب فيها ولكنها حتمية، ويواصل الجميع التصعيد مؤكدين أن الحرب العظمى لن تحدث، كما كان الاعتقاد السائد قبل الحرب العالمية الأولى.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الكرملين: أي دور عسكري بريطاني في أوكرانيا بموجب اتفاق شراكة سيقلق موسكو
عواصم "أ ف ب" "رويترز": قال الكرملين الجمعة إن أي نشر لأصول عسكرية بريطانية في أوكرانيا بموجب اتفاق شراكة جديد مدته 100 عام بين كييف ولندن سيكون مصدر قلق لموسكو.
جاء ذلك في تعليقات للمتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف ردا على استفسارات حول إمكانية إنشاء قواعد عسكرية بريطانية في أوكرانيا بموجب اتفاق أعلنه أمس الخميس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.
وقال بيسكوف "بالنظر إلى أن بريطانيا عضو في حلف شمال الأطلسي، يشكل تقدم بنيتها التحتية العسكرية باتجاه حدودنا بالتأكيد مصدرا للقلق. وبشكل عام، سيكون من الضروري إجراء تحليل أعمق لما سيحدث".
وذكر زيلينسكي أنه ناقش مع ستارمر في محادثات الخميس في كييف رغبة أوكرانيا في نشر قوات حفظ سلام غربية في البلاد إذا انتهت الحرب مع روسيا.
وردا على سؤال عما إذا كانت بريطانيا ستساهم بقوات، قال ستارمر في مقابلة مع سكاي نيوز إنه ناقش الأمر مع زيلينسكي وحلفاء آخرين وأن بريطانيا "ستقوم بدورها كاملا".
الجيش الروسي "يشوش"
تعرضت طائرة تابعة للبحرية الفرنسية تعمل لحساب حلف شمال الأطلسي، وعلى متنها صحفي في وكالة فرانس برس، لاستهداف من الجيش الروسي الأربعاء أثناء تحليقها فوق بحر البلطيق، وفق ما قال الخميس مصدر عسكري فرنسي.
وكانت الطائرة تسيّر رحلة مراقبة في اطار انتشار للحلف ردا على أضرار لحقت بكابلات تحت البحر يشتبه في وقوف روسيا وراءها. وقد وقعت الطائرة ضحية "محاولة تشويش" و"تحديد بواسطة رادار" وفق بيان للجيش الفرنسي.
وقال الكولونيل غيوم فيرنيه، المتحدث باسم هيئة أركان الجيوش لوكالة فرانس برس "إن الإضاءة بالرادار على طائرتنا التي تحلق في المياه الدولية تعكس عملا عدوانيا". والإضاءة باللغة العسكرية هي فعل استهداف بالرادار لهدف محدد.
وأضاف أن عملا مماثلا "يعني أن روسيا لا تبقى مكتوفة الأيدي"، مشيرة إلى أن موسكو "أعلنت عن عدائها بطريقة منضبطة" لكن "السلوك المهني للطاقم (الفرنسي) أتاح منع أي تصعيد".
وقال إن الجيش الروسي ليست له مصلحة كبيرة بتنفيذ تهديده لأن "هجوما على طائرة تابعة لحلف شمال الأطلسي يمكن أن يثير تصعيدا مفاجئا وخطيرا مع الحلف".
من جهته قال الجنرال الأميركي كريستوفر كافولي، قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا، في مؤتمر صحفي الخميس في بروكسل، إن نوع الحادث الذي تعرضت له الطائرة الفرنسية "خطير جدا"، "ومنتشر جدا" و"يتجاوز حدود أوروبا".
وأقلعت طائرة "أتلانتيك 2" الفرنسية الأربعاء من بريتاني (غرب فرنسا)، وعلى متنها صحفي من وكالة فرانس برس. وأمضت الطائرة قرابة خمس ساعات قبالة سواحل السويد ودول البلطيق، حيث قامت بمراقبة حوالى 200 سفينة، معظمها مدنية. ولكن لم يتم رصد أي سفن مشبوهة.
وتعرض العديد من كابلات الاتصالات والطاقة تحت البحر للتلف في بحر البلطيق في الأشهر الأخيرة. ويشتبه قادة اوروبيون وخبراء في ان ذلك يأتي في إطار أعمال "حرب هجينة" تنفذها روسيا.
مقتل 4 في كريفي ريغ
قتل أربعة أشخاص على الأقل وأصيب خمسة آخرون بجروح جراء ضربة روسية على مدينة كريفي ريغ الصناعية في وسط أوكرانيا ظهر الجمعة، حسبما أعلن حاكم المنطقة سيرغي ليساك.
وقال ليساك على تلغرام إن الهجوم أصاب "مؤسسة تعليمية" ومباني سكنية.
وأكد أن بحسب آخر حصيلة صادرة ظهرا "قتل أربعة أشخاص" هم ثلاث نساء ورجل.
وأصيب خمسة أشخاص آخرين بجروح، ثلاثة منهم في حالة "خطيرة"، وفق المصدر نفسه.
وأظهر مقطع فيديو نشره الحاكم مباني متضررة وحطاما متناثرا في شارع.
وذكر أن الضربة أدت إلى تضرر مبنيين واندلاع حريق في أحدهما.
وقبل وقت قصير من تنفيذ الضربة، حذرت القوات الجوية الأوكرانية من أن عدة صواريخ باليستية أُطلقت في اتجاه المدينة.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي ولد في كريفي ريغ إن "روسيا لن تتوقف من تلقاء نفسها". وأضاف موجها نداء إلى حلفائه الغربيين أنه "لا يمكن إيقافها إلا من خلال ممارسة ضغط مشترك".
وأصبحت مدينة كريفي ريغ التي كانت تضم أكثر من 600 ألف نسمة قبل بدء الحرب في فبراير 2022، هدفا للغارات الجوية الروسية بشكل متكرر خلال الحرب.
وتقع المدينة على بعد حوالي 80 كيلومترا من خط المواجهة. وفي نهاية شهر ديسمبر، قُتل شخص وأصيب 14 آخرون بضربة استهدفتها.
السيطرة على سلوفينكا
إلى ذلك أعلن الجيش الروسي الجمعة أنه سيطر على قرية سلوفينكا الصغيرة في منطقة دونيتسك الأوكرانية على الجبهة الشرقية حيث تتقدّم قوات موسكو.
وفي وقت سابق الجمعة قال الجيش الأوكراني إنه أصاب بصواريخ نظام رادار للدفاع الجوي في منطقة بيلغورود الروسية الحدودية، في ثالث ضربة من هذا النوع تعلنها كييف هذا الأسبوع.
ونفذت القوات الأوكرانية الخميس "ضربات دقيقة" ضد فرقة روسية مسؤولة عن الدفاع الصاروخي، بما في ذلك وحدة تقنية لاسلكية، وفقا لهيئة الأركان العامة الأوكرانية.
وأضافت الهيئة في بيان أن "الأعمال القتالية التي تهدف إلى إضعاف الدفاعات الجوية للاتحاد الروسي مستمرة".
ولم تعلق موسكو على هذه التصريحات بشكل فوري.
ولم تحدد أوكرانيا التي تواجه الحرب منذ ثلاث سنوات نوع الصواريخ المستخدمة في الهجوم، إلا أن كييف حصلت مؤخرا على موافقة من واشنطن لضرب روسيا بصواريخ غربية بعيدة المدى.
وكثّفت القوات الأوكرانية المتعثّرة في الجبهة هجماتها الجوية بمسيّرات وصواريخ ضد مواقع عسكرية ومواقع للطاقة في روسيا، خلال الأشهر الأخيرة، بهدف عرقلة سلاسل الإمداد اللوجستي للقوات الروسية التي تقاتل في الأراضي الأوكرانية وتقصف مدنا أوكرانية.
وأعلنت أوكرانيا أنها نفذت هجوما الثلاثاء هو "الأكبر" منذ بدء الحرب مع روسيا قبل ثلاث سنوات، استهدف مخازن غاز ومواقع عسكرية وصناعية في عدة مناطق روسية، مستخدمة، بحسب موسكو، صواريخ غربية الصنع.
والأربعاء، استهدفت روسيا قطاع الطاقة الأوكراني بعشرات الصواريخ والمسيرات، بحسب ما أعلنت كييف، مكثّفة حملة قصف متواصلة منذ شهور.
وكثفت كييف وموسكو في الأشهر الأخيرة ضرباتهما وتريدان تحسين موقعهما قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد غد.
وقال الرئيس الأمريكي المنتخب إنه يريد إنهاء الحرب ما أن يتسلم مهامه.
ووعدت روسيا بالرد بشكل منهجي على أي هجوم بصواريخ غربية الصنع على أراضيها، وهددت باستهداف وسط كييف أو باستخدام صاروخ اوريشنيك الاختباري الجديد فرط الصوتي.
تهمة التطرف
حُكم على ثلاثة محامين كانوا يتعاونون مع المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي توفّي في المعتقل قبل حوالى سنة بالسجن مع النفاذ بعد إدانتهم بتهمة التطرّف، بحسب مراسلين لوكالة فرانس برس حضروا المحاكمة.
وحكم على أليكسي ليبتسر بالسجن 5 سنوات وإيغور سيرغونيم 3 سنوات ونصف السنة وفاديم كوبزيف خمسة سنوات ونصف السنة. وهم أوقفوا في أكتوبر 2023 عندما كان نافالني ما زال على قيد الحياة.
واتّهم الثلاثة بالمشاركة في منظمة نافالني التي صنّفها الكرملين في عداد المنظمات المتطرّفة.
وبحسب المحقّقين، اتّهموا بأنهم نقلوا إلى أليكسي نافالني الذي كان معتقلا في روسيا منذ يناير 2021 حتّى وفاته في السجن في 16 فبراير 2024 معلومات تتيح له "تخطيط وتحضير... وارتكاب أعمال متطرّفة" من زنزانته.
وبدأت محاكمتهم في منتصف سبتمبر أمام محكمة في بيتوشكي في منطقة فلاديمير شرق موسكو.
وبعد الجلسة الأولى المعقودة في 12 سبتمبر، جرت كلّ المداولات في جلسات مغلقة بناء على طلب المدّعي العام وبالرغم من معارضة وكلاء الدفاع.
وأقرّ إيغور سيرغونين بالذنب، خلافا لأليكسي ليبتسر وفاديم كوبزيف، بحسب بيان المحكمة.
وأفاد أحد وكلاء الدفاع بأن الدعوى كانت قائمة على عمليات التنصّت لزيارات المحامين نافالني في السجن "في انتهاك للسرّ المهني" من إدارة السجن التي زوّدت المحقّقين بالتسجيلات.
ونقلت وكالة "نوفايا غازيتا" عن فاديم كوبزيف قوله أمام المحكمة في أواخر ديسمبر "نحاكم لأننا نقلنا أفكار نافالني".
ودعت منظمة العفو الدولية موسكو إلى وضع حدّ "للملاحقات التعسّفية" في حقّ المحامين.
تكثّف السلطات الروسية قمعها المعارضين لفلاديمير بوتين، لا سيّما المقرّبون من نافالني، ومنتقدو غزوها لأوكرانيا الذي باشرته قبل حوالى ثلاث سنوات.
وأوقف المعارض البارز أليكسي نافالني في يناير 2021 عند عودته من ألمانيا حيث كان يتلقّى العلاج بعد تعرّضه لتسمّم في سيبيريا نسب مسؤوليته إلى الكرملين.
وحكم عليه بعقوبات مشدّدة على خلفية "التطرّف" وما زالت ملابسات وفاته في معسكر اعتقال في أركتيكا في فبراير 2024 غامضة.
وبات الكثير من معاوني نافالني الذي أسسّ "صندوق مكافحة الفساد" يتعاونون مع أرملته يوليا نافالنيا التي تسعى من منفاها إلى توحيد معارضة منقسمة ومشتّتة في الخارج.
وهي كتبت الجمعة على "اكس" تعليقا على الأحكام الصادرة في حقّ المحامين أنهم "سجناء سياسيون ينبغي إطلاق سراحهم على الفور".