منذ اللحظة الأولى التي دخلت فيها قوات دولة الاحتلال الاسرائيلي إلى قطاع غزة، كان واحدا من ضمن أهدافها الرئيسية اكتشاف وتدمير الأنفاق، والتي تعدها المقاومة الفلسطينية سلاحا فاعلا لا يمكن الاستغناء عنه، فهذه الأنفاق تساعد جنود المقاومة في التنقل بين مواقع المعارك بعيدا عن أعين المسيّرات التي تملأ سماء غزة، كما أنها توفر فرصة لتنفيذ عمليات هجوم مباغتة ضد جنود دولة الاحتلال وآلياته.

وبعد فشل كبير في محاولات الاحتلال كشف شبكة الأنفاق وتدميرها، أشارت تقارير صحفية إلى أن قوات الاحتلال لجأت إلى تقنية بدأ البحث العلمي بها منذ خمسينيات القرن الفائت، وهي ما يسمى بالتصوير الميوني، وفيها تُستخدم الميونات القادمة إلى الأرض لإنشاء صور ثلاثية الأبعاد للبنى الصخرية أو الإسمنتية أو الترابية أو غيرها من المواد.

بين عامي 2016 و2017 تمكن فريق بحثي من اكتشاف عدد من التجاويف داخل أهرامات الجيزة باستخدام التصوير الميوني (غيتي) ما هو التصوير الميوني؟

والميونات جُسيمات دون ذرية تشبه الإلكترونات، لكنها أضخم بنحو 200 مرة، وتتحرك تلك الجسيمات بسرعة الضوء وتقصف الأرض باستمرار. وتنشأ الميونات من تفاعل الأشعة الكونية القادمة من الفضاء مع الغلاف الجوي العلوي، وعندما تمر الميونات عبر المادة فإنها تتشتت بشكل يمكن رصده بسبب تفاعلها مع أنوية الذرات.

وإذا تشتتت الميونات بسرعة، فإن هذا يشير إلى أنها تواجه مواد عالية الكثافة (كالصخور الصلبة التي لا تحتوي على فراغات)، أما إذا مرت عبر مساحة فارغة مثل نفق أو كهف، فإنها لا تتشتت، ويقوم عدد أكبر من تلك الجسيمات باختراق المادة بشكل أعمق. ويمكن للعلماء رصد الميونات عبر أجهزة متخصصة لتحديد مواضع الفراغات.

واستخدمت هذه التقنية في أكثر من تطبيق بالفعل، فبين عامي 2016 و2017 تمكن فريق بحثي من اكتشاف عدد من التجاويف داخل أهرامات الجيزة باستخدام التصوير الميوني، وأظهرت الأبحاث التالية أن المصريين القدماء قاموا على الأرجح ببناء فجوات في الأهرامات لتخفيف الضغط وإبقائها سليمة من الناحية الهيكلية.

وفي المملكة المتحدة أجرى باحثون تجارب باستخدام التقنية نفسها لتصوير أحد أنفاق السكك الحديدية، وأتاحت لهم عمليات مسح قصيرة المدة في نحو 30 دقيقة، تحديد فراغ غير معروف سابقا مثل عبء كبير على هيكل النفق، فأصلحوه فيما بعد.

تظل الأنفاق أداة عصية على الكشف من قبل إسرائيل رغم استخدامها التصوير المقطعي الميوني من سنوات (الفرنسية) لكل تقنية حدود

وبشكل عام تُستخدم هذه التقنية لفحص البنية التحتية المدنية مثل الجسور والأنفاق للكشف عن سلامة الهياكل الإسمنتية وفحص الفراغات بها، وتعد واحدة من أدق التقنيات في هذا النطاق. لكن رغم نجاحها في العديد من التجارب، فإن تلك التقنية تواجه العديد من العيوب.

ويأتي ذلك بشكل خاص في حالة أنفاق غزة، حيث يُشترط وضعها أسفل المنطقة المراد فحصها لاستقبال الأشعة الكونية القادمة من الفضاء ثم تمر من خلال التربة، وهذا يتطلب معرفة أولية بالأنفاق لأنها بذلك تتطلب من جنود جيش الاحتلال النزول إلى نفق عميق موجود بالفعل ودراسة ما يقع أعلاه من أنفاق.

أضف إلى ذلك أنه في هذه البيئة فإن كل شيء معرض للخطر، ليس فقط لأن جنود المقاومة يمكن لهم إحالة عملية كهذه إلى كارثة بالنسبة لجنود الاحتلال، لكن كذلك لأن أجهزة كشف الميونات حساسة للحرارة والرطوبة، ويتأثر نقل البيانات بانقطاعات الإنترنت، كما يمكن للصور الناتجة أن تكون أقل دقة في سياقات متنوعة تعتمد على كثافة التربة والعمق وطبيعة الفراغات نفسها.

ومن جانب آخر فإنه بالنظر إلى أن تدفق الميونات منخفض نسبيا، فإن الحصول على عدد كاف من الميونات لإنشاء صورة واضحة ومفصلة قد يستغرق وقتا طويلا، وينطبق ذلك بشكل خاص على الهياكل الكثيفة والسميكة.

وحتى اللحظة، تظل الأنفاق أداة عصية على الكشف من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي رغم أنها بدأت استخدام التصوير المقطعي الميوني من سنوات، وحتى بعد دخولها القطاع مدة ثمانية أشهر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

مبادرة «نشء الفجيرة» تطور المهارات التقنية للشباب

تنطلق مبادرة «نشء الفجيرة.. روّاد التقنية» في السادس من أبريل، بتوجيهات سموّ الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة وتنظيم مكتب سموّه، بالتعاون مع «جامعة حمدان بن محمد الذكية»، بمشاركة 130 طالباً و114 طالبة من ناشئة إمارة الفجيرة.
ويُتيح البرنامج للناشئة من عمر 7 إلى 15 عاماً، لمدة شهرين في الإمارة، فرصة التعلّم التطبيقي المكثّف في البرمجة وأدوات الذكاء الاصطناعي ومهارات ريادة الأعمال والأمن السيبراني.
وقال الدكتور أحمد حمدان الزيودي، مدير مكتب سموّ ولي العهد: إن المبادرة تأتي بتوجيهات سموّ ولي عهد الفجيرة وتسعى إلى تزويد المشاركين بالأدوات المعرفية النظريّة والتطبيقية التي ستسهم في تحقيق أهدافها، ليكونوا مساهمين فاعلين في بناء مستقبل الإمارة ومواكبة التحوّلات التنموية التي تشهدها في كل المجالات الحيوية وأهمّها التكنولوجيا والإبداع.
وقال الدكتور منصور العور، رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية: إن بناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة يبدأ من المراحل الأولى في التعليم، حيث تحرص الجامعة على تزويد الناشئة بالمهارات الرقمية المتقدمة وتعزيز قدراتهم في الابتكار وريادة الأعمال.
وأوضح أن المبادرة، تأتي جزءاً من التزام الجامعة بتطوير منظومة تعليمية حديثة تعد الناشئة للمستقبل بتأهيلهم على أرفع مستوى كي يكونوا في مراحل قادمة قادرين على المساهمة بفعالية في الاقتصاد الرقمي.
وأشار إلى أن البرنامج منصة تعليمية متكاملة، تجمع بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي في بيئة تفاعلية غنية، ما يتيح للطلاب استكشاف مجالات تقنية متطورة مثل الأمن السيبراني، البرمجة والذكاء الاصطناعي.
وأكد أن التعاون يعكس الرؤى المشتركة التي تحرص على إعلائها الجامعة ومكتب سموّ ولي عهد الفجيرة، في إعداد أجيال على أعلى مستوى من التأهيل الرقمي وريادة تنمية المهارات التقنية لدى أجيال المستقبل.
ويعتمد برنامج المبادرة على نموذج تعليمي تطبيقي متكامل، يمكّن المشاركين من تطبيق ما يتعلمونه في بيئات عمليّة تعزّز مهاراتهم التقنية، باستخدام أساليب تعليمية مُبتكرة مثل التعلّم القائم على المشاريع التطبيقية والورش التفاعلية، والمحاكاة العملية في البرمجة والذكاء الاصطناعي، لتحفيز التفكير النقدي والإبداعي لديهم في مواجهة تحديّات عالم التكنولوجيا والأعمال.
ويشارك في المبادرة خبراء ومتخصّصون في مجالات التقنية، الذين سيقدمون للطلاب التوجيهات اللازمة ويوفرون لهم الفرصة للاستفادة من تجاربهم العملية.

مقالات مشابهة

  • "فيديو المسعفين" يجبر إسرائيل على إجراء تحقيق جديد
  • حادث مقتل المسعفين.. إسرائيل تجري تحقيق "كذب جنود الميدان"
  • بالفيديو.. أسيران إسرائيليان يرويان تفاصيل مرعبة من داخل أنفاق غزة
  • حديث إسرائيلي عن "عمليات" محور فيلادلفيا.. والأهداف
  • أمن القليوبية يكثف جهوده لكشف لغز العثور على جثة عامل داخل حمامات موقف كفر شكر
  • مجلس الشيوخ الأمريكي يحبط محاولة لـ«حظر» مبيعات أسلحة إلى إسرائيل
  • السنيورة : لا يمكن القبول باستمرار هذه الاستباحة للبنان من قبل إسرائيل
  • إسرائيل: العمليات في غزة ستتوسع تدريجياً وهذا هو الطريق الوحيد لوقف الحرب
  • الجزائر بشأن شعب فلسطين: علمنا التاريخ أنه لا يمكن لأي قوة أن تقتلع شعبا من أرضه
  • مبادرة «نشء الفجيرة» تطور المهارات التقنية للشباب