رام الله- يتربص مرض جديد بآلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، لدرجة جعلت أحد المصابين يصفه بأنه أشد وأخطر من الضرب والجوع.

إنه مرض الجرب أو "سكابيوس"، الذي بات ينتشر بشكل متسارع بين الأسرى نتيجة ظروف الاعتقال السيئة، وهذا ما دفع منظمات حقوقية إلى إطلاق مناشدات لإنقاذ الأسرى وضمان علاجهم.

ويُعد الجرب مرضا شديد العدوى تسببه حشرة العثة، حيث تقوم الأنثى بحفر خنادق داخل الطبقة العليا من الجلد وتضع بيضها فيه، بمعدل 3 بيضات يوميا وعلى مدار شهر، وبعد أسبوعين يفقس البيض وتخرج الحشرات الجديدة، فتتزاوج وتغزو الجلد من جديد.

آثار مرض الجرب على جسد الأسير الطفل زين شرحة الذي أفرج عنه قبل أيام من سجون الاحتلال (الجزيرة) ألم لا يتوقف

اعتقل الشاب "س.أ" بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وأفرج عنه قبل أيام من سجن نفحة الإسرائيلي، وروى للجزيرة نت حال الأسرى المصابين بالمرض، ووصفه بأنه "يأكل أجسادهم" وأنه "أصعب من الجوع والضرب".

وقال الأسير المفرج عنه، والذي رفض التصوير وفضل عدم ذكر اسمه، إنه نقل من سجن عوفر غربي رام الله إلى سجن نفحة في صحراء النقب أواخر شهر رمضان، حيث كان المرض قد أصاب الغالبية العظمى من أسرى هذا السجن بأقسامه الثمانية، وعددهم قرابة ألفي أسير، والسبب منع إدخال الملابس والمنظفات.

وعمّا يشعر به المريض -وكان هو أحدهم- قال: "هو مرض جلدي يأكل جسم الأسير، بحيث تزداد الحبوب يوما بعد يوم، ويسبب حكة شديدة، ويؤدي لتقرحات دموية تزيد طالما لم يتم علاجها".

وقال إن أصعب ما في المرض انتشاره بشكل رهيب في منطقة الإبط والمناطق الحساسة والعضو التناسلي والخصيتين، حيث يسبب احمرارا وألما شديدا، "لدرجة أننا لم نكن نعرف النوم".

وذكر أن المرض أصبح أكثر إيلاما لذوي الأمراض المزمنة وأمراض القلب، الذين لا يحصلون على علاجهم، وتتضاعف معاناتهم مع الحكة والطفح الجلدي.

وعن سبل تجنب العدوى يقول الأسير الفلسطيني السابق إنه أمر شبه مستحيل لعدم توفر العلاج، فلا ملابس بديلة، ولا توجد منظفات، ولا فرصة للتعرض للشمس، كما أن الطعام رديء وكمياته قليلة. وقال إن المرض لا يتوقف إلا بالعلاج وهو غير متوفر في السجون، سواء للمصابين بالجرب أو بأمراض أخرى، موضحا أنه عند الإفراج عنه نُقل إلى المستشفى مباشرة، وبدأ يتعافى من المرض.

كما عاش الأسير الطفل المفرج عنه زين شرحة (15 عاما) من مخيم شعفاط بالقدس تجربة مماثلة. وروى للجزيرة نت بعض جوانب المعاناة نتيجة غياب العلاج، وأضاف أن أغلب الأسرى الأطفال يعانون من الجرب، ولا أحد يسمع مطالباتهم بالعلاج، وكشف عن ظهره وصدره الذي لا تزال آثار المرض ظاهرة عليه.

الناطق باسم نادي الأسير أمجد النجار: إدارة السجون تتعمد نقل المصابين بالأمراض لأقسام سليمة (الجزيرة) معظم الأسرى مصابون

يجزم الناطق باسم نادي الأسير الفلسطيني أمجد النجار، أن مرض الجرب أصاب معظم الأسرى. وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى مشاركته الخميس في استقبال 14 أسيرا أفرج عنهم من سجن النقب على معبر "ميتار" جنوبي الضفة، وقال إنهم كانوا في حالة يرثى لها، وغالبيتهم مصابون بالجرب، وعندما كشف بعضهم عن أجسادهم كانت المشاهد "تقشعر لها الأبدان لكثرة انتشار المرض عليها".

يعدد النجار أسباب انتشار الجرب بانعدام وجود مواد تنظيف، ومنع الاستحمام أو التعرض لأشعة الشمس، مع ظروف جوية ملائمة لانتشار المرض كالرطوبة وارتفاع الحرارة في بعض السجون مع التعرق، وذكر أنه يسمح لكل أسير بالاستحمام مرة واحدة كل أسبوع، حيث يعطى كل 20 أسيرا 60 دقيقة للاستحمام.

وفي بيان له، أشار نادي الأسير الفلسطيني إلى "تصاعد كبير وغير مسبوق" في أعداد الأسرى المصابين بأمراض جلدية في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتحديدا مرض الجرب "السكايبوس" المُعدي، إلى جانب إصابة الأسرى بأمراض جلدية معدية أخرى لم يتمكنوا من معرفة طبيعتها.

وأوضح الناطق باسم النادي أن إدارة سجون الاحتلال تواصل التّصعيد من "جرائمها الطبيّة الممنهجة"، وتتعمد ترك الأسرى دون علاج، بل إن "الجريمة الأكبر التي تنفّذها اليوم بحقّ الأسرى هي تعمّد نقل المصابين منهم بأمراض معدية من قسم إلى آخر"، الأمر الذي ساهم في تصاعد أعداد الإصابات.

الأطفال في خطر

من ناحية أخرى، قالت هيئة الأسرى والمحررين الفلسطينية (رسمية)، السبت، إن الأسرى الأطفال في سجن "مجدو" يعانون من انتشار مرض الجرب، حيث ظهر بكثافة جراء حرمانهم من الاستحمام ومصادرة ملابسهم، ومنع إدخال الصابون والشامبو والمنظفات والمعقمات.

ونقلت عن أسرى أطفال قولهم خلال زيارات المحامين إن العدوى تزداد يوميا، في وقت يحرمون فيه من العلاج وزيارة عيادة السجن، مشيرة إلى حالات وصل فيها المرض لمراحل متقدمة.

وأضافت نقلا عن الأطفال الأسرى في سجن مجدو قولهم إن "هناك خطرا حقيقيا يهدد حياتنا، أعراض المرض تظهر على أجسادنا بشكل مزعج صحيا ونفسيا"، والغالبية العظمى لا تستطيع النوم بسبب الأوجاع والآلام والحكة العفوية والقوية، وانتشار الجروح والتقرحات.

وأعربت الهيئة عن قلقها على حياة الأسرى "الأشبال" (الأسرى الأطفال في السجون)، داعية مؤسسات ولجان حماية الطفولة المحلية والدولية إلى السعي الجاد لوقف هذه الجرائم بحقهم، ووضع حد لتفرد إدارة سجون الاحتلال بهم.

ووفق نادي الأسير الفلسطيني، فإن سجون الاحتلال باتت مكتظة بالأسرى، حيث تضع إدارة السجون كل 12 إلى 14 أسيرا في غرفة تتسع لـ6 أسرى.

ويذكر أنه جرى اعتقال 8 آلاف و985 فلسطينيا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم نحو 630 طفلا. وقُدّر العدد الإجمالي للأسرى داخل السجون في بداية مايو/أيار الماضي بنحو 9300 أسير وأسيرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الأسیر الفلسطینی سجون الاحتلال نادی الأسیر مرض الجرب

إقرأ أيضاً:

إصابة 14 فلسطينياً في اعتداء إسرائيلي على ذوي الأسرى المُحررين

احتشد المئات من أبناء الشعب الفلسطيني حول مُعتقل عوفر الإسرائيلي العسكري، وذلك أثناء انتظارهم ذويهم المُفرج عنهم. 

اقرأ أيضًا.. صحف عبرية: حماس تعمدت إذلال إسرائيل في مراسم تسليم الأسرى

وأشارت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" إلى إصابة 14 مُواطناً بالرصاص الحي والاختناق بسبب قنابل الغاز. 

وجاء ذلك إثر اعتداء جيش الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين في بلدة بيتونيا غرب رام الله.

وذكر الهلال الأحمر الفلسطيني أن طواقمه تعاملت مع 14 إصابة في محيط معتقل عوفر العسكري المقام على أراضي بيتونيا، 3 منها بالرصاص الحي، و3 بالمعدني المغلف بالمطاط، إضافة إلى 8 بالاختناق بالغاز السام المسيل للدموع.

تعتمد إسرائيل سياسة التضييق والضغط على ذوي الأسرى الفلسطينيين كجزء من نهجها في التعامل مع ملف الأسرى، حيث يتعرض أهالي المعتقلين لممارسات قمعية تشمل الاعتقالات، المداهمات الليلية، والتنكيل خلال زيارات السجون. كثيرًا ما تمنع إسرائيل العائلات من زيارة أبنائهم في السجون تحت ذرائع أمنية، ما يزيد من معاناتهم النفسية والاجتماعية. 

كما تتعرض النساء والأطفال، خاصة أمهات وزوجات الأسرى، لمضايقات واعتداءات خلال محاولتهم زيارة ذويهم، حيث يتم إخضاعهم لإجراءات تفتيش مشددة وإذلال متعمد. إضافة إلى ذلك، تلجأ السلطات الإسرائيلية إلى سياسة العقاب الجماعي عبر هدم منازل الأسرى أو سحب تصاريح العمل والإقامة من أقاربهم، ما يشكل ضغطًا إضافيًا على العائلات الفلسطينية.

إلى جانب التضييق داخل السجون، يتعرض ذوو الأسرى لاعتداءات من المستوطنين وقوات الاحتلال خلال الوقفات التضامنية والاحتجاجات المطالبة بالإفراج عن المعتقلين.

 يتم قمع هذه الفعاليات باستخدام الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، مما يؤدي إلى وقوع إصابات واعتقالات بين المشاركين. كما تشن إسرائيل حملات اعتقال واسعة تستهدف أقارب الأسرى، خاصة في أعقاب العمليات الفدائية، وذلك بهدف الانتقام وردع أي محاولات مقاومة. 

وتؤكد منظمات حقوق الإنسان أن هذه الممارسات تشكل انتهاكًا للقانون الدولي، الذي يكفل حقوق الأسرى وذويهم، ويمنع العقوبات الجماعية. ورغم هذه السياسات القمعية، يستمر أهالي الأسرى في تنظيم الفعاليات والضغط عبر المؤسسات الحقوقية للمطالبة بحقوق أبنائهم، مؤكدين على صمودهم أمام محاولات الاحتلال لكسر إرادتهم.

مقالات مشابهة

  • وصول الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية إلى غزة
  • إصابة 14 فلسطينياً في اعتداء إسرائيلي على ذوي الأسرى المُحررين
  • «هيئة شؤون الأسرى» و«نادي الأسير» يعلقان على تأجيل تسليم الأسرى الفلسطينيين
  • ‏إدارة السجون الإسرائيلية تعلن تلقي تعليمات من المستوى السياسي بوقف إطلاق الأسرى الفلسطينيين
  • الاحتلال ينكص "اتفاق غزة" ويأمر بعودة الأسرى الفلسطينيين إلى السجون
  • إعلام إسرائيلي: تأجيل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بسبب مشاهد خان يونس
  • عاجل | يديعوت أحرونوت عن مصدر أمني: تعليمات بتأخير قافلة الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية
  • إدارة السجون الإسرائيلية توقف تحرير الأسرى الفلسطينيين
  • ‏بيان لحماس: نترقب الإفراج اليوم عن الدفعة الجديدة من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية
  • وفاة أسيرين فلسطينيين من غزة في السجون الإسرائيلية