قراءة في خطاب الرئيس شي جينبينغ-بقلم: أ.د.بثينة شعبان
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
في افتتاحية أمام الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي ألقى الرئيس الصيني كلمة جديرة بالتوقف المطوّل عندها وتناولها بالتحليل العميق واستقراء مؤشراتها المباشرة وغير المباشرة المستقاة من رؤاه ليس فقط للعلاقات الصينية العربية ولكن للعالم برمّته. وسيستفيد منها بشكل كبير هؤلاء الذين يحاولون جاهدين أن يفسّروا أحداث الإبادة الشنيعة في فلسطين والحرب في أوكرانيا.
في هذا الخطاب كما في خطاباته كلّها يقف الرئيس الصيني كرجل دولة وقائد سياسي عالمي يقرأ الماضي ويكشف أسراره ورسائله العميقة من أجل الاسترشاد به لقيادة سفينة الحاضر وسط عالم متلاطم الأمواج واختيار التوجّه السليم لمستقبل واعد للبشرية بأكملها. في هذا الإطار فقد رأى الرئيس الصيني أن الصداقة القائمة بين الصين والدول العربية والروابط القائمة بين الشعب الصيني والشعوب العربية تنبع من التبادلات الودية منذ قرون بعيدة عبر طريق الحرير القديم والنضال المشترك من أجل نيل الاستقلال الوطني، ومن التعاون المبني على الكسب المشترك في عملية البناء الوطني.
من هذا المنظور انطلق الرئيس الصيني ليفنّد أفضل السبل لبناء مستقبل مشترك للشعبين الصيني والعربي يحقق طموحاتهما ويجسّد تطلّعاتهما المشتركة ويفتح عهداً جديداً للعلاقات الصينية العربية، ومن أجل خلق مستقبل جميل للعالم أجمع. في هذا الإطار ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، النبيلة والصعبة في آن، فإن الاحترام المتبادل هو الوحيد الذي يمكن أن يحقق العيش المتناغم، وإن الإنصاف والعدالة هما أساس الأمن الدائم. كما أكد أن حلول القضايا الساخنة يجب أن تسهم في الحفاظ على الإنصاف والعدالة وتحقيق الأمن والأمان الدائمين على أساس احترام مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة واحترام الخيارات المستقلة لشعوب العالم واحترام الواقع الموضوعي الذي تشكّل على مرّ التاريخ. وأن الأسس الثابتة لعالم أفضل تكمن في تحقيق المساواة والاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة والعيش المتناغم بين مختلف الحضارات على أسس السلام والتسامح.
أمّا الشرق الأوسط فقد قال الرئيس الصيني: إنه “منطقة تتمتع بإمكانيات مهمة للتنمية إلا أن نيران الحرب لا تزال تشتعل فيها”. بهذه العبارة الجزلة والمختصرة لخّص الرئيس الصيني المأساة التي حلّت بالأمة العربية منذ اكتشاف النفط والغاز في أراضيها ووقوعها تحت نير الاستعمار الغربي المعروف بتعطشه للحروب والإرهاب لنهب ثروات العرب، كما لخص أسباب شن الحروب الإرهابية والاحتلال والإبادة والتطهير العرقي التي مازالت مستعرة ضد أبناء هذه الأمة في أكثر من بلد وآخرها حرب الإبادة الصهيونية ضد الفلسطينيين مدعومة بالمال والسلاح والإعلام الغربيّ.
وهكذا فإن الرؤية التي وضعها الرئيس الصيني للعلاقات الصينية العربية وللعالم برمّته هي النقيض المباشر لكل ما يؤمن به الغرب وما عمل على تنفيذه في العالم العربي وآسيا وأفريقيا طوال قرون. فالدول الغربية الاستعمارية التي استعمرت دول الشرق الأوسط وآسيا وافريقيا لم ترَ في هذه البلدان سوى ثرواتها القابلة للسرقة والنهب والمفيدة لصناعاتهم وتقدم بلدانهم في الشمال. ولكنهم لم يروا شعوب هذه البلدان إلا من نظرة استشراقية اخترعوها هم وأسسوا لها في إعلامهم وكتبهم وتاريخهم وصدّروها لنا كي نؤمن برؤيتهم الدونية لنا وليس برؤيتنا لأنفسنا، ممزوجة بتضخيم قدراتهم وتفوقهم والذي أيضاً أسسوا له في تاريخهم وإعلامهم حتى أصبح وكأنه حقيقة واقعة لا جدال فيها، وقد وصل هذا بهم إلى اختراع أسطورة “أرض بلا شعب” (أرض فلسطين) من أجل “شعب بلا أرض” (الصهاينة) كي تكون الصهيونية هي قاعدتهم المتقدمة في قلب الوطن العربي تفتك به على أكثر من مستوى وتخترع الحروب والفتن كي يبقى الغرب قادراً على نهب ثرواته ومنع أبنائه من التطور والاستقلال الحقيقي.
فلا مفردات في قاموسهم لما يتحدث به الرئيس الصيني من الاحترام المتبادل والمنافع المتبادلة والمصالح المشتركة والمستقبل المشترك، لأنهم ومنذ أن استعمروا واستوطنوا بلادنا ومنذ أن كانوا سادة تجار الرقيق عبر المحيط الأطلسي رأوا أنفسهم أسياد العالم وبقية أبناء الكون الذين هم في تعريفهم أقلّ منهم ذكاءً وقدرة على التطور ومجرد خدم لمخططاتهم ومشاريعهم. وقد توارثوا هذه النظرة الاستعلائية العنصرية لشعوب الأرض برمّتها ولجميع الدول؛ فإمّا أن يكون نظام الحكم في هذه الدول مؤمناً بتفوقهم وتابعاً لهم وخادماً لمصالحهم حتى على حساب مصالح شعبه وإمّا أنه سيكون عرضة للقتل والحروب والإبادة.
ولهذا فالغرب وعبر تاريخه، والآن من خلال ربيبته الصهيونية، إمّا يقوم بزرع الفتن واختلاق الحروب الأهلية وتقسيم البلدان ودبّ النزاعات وإمّا أنه يشن حرب إبادة كما يجري اليوم في فلسطين أو حرباً إرهابية كما حدث في سورية والعراق وليبيا والجزائر واليمن لمنع هذه الدول من استخدام ثرواتها وتحقيق التقدم والازدهار الذي تطمح إليه وتستحقه شعوبها.
إنّ حرب الإبادة التي شنّتها الصهيونية ضد الفلسطينيين في غزة وعموم فلسطين قد برهنت أن الغرب لا يقيم وزناً لقوانين ومواثيق دولية ولا حتى لآراء شبابهم وشعوبهم . لقد برهنت هذه الإبادة أن الإعلام الغربي متصهين وأن ما يقوم بالترويج له هو مجموعة من الأكاذيب التي تخدم مصالحهم وأن الديمقراطية كلمة جوفاء لا مرتسم حقيقياً لها في الواقع الغربي وأن الأنظمة الغربية مستعدة لدعم أي إجرام ولقمع أي تحرك ضده للإبقاء على سلطة المال والسلاح والهيمنة على مقدّرات وضمير العالم.
ولعلّ هذا ليس مفاجئاً أن يفشل المحللون الغربيون في فهم جوهر ما تحدث به الرئيس الصيني وقراءة أبعاده الرؤوية والمهمة لصالح البشرية جمعاء. بحيث أن تعليقاتهم وتفسيراتهم تدفع إلى الضحك والاستهزاء بالفعل وكأنّك بطالب ابتدائي يقيّم سردية سياسية رؤوية عملاقة، فقد قال أحد صناع السياسة في الاتحاد الأوروبي: “إن الصين ترى في الصراع الدائر فرصة ذهبية لانتقاد المعايير المزدوجة للغرب على الساحة الدولية ولتدعو إلى نظام عالمي بديل”. مصدر آخر قال: ” لقد نصّبت الصين نفسها في تحالف مع العرب والجنوب الأوسع”. مع أن الرئيس الصيني لا يهمل أبداً الإشارة للمستقبل المشترك للبشرية، بينما كل ما يدعو له الرئيس جو بايدن والقادة الغربيون هو أمن “إسرائيل” ربيبتهم وأداتهم الإرهابية المتقدمة للفتنة والصراع والاحتلال والإبادة رغم اقترافها أبشع مجازر، بحق أبرياء، شهدها التاريخ الحديث.
المطمئن في الأمر هو أن المنطق الغربي يبدو باهتاً وأجوف مقارنة بالمنطق القوي والمتجذّر والرؤوي وذي المصداقية للرئيس شي جينبينغ، والذي أصبح مقنعاً حتى للشعوب الغربية وخاصة لأجيالها الشابة، الأمر الذي بدأ يقلق الحكومات الغربية وإمبراطوريتها الإعلامية.
أ. د. بثينة شعبان الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني 2024-06-03sanaسابق العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على البلدات في جنوب لبنان انظر ايضاً مجازر حضارات- بقلم: أ.د.بثينة شعبانفي زحمة المجازر الصهيونية والإبادة الجماعية التي ترتكبها بدعم من الحكومات الغربية المتصهينة وانتهاك كل …
آخر الأخبار 2024-06-03العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على البلدات في جنوب لبنان 2024-06-03هيئة مقاومة الجدار والاستيطان: 1127 اعتداء للاحتلال على الضفة الغربية خلال الشهر الماضي 2024-06-03وزير الموارد المائية يلتقي وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية 2024-06-03المكتب الإعلامي في غزة: حرب التجويع تهدد بموت أكثر من 3500 طفل في القطاع 2024-06-03حرب الإبادة الجماعية تدخل شهرها التاسع… شهداء وجرحى ودمار هائل 2024-06-03زلزال بقوة 6 درجات يضرب منطقة نوتو وسط اليابان 2024-06-03كلوديا شينباوم تفوز بالانتخابات الرئاسية المكسيكية 2024-06-03لتوطين برنامج المهارات الرقمية… إطلاق الشهادة السورية لأساسيات الحاسوب 2024-06-03انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي للطاقات المتجددة بكلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في جامعة دمشق 2024-06-03الخامنئي: عملية طوفان الأقصى شكلت ضربة قاصمة للكيان الصهيوني
مراسيم وقوانين الرئيس الأسد يصدر مرسومين بتنفيذ عقوبة العزل بحق قاضيين 2024-06-02 الرئيس الأسد يصدر مرسومين بتعيين أربعة محافظين جدد 2024-05-12 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتحديد الـ 15 من تموز القادم موعداً لانتخابات أعضاء مجلس الشعب 2024-05-11الأحداث على حقيقتها ارتقاء عدد من الشهداء جراء عدوان إسرائيلي استهدف نقاطاً بمحيط حلب 2024-06-03 استشهاد طفلة وإصابة 10 مدنيين جراء عدوان إسرائيلي على المنطقة الوسطى وأحد الأبنية السكنية في بانياس 2024-05-29صور من سورية منوعات المسبار الصيني يهبط على سطح القمر بعد شهر على إطلاقه 2024-06-02 علماء روس يبتكرون طرفاً اصطناعياً للوجه والفكين 2024-06-01فرص عمل السورية للاتصالات تعلن عن مسابقة توظيف بفرعها باللاذقية 2024-05-12 السورية للاتصالات تعلن عن مسابقة لشغل عدد من الوظائف في الإدارة المركزية 2024-04-24الصحافة قراءة في خطاب الرئيس شي جينبينغ-بقلم: أ.د.بثينة شعبان 2024-06-03 كاتب بريطاني: “إسرائيل” تتحدى القوانين الدولية بدعم من أمريكا 2024-06-02حدث في مثل هذا اليوم 2024-06-033 حزيران 1965- رائد الفضاء الأميركي إدوارد وايت يقوم بأول خروج إلى الفضاء 2024-06-022 حزيران 1875- ظهور الهاتف لأول مرة على يد المخترع ألكسندر غراهام بيل 2024-06-011 حزيران 1980- شبكة الأخبار بالكابل “سي إن إن” تبدأ بثها لتكون أول قناة إخبارية في العالم 2024-05-3131 أيار-اليوم العالمي للامتناع عن التدخين 2024-05-3030 أيار 2008- إقرار معاهدة حظر الأسلحة الانشطارية 2024-05-2929 أيار- يوم قوى الأمن الداخلي في سورية
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: الرئیس الصینی من أجل
إقرأ أيضاً:
رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يتلقى رسالة تهنئة من رئيس الجمهورية التركية السيد رجب طيب أردوغان أكد فيها الرئيس التركي على وقوف بلاده إلى جانب الشعب السوري والارتقاء بالعلاقات الثنائية واللقاء في أقرب وقت
2025-01-30SAMERسابق بعد أقل من 72 ساعة من ارتكاب الجريمة.. شرطة كللي بإدلب تلقي القبض على قاتلي المغدورين شبيكة ودحبور انظر ايضاً بعد أقل من 72 ساعة من ارتكاب الجريمة.. شرطة كللي بإدلب تلقي القبض على قاتلي المغدورين شبيكة ودحبور
إدلب-سانا ألقى قسم شرطة كللي، التابع لقيادة شرطة إدلب، القبض على مرتكبي جريمة قتل المغدورين …
آخر الأخبار 2025-01-30رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يتلقى رسالة تهنئة من رئيس الجمهورية التركية السيد رجب طيب أردوغان أكد فيها الرئيس التركي على وقوف بلاده إلى جانب الشعب السوري والارتقاء بالعلاقات الثنائية واللقاء في أقرب وقت 2025-01-30التعليم العالي تمدد مواعيد تسجيل الطلاب المستجدين والقدامى حتى الـ 27 من شباط القادم 2025-01-30التربية والتعليم: طي العقوبات الامتحانية المفروضة سابقاً بحق طلبة الشهادات العامة بحرمانهم دورتين امتحانيتين 2025-01-30الرئيس الشرع: أشكر أمير دولة قطر على زيارته الكريمة 2025-01-30لجنة تسيير الأعمال في جامعة دمشق تبحث مع السفير الهنغاري التعاون العلمي المشترك 2025-01-30الملك عبد الله الثاني يهنئ الرئيس الشرع بتوليه رئاسة الجمهورية العربية السورية 2025-01-30الخطوط الملكية الأردنية تستأنف تسيير رحلاتها إلى دمشق بدءاً من الغد 2025-01-30بالعلامة الكاملة… منتخب سوريا للشباب يتوج بطلاً لدورة “ماندري” في إندونيسيا 2025-01-30سلطان عمان يهنئ الرئيس الشرع بمناسبة توليه رئاسة الجمهورية العربية السورية 2025-01-30الشيباني والخليفي يؤكدان على تطوير العلاقات وتعزيز الروابط الأخوية بين سورية وقطر
صور من سورية منوعات تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20 الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء 2024-12-05فرص عمل جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23 الخارجية تعلن برنامج اختبارات المرحلة الرابعة في مسابقتها لتعيين عاملين دبلوماسيين 2024-12-05حدث في مثل هذا اليوم 2024-12-077 كانون الأول-اليوم العالمي للطيران المدني 2024-12-066 كانون الأول 2004- اقتحام القنصلية الأمريكية في جدة بالمملكة العربية السعودية 2024-12-05 5 كانون الأول – اليوم الوطني في تايلاند 2024-12-033 كانون الأول 1621- عالم الفلك الإيطالي جاليليو جاليلي يخترع التلسكوب الخاص به 2024-12-022 كانون الأول- اليوم الوطني في الإمارات العربية المتحدة 2024-12-011 كانون الأول 1942 – إمبراطور اليابان هيروهيتو يوقع على قرار إعلان الحرب على الولايات المتحدة
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |