الدقة والزعتر أسلحة لم تخذل الغزيين خلال أوقاتهم الصعبة
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
تتجدد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة مع كل تطور يحدث على الصعيد الميداني، سواء مع العمليات العسكرية البرية وتكرر اجتياح بعض الأماكن والمدن، أو بسبب إغلاق المعابر وندرة دخول المساعدات وتعثر عمل الميناء العائم الأمريكي.
وأفادت الأمم المتحدة بأن حجم المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة انخفضت بمقدار الثلثين منذ أن بدأت "إسرائيل" عمليتها العسكرية في منطقة رفح جنوب القطاع في أيار/ مايو الماضي.
وقام الجيش الأميركي ببناء رصيف مؤقت لجلب المساعدات عن طريق البحر، إلا أنه تضرر بفعل الأمواج، بينما أغلقت "إسرائيل" معبر إيريز في شمال غزة، وكذلك تم إيقاف عمل معبري رفح وكرم أبو سالم التي كانت شاحنات المساعدات تمر عبرهما في جنوب قطاع غزة.
وعملت "إسرائيل" على تقسيم قطاع غزة لجزئين شمالي وجنوبي، وتفصل بينهما بمنطقة عسكرية تسمى "نيتسريم"، تمتد من حدود الأراضي المحتلة عام 1967 حتى البحر الأبيض المتوسط.
وترصد عربي21 مظاهر الأزمة الإنسانية المتجددة في قطاع غزة الذي يعاني من شح المواد التموينية وعنف الغارات الجوية والمدفعية المستمرة على مدار الساعة.
يقول حسان (33 عاما) إن العملية العسكرية في جباليا، التي امتدت لنحو 20 يوما، وما سبقها من العملية المستمرة في رفح وإغلاق المعابر، أتت على مختلف المواد التموينية في شمال القطاع، بينما ارتفعت أسعار ما تبقى منها بشكل كبير جدا.
ويضيف حسان لـ "عربي21" إن الأسواق خالية الآن من معظم أنواع الخضروات والفواكه واللحوم، وأنه لا يوجد سوى كميات محدودة من المعلبات وهي من بعض الأصناف فقط.
ويذكر أن الأسواق الموجود حاليا ليست سوى "بسطات" صغيرة وضعها الباعة فوق ركام الأسواق المدمرة أو حتى في الشوارع والأزقة، كما أن عددها تراجع بشكل كبير بسبب ندرة البضائع، مضيفا أن "عشرات البسطات والباعة الذين كانوا منذ بداية الحرب الآن بدون عمل وأغلقوا البسطات الخاصة بهم".
ويوضح أن ما يتوفر من البصل مثلا يصل سعر الكيلوغرام الواحد منه إلى مئة شيكل (27 دولار)، والبندورة وصل سعرها إلى 70 شيكل، والخيار والباذنجان من 40 إلى 50 شيكل، قائلا: هذا هو المتوفر فقط، أما باقي الأصناف فهي غير موجودة أصلا، وعلشان هيك هينا عايشين على أكل الزعتر والدقة".
كرم أهل غزة على الرغم من الحرب ... مهدين الدكتور دقة و زعتر
و الله هذا الشعب ما ترك لنا مجال أخجلونا جدا .. pic.twitter.com/cypEyx4ERf — Nourah???? (@NBJT_) March 11, 2024
وأكد "طبعا الناس ما معها تدفع، والحرب قضت على كل أموالنا، اللي لسة عنده فلوس في البنك أو راتبه لسة شغال وما خسر وظيفته لا يستطيع سحب هذه الأموال من البنوك إلا بصعوبة بالغة".
من ناحيته، يقول محمد (56 عاما) إن الأوضاع المعيشية بدأت تتراجع وتتجه للأسوأ مرة أخرى بسبب شح المواد التموينية والمساعدات، قائلا: "نرى أحيانا المساعدات التي دخلت وهي تتوجه إلى مخازن الأونروا، لكن لا نعرف شيئا عن آلية التوزيع البطيئة جدا".
وكشف محمد لـ "عربي21" أن هناك حالة تخوف من عودة خطر المجاعة التي ضربت شمال غزة خلال شهور الحرب الأولى وعدم توفر الطحين والخبز ومختلف أنواع الطعام، مضيفا "الحمد لله حاليا لسة في خبز وطحين، والمخابز اللي فتحت لسة شغالة وبتوزع خبز بسعر مخفض، لكن كلنا تعلمنا أنه خلال هذه الحرب الدنيا بتتغير فجأة".
وعن كيف يتدبر أموره عائلته من الطعام، يشير محمد إلى توفر الدقة والزعتر في الأسواق بأسعار معقولة رغم أنها أغلى من السابق، مضيفا "الدقة الزعتر تعتبر أطعمة رخيصة ومتوفرة في كل بيت فلسطيني، والحمد لله أنه لسة موجودة".
ما تخيلت إني أشوف أو أسمع إنه أهل غزة يموتوا من الجوع والعطش ومتى في الشتاء وفي البرد اللي أصلًا شرب الماء للإنسان الطبيعي فيه بيقل. الناس في غزة بيكفيهم خبزة حاف يخبزوها بأنفسهم ومعها خضار من خيرات بلادهم أو زعتر أو دُقة ومش لازم اللحم ولا ينذلوا مقابل اللقمة ولا شربة المي! — ???? Maysaa/ميساء (@Maysaa_gh) December 19, 2023
ويصف محمد، الذي يعول أسرة مكونة من سبعة أشخاص، أصناف الدقة والزعتر بأنها "أسلحة دعمت ووقفت مع أهل غزة أكثر من كل العالم، لأنه سعرها رخيص، ومعدتنا عمرها ما شكت أو تضررت منها، وما في سفرة فطور ولا عشاء في غزة إلا ما كانت تكون عليها، والآن أصبحت هي الطعام الرسمي في كل وقت".
ويبين أن الزعتر والدقة يمكن أكلها مع الخبز واللبن وزيت الزيتون، أو عملها "مناقيش"، أو حتى مع الفلفل الأحمر حال عدم وجود الزيت واللبن حاليا، قائلا: "بكل الأحوال زاكية وبناكلهم كيف ما أجا، وطول عمرنا بنقول بنعيش ولو على دقة وزعتر، وهينا الآن عايشين عليهم بجد.
ويتكون صنف الدقة من القمع والكزبرة والسماق والملح والسمسم وغيرها من المكونات الجافة، التي يتم طحنها بشكل ناعم لتصبح في قوامها النهائي الذي يشبه مختلف أنواع البهارات المطحونة.
ويتم إعداد الزعتر من خلال تجفيف أوراق الزعتر الأخضر وإضافة مكونات أخرى عليه مشابهة للدقة، مثل الكزبرة والسماق والملح والسمسم وحمض الليمون وغيرها من المكونات.
ومن أشهر طرق تناول هذه الأطعمة يكون بـ "التغميس" بزيت الزيتون، أبو أعداد المناقيش، وهي قطعة من العجين التي يوقع على وجهها من أعلى خليط من الدقة أو الزعتر مع زيت الزيتون، ثم يتم خبزها داخل الفرن.
من ناحيتها، تقول أفنان (29 عاما) إنها تطعم أطفالها يوميا "سندويشات جافة" من الدقة أو الزعتر بدون زيت زيتون كما اعتدوا من يوم بداية تناولهم للطعام في حياتهم.
وتشرح أفنان لـ "عربي21" أن هذه الأطعمة من الصعب شرح طبيعة ارتباطها بالفلسطيني لأنها جزء من ثقافته اليومية طوال حياته، موضحة "أولادي ومن طفولتهم وهم بياكلونها بشكل يومي، ابني الصغير صاحب الوزن الخفيف حتى من قبل الحرب لما يقول إنه جائع كان يطلب سندويشة دقة، ويوم ما بده يغير بطلب زعتر".
الخبزة الرسمية لمدارس غزة
خبزة زعتر/دقة/فلفل أحمر
تميم أخد ختم الجودة، أصلي ???? — . (@Jommaizeh) August 29, 2021
وتكشف "في الحرب الحالية لما زوجي يسألني ماذا سنتناول على الغداء اليوم أقول له دقة وزعتر، ويضحك ويقول لي: طبختين؟ مش كثير؟ وهذه بطبيعة الحال نكتة وطرفة مشهورة في قطاع غزة من أجل الضحك والتندر على الأشخاص البخيلين".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الزعتر خطر المجاعة الدقة غزة الزعتر الدقة خطر المجاعة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
كيف علق البرغوثي على التظاهرات في غزة ؟
#سواليف
تظاهر #فلسطينيون الثلاثاء الماضي في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع #غزة للمطالبة بوقف #الحرب على غزة، وذلك بعدما عاد #الجيش_الإسرائيلي لشن غارات جوية كثيفة مصحوبة بقصف مدفعي تركز على المناطق الشمالية، بالتزامن مع مطالبته الأهالي الصامدين فيها بالإخلاء مجددا.
وتلت #المظاهرة دعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي لتكرار التجمعات في عدة مناطق بقطاع غزة، لكنها تحولت للمطالبة بتخلي حركة #حماس عن إدارة غزة والانسحاب من القطاع، مما أدى لردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض، ومشكك في أهدافها.
الإجابات عن الأسئلة التالية تشرح التطورات الميدانية للحراك الأخير في الشارع الغزي، وتسرد تفاصيلها، وانعكاسها على الساحة الداخلية.
مقالات ذات صلةلماذا انطلقت التظاهرة في شمال غزة؟
دأبت قوات الاحتلال الإسرائيلي على إصدار أوامر إخلاء جديدة لأهالي شمالي القطاع، مما يضع الأهالي تحت الضغط وفي حيرة من أمرهم، إذا ما سيضطرون للنزوح أو البقاء، وذلك بعد معاناة طويلة من مرارة #النزوح، وإجبارهم على ترك منازلهم منذ بداية الحرب.
وبسبب هذه الأوضاع المأساوية ومنع إسرائيل دخول أي مساعدات إنسانية إلى القطاع وانسداد الأفق السياسي، تحول تجمع عدد من ساكني بلدة بيت لاهيا لمظاهرة تطالب بـ”وقف الحرب على غزة”، ورفعوا شعارات كتب عليها “أوقفوا الحرب”، “نرفض نحن نموت”، “دماء أطفالنا ليست رخيصة”.
كيف جاءت الدعوات لتكرار #المظاهرات؟
مع انتشار صور ومقاطع مصورة للمظاهرة التي خرجت في بيت لاهيا، ذهب نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى تفسيرات متعددة، فبعضهم يقرؤها بأنها مطالب وطنية طبيعية يريدها الجميع، تتمثل في وقف حرب الإبادة على قطاع غزة، وآخرون فسروها بأنها مطالبة لحركة حماس بالتخلي عن إدارة غزة والسماح بإعادة ترتيب الأوضاع في القطاع بما يؤدي إلى إنهاء الحرب.
واستغل الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين تلك المشاهد والاختلافات التي انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي، ودعا لتجدد المظاهرات ضد حركة حماس، وحدد ساعة انطلاقها، وأماكن تجمعها في مختلف محافظات قطاع غزة. وسارع فلسطينيون يقيمون بالخارج إلى نشر دعوات التظاهر في الوقت ذاته وأماكن التجمعات ذاتها التي حددها الصحفي الإسرائيلي.
وأثار ذلك كثيرا من علامات الاستفهام بين الهدف الذي يريدون تحقيقه، وكيف حاول البعض استثمار المظاهرة، وإخراجها عن سياقها الطبيعي لتحقيق أجندة أخرى.
ما العلاقة بين الداعين للتظاهر ضد #حماس والحراكات السابقة؟
تعود مطالبات النشطاء الذين يقيمون خارج الأراضي الفلسطينية للتظاهر ضد حركة حماس إلى عام 2018، حين دعوا وقتها لحراك تحت عنوان “بدنا نعيش”، مطالبين بإنهاء مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، التي تعود أساسا للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
وتكررت الدعوات ذاتها في سنوات لاحقة من الأشخاص ذاتهم للخروج إلى الشارع، لكن وجود القائمين على التجييش للحراك خارج قطاع غزة، وانخراط وسائل إعلام تابعة للسلطة الفلسطينية وحركة فتح بالدعوة للحراك أفرغه من مضمونه.
ما أبرز ردود الفعل الفلسطينية؟
وتعليقا على ذلك، قال أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية، الدكتور #مصطفى_البرغوثي: “ما الذي يجب على حماس أن تفعله؟ حماس تقول إنها مستعدة لوقف الحرب مقابل صفقة تبادل أسرى يتمّ بموجبها اخراج بعض الأسرى الفلسطينيين”، مشيرا إلى وجود (15) ألف أسير فلسطيني لدى سلطات الاحتلال لا أحد يذكرهم ولا يذكر ما يتعرضون له من تعذيب وحشي.
وأضاف البرغوثي: “حماس تقول أيضا إنها مستعدة لأن تكون خارج الحكم، وأن لا تشارك في أي حكومة قادمة، فما الذي يمكن أن يُطلب منها أكثر من ذلك؟”.
وتابع البرغوثي: “السؤال الآخر المهم؛ هل حماس تحكم الضفة الغربية؟ أليس الذي يجري في جنين وطولكرم ونابلس هو تطهير عرقي؟ نحن الآن في الضفة الغربية نتعرض لهجوم مستمر، إلى جانب وجود (1000) حاجز عسكري تمنع الناس من التنقل، وتمنع أهل الضفة من الوصول إلى القدس”.
ولفت البرغوثي إلى أن نتنياهو لا يريد حماس ولا فتح ولا منظمة التحرير ولا أي كيان وطني فلسطيني موحد، فالقضية بالنسبة لنتنياهو في رفض الاقرار بحقّ الفلسطينيين وليست حماس أو فتح أو غيرها.
وشدد البرغوثي على حقّ الفلسطينيين في أن يبقوا في وطنهم وأن يقاوموا العدوان ويناضلوا من أجل حريتهم.
ومن جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس باسم نعيم إن “من حق الناس جميعا أن تصرخ من شدة الألم، وأن ترفع صوتها عاليا ضد العدوان على شعبنا والخذلان من أمتنا، وشعبنا سواء من خرج أو من لم يخرج للشارع، فنحن منهم وهم منا”.
واستنكر نعيم -في منشور على موقع فيسبوك- استغلال هذه الأوضاع الإنسانية المأساوية، سواء لتمرير أجندات سياسية مشبوهة، أو إسقاط المسؤولية عن المجرم المعتدي وهو الاحتلال وجيشه.
وأصدرت الجبهة الداخلية في قطاع غزة بيانا قالت فيه إن “المطالب المشروعة لا تبرر التساوق مع الاحتلال وأهدافه الخبيثة، فليس فلسطينيا من يخون دماء الشهداء ويقف في صف العدو الذي يذبح أطفالنا ونساءنا، ومن يستجب لدعوات مجرمي الحرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، فقد تساوق مع الاحتلال ضد شعبه، وخان دماء الشهداء والتضحيات الجسام”.
من جانبها، دعت فصائل العمل الوطني والإسلامي -في بيان لها- إلى “اليقظة والحذر، والانتباه من كل محاولة لحرف مسار الحراك الجماهيري الغاضب، واستغلال معاناة الفلسطينيين ووجعهم لتهديد التماسك الوطني، ومحاولة دق إسفين بين أبناء الشعب الواحد والتحريض ضد المقاومة، والدفع بكرة اللهب للساحة الداخلية”.