الحردلو صائد الجمال (12): يا باسط النِعَم تسقيها في ها المرّه….!!
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
بعد استهلال مسدار الحردلو (مسدار الصيد) بوصف مجالي الطبيعة إجمالاً عندما انكسر الحر (وخوّخت الشمس) وجادت النسائم بأنفاس الرياح الباردة في البطانة واشتعل نشاط الطير والموجودات..يتجه الحردلو إلى تتبّع أسراب الظباء..إنه يحبها من قلبه..!
تعرف لي مشاهيد الرقاد والفرّه
فلّاخ المصب بيهو بتبين تتورّا
فوق حيا فوق محل من الصعيد منجرّه
شاحد الله الكريم ما تلقى فيهو مضرّه
Expert in choosing their rest and grazing zones,
near branch streams in public they are seen
Across lush and dry terrain,
all the way from the upper lands they descend
Meet no harm may they,
to the all-gracious Lord I pray.
الحردلو يؤاخي هذه الظباء في تعاطفٍ أنساني حميم..إنه يتابعها بعين العطف الرءوم:
أب عراق فتق قرنو المبادر شرّه
الباشندي عمّت مهششيب الدرّه
من النقره كل حين فوق عليو منصرّه
ها الأيام محاريها القليعه أم غرّه..!
Ab-Arraaqis in full bloom;
Bashandi flowers lending their fragrance to the air
At the slightest sound, they "oryxes" shrink in fear,
in high terrain they take shelter
They should now be around Mount al-Gilaiaa umm Ghurra
..إن علاقته بهذه الظباء لا تختلف عن علاقته وشغفه بمعشوقاته الأوانس.. ويرجو الله في المربوع التالي ألا يحرمهن من نعمة السُقيا هذه المرّة:
قَدَمَت من هنا وبي ضانها سمعت كرّه
فوق كرتوت شخيتيراً تخيّن خرّه
قلّاتو الوهاط بي لشغه قَبلو محرّه
يا باسط النعم تسقيها في ها المرّه..!
Their sharp ears from afar picked a thunder,
A heavy mass of clouds showering on Mount Cartut.
Expansive depressions there sometimes held some water
May my gracious Lord treat them to a good sip this time…
**
وكلما يتوغل الحردلو في هذا المزاج والرئم العطوف بالظباء يزداد توهّج شعره بالدعاء (supplications) لهن من القلب:
مرقن يا مجيب لي جُملة السُّعال
شاحدك تجمعِن من مطبَق الحلّال
ماينقص حساب الدِرجو لو بي عجال
ونحن نجيب لهن في كل يوم موّال
They are already out,
My Lord, always there to respond to every distress call,
I implore You to protect them all,
Those short-haired from every tiny corner gather them
Not a single one missing
Every day we come up with a new verse, singing their praise
ويتواصل الدعاء الحار:
يا باسط الأراضي والسَبِعْ سموات
وكل البِدبي فوقن حافي وأب نعلات
دُغس العين تنجيهن من الآفات
لامن وخرّن "بيلا" المعيز جامعات
My Lord, who laid out the earth, erected seven heavens,
created all creatures, both barefoot and shod
Against all evils protect those dark-eyed,
until they steer clear of Mount Baila, no one missing
**
لا مجال لتتبّع كل مربوعات مسدار الصيد وعددهن كم أسلفنا (أربعون)..فهذا موفور في ديوانه وترجمتها الانجليزية موفورة في كتاب "عادل بابكر".. ولكن نشير هنا إلى مربوع يبلغ فيه الحردلو شأواً بعيداً من ثلاث جوانب؛ جانب الشغف الكبير والحميم بالظباء، وجانب دقة الوصف المُذهل واللماحية وسعة الخيال، ثم المقابلة (والانعكاس الشرطي) بين شغفه بالنساء وبالظباء بالتبادل ..واسباغ صفات النساء على الظباء وصفات الظباء على النساء...!!
في أحد المربوعات يصف الحردلو اللون الذي يتولّد من انعكاس أشعة الشمس في أصيل البادية على الظبية على امتداد خصرها وعظام الأفخاذ والبطن إلى الصدر..حيث ينتهي اللون الأصفر بخيط أبيض..وهنا يلتمع تشبيه الحردلو لهذا الخط وما دونه..بـ(قرابيب النساء)..!
و(القُرباب) هو الرداء الذي تتمنطق به المرأة حول الخصر وينسدل على النصف الأسفل من الجسد...وكأنه في حكم الـ (underwear)...!!
بت المن "قرين" مرقن على الجَبّال
في"بيّا وبلوس" ما بِرجن الوبّال
صُفراً دِرعتن تِدلى لا البهّال
وبيضة شاش قرابيبن تريع البال..!
أو:
From Mount Grain they slid toward the heights;
Wouldn't wait for the downpour in Biyya and Balous
A yellow streak running down to their thighbones;
Their (white skirts) are just fascinating..!
**
يا لظباء يخطرن في الإسكيرت الأبيض..!!
مرتضى الغالي
murtadamore@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الصحفيون… العدو الوجودي للحوثيين
في مثل هذا اليوم السادس عشر من أبريل، أستعيد للسنة الثانية ذكرى تحريري وزملائي من سجون ميليشيا الحوثي الإرهابية بعد ثماني سنوات من الاختطاف والتعذيب والتنكيل، بوساطة إنسانية رعتها الأمم المتحدة، وهي ليست مجرد ذكرى شخصية؛ بل هي شاهد على حرب وجودية مستمرة تشنها المليشيات الحوثية على الصحافة، باعتبارها العدو الأول والأخطر لمشروعها القمعي الطائفي.
شاهدنا ذلك منذ ساعات الانقلاب الأولى واحتلال العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، ورأينا ما تلاها خلال سنوات الحرب الجارية كيف اندفعت آلة الجريمة والقتل الحوثية نحو الصحافة والصحفيين باعتبارهم تهديداً وجودياً لها ولبنيانها الدعائي القائم على الخرافة والتضليل والكذب، فالكلمة الحرة من منظورهم السلالي والطائفي سلاحاً أشد فتكاً بمنظومتها الرجعية العنصرية التي تسعى لتكريسها بالقوة والعنف والإرهاب.
وآنذاك، لم يُخفِ زعيم الحوثية الإرهابية عبدالملك الحوثي هذا الرعب، بل وصف الصحفيين في أحد خطاباته بأنهم “أخطر من المقاتلين”، مؤكدًا بذلك أن الصحافة تمثل أكبر تهديد لمشروعهم السلالي الظلامي الكهنوتي، ليترجم بذلك سياسة ممنهجة علنية تستهدف الصحافة كعدو يجب سحقه، ومن داخل السجون، واجهنا هذه العقيدة الدموية وجهاً لوجه، حين قال لنا أحد قادة التعذيب والمشرف العام على السجون الحوثية ومسؤول سجن معسكر الأمن المركزي بصنعاء الإرهابي عبدالقادر المرتضى: “نحن نتعبد الله بتعذيب الصحفيين.”
لم يكن هناك من شك بأن الصحفيين في نظر الإرهابيين الحوثيين أعداء يجب التنكيل بهم والتخلص منهم، وكان المشهد الأبرز في هذه الفصول المظلمة ما قاله الإرهابي عبدالحكيم الخيواني، رئيس ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حين واجهنا داخل السجن قائلاً لنا بوضوح وصراحة فظة: “أنتم الصحفيون العدو الوجودي للحوثيين”، عبارات صادمة كهذه لم تكن مجرد تهديدات وحسب؛ بل كانت تعبيراً عن نهج كامل أو ما يُشبه خارطة طريق للتعامل مع الصحفيين، وبنفس الوقت كانت كشفاً حقيقياً لمدى خوفهم من الصحافة الحرة التي في نظرهم، تمثل تهديداً فعلياً لاستمرارية وجودهم، لذلك ووفق منطقهم الإجرامي يجب محاربتها والقضاء عليها بشتى الطرق وكل الوسائل.
طوال فترة السجن كنا نُواجه تهديدات صريحة في جلسات التحقيق المطولة التي تناوب عليها عشرات المحققين في عدة سجون وبأساليب تعذيب وتهديد متنوعة تبدأ بالسب والشتم والقذع مروراً بالتعذيب البدني وتنتهي بتصويب فوهة السلاح على رؤوسنا وصراخ الجلاد بـ”ما يسكت الإعلام إلا الإعدام”، هذا الفكر الإرهابي كان يُشرعن القتل كسلاح لإسكات الكلمة، فلم تكن الصحافة جريمة، لكنهم حولوها إلى ذلك، ولم تكن المهنية تهمة، لكنهم جعلوها سبباً للحكم علينا بالإعدام وأصدروا فتوى بقتلنا.
في إحدى جلسات ما يسمى بالمحاكمة الهزلية، قال لنا قاضي الموت الحوثي المجرم محمد مفلح، الذي أصدر بحقنا فتاوى بالقتل: “أنتم أعداء الله وأعداء الوطن”، هكذا ترى ميليشيا الحوثي الإرهابية الصحفيين، أعداء يجب تصفيتهم.
ثماني سنوات قضيتها في زنازين الظلم والظلام والرعب والبشاعة الحوثية، هي أطول فترة يُسجن فيها صحفي بسبب مهنته في تاريخ الصحافة، خلالها فقدتُ والدي رحمة الله عليه، دون أن اراه للمرة الأخيرة، وعانيت من التعذيب الجسدي والنفسي طوال فترة الاختطاف وتم وضعنا كدروع بشرية في المعسكرات ومخازن الأسلحة، عانيت من والإهمال الطبي، والتجويع، والحرمان من أبسط الحقوق ونهب مقتنياتي الشخصية وسلب ممتلكاتي وجزء ثمين من عمري وصدرت ضدي فتوى بالقتل، فقط لأنني صحفي، ولم تقتصر المعاناة علينا فقط، بل طالت عائلاتنا التي واجهت التهجير والتهديد، والتجويع، والتشريد، لقد ارتكبت الميليشيا ضدنا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية .
خرجت من سجون الحوثية الإرهابية، لكنني وما زلت حتى اليوم أعيش في منفى قسري أعاني آثار ما جرى لنا وتطاردني فتاوى القتل الإعدام الحوثية، كجريمة لا تنتهي تهدد وجودنا مدى الحياة، بينما المجرمون لا يزالون طلقاء دون رادع ولا حساب.
ورغم كل ذلك، لم نصمت ولن نصمت، اخترنا طريق القانون، نؤمن أن العدالة مهما تأخرت، قادرة على إنصاف الضحايا ووضع حد للإفلات من العقاب وكبح جماح الجريمة، نعمل مع الكثير من الشركاء والزملاء والحقوقيين محلياً ودولياً لملاحقة الجناة والمجرمين عبر القضاء الوطني والدولي، إيماناً بأن السلام الحقيقي لا يُبنى إلا على العدالة.
وفي هذه الذكرى، أجدها فرصة لتكرار الشكر والتقدير لكل من تضامن معنا وساهم بجهد في تحريرنا من قبضة الميليشيا الحوثية وحمل على عاتقه هم قضية الصحفيين المختطفين، ونُجدد النداء للجميع وعلى رأسهم المجتمع الدولي بأن لا يكتفوا بالإدانة، بل يجب ان يكون هناك تحرك وضغط من خلال فرض العقوبات من اجل تحرير زملائنا المختطفين في سجون ميليشيا الحوثي الإرهابية، إن استمرار اختطافهم هو جريمة يومية، واختبار حقيقي لصدق التزامات ومواثيق العالم تجاه حرية الصحافة.
ختاماً ولأن الكلمة الحرة كانت ولا تزال أقوى من رصاصهم وسجونهم. سنواصل الطريق لا كضحايا، بل كصُنّاع للعدالة وروداً التغيير، وحماة الحقيقة مهما كلف الثمن.
نقلاً من صفحة الكاتب على “فيسبوك”