التغويص داخل احزاب المعارضة السودانية
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
اتفق مع ما جاء في المقال الأخير للأستاذه رشا عوض حول الإختراقات التي أحدثتها الانقاذ داخل أحزابنا ومنظماتنا الوطنية. أعتقد أن المقال كان مسؤولا خاصة في توضيح حقيقة أن ذلك يجب أن لا يصرفنا عن النقد البناء والموضوعي بغرض مساعدة تلك المنظمات ومساعدة أنفسنا علي رؤية العيوب ومحاولة معالجتها.
لم يكن المقال المذكور هو الأول في التنبيه إلي مسألة الإختراقات والتغويص داخل الاجسام القيادية، فقد جاء ذلك التحذير من د.
يهمني هنا التركيز علي محاولة تفسير قدرة الكيزان علي إحداث تلك الإختراقات وأهمها طبعا سيطرتهم التامة علي كل مقدرات الدولة وتوظيفها في شراء الناس في ظروف إقتصادية شديدة السوء كانوا هم من تسبب فيها طبعا لإحتكارهم كل شيء.
شبكة العلاقات الإجتماعية الممتدة في السودان أيضا تلعب دور قوي في التأثير علي تفكير وسلوك الافراد.
أسباب أخري مهمة ساعدت الكيزان وسهلت عليهم المهمة مثل الطابع المنغلق والمركزيه الخانقة وإنعدام المشاركة الديمقراطية لعضوية الاحزاب ، هذا فيما يتعلق بالاحزاب التي نمت وسط القوي الحديثة مثل الاخوان المسلمين والشيوعيين والقوميين من ناحية، والارتباط القوي بين الطائفة والحزب السياسي من ناحية أخري، أو ما عرف بارتباط القداسة والسياسية الذي لعب دورا مهما في التكوين القيادي للحزبين الكبيرين كالامة والإتحادي. هذا الثبات في الهيئات القيادية وإنعدام التجديد القيادي سهل من مهمة الكيزان لأن السيطرة علي شخصية قيادية في حزب معارض قد يضمن لهم التأثير علي قراراتها لعقود قادمة.
سبب آخر لا يقل أهميه يتعلق بضعف العمل الفكري والثقافي في سودان الإنقاذ لأسباب متعددة لا اود الخوض فيها لأن الجميع تقريبا ربما يكون ملما بها، لكني أشير فقط إلي طبيعه الأخوان المسلمين واستخدامهم للموروث الإسلامي السلفي دون إعمال للعقل النقدى، وهم في ذلك لا يختلفون عن اليهودي أو المسيحي أو البوذي ممن نشأوا علي دين آبائهم.
فالسلفي المسلم كان يمكن أن يكون بوذيا أو يهوديا أو مسيحيا متعصبا طالما ظل مصدقا بكل الموروث الديني الذي ولد وتربي عليه.
هذا الجانب مهم في عملية التجنيد للكيزان لأن هناك من الناس من له قابليه، بل وحاجة ماسه للروحانيات عن طريق الايمان، أيا كان ذلك الايمان اعمي، أم عن وعي وإدراك، لايهم.
بينما هناك أناس طبيعتهم تميل إلي المعرفة وهي التي تحقق لهم ذلك الامتلاء الروحي fullness.
الفئة الاخيرة من الناس هي من تمتلك المناعة ضد فيروس الإسلام السياسي رغم كل الظروف المحيطة والغير مواتية في السودان.
بالنسبة للفئة الاولي من البشر التي تميل إلي الايمان أيا كان فإنها تجد سندا كبيرا من العقل الجمعي في السودان والمنطقة العربية والافريقيه حيث الإيمان و"اليقين " هما القيم الايجابية التي يجب علي الإنسان أن يتحلي بها، خاصة مع ما يصاحبها من شعور زائف بالرضا عن النفس complacency وذلك في مقابل الشك الذي يعتبر قيمة سالبة مع أن الشك هو الذي يولد القلق وبالتالي المعرفة النسبية والنشاط الذي يقود إليها.
يمكن ملاحظة حقيقة أن الأيديولوجية تستند إلي المعرفة اليقينية تماما كالإيمان الأعمي ، لا فرق، وتعتبر ضالة من ينشدون اليقين ويهابون الشك والقلق ويهربون منه بالركون لليقين تارة والارتقاء في أحضان القطيع تارة أخري وتبني ثقافة شعبوية popularism. وهذا ما يفسر حرص كيزان السودان علي إظهار إستقلالية عن تنظيم الاخوان الأم في مصر لأن الإقتراب من اخوان مصر قد يساهم في إغترابهم عن القطيع alienation، وهو امر شبيه بحرص الشيوعي علي إضافة كلمة السوداني في نهاية إسم الحزب، بحيث لايكتمل إسم حزبهم إلا بذكر الإسم كاملا وغير منقوص "الحزب الشيوعي السوداني" .
طلعت محمد الطيب
talaat1706@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
إنتخاب عون أو مرحلة جديدة
قال مصدر نيابي مواكب لمجرى المشاورات والإتصالات الداخلية والخارجية في ما خص إنتخاب رئيس الجمهورية الى أن الأمور تتعثر بسبب إختلاف وجهات النظر والضياع عند بعض الكتل السياسية ، وغياب عدد من المستقلين عن ساحة التفاوض، إلا أن العقبة الأكبر تكمن في رفض "الثنائي الشيعي" دون أسباب موجبة إنتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون في جلسة التاسع من كانون الثاني.
واعتبر المصدر "أنه إن لم يكن هناك إنتخاب لجوزيف عون في هذه الجلسة فسيصبح الوضع مغايرا لدى عدد كبير من الكتل والنواب وخاصة المعارضة، وستكون مرحلة جديدة يتم خلالها ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع انطلاقا من الشرعية الشعبية التي يمثلها على الساحة المسيحية ، ناهيك عن الرفض التام لعدد من المرشحين من قبل "الثنائي"وبعض حلفائهم . في المقابل، قال مصدر معارض" ان قوى المعارضة هي الطرف الاول الذي يريد عرقلة ترشيح جعجع ولا ترغب بدعمه في معركته.
أضاف "ان المعارضة اشترطت على جعجع ان يكون لديه امل واضح بالفوز بالمعركة الرئاسية قبل الحديث عن دعم المعارضة له، لان قوى المعارضة لا تريد خوض معارك خاسرة".
وقال" ان المعارضة غير متحمسة لدعم جعجع لذلك وجدت هذه الطريقة المناسبة لابعاد كأس خوض معركته الرئاسية عنها من دون اي احراج سياسي واعلامي". المصدر: خاص لبنان24