مصر سابقة بخطوة.. وبايدن ونتنياهو يناوران
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر صحفي متحدثا عن جهوده للتوصل إلى اتفاق هدنة في قطاع غزة ووقف الحرب التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين العزل في القطاع، معلنا مقترحا إسرائيليا لوقف الحرب.
الغريب أن المقترح الذي نسبه بايدن لإسرائيل، هو المقترح نفسه الذي تقدمت به مصر لفرض الهدنة ووقف الحرب، منذ أسبوعين ووافقت عليه المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية، متمثلة في مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز، قبل أن ترسله إلى تل أبيب للموافقة عليه، لترفضه فورا بعدما أعلنت حماس عليه.
المقترح المصري للهدنة بضمان مصر وأمريكا وقطر، نص على 3 مراحل الأولى 40 يوما والثانية والثالثة 24 يوما، تشمل المرحلة الأولى: وقف مُؤقت للعمليات العسكرية وانسحاب الاحتلال بعيدا عن المناطق السكانية المكتظة قرب الحدود بجميع مناطق القطاع عدا وادي غزة، ووقف الطيران لمدة 8 ساعات يوميا ولـ10 ساعات خلال أيام إطلاق سراح المُحتجزين والأسرى، وبدء عودة النازحين وإدخال 500 شاحنة منها 50 شاحنة وقود نصفها إلى مناطق شمال القطاع.
بينما تشمل المرحلة الثانية، 42 يوما، تشمل الاتفاق على ترتيبات عودة الهدوء الدائم وإعلان بدء سريانه قبل بدء تبادل الأسرى المجندين، وانسحاب الاحتلال خارج غزة، وبدء ترتيب عملية إعادة الإعمار الشامل، فيما تشمل الثالثة 42 يوما تشمل تبادل جثامين الأسرى الفلسطينين مقابل جثامين العدو، وبدء مرحلة إعادة الإعمار الشامل، التي يستمر لمدة 5 سنوات.
المقترح الذي أجمعت عليه معظم دول العالم، بما فيها أمريكا، يبدوا أنه أزعج الاحتلال الذي جن جنونه فور إعلان المقاومة الموافقة عليه، وراح يكيل الاتهامات لمصر بأنها حرّفت المقترح لخدمة المقاومة، عكس الحقيقة، فقد كان مندوب أمريكا ومدير مخابراتها حاضرا ووافق عليه بنفسه، وتوافقت عليه أيضًا أمريكا، والعجيب أيضًا أن أمريكا نفسها ادعت أن الاتفاق قد حرَّف في موقف أثار الجدل وقتها، ليتكشف فيما بعد -من وجهة نظري- أن الصدمة الأمريكية-الإسرائيلية، نتجت من موافقة حماس على المقترح، فقد كانت الدولتان تتوقعان رفض حماس للمقترح.
وبعدها بأسابيع قليلة، وبعد القرار التاريخي لمحكمة العدل الدولية بمطالبة إسرائيل بوقف العملية العسكرية في رفح، وتوصية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، بإصدار مذكرات الاعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير جيش الاحتلال يوآف جالانت وقادة حماس الثلاثة: يحيى السنوار، وإسماعيل هنية، ومحمد الضيف، بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية، وزيادة العزلة الدولية على إسرائيل سياسيا وشعبيا، وما استتبع ذلك من التململ الأمريكي الذي أصبح سيئ الوجه أمام العالم، بسبب دفاعه عن تل أبيب دبلوماسيا وعسكريا، فضلا عن عدم تحقيق أي هدف للاحتلال في القطاع، وجد بايدن أنه مطالب بتقديم مقترح ادعى أنه إسرائيلي لتحقيق الهدنة.
الأسباب السابقة التي ذكرتها، التي أعتقد من وجهة نظري سبب إعلان مقترح بايدن الأخير، الذي يمثل طوق نجاة لنتنياهو وحكومته وجيش احتلاله، يضاف إليها سبب أكبر وهو اقتراب الانتخابات الأمريكية، ومحاولة بايدن الظهور أمام الأمريكين والعالم بأنه يحاول منع اتساع الحرب وإراقة المزيد من الدماء «قلبه على الفلسطينيين»، وهو أبعد من ذلك بكثير.
بالعودة إلى المقترح الذي أعلنه بايدن ونسبه إلى إسرائيل، وقال إنه سيسعى إلى ضمان تنفيذه، فقد نص على خطة من ثلاثة مراحل لإنهاء الحرب، تشمل الأولى وقف إطلاق نار كامل وشامل، وانسحاب الاحتلال من المناطق المأهولة، وإطلاق سراح رهائن، وعودة الفلسطينيين لمنازلهم بجميع مناطق غزة، وإدخال 600 شاحنة يوميًا للقطاع لمدة 6 أسابيع، تجري خلالها محادثات بين إسرائيل وحماس للوصول للمرحلة التالية قد تطول لفترة أطول إذا استمرت المفاوضات.
بينما نصت المرحلة الثانية، على نهاية دائمة للأعمال القتالية، وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين على قيد الحياة، وانسحاب الاحتلال من غزة، فيما شملت المرحلة الثالثة إعادة الإعمار وإعادة الجثث.
وبالنظر إلى المقترح الذي ادعى بايدن أن إسرائيل تقدمت به، نجد أنه هو نفسه المقترح المصري لحلحة الأزمة، ولكن الأمريكي أعاد تقديمه مدعيا أنه منسوب لإسرائيل، وأعتقد أن ذلك لسبيين، أن إسرائيل تريد أن يكون الحل من عندها وتظهر في ثوب يحفظ ماء وجهها، بأنها هي من تقدمت بالمقترح، ومن ثم توافق عليه حماس وفصائل المقاومة، والثاني أن أمريكا وإسرائيل لا تريدان أي حلول لإطالة أمد الحرب لأطول فترة ممكنة، وهذا الأقرب من وجهة نظري إلى الحقيقة، فمن مصلحة إسرائيل وحليفتها أن تسوي القطاع بالأرض وتصفية القضية، لبسط كامل سيطرتها على الأرض تحقيقا للحلم الأكبر «إسرائيل الكبرى» والاستيلاء على خيرات القطاع من مخزون البترول في ساحل غزة، وشق قناة بن جوروين التي يسعى من خلالها إلى ضرب قناة السويس.
كما أن المقترح بصيغته الحالية فضفاض تحوم حوله الكثير من الشكوك مثل تصريح الرئيس بايدن بأنه «سيسعى لضمان تنفيذه»، وهي كلمة لا تتناسب مع اتفاق بهذا الحجم بعد إراقة كل هذه الكمية من الدماء، فما الضمان الملزم للاحتلال، إذا خرق الهدنة وواصل قتاله بعد الحصول على الرهائن، هل مجرد السعي الأمريكي سيكون ملزما لإسرائيل أم وقتها ستواصل سياسة «الطبطة» على الاحتلال؟
ومن بين الشكوم التي تحوم حول المقترح أيضا، عدم التطرق إلى مصير كامل مناطق القطاع التي دخلها الاحتلال والشريط الحدودي الموازي لمصر، وكذلك فكرة تسليم الرهائن قبل انسحاب الاحتلال بشكل كامل، وما يتيح ذلك للاحتلال في تحقيق مبتغاه من الحصول على الأسرى دون الانسحاب الكامل وبالتالي استكمال مهمته في تسوية القطاع بالأرض وإراقة المزيد والمزيد من الدماء.
على كل، فقد أثبتت الأيام أن مفتاح الحل لتلك الأزمة الدائرة في القطاع، في يد مصر، وأنه لو صدقت النوايا من جميع الأطراف وانصاعوا لطاولة المفاوضات على أرضية الرأي والمقترح المصري، فستنتهي الحرب فورا، وتنتهي معها معانات مئات الآلاف من الأبرياء في القطاع الذين لا ناقة لهم ولا جمل، ولن تتسع رقعة الحرب وقتها.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الرئيس الأمريكي جو بايدن جو بايدن بايدن هدنة هدنة في قطاع غزة قطاع غزة غزة وقف الحرب الاحتلال قوات الاحتلال حماس حركة حماس المخابرات المركزية وكالة المخابرات المركزية وادي غزة المقاومة محكمة العدل الدولية العملية العسكرية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مذكرات الاعتقال رئيس وزراء الاحتلال جيش الاحتلال يواف جالانت يحيى السنوار مقترح بايدن الانتخابات الأمريكية وانسحاب الاحتلال المقترح الذی فی القطاع
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تعترف بمقتل 29 جنديا منذ بدء العملية الأخيرة بجباليا
أقر جيش الاحتلال الإسرائيلي بمقتل جندي برتبة رقيب أول من كتيبة تسبار في معارك شمال قطاع غزة، في حين أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بمقتل 29 جنديا منذ بدء العملية العسكرية الأخيرة في جباليا شمالي القطاع.
وأكد بيان لجيش الاحتلال أن الجندي رون إبشتاين البالغ من العمر 19 عامًا، من كتيبة تسبار التابعة للواء غفعاتي، قتل اليوم الخميس جراء انفجار عبوة ناسفة في جباليا.
بدورها، أكدت صحيفة يديعوت أحرونوت أن الرقابة العسكرية أعلنت حتى الآن مقتل 29 جنديا في معارك شمال غزة، مؤكدة أن 3 ألوية تابعة للفرقة 162 تقاتل في جباليا منذ 48 يوما.
وفي وقت سابق الخميس، قالت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن مقاتليها اشتبكوا مع قوة إسرائيلية قوامها 15 جنديا، وأجهزوا عليهم شمالي قطاع غزة.
وأوضحت القسام في بيان أن مقاتليها تمكنوا من الاشتباك مع قوة راجلة قوامها 15 جنديا والإجهاز عليهم من مسافة صفر في منطقة ميدان بيت لاهيا شمالي القطاع الذي يتعرض لحرب إبادة متواصلة.
من جهتها، أفادت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، بأن مقاتليها قصفوا بقذائف الهاون تجمعا لجنود وآليات الاحتلال الإسرائيلي بمحيط نادي خدمات جباليا وسط مخيم جباليا.
وقد دأبت فصائل المقاومة في غزة على إعلان استهدافها جنود الاحتلال وآلياته في مختلف محاور التوغل وبث مشاهد لذلك بشكل شبه يومي.
وفي وقت سابق أول أمس الثلاثاء، نشرت كتائب القسام مقطعا مصورا قالت فيه إنه لعملية تستهدف قوة إسرائيلية متحصنة بإحدى العمارات السكنية في محيط منطقة الخزندار شمال غربي مدينة غزة.
وفي 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي اجتاح جيش الاحتلال محافظة شمال غزة بدعوى منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة.
ويؤكد الفلسطينيون أن إسرائيل ترغب في احتلال شمال القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانه تحت وطأة قصف دموي متواصل وحصار مشدد يمنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.
ويأتي ذلك في حين تواصل إسرائيل حربها المدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مخلفة أكثر من 148 ألف شهيد وجريح فلسطيني -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة متفاقمة.