تساقط التساقط
م. أنس معابرة
اقتربنا على نهاية الشهور الثمانية من #الحرب، وما زال #الاحتلال يصب جام غضبه على القطاع المكلوم، وما زالت الطائرات تلقي بالذخائر والصواريخ مما تجود به العديد من الدول الأوروبية، بالإضافة إلى عرّاب الشر؛ الولايات المتحدة الأمريكية.
وحتى الآن لم يتضح أمد الحرب، وما زال الوضع ضبابياً في ظل تحكم شرذمة من البشر في #القانون_الدولي، وفي ظل وجود الحصانة الأمريكية للرعاع الصهاينة.
وفي حين أن عدداً من الشركات والدول والجامعات قد أدركت أنها تقف أمام آلة القتل الصهيونية، التي لا تعترف بالقانون الدولي، ولا بالمبادئ الإنسانية، ولا بحق البشر في الحياة، وبالتالي بادرت تلك المنظمات والجامعات والدول والشركات بقطع علاقتها بالاحتلال، وأوقفت أشكال التعاون معه ومع مؤسساته، بل وبعضها قد حظرت دخول أفراده إليها.
مقالات ذات صلة أمريكا لن تكون حلقة نصر لغزّة 2024/06/02وفي المقابل؛ أصرت العديد من الشركات على المضي قُدماً في دعم الاحتلال، والتستر على جرائمه، وامداده بالمال اللازم لشراء السلاح، وقتل الأبرياء من الفلسطينيين.
وقد أثمرت حملات المقاطعة التي قادها الشرفاء من البشر، أصحاب الضمير الحي، ممن يلقون بالاً للبيوت التي هدمت في فلسطين، وللأشلاء التي تترامى في جنبات غزة، أو للجثث المحترقة التي تكوّمت في رفح، ولذلك الطفل الذي قضى نحبه من الجوع بعد أن أضحى جلد وعظماً فقط.
بدأت تلك الشركات الصهيونية الانتماء بإقفال العديد من فروعها حول العالم بعد أن تكدست بضائعها، ولم تعد تجد من يشتري منها، كما أن أسعار أسهمها قد بدأت بالهبوط نتيجة تدني الأرباح، وكأن رياح المقاطعة قد آتت أكلها هذه المرة.
ولكن لاحظت أن الملل قد بدأ يتسرب إلى نفوس البعض، فلقد طالت المقاطعة بنظره، ولم يعد يطيق العيش دون علبة بيبسي، أو شوكولاتة صهيونية المنشأ والدعم، ولم يعد يرى نضارة في وجهه لخلوه من مساحيق التجميل الداعمة للاحتلال.
يقول الدكتور ادهم شرقاوي: “ماذا لو جاء الدجال، فأمر السماء أن تمطر فأمطرت؟ أتحسب نفسك ستصمد؟ وأنت لم تصمد أمام كيس شيبس وعلبة كولا؟ ماذا لو جاء فأحيا الموتى، أكنت ستكذبه؟ وأنت تصدق القنوات التي تروج للصهاينة؟ بالله عليك! كيف ستصمد في وجه الدجال؟”.
لقد آثر عدد من الفنانين المحسوبين على العرب والمسلمين حفنة من المال مقابل الدعاية والاعلان لشركة تحاول أن تتكبر على الناس، وتتواقح في اعلاناتها، وتكابر أمام الخسائر التي منتها المقاطعة بها.
لقد سقطت تلك الزمرة من البشر أمام اختبار بسيط، اختبار للإنسانية، والأخوية والقرابة، وصلة الدم والعرق، وباعوا كل هذا بالإضافة إلى مبادئهم مقابل المال الذي هم ليسوا بحاجة إليه.
والله أنه ليسعدنا نحن الثابتون خلف ترسانة المقاطعة، الرابضون على ثغر من ثغور الاسلام أن نضم هؤلاء إلى البضائع التي نقاطعها، لن نسمع لهم، ولن نشاهد أعمالهم، ولن نتابع حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بل سنحظرهم عليها، ولينفعهم المال الذي تلقوه.
يا الله كم حجم الكذب والنفاق الذي كشفته هذه الحرب، والله كأنها آلة لإزالة الأقنعة عن وجوه البشر.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الحرب الاحتلال القانون الدولي
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 11 من سورة الرعد: “..إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ..”.
ذهب المفسرون الى أن التغيير في حال قوم يوقعه الله بهم يحتمل أن يكون من سيء الى حسن أو العكس، لكن السياق يفيد التغير من الحال السيء الى حال أفضل، ويعزز ذلك الآية المتشابهة مع هذه الآية: “ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” [الأنفال:53].
لذلك تعتبر هاتان الآيتان من السنن الكونية التي يجري الله الأحداث بموجبها، وتقطعان بأن أحوال الأمم والأقوام ليست أقدارا مكتوبة عليها، بل متغيرة يبدلها الله من حال الى حال، والتغيير مرتبط بتغير نواياها وسلوكاتها.
وعليه فان من يطمحون الى خروج أمتنا من واقعها الحالي المزري، ونهضتها وعودتها الى موقعها الحضاري المجيد الذي كانت عليه، وكانت خلاله في صدارة الأمم، حري بهم أن يتأملوا جيدا في مدلولات هاتين الآيتين.
مما يمكن استخلاصه الحقائق التالية:
1 – إن التعامل الإلهي مع البشر فردي حينما تتعلق المسؤولية عن سلوكاته بذاته، فيحاسبه عما فعل ولا يحمله عاقبة أفعال غيره لأنه ليس له عليه من سلطة، لكنه يحاسب المجتمعات جماعيا عندما تتعلق منتجات الأفراد بالمنتج العام للسلوكات فتصبغ المجتمع بصبغة ذلك السلوك، وتصبح تلك السمة العامة للمجتمع سواء كانت إيجابية أو سلبية مؤثرة على الأفراد وموجهة لسلوكاتهم، مثال على ذلك قوم لوط، اذ لا يعقل أن جميع الأفراد كان لديهم شذوذ جنسي، لكن عوقب الجميع عندما لم يعد الأمر مستنكرا في القيم المجتمعية الجمعية، بل ممارسة مقبولة، ولممارسيه حماية ورعاية من قبل الهيئة الحاكمة، بل وتعاقب من ينتقدها أو يضايق فاعليها (كما نشهده الآن في العالم)، وعندما لم يتصدّ المصلحون لوقفها ولم يستنكرها الصالحون، أصبحت سمة عامة تصبغ المجتمع كله، لذلك أخذ الله المجتمع كله، صالحه وفاسده بالعذاب.
2 – فاسدو المجتمع يحاولون تبرير أفعالهم بأن الله كتب عليهم الضلال، وفي هاتين الآيتين بيان مبطل لادعائهم، وتأكيد على أن ما يصيب الأقوام هو نتاج أعمالهم.
كما بين تعالى في مواضع كثيرة أن الله لا يضل إلا من اختار الضلالة بإرادته وعن سابق عزم وتصميم “سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ” [الأنعام:148].
كما بين أنه تعالى لا يأمر بالمنكر: “وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ” [الأعراف:28]، بل فعل المنكرات هو مما تزينه النفوس الأمارة بالسوء.
3- بناء على ما سبق نتوصل الى أنه لا ينبغي للمؤمنين في زمننا الكالح هذا القعود بانتظار المعجزات، ولا انتظار أن يأتينا الفرج بالاكتفاء بالدعاء، بل علينا الجد والعمل لتغيير هذا الحال الذي ما وصلنا إليه إلا لأن العلماء المصلحين انكفأوا عن أداء واجبهم في التنبيه الى سوء المنقلب، والمؤمنون الصالحون صمتوا عن شيوع المنكرات، وعلى رأسها تقبل أن يحكموا بغير ما أمر به الله، وسكتوا عندما تبين لهم أن قادتها يرفضون الحكم وفق منهج الله، واعترفوا صراحة أنهم ينبذونه ويعتبرونه أرهابا، ويتبعون منهج أعداء الأمة التاريخيين.
ان الحكم بما أنزل الله واجب شرعي، ولا يجوز للحاكم ان كان مؤمنا اتباع منهج غيره، ولا يقبل الله منه ادعاءه بأنه مسلم بمجرد إعلان ذلك طقوسيا على الراية، أوالتظاهر باتباعه من خلال المظاهر الخادعة كالسماح برفع الأذان، او تنفيذ احكام الاعدام بالسيف بدل المشنقة.
الحكم بموجب الشرع يظهر في اتباع ما أمر به الله، وأهمه معاداة من يعادي الدين ويحارب المسلمين، ونصرة إخوانهم في الدين وعدم موالاة من احتلوا ديار المسلمين ولا إلقاء السلم إليهم قبل أن يجلوا عنها.
هل عرفنا الآن لماذا غير الله نعمته التي أنعمها علينا بجعلنا خير أمم البشر، فغيرها الى الأمة الأضعف والتي سلط عليها أراذل البشر الذين كتب عليهم الذلة والمسكنة!؟.
وهل عرفنا أنه لن يزول ذلك، ولن يعيد الله حالنا الى ما كنا عليه من عزة وكرامة، بمجرد الصلاح الفردي وكثرة العبادات، بل بتغيير ما بأنفسنا كمجتمع، من هوان واستكانة لما فرضه الأعداء ووكلاؤهم علينا.