فوز كبير لكلاوديا شينباوم لتصبح أول رئيسة للمكسيك
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
فازت مرشحة اليسار الحاكم، كلاوديا شينباوم، بانتخابات الرئاسة في المكسيك بفارق كبير عن منافستها اليمينية لتصبح أول رئيسة للمكسيك، وفقا لاستطلاع آراء الناخبين الذي نقلته وسائل الإعلام.
وأظهر الاستطلاع الذي أجراه معهد "إنكول" أن شينباوم (61 عاما) حصدت 57.8% من الأصوات، متفوقة بفارق واسع على السيناتورة السابقة المنتمية إلى يمين الوسط، سوتشيتل غالفيز، التي حصلت على 29.
وجاء المرشح الوسطي خورخي ألفاريز ماينز في المرتبة الثالثة بفارق كبير، بنسبة 11.4% من الأصوات.
وأكدت استطلاعات أخرى عقب الانتخابات التي جرت أمس الأحد فوز شينباوم، رئيسة بلدية مكسيكو سيتي السابقة، بدون تقديم النسبة المحددة التي حصلت عليها.
وشهدت الانتخابات في المكسيك أعمال عنف، حيث دعي 98.3 مليون ناخب مسجل لاختيار أول رئيسة للبلاد.
وتعاني المكسيك من العنف المتفشي بسبب عصابات المخدرات، وتسجل الأمم المتحدة نحو 10 حالات قتل للنساء يوميا.
وأفادت التقارير بمقتل شخصين في هجومين استهدفا مركزَي تصويت أمس الأحد خلال عملية الاقتراع، وذلك في منطقتين بولاية بويبلا وسط البلاد، حسبما ذكر مصدر أمني محلي.
وكان المرشح للانتخابات المحلية في الولاية نفسها قد قُتل يوم الجمعة، وتلاه مقتل مرشح آخر قبل ساعات قليلة من افتتاح مراكز الاقتراع في غرب البلاد، وفقا للنيابة العامة.
وصنفت هذه الانتخابات على أنها الأكثر دموية في تاريخ المكسيك الحديث، بعد مقتل نحو 38 مرشحا في سلسلة من الاغتيالات.
وقد أثارت هذه الحوادث المخاوف بشأن التهديد الذي تشكله عصابات المخدرات على الديمقراطية في البلاد.
ودعت مرشحة المعارضة غالفيز الناخبين للخروج بلا خوف للتصويت، بينما انتظرت طويلا تحت شمس حارقة للإدلاء بصوتها.
ومن جانبها، أعربت شينباوم عن سعادتها الكبيرة بعد التصويت في جنوب العاصمة، ووصفت اليوم بأنه تاريخي.
وخلال 3 أشهر من الحملات الانتخابية، كانت مرشحة حركة التجديد الوطني (مورينا) تتقدم بانتظام على منافستها من يمين الوسط، بمتوسط 17 نقطة.
وكشفت شينباوم أنها لم تصوت لنفسها في الانتخابات الرئاسية، بل صوتت لواحدة من رواد اليسار المكسيكي، إيفيجينيا مارتينيز، تقديرا لنضالها.
واختتمت كلامها قائلة: "تحيا الديمقراطية".
وفي المكسيك، حيث تم تسجيل 98.3 مليون شخص في اللوائح الانتخابية، توفر أوراق الاقتراع صندوقا فارغا يسمح للناس بالتصويت لمرشحين غير مسجلين.
أما المرشح الثالث فقد اصطحب ابنه الصغير إلى حجرة التصويت. وبعد التصويت، قال ممثل حركة المواطنين: "ديمقراطيتنا غير كاملة (…) لكننا تقدمنا للأمام".
وفي مدن مثل كانكون (جنوب شرق) ومكسيكو، بدأت الطوابير تتشكل بمجرد فتح مراكز الاقتراع الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (14:00 بتوقيت غرينتش).
وأعربت الخبيرة السياسية آنا هيرنانديز (28 عاما) من أمام أحد المراكز في العاصمة عن تفاؤلها بأن تكون الانتخابات تاريخية من حيث نسبة المشاركة.
وبالإضافة إلى الانتخابات الرئاسية، دُعي الناخبون لتجديد الكونغرس ومجلس الشيوخ واختيار حكام في 9 من أصل 32 ولاية، وكذلك اختيار رؤساء بلديات.
وتشمل هذه الانتخابات بشكل إجمالي 20 ألف مقعد.
وأكدت شينباوم، المدعومة بشعبية الرئيس المنتهية ولايته، خلال تجمع اختتمت فيه حملتها الانتخابية في مكسيكو الأربعاء: "سندخل التاريخ".
وأضافت مخاطبة المكسيكيات اللواتي ينددن بهيمنة مجتمع ذكوري: "إنه زمن النساء والتغيير. ذلك يعني العيش من دون خوف والتحرر من العنف".
وتشير هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى أنه يُقتل في كل يوم حوالي 10 نساء في المكسيك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی المکسیک
إقرأ أيضاً:
هل يمكن لترامب تجاهل تأثير المكسيك على اقتصاد أميركا؟
على الرغم من تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تبقى المكسيك شريكا اقتصاديا لا غنى عنه للولايات المتحدة، حيث ترتبط أسواقهما وسلاسل التوريد بعلاقات تجارية وثيقة تدعم ملايين الوظائف الأميركية.
تقول الباحثة فانيسا روبيو-ماركيز في تقرير نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) البريطاني إنه في أول أسبوعين من ولايته الثانية، أصدر ترامب وابلا من الأوامر التنفيذية، مما وضع أميركا الشمالية على حافة حرب تجارية شاملة. وعلى الرغم من أن مكالمة ترامب مع نظيرته المكسيكية، الرئيسة كلاوديا شينباوم، أوقفت مؤقتا فرض رسوم جمركية كارثية بنسبة 25 بالمئة، يجب أن تستعد المكسيك لسنوات مضطربة قادمة.
وتضيف روبيو- ماركيز أن قدرة شينباوم على إيقاف الرسوم مؤقتا تُظهر أن المكسيك تمتلك موقفا تفاوضيا قويا، ولن تضطر إلى الرضوخ بالكامل لمطالب ترامب.
وأشار ترامب إلى تغيير حاد في السياسة بشأن ثلاث قضايا حدودية رئيسية، هي التجارة والهجرة وتهريب المخدرات، مما يهدد العلاقة بين الولايات المتحدة والمكسيك، شريكها التجاري الأول، كما يضع مستقبل أميركا الشمالية كثاني أكبر كتلة تجارية في العالم على المحك.
وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، تقول روبيو-ماركيز إن التحول الانعزالي الحاد لترامب وإعادة تشكيل سلاسل التوريد يقلبان النظام العالمي الراسخ، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى مشهد جيوسياسي مختلف تماما خلال العقد القادم. ومع ذلك، ستظل المكسيك عنصرا حاسما في المصالح الأميركية، وهو ما يجب أن تتذكره الحكومة المكسيكية أثناء تحديد كيفية التعامل مع ترامب.
واكتسبت العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة والمكسيك بُعدا جديدا في ظل حكم ترامب، وأصبحت تنقسم إلى مستويين متميزين.
الأول هو تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية، والتي يبدو أنه يستخدمها كأداة لانتزاع تنازلات في مجالات أخرى، مثل الهجرة وتهريب المخدرات. وينبع هذا أيضا من سوء الفهم القائل بأن العجز التجاري الأميركي مع المكسيك يُشكل "إعانة" للمكسيك، بدلا من كونه منفعة استهلاكية للمواطنين الأميركيين. أما المستوى الثاني، فهو العلاقة التجارية التقليدية، التي ستبلغ ذروتها العام المقبل مع إعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، التي كانت تُعرف سابقا باتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) .وتُظهر المكالمة الناجحة التي أجرتها شينباوم مع نظيرها الأميركي أن الحكومة المكسيكية وجدت طريقة فعالة للتواصل مع ترامب.
وبذلك، يُمكن للبلدين العمل معا لتحقيق أهدافهما المشتركة فيما يتعلق بالهجرة والمخدرات، مما يتيح تجنب الرسوم الجمركية مستقبلا. كما يجب أن تشمل هذه الشراكة قضية ثالثة ذات أهمية كبيرة للمكسيك، وهي تدفق الأسلحة عبر الحدود الجنوبية إلى داخل المكسيك، مما يمنح منظمات تهريب المخدرات قوة نارية هائلة.
والأهم من ذلك هو أن قدرة شينباوم على إيقاف الرسوم مؤقتا تُظهر أن المكسيك تمتلك موقفا تفاوضيا قويا، ولن تحتاج إلى الرضوخ بالكامل لمطالب ترامب.
وترى روبيو-ماركيز أن الخطوة الحاسمة التالية هي تقييم تهديد الرسوم بشكل صحيح. وما نوع التعاون الذي سيضمن إبقاء المكسيك خارج دائرة الرسوم؟ وكيف سيتم قياس جهود التعاون أو نجاحها؟ والعديد من الإجراءات الرامية إلى الحد من تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة قد تستغرق سنوات قبل أن تؤتي ثمارها، فكيف سيؤثر ذلك على أي قرار بإعادة فرض الرسوم؟
وتضيف أن طمأنة الحكومة الأميركية بشأن الموقف الحازم للمكسيك ضد عصابات المخدرات سيتطلب على الأرجح مستوى جديدا من تبادل المعلومات الاستخباراتية في الاتجاهين. فقد صنّف ترامب هذه الكارتلات كمنظمات إرهابية أجنبية، في حين أعلن أن حكومة المكسيك في "تحالف غير مقبول" معها.
مثل هذه الادعاءات غير المدعومة، إذا أُخذت على محمل الجد، قد تُهدد السيادة المكسيكية بعدة طرق. فقد تشمل الإجراءات الأميركية المحتملة تنفيذ ضربات خارج الحدود (سواء عبر الطائرات المسيّرة أو بوسائل أخرى)، وتجميد الأصول المكسيكية، واحتجاز مواطنين مكسيكيين، بمن فيهم مسؤولون، من خلال عمليات ميدانية غير مصرح بها أو غير منسقة.
ويجب أن تظل هذه الإجراءات خطا أحمر بالنسبة للمكسيك. ويمكن للمكسيك أن تُشير في الواقع إلى تقدم واضح في جهودها لمكافحة الهجرة غير الشرعية والقضايا الأمنية المرتبطة بالمخدرات. ففيما يخص الهجرة، أدت جهود المكسيك لتعزيز حدودها الجنوبية وزيادة عمليات اعتراض المهاجرين في أماكن أخرى إلى تحسينات ملحوظة.
ووفقا لهيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، انخفضت حالات اعتراض المهاجرين عند الحدود البرية بين الولايات المتحدة والمكسيك بأكثر من 60 بالمئة بين ديسمبر 2023 وديسمبر 2024، أي قبل تنصيب ترامب.
علاوة على ذلك، أشارت شينباوم إلى أنها ستتعاون مع جهود ترامب في عمليات الترحيل. فقد أعلنت حكومتها عن استراتيجية طموحة ومعقدة لإعادة المواطنين المُرحَّلين تحت اسم "المكسيك تحتضنك"، وتهدف إلى تقديم المساعدة القانونية، وتوفير وسائل النقل إلى الوطن والإقامة والتحويلات النقدية للمكسيكيين المرحَّلين. كما صرحت بأن المكسيك ستقبل أيضا المرحلين من دول أخرى.
وكما تم الاتفاق خلال المكالمة الرئاسية، نشرت المكسيك على الفور 10 آلاف فرد من الحرس الوطني على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
وتقول روبيو-ماركيز إنه بالإضافة إلى سياسة شينباوم الأمنية الجديدة، هناك عاملان أساسيان لتحقيق تقدم في قضية كارتلات المخدرات.
الأول هو بناء علاقة ثنائية قائمة على الثقة والشفافية، تشمل تبادلا واسع النطاق للمعلومات الاستخباراتية وزيادة عمليات تسليم أفراد الكارتلات إلى الولايات المتحدة. أما العامل الثاني، فهو اعتراف الولايات المتحدة واتخاذها إجراءات حقيقية بشأن الارتفاع الحاد في الطلب المحلي على المخدرات، وأزمة تهريب الأسلحة الجماعي من الولايات المتحدة إلى المكسيك. إذ تُشير البيانات الصادرة عن حكومتي البلدين إلى أن أكثر من 70 بالمئة من الأسلحة الموجودة في مسارح الجرائم بالمكسيك يمكن تتبع مصدرها إلى الولايات المتحدة، فيما تعبر مئات الآلاف من الأسلحة غير القانونية الحدود كل عام.وتشكل التجارة الأميركية مع المكسيك وكندا جزءا كبيرا من الوظائف في الولايات المتحدة، كما تدعم صناعات أميركية حيوية مثل السيارات والزراعة والطاقة.
وفي عالم متعدد الأقطاب، حيث تصبح التحالفات الاقتصادية والسياسية القديمة أقل استقرارا، سيكون التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة وجاريها الوحيدين أمرا حاسما للحفاظ على قوة أميركا.
وتخلص روبيو-ماركيز إلى أن على ترامب أن يتذكر هذه الحقيقة، وفي السنوات المضطربة القادمة، قد يكون على المكسيك أن تذكره بها.