طالب الحسني:

على هامش واحدة من جلسات الحوار غير المباشرة في العام 2016 بشأن الحرب على اليمن ،استخدم السفير الامريكي السابق ما ثيو تولر تهديدا يتعلق بإجراءات اقتصادية عقابية ضد المجلس السياسي الحاكم في العاصمة صنعاء ،

كان التهديد موجها لكبير المفاوضين اليمنيين ورئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبدالسلام ، لاحقا من الواقعة ،أوعزت الرياض ” لحكومة ” المنفى الاعلان عن نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وفي الواقع تم اسنساخ بنكا مركزيا جديدا بينما استمر البنك الاصيل في العاصمة ، لكن فتح هذا الاجراء خطا مضرا بالمنظومة الاقتصادية أضرت بالموظفين في كل القطاعات الحكومية .

اخترت هذه المقدمة للاشارة إلى أن الاجراءات التي أعلن عنها محافظ البنك المركزي في عدن ويتبع السعودية وتتعلق بايقاف التعامل مع 6 من البنوك والكيانات الصيرفية التي تعمل من العاصمة صنعاء، بعد رفضها لضغوط تهدف لاجبارها على نقل مراكزها الرئيسية من العاصمة صنعاء ، بالاضافة إلى اجراءات اخرى من بينها إيقاف وتبديل التعامل مع الاوراق النقدية المحلية المطبوعة قبل عام 2016 بأخرى جديدة مطبوعة حديثا ، جزء من الاستراتيجية الأمريكية التي تمارسها ضد صنعاء وهذه المرة على خلفية عملياتها العسكرية البحرية المساندة لغزة .

هناك شاهد آخر أن هذا يجري بدفع من الولايات المتحدة الأمريكية ، وهو أن الأخيرة جمدت المفاوضات اليمنية السعودية التي تجري منذ عامين وابرز الملفات التي تبحث، الملفين الاقتصادي والانساني ، وبالتالي فإن أول التدابير لنجاح هذه المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين صنعاء والرياض مرتبط بمحاولة إصلاح المنظومة الاقتصادية ، بنوك ، عملة ، مصارف ، وليس تخريبها .

توقف هذا التوجه منذ ثلاثة أشهر تقريبا بضغط من واشنطن ، ولعل من المفارقات التي تزامنت مع الاجراءات الاخيرة ( إعادة تحميس العقوبات الاقتصادية ) أن السفير الامريكي الحالي لليمن ويقيم في السعودية استيفن فاجن انتقد خارطة الطريق التي كانت طور النقاش بين الرياض وصنعاء ، واعتبرها ” تسرع ” سعودي يمنح ” الحوثيين ” الكعب العالي في مستقبل اليمن بحسب وصفه .

جرى ذلك خلال ندوة نقاشية نظمها معهد واشنطن للدراسات خصصت في مجملها للحديث عن مستقبل العملية السياسية في اليمن وعمليات البحر الاحمر والعربي التي تقوم بها القوات المسلحة اليمنية دعما لغزة .

سأورد هنا شاهد ثالث للاستدلال أن واشنطن وراء تحفيز الاجراءات العقابية قبل أن انتقل لشرح تفصيلي حول جدوائية هذه الاجراءات وتداعياتها وانعكاساتها.

هذا الشاهد مرتبط بالأوامر الارتجالية والمستعجلة وغير المدروسة التي أطلقها محافظ البنك المركزي في عدن ، اذ أن الاجراءات تضمنت منح 60يوما كمهلة للبنوك المذكورة للانتقال مركزيا للعمل من عدن ، بينما في الحالة الطبيعية تحتاج العملية لاكثر من عام في أقل الحالات تبدأ من ترتيبات البنية التحتية لتلك البنوك مرورا بسلسلة عمليات مهنية وفنية واجراءات متعددة وتنتهي بالنقل .

هذا اذا كانت البنوك قد قررت الاستجابة لطلب النقل وامكانية اتخاذ هذا القرار وفاعليته يحتاج إلى دراسة مستقلة .

بالانتقال إلى تفكيك إن كانت هذه الاجراءات مضرة ولها تداعيات مقتصرة التأثير على حكومة العاصمة صنعاء ( وهذا هو الهدف المباشر ) أم لا ؟ واذا كانت كذلك كيف سيتم التعامل معها ؟

يجب العودة إلى الاجراء الأول عندما قاموا باستهداف المنظومة المصرفية في صنعاء عبر نقل البنك المركزي بهدف ضرب قيمة النقد المحلي ونقل آليات التحكم به الى عدن وبالتالي السيطرة على الواردات وكل ما يتعلق بالنقد المحلي من خلال نقل السويفت الدولي من صنعاء الى عدن .

لقد فشل هذا الاجراء المركزي ” القاسي ” في تحقيق هدف شل الحوالات الاجنبية الى صنعاء او نقل مهمة تغطية قيمة الوارادات من العملة الاجنبية الى عدن كما كان مخطط له . ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة ابرزها :

اولا: ضعف هيمنة السويفت على التعاملات المالية والنقدية الدولية اذ أن اي بنك دولي متوسط أو كبير وله سلسة واسعة من التعاملات في عدد من الدول يستطيع أن يحل محل نظام السويفت ويدخل تعاملات اليمن من النقد الاجنبي تحت اطار عملياته او جزء منها وهذا عمليا ما حدث في اليمن ويحدث في سوريا وايران وكوريا وكل الدول التي تعرضت لعقوبات أمريكية ، بحيث تقوم هذه الدول أو بالاصح البنوك التجارية وكبار الصرافين داخلها باعتماد حسابات قوية في عدد من البنوك الاجنبية التي تملك شبكة علاقات مالية ونقدية في الدول المتعاملة مع صنعاء واذا كانت الحوالات هي ابرز مصادر النقد الاجنبي المتدفق فلنقل ان البنوك الاجنبية المناسبة بالنسبة للصرافين والبنوك التجارية في صنعاء هي البنوك التي لديها علاقات جيدة مع البنوك في السعودية ولبنان وايران وامريكا ومصر وتركيا على سبيل المثال ،

عمليا ليست مشكلة اين يكون هذا البنك ممكن ان يكون في كوريا الجنوبية او الامارات او الصين، فما دام لديه علاقات مالية مع مصارف في البلدان التي لديها علاقات تحويل نقدي باليمن فسيستطيع ان يؤمن وصول تلك الحوالات الى الصرافين في صنعاء والى البنود التجارية ايضا وبالتالي تكون صنعاء قد امنت لها شبكة حوالات نقدية خارج اطار السويفت وخارج اطار عدن وهذا ماحدث فعلا . ـ

ثانيا: وبعد ان أسفرت خطوة نقل السويفت الى عدن عن صفر مشكلات تقريبا قامت واشنطن بفرض عقوبات على بعض البنوك الدولية التي تقوم بهذه المهمة من بينها بنوك في لبنان وكوريا ولكنها ايضا فشلت ، فالخيارات والبدائل كثيرة جدا وقد ساعدت العاملين في هذا السلك على عد وضع البيض في سلة واحدة وتجزئة التعاملات وتوسيع الشبكة .

صحيح ان هذا يأتي بعواقب احيانا مثل خسارة دفعة من الكاش مرة واحدة أو ان تدفع بنوك وصرافي صنعاء عمولة تحويل اكبر لكن لكثرة من يقدمون هذه الخدمات حتى داخل الدول المعادية لصنعاء يظل الفارق مقبول جدا ـ

ثالثا: منع التعاملات مع البنوك المحلية الستة في صنعاء وقد يكون بعض هذه البنوك يعتمد على بنوك تجارية في عدن للقيام بمهمة العلاقات المالية و تتلخص بدور وسيط التحويل سيدفعها للتعويض عن ذاك بفتح علاقات مع بنوك اجنبية عبر دفع كاش محدود لتلك البنوك ،

واذا كان هناك تاثير م على الواردات بالقيمة الصغيرة فسيكون محدود وقد لا يحدث. وبالتالي هذا التحدي يمكن تجاوزه وتجاوز الارباك الذي قد يحدث في البداية ولفترة زمنية قصيرة .

هناك تحدي أمام صنعاء يتعلق بأن أحد أهداف الاجراءات التي تستهدفها مرتبط بمحاولة مصادرة النقد المحلي ، وهذا الهدف قد يتطلب أن تدخل السعودية مباشرة لمساندة حكومة المنفى عبر توفير ما يقارب 4 مليار دولار اذ أن عدن بحاجة ان توفر بالدولار ما يعادل كل قيمةما تريد سحبه من نقد صنعاء وهذا تقريبا يساوي 4 مليار دولار او اكثر .

اذا حدث ذلك فانه سيؤدي إلى ارتفاع قيمة العملة المحلية أمام الدولار في المناطق الخاضة لبنك صنعاء مع وجود مشكلة تتعلق بتقلص النقد المحلي وهي مشكلة قائمة تتطلب معالجة من بينها اللجوء إلى استخدام الباركود او الكيو ار كود وهذه من افضل الحلول ، اذا نجحت صنعاء فيه ستكون قد وجهت ضربة للطرف الآخر .

ينبغي الاشارة هنا إلى أن الدورة الاقتصادية والنشاط التجاري والتحويلات تجري حيث الثقل السكاني وحكومة صنعاء تدير حوالي 80% من سكان الجمهورية اليمنية وهذا وحدة سبب كاف لبقاء البنوك تعمل في هذا الثقل وخاصة بعد أن قرر بنك صنعاء المركزي هو الآخر إيقاف التعامل مع 13بنكا مقراتها خارج العاصمة صنعاء ، وقد تظهر مصفوفة جديدة من الاجراءات لحماية البنوك التي تعمل في صنعاء وحماية المنظومة الاقتصادية .

كان لافتا أن المجلس السياسي الاعلى في العاصمة صنعاء وقبل ذلك قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قد وجهوا تهديدا وتحذيرا للسعودية على خلفية هذه الاجراءات التي اعتبروها حربا اقتصادية ولعبا بالنار فما علاقة السعودية اذا كان ذلك سلوكا أمريكيا ؟

ككل مرة لأن الرياض ترضخ وتنفذ وتغطي وتقف لدعم ما يقوم به أدواتها المحليين أو ما يسمى ” الحكومة الشرعية ” بالاضافة لكونها لا تزال تقود التحالف العسكري منذ 2015 وتنفذ حصارا جويا وبريا وبحريا بمشاركة امريكية وبريطانية ، بمعنى أنها لم تخرج بعد من حالة قيادة الحرب والحصار على اليمن .

 

كاتب صحفي يمني

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العاصمة صنعاء البنک المرکزی النقد المحلی التعامل مع فی صنعاء اذا کان الى عدن

إقرأ أيضاً:

فوائد وطريقة استخدام عشبة كف مريم للنساء.. تحفز عملية الولادة

عشبة كف مريم من بين الأعشاب الطبيعية التي تستخدم منذ القدم في العديد من المجالات الطبية والصحية؛ إذ تتعدد فوائدها المذهلة لجسم الإنسان، لكن ما زال بعضها بحاجة لإجراء المزيد من الدراسات لتأكيدها، إذ ينصح الأطباء قبل استهلاكها لفوائدها الصحية، فما هي عشبة كف مريم؟ وما مدى صحة فوائدها؟ وهل تسبب أي أضرار للجسم؟ 

ما هي عشبة كف مريم؟ 

تعرف عشبة كف مريم بالإنجليزية Vitex أو Vitex agnus-castus، وهي شجيرة صغيرة تمتاز بأنها تحمل زهور بنفسجية اللون بالإضافة إلى ثمارها التي تسمى بـ«توت العفة»، ونظرًا لفوائد كف مريم المتعددة؛ فقد جرى استخدامها في بعض المكملات الغذائية التي تحتوي على مستخلص ثمار وبذور عشبة كف مريم، والتي تستخدم لعلاج العديد من الأمراض المتعلقة بالمرأة، بما فيها متلازمة ما قبل الطمث، واضطرابات الدورة الشهرية، وأعراض سن اليأس. 

ويقول الدكتور سيد قطب، خبير النباتات الطبية والعطرية لـ«الوطن» إنّ عشبة كف مريم من الأعشاب الشائكة جدا، فهي متعددة الأنواع ومنها النافع والضار، فهي عبارة عن نبات صحراوي ينمو في صحاري مصر؛ وكان يستخدمه البدو في عمليات تحفيز الولادة، كما تساعد على إفراز هرمون الإستروجين وتحسين مناطق الأنوثة عند النساء.

وأشار خبير النباتات الطبية والعطرية إلى أنّ عشبة كف مريم من الأعشاب التي إذا استخدمت بشكل خاطئ فقد تسبب أضررًا شديدة، كما أنها تحتاج إلى إستشارة طبيب مختص قبل إستخدامها.

فوائد نبات كف مريم

1- التقليل من أعراض ما قبل الطمث: تشكل أعراض ما قبل الطمث إزعاجًا كبيرًا لدى معظم النساء، لكن استخدام عشبة كف مريم تساعد على التخفيف من هذه الأعراض، وذلك عن طريق إعادة توازن الهرمونات في جسمك.

2- المساهمة في علاج حب الشباب: يعد عدم توازن الهرمونات واحدا من مسببات الإصابة بحب الشباب خاصة لدى النساء، ومن فوائد عشبة كف مريم للهرمونات خفض مستويات البرولاكتين والإستروجين ورفع مستويات البروجسترون. 

3- محاربة أعراض سن اليأس: إذ يساعد استخدام عشبة كف مريم في التقليل من أعراض سن اليأس، مثل القشعريرة، الهبات الساخنة، تغيرات المزاج، مشاكل النوم، وزيادة الوزن.  

4- يمكن أن تساهم عشبة كف مريم في علاج التهاب الصدر وتورم الثديين. 

أضرار عشبة كف مريم 

وهناك بعض الأعراض الجانبية التي قد تظهر نتيجة تناول هذه العشبة، والتي تشمل الآتي:

- تهيج المعدة.

- الغثيان.

- الطفح والحكة.

- صعوبة في النوم.

- زيادة الوزن.

أكد خبير النباتات الطبية والعطرية أنه لا يفضل تناول عشبة كف مريم بالنسبة للنساء الحوامل قبل استشارة الطبيب.

 

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يحقق مكاسب هائلة في سعيه لاستعادة العاصمة التي مزقتها الحرب
  • (FAA): نتابع إجراءات المطارات التي تشهد حركة مكثفة بعد حادث تصادم الطائرتين في واشنطن
  • بدء صرف مرتبات هذه الفئة في العاصمة صنعاء.. تفاصيل
  • مصر ترفض أي طرح يستهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير.. حذرت من التداعيات
  • فوائد وطريقة استخدام عشبة كف مريم للنساء.. تحفز عملية الولادة
  • صنعاء تحذر واشنطن: أي استهداف اقتصادي إعلان حرب
  • مندوب فلسطين بالأمم المتحدة يدعو واشنطن للسماح بعودة أهل غزة للأرض التي خرجوا منها 
  • صنعاء تحذر واشنطن ..! فيديو
  • صنعاء : الحوثيون يفرجون عن الناشطة سحر الخولاني
  • صنعاء.. إطلاق سراح الناشطة سحر الخولاني من سجون الحوثيين