حتى بعد مرور 100 عام على وفاته، يعتبر الكاتب التشيكي فرانز كافكا أحد أشهر أدباء اللغة الألمانية. فلماذا بقي كافكا يؤثر في الناس حتى اليوم؟ نظرة مختصرة على حياته القصيرة نسبياً وأهم أعماله وأسلوبه

التغيير:(وكالات)

ولد فرانز كافكا في براغ، عاصمة مملكة بوهيميا آنذاك، في الثالث من يوليو/ تموز عام 1883 لأسرة تنتمي إلى الأقلية اليهودية الناطقة بالألمانية، ما أدى إلى عيشه في غربة في مجتمعه.

وحتى داخل عائلته عانى كافكا طوال حياته من والده الذي كان يريد لابنه أن يصبح رجل أعمال.

لم يستطع كافكا كسب لقمة عيشه من الكتابة بمفردها، الأمر الذي دفعه للعمل في شركة تأمين من الصباح حتى الظهيرة. وبعد العمل اعتاد الترفيه عن نفسه بممارسة الأشياء التي تمنحه السعادة: ركوب الدراجة النارية، وارتياد دور السينما.

كان كافكا إنساناً يحب ممارسة الرياضة وزار مدنا مثل برلين وباريس واستمتع بمخالطة الناس. لكن علاقته بالنساء لم تكن على ما يرام واتسمت بالاضطراب.

في المساء والليل كان كافكا ينكب على كتابة المذكرات والقصص والروايات. اكتشف أفضل أصدقائه ماكس برود، الذي تعرف عليه أثناء دراسة القانون، وتعرف على موهبة كافكا الأدبية وشجعه على نشر نصوصه، بيد أن كافكا نفسه كان متشككاً في قدراته الكتابية. وفي الثالث من يونيو/ حزيران عام 1924 توفي كافكا إثر إصابته بمرض السل قبل أسابيع قليلة من عيد ميلاده الحادي والأربعين.

وقبل وفاته كان قد كلف صديقه بحرق جميع مخطوطاته بعد رحيله. ومن حسن حظنا أن ماكس برود لم يمتثل لتلك الرغبة، وإلا لما رأت رواية “المحاكمة” النور. والرواية غير المكتملة هي اليوم واحدة من أشهر كتابات كافكا. تدور أحداث العمل حول رجل يتحول إلى متهم في قضية بجرم لم يرتكبه ولا يعرف ما هو. وكما جرت العادة في كتابات كافكا، فإن نهاية الرواية ليست سعيدة.

“الكافكاوية” – أين يحظى كافكا بشعبية؟

في ألمانيا، بعض نصوص كافكا مقررات يتوجب على تلاميذ المدارس دراستها. بيد أن شعبية كافكا وصلت إلى جميع أنحاء العالم: آسيا، أفريقيا، أمريكا الشمالية، أمريكا اللاتينية، أوروبا وأستراليا.

ويشيد معظم الكتاب العالميين بكافكا، ويعتبرونه أحد أهم المؤلفين المعاصرين في القرن العشرين. وحتى أن الكاتب الكولومبي الحائز على جائزة نوبل في الأدب، غابرييل غارسيا ماركيز، الذي توفي عام 2014، قال إنه لم يعرف الإلهام إلا بعد قراءة كتاب كافكا “التحول” (أو المسخ في ترجمة أخرى).

ودخلت الصفة الألمانية “kafkaesk” في العديد من اللغات، بما في ذلك الإنكليزية والكورية والتركية والفرنسية واليابانية والروسية والإيطالية. وفي العربية تُرجمت الصفة إلى “كافكاوي” ومنها جاءت “الكافكاوية”، لتشير إلى الكابوسية والعبثية والغرائبية وما يبدو تهديداً لا نعرف أسبابه.

لكل زمان ومكان

تناول كافكا موضوعات غير مرتبطة بزمان ومكان معينين مثل البيروقراطية والشعور بثقل السلطة على حَيَوات البشر. ويتساءل الكاتب الكولومبي هيرنان د. كارو في سلسلة البودكاست “أن تكون كافكا” عما إذا كانت نصوص المؤلف الشهير مستوحاة من الأحلام، وخاصة الكوابيس.

تدور قصص كافكا في الغالب حول التجارب الإنسانية وتصور بشكل شعري الشعور بالضياع والوحدة والعجز في هذا العالم. المشاعر الآنفة الذكر تخص كل البشر وغير مقتصرة على عرق أو دين أو دولة بعينها. وهي مستقلة بالكامل عن السياقات الثقافية أو الهياكل السياسية. ولذلك، فإن كافكا يُقرأ ويُفهم في جميع القارات.

ويوضح هيرنان د. كارو أن لغة كافكا الواضحة والمفهومة تجعل ترجمته إلى لغات أخرى في متناول اليد. وأعطى كافكا جميع المؤلفين الذين جاءوا من بعده هدية عظيمة لا تقدر بثمن: تعليمهم كيفية الكتابة عن أغرب الأشياء كما لو كانت أكثر الأشياء طبيعية في العالم. في الواقع، عُرِف كافكا، الذي تم حظر كتبه وإحراقها خلال الحكم النازي، وطالت شهرته الآفاق في خارج ألمانيا قبل تحوله اسمه لأيقونة أدبية في ألمانيا.

تحول” كافكا نفسه

وصلت شهرة كافكا إلى جيل اليوم، جيل وسائل التواصل الاجتماعي. وتتردد أسماء رواياته وطقوسها وأبطالها وخاصة غريغورر سامسا “الحشرة” في رواية “التحول” (أو المسخ أو الانمساخ في ترجمات أخرى). كما يقتبس البعض على تيك توك مقاطع من كتاباته. يجذب كافكا الشباب؛ لأنهم يدخلون في صراع مع السلطات، ويشعرون أحياناً بالضياع كما شعر المؤلف ذات يوم.

ومع ذلك، فإن معظم ما يدور حول كافكا على تيك توك ليس له علاقة بالكاتب التشيكي إلا بالاسم؛ إذ إنها تعود إلى شخصية من لعبة الفيديو الصينية “Honkai:Star Rail”. وهكذا وصل الكاتب بشكل غير متوقع وغرائبي كحال أبطال رواياته إلى الثقافة الشعبية: تحول أو “مسخ” إلى شخصية رسوم متحركة أنثوية ذات شعر أرجواني، وترتدي نظارات شمسية وسراويل مثيرة.

أعده للعربية: خالد سلامة

نقلاً عن DW عربية

الوسومأدب فرانز كافكا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أدب

إقرأ أيضاً:

صديق العمر.. عبد الرحيم علي يُودع الكاتب الكبير مصطفى بيومي (فيديو)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شيعت أسرة الكاتب والناقد الكبير مصطفى بيومي؛ جثمانة إلى المثوى الأخير بعد أداء صلاة الجنازة عقب صلاة الظهر من مسجد الحصري بمدينة السادس من أكتوبر. 
وحضرت أسرة “بيومي” وأصدقاؤه وزملاؤه وتلاميذه لأداء صلاة الجنازة على الكاتب الصحفي الكبير مصطفى بيومي؛ وكان على رأس الحضور الدكتور عبدالرحيم على رئيس مجلس إدارة وتحرير البوابة نيوز والصديق المقرب للدكتور الراحل مصطفى بيومي. 
وأعلنت أسرة الدكتور مصطفى بيومي رحيله؛ أمس الأحد بعد صراع طويل مع المرض؛ ومن المقرر أن يتم دفن الجثمان بمسقط رأسه بقرية صندفا بمركز بني مزار بمحافظة المنيا. 
 

 

 

مقالات مشابهة

  • لحظة وصول عبد الرحيم علي عزاء الكاتب الصحفي مصطفى بيومي
  • بدء عزاء الكاتب والروائي الكبير مصطفى بيومي
  • الأصالة والمعاصرة يشيد بالمنجزات "الاقتصادية" للحكومة ويدعو لتعزيز التواصل مع المواطنين
  • في رحيل الجنرال الذي أغتالته “إسرائيل” 100 مرة!!
  • رئيس شعبة الذهب: تصريحات ترامب تغير بوصلة الأسعار العالمية
  • مكتبة الإسكندرية تنعى الكاتب محمد جبريل
  • الكاتب محمد قراطاس: الشعر أكثر كرمًا وإيثارًا من جميع أنواع الكتابات الأدبية
  • صديق العمر.. عبد الرحيم علي يُودع الكاتب الكبير مصطفى بيومي (فيديو)
  • تشييع جنازة الكاتب الراحل مصطفى بيومي من مسجد الحصري.. صور
  • موعد ومكان جنازة الكاتب الصحفي مصطفى بيومي