الريفيون في الجزيرة التهجير القسري يطيح بحياتهم
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
منذ العقد الأخير في الثلث الأول من القرن الماضي بدأت منطقة الجزيرة في السودان ما بين النيلين الأبيض والأزرق , تشهد أكبر عملية استقرار للمواطنين وباتت منطقة جذب رئيسة لمئات الآلاف من الباحثين عن سبل الحياة من مختلف أنحاء السودان بل من خارجه مثل بعض المجموعات من غرب إفريقيا واليمن ومصر والشام , ارتبط ذلك بتأسيس مشروع الجزيرة الزراعي ؛ والذي بدأ في انتاج محصول القطن في مثل هذه الأوقات قبل مائة سنة بمساحة30ألف فدان تقريبا , صارت تزداد حتى بلغت مساحته الآن نحو 2مليون فدان بتركيبة محصولية متنوعة .
تقرير _ خالد فضل
وشكل القطن العمود الفقري للإقتصاد السوداني حتى نهاية عقد الثملنينات وبداية التسعينات من القرن المنصرم . وتبلغ مساحة ولاية الجزيرة نحو 27,5 ألف كلم , بعدد سكان 5 مليون نسمة تقريبا .
تشكل الزراعة وتربية الماشية المهن الرئيسة لغالبية المستقرين في المشروع , فيما يتوزع الآلاف من أبنائهم على مهن مختلفة ومناطق متعددة داخل وخارج البلاد , وبإندلاع القتال في الخرطوم بين قوات الجيش بقيادة الفريق أول البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه في المجلس السيادي الإنتقالي محمد حمدان المشهور بحميدتي في 15 أبريل 2023م نزح بضعة ملايين من الفارين من القتال إلى ولاية الجزيرة , وتوزعوا على محلياتها المختلفة فيما لاذ مئات الآلاف بمدينة ود مدني واتخذوها مقرا لإستئناف حياتهم الجديدة , وبدأت بعض المنظمات الإنسانية الدولية عمليات إغاثة للمحتاجين وعلى رأسها برنامج الغذاء العالمي الذي أوصل دفعات من المساعدات الغذائية لمعظم المحليات والوحدات الإدارية , قبل أن تسيطر قوات الدعم السريع على مدينة ودمدني في منتصف ديسمبر2023م.
وبحسب بيان صادر عن البرنامج فإن هذه القوات قد نهبت مستودعاته التي كانت تحتوي على حوالي 2500 طن من البقوليات والزيوت النباتية والذرة الرفيعة والمكملات الغذائية وهي مواد منقذة لحياة الكثيرين بحسب البيان , وحينها قال مايكل دانفورد المدير الإقليمي للبرنامج في منطقة شرق إفريقيا (سلب الشعب السوداني اليائس بالفعل والذي يفر من وجه القتال من مساعدات ضرورية كان بحاجة إليها وهذا أمر لا يطاق ويجب أن يتوقف ) في الواقع لم يتوقف القتال , بل تمددت رقعته بانفتاح قوات الدعم السريع على القرى في محليات شمال وجنوب الجزيرة وبعض مناطق غربها وشرقها , وهي مناطق ذات كثافة سكانية عالية وتتوزع مئات القرى في كل منها . وهي القرى التي شهدت أكبر وأوسع موجات من النزوح والتهجير القسري إثر الإنتهاكات الجسيمة على الأرض التي مارستها وما تزال قوات الدعم السريع من قتل وترويع ونهب مصحوبا بعمليات القصف الجوي التي يشنها سلاح الطيران ويروح ضحيتها سكان القرى في معظم الأحيان , وقد أدى القصف العشوائي إلى استشهاد 3 مواطنين مؤخرا في قرية بيكة غرب ودمدني بحسب بيان لجان مقاومة المدينة .
يقول المواطن (ع. أ.) من قرية قريبة من مدينة الحوش , _ الرمز بالحروف وعدم ذكر أسماء القرى ناجم من الحرص على سلامة المتحدثين إذ ما تزال قوات الدعم السريع تسيطر على تلك المناطق، كما أن النازحين إلى أماكن سيطرة الجيش يواجهون عسف الاستخبارات العسكرية _ هولاء جوعى يائسين إنهم ينهبون كل شئ السيارات النقود والهواتف والمحاصيل الزراعية إلى السكر والشاي , كما يقومون بضرب الناس وقد كسروا يد إحدى الشابات في القرية .
في حين قال المواطن (م. ه.) وهو من قرية متاخمة لولاية سنار نزح منها بعائلته ؛ نعم لقد نهبوا حتى أواني المطبخ , والأجهزة الكهربائية , واستدرك , هناك بعض أبناء المنطقة من ضمن القوات المهاجمة , وهناك قرى لم تتعرض للترويع والنهب لأن بعض شبابها التحقوا بالدعم السريع وأقاموا ارتكازات لحماية أهلهم تحت مظلته .
فيما بدا المعلم ( ع. أ.) يائسا وهو يتحدث بغضب , ( لا يوجد جيش) نحن تحت رحمة عصابات مجرمة ولا أحد ينقذنا، أما المواطنة (ه. ف.) فقد رفعت شكواها إلى الله فهو وحده من يجوز اللجؤ إليه على حد قولها .
وفيما توفي بعض النازحين /ات من كبار السن أثناء هجرتهم القسرية مع ذويهم، توفيت سيدة شابة على مشارف قرية تبعد كيلومترات قليلة عن الحوش، وتم دفنها هناك مخلفة أطفالها الأيتام.
في هذه الأثناء يغيب أي أفق للوصول إلى هدنة إنسانية تساعد في وصول المعونات الإنسانية الضرورية لعشرات الملايين من السودانيين الذين يحتاجونها خاصة مع قرب موعد هطول الأمطار في معظم أنحاء البلاد، كما قطع نائب رئيس المجلس السيادي، ومساعد القائد العام للجيش قطعا أي بارقة أمل في الذهاب للتفاوض عبر منبر جدة، وقال مالك عقار إنهم لن يذهبوا إلى جدة إلا وهم رفات بعد قتلهم، ليضيف ياسر العطا : تمام سعادتك والجيش جاهز ,؛ حسبما نشرته وسائل الإعلام، في وقت قال فيه د. أمين حسن عمر مستشار الرئيس السابق عمر البشير في حوار مع عربي21 إنّ التيار الاسلامي العريض مؤهل لحكم السودان بعد انتهاء الحرب، وأنهم سيواصلون جهادهم ضد المليشيا المتمردة حتى لو طالت الحرب لمدة 10سنوات .
الوسومإنتهاكات الجزيرة الجيش الحوش الدعم السريع تهجير قرى نازحين
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إنتهاكات الجزيرة الجيش الحوش الدعم السريع تهجير قرى نازحين
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يقترب من القصر الرئاسي وسط انسحابات مستمرة لقوات الدعـ ـم السريع
في وقت تقترب المعارك من القصر الرئاسي وسط العاصمة السودانية الخرطوم، بعد عبور الجيش نهر النيل الأزرق والوصول إلى مقر القيادة العامة للجيش، الجمعة الماضية، ومن ثم محاولة الانفتاح غرباً نحو منطقة السوق العربي والمؤسسات والوزارات السيادية، سيطرت قوات الجيش على عدد من المواقع المهمة والاستراتيجية في مدينة الخرطوم بحري مع تراجع كبير لقوات الدعم السريع.
وقال مصدر ميداني لـ«القدس العربي» إن القوات التي وصلت القيادة العامة للجيش استطاعت التقدم غرباً وتحييد العديد من البنايات العالية المطلة على شارع المك نمر عن طريق شارع الجامعة وعدد من الشوارع الفرعية الأخرى، مشيراً إلى استعادة الجيش أمس الأول مباني الشرطة الأمنية القريبة من المركز الثقافي الفرنسي في قلب المدينة.
ومنذ اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل/ نيسان عام 2023، فرضت قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي» سيطرتها على القصر الرئاسي والوزارات والمؤسسات السيادية المحاذية للضفة الجنوبية للنيل الأزرق بعد مواجهات دامية استمرت لأسابيع في محيطه. وتفيد المتابعات إلى تعرض القصر الجمهوري الذي شهد ميلاد الدولة الحديثة في السودان إلى عملية تدمير واسعة بسبب الحرب.
ويتقدم الجيش نحو القصر الرئاسي من محورين رئيسين، غرباً من منطقة المقرن وشرقاً من القيادة العامة، بينما لا تزال القوات القادمة من الناحية الجنوبية تجاه سلاح المدرعات بعيدة مقارنة بالقوات في المحاور أعلاه والتي لا تفصلها سوى بضعة كيلومترات عن موقع القصر في وسط الخرطوم.
الجيش يتوسع في الخرطوم بحري ويتسلم مواقع مهمة
وإلى ذلك، يتوقع مراقبون وخبراء عسكريون أن يكون تحرير القصر الرئاسي بالنسبة للجيش معركة فاصلة في عموم ولاية الخرطوم، ويأتي ذلك في وقت دفعت قوات حميدتي بمزيد من التعزيزات لمنطقة وسط المدينة التي تمتاز بالبنايات العالية والحصينة.
وفي السياق، قال الخبير العسكري معتصم عبدالقادر لـ»القدس العربي»، إن أغلب المعارك التي خاضها الجيش السوداني في وسط البلاد والعاصمة الخرطوم منذ سبتمبر/ أيلول الماضي اتسمت بعدم وجود مواجهات مباشرة من قبل الدعم السريع. وأضاف: «السمة الغالبة لطريقة قتال قوات الدعم هي الهروب ومحاولة الالتفاف، ولكن عندما صار الجيش يقطع سبل الالتفاف صارت تلك القوات تتفادى الاشتباكات وتفضل إخلاء المواقع تحت ضغط الطيران والمدفعية».
وقال عبدالقادر إن ولاية الخرطوم خالية من الدعم السريع بما فيها القصر الجمهوري، ولكن الوصول إلى هذه المناطق يتطلب الاستطلاع والاستخبار والتمشيط والتطهير قبل الانتشار في مثل هذه المواقع وهذا ما يجري الآن حد قوله.
ميدانياً، وفي الخرطوم بحري، ثالث مدن العاصمة، أفاد مصدر عسكري لـ»القدس العربي» بأن الجيش فرض سيطرته أمس على مجمع الزرقاء للتصنيع الحربي وأبراج الشرطة ومستشفى البراحة في حي شمبات ووحدة الطبية التابعة للدعم السريع إلى جانب تحرير جامعة الزعيم الأزهري ومبنى وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم، بينما تراجعت قوات حميدتي إلى الأحياء القديمة في وسط المدينة «حلة حمد وخوجلي والدناقلة».
ولفت المصدر إلى وصول الجيش المتقدم من منطقة الحلفايا إلى سلاح الإشارة عن طريق شارع الإنقاذ جعل قوات الدعم السريع في تلك المناطق محاصرة من كافة الاتجاهات وليس لها مخرج سوى الهروب عن طريق جسر المك نمر إلى الخرطوم أو عبور نهر النيل نحو جزيرة توتي وهي في كلتا الحالتين مغامرة صعبة كما يقول نسبة لانتشار الجيش بالقرب من تلك الأماكن ومع التحليق المستمر للطيران الحربي والمسيرات. بالتزامن، دخلت منطقة شرق النيل في الاتجاه الشرقي للعاصمة إلى دائرة المواجهات العسكرية بعد محاولة الجيش التقدم الحذر نحو حي كافوري ووصول تعزيزات عسكرية من منطقة البطانة إلى بعض المناطق الطرفية في الناحية الجنوبية الشرقية مع وجود قوات ضخمة أخرى بمعسكر حطاب ومصفاة الجيلي أقصى شمال الخرطوم.
يقول الخبير العسكري، معتصم عبدالقادر، إن خطة الجيش الهجومية في العاصمة الخرطوم بدأت منذ نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي بعبور الكباري والجسور من أم درمان إلى مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري، بالإضافة إلى تكثيف الوجود العسكري البشري والتسليحي للقوات في مناطق الكدرو وحطاب والمقرن.
وأوضح أن الجيش ركز على الانفتاح شمالاً نحو منطقة الجيلي والمصفاة وجنوباً تجاه سلاح الإشارة والقيادة ونجح في إعادة السيطرة على تلك المناطق مما يسهل عليه في الانطلاق في الفترة القادمة لتعزيز محاور المقرن والمدرعات وشرق النيل.
ووفقاً لعبدالقادر، نصب الجيش أيضاً كماشة تطويقية على الدعم السريع عبر قواته في محور العيلفون وحطاب والمحاور الأخرى ما يضعها في طوق محكم داخل ولاية الخرطوم وطوق أوسع وأحكم من ولايات نهر النيل والجزيرة والنيل الأبيض والقضارف، مؤكداً بأن كل هذه المحاور مفتوحة على خطوط الإمداد من الشمال والشرق وأم درمان.
وبين أن الجيش في هذه المرحلة يمارس عمليات تمشيط لأحياء العاصمة المختلفة كما يتأهب لمواجهة بقايا الدعم السريع في قرى شمال ولاية الجزيرة، مشيراً إلى أن الجيش سوف ينتقل بعدها إلى مرحلة أخرى وهي القضاء على جيوب الدعم السريع في ولايات كردفان والزحف نحو ولايات دارفور غربي البلاد.
في سياق متصل، أكدت مصادر محلية ومصدر عسكري انسحاب أعداد كبيرة من عناصر الدعم السريع من أحياء شرق النيل وبعض المناطق الأخرى في الخرطوم وعبورهم جسر خزان جبل أولياء مع عائلتهم وبعض المنهوبات نحو أم درمان ومن ثم إلى دارفور.
واعتبرت تراجع الدعم السريع إلى دارفور هروباً إلى حواضنه الاجتماعية وليس انسحاباً تكتيكياً مدروساً من أجل استعادة قوتها وبذلك زادت من حصار نفسها خصوصاً بعد ترك أسلحتها ومعداتها وذخائرها بالخرطوم.
وتوقع أن تكون المعارك في دارفور أكثر سهولة من حرب المدن في الخرطوم وغيرها التي اتسمت بالالتفافات والقنص بينما مناطق دارفور مكشوفة مما يسهل العمليات الجوية التي يتفوق فيها الجيش السوداني. وعزز الحديث عن انسحاب أعداد مقدرة من الدعم السريع نحو إقليم دارفور من مخاوف بعض المراقبين من أن تنخرط تلك القوات في مهاجمة مدينة الفاشر، لكن يرى عبدالقادر أن انتصارات الجيش في وسط البلاد والخرطوم خفف العبء على الطيران الحربي مما جعل الجهود تتوجه إلى مناطق دارفور وكردفان، مشيراً إلى الخسائر الفادحة التي تسببت بها مقاتلات الجيش لقوات الدعم السريع المتجمعة، أمس الأول حول «خزان قولو» وهو مصدر مياه الفاشر.
وأضاف قائلاً: «الروح المعنوية المنهارة لقواعد الدعم السريع وتخلي القيادات الميدانية والعليا عنهم لن تترك لهم مجالاً أو رغبة في العودة للقتال وإنما سيفضلون الالتجاء لحواضنهم الخلوية أو دول الجوار».