حظي المقترح الذي طرحه، السبت، الرئيس الأميركي، جو بايدن، لوقف إطلاق النار في غزة، باهتمام كبير إعلاميا وسياسيا، إذ يؤدي في حال موافقة إسرائيل وحماس على تنفيذه إلى وضع حد للحرب المستمرة منذ نحو ثمانية أشهر.

وحث الرئيس الأميركي كلا من القادة في إسرائيل وحماس على الموافقة على المقترح الذي قال إنه مقترح إسرائيلي.

لكن ما عرضه بايدن لم يشر إلى مستقبل حركة حماس ضمن مشهد "اليوم التالي للحرب"، إذ "يبدو"، وفقا لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية "أنه يترك حماس في السلطة في غزة، بل يمكن أن يؤدي إلى استفادتها حتى من إعادة الإعمار"، وفق الصحيفة. 

وردا على ما عرضه بايدن، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في بيان، السبت، أن شروط إسرائيل "لم تتغير لإنهاء الحرب، وهي: تدمير قدرات حماس العسكرية والحكومية، وإطلاق سراح جميع المختطفين، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا لإسرائيل".

ولطالما أكد نتانياهو، ولا يزال، على أن الهدف من الحرب، التي أودت حتى الآن بأكثر من 36 ألف فلسطيني، "استعادة الرهائن والقضاء على حركة حماس" المسؤولة عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي خلال هجوم السابع من أكتوبر الماضي.

السؤال المطروح الآن، كيف يمكن الاتفاق مع حماس والقضاء عليها في نفس الوقت؟

المحلل السياسي الأميركي، باولو فان شيراك، يرى أن مفهوم "القضاء على حماس" يختلف تفسيره لدى واشنطن وإسرائيل بل حتى داخل إسرائيل.

وفي اتصال مع موقع "الحرة"، قال شيراك إن "عدم قدرة المجموعة على الإضرار بمصالح إسرائيل قد يُعدّ تقييدا لها أو قضاء على قدراتها".

وتابع "عدم قدرتها يؤدي حتما لعدم إمكانية عودتها للساحة السياسية مجددا".

وأوضح شيراك أنه، بينما كان هدف إسرائيل هو القضاء على حماس، كان هدف الأخيرة البقاء، مشيرا إلى أن الطرفين الآن، بصدد محاولة تحقيق أفضل ما يمكن تحقيقه بعد حرب منهكة لكليهما.

وقال إن حماس الآن أضعف منها في بداية الحرب، "لكن يجب الاعتراف بأنها لم تنته بعد"، مؤكدا أن إسرائيل "يبدو أنها فهمت بأن القضاء على حركة تملك عشرات الآلاف من المقاتلين بين أكثر من مليون مدني أمر صعب".

من ناحيتها، نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن القناة 12، أن مسؤولين غربيين أخبروا إسرائيل الأسبوع الماضي أنه يجب عليها اختبار رد زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، على اقتراح وقف إطلاق نار طويل الأمد، وإعادة إعمار غزة، وآلية حكم للقطاع لا تشمل الحركة، والتوصل إلى اتفاق أوسع، يشمل نفي قادتها إلى الخارج.

وقال بايدن في الخطاب الذي ألقاه، السبت، معلنا عن المقترح، إن إسرائيل "دمرت قوات حماس على مدى الأشهر الثمانية الماضية"، مضيفا "في هذه المرحلة، لم تعد حماس قادرة على تنفيذ هجوم آخر مثل هجوم السابع من أكتوبر".

والأحد قال متحدث باسم البيت الأبيض إنه إذا قبلت حماس بخطة الهدنة، فإنه يتوقع أن تحذو إسرائيل حذوها.

"إيجابيّة"

وصرّح مستشار اتصالات الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي لمحطة "إيه بي سي" الإخبارية "هذا مقترح إسرائيلي. لدينا كل التوقعات أنه إذا وافقت حماس على المقترح، كما نقل إليها، وهو مقترح إسرائيلي، فإن إسرائيل ستقول نعم".

وأضاف في البرنامج الحواري "هذا الأسبوع" إن الاتفاق الإطار تم نقله إلى حماس مساء، الخميس، بتوقيت واشنطن.. نحن ننتظر ردا رسميا من حماس".

من جهتها، أعلنت حركة حماس في رد فعلها الأولي أنها "تنظر بإيجابية" إلى الخطة المقترحة، وفق وكالة فرانس برس.

حماس تفاوض على بقائها

وفي بيانه السبت، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن "الحكومة الإسرائيلية موحدة في الرغبة في إعادة رهائننا في أسرع وقت ممكن، وتعمل على تحقيق هذا الهدف".

وأضاف "لذلك كلف رئيس الوزراء الفريق المفاوض بتقديم الخطوط العريضة لتحقيق هذا الهدف، مع إصراره على أن الحرب لن تنتهي إلا بعد تحقيق جميع أهدافها، بما في ذلك عودة جميع الرهائن لدينا والقضاء على قوات حماس العسكرية والحكومية". 

وأضاف أن "المخطط الدقيق الذي تقترحه إسرائيل، بما في ذلك الانتقال المشروط من مرحلة إلى أخرى، يسمح لإسرائيل بالحفاظ على هذه المبادئ".

ولم يوضح مكتب نتانياهو ما إذا كان اقتراحه هو نفس الاقتراح الذي تحدث عنه بايدن خلال خطابه، ولم يشر مباشرة إلى خطاب بايدن على الإطلاق.

وأعرب المحلل السياسي الأميركي باولو فان شيراك، أن الحكومة الإسرائيلية لا تود التنازل عن هدف القضاء على حماس، لكنه أكد في المقابل بأن حماس لا يمكن أن تفاوض لنهاية تؤدي إلى فقدان سيطرتها على القطاع، وقال "حماس تفاوض على بقائها".

شيراك لفت في سياق حديثه إلى أن إسرائيل تحاول الظفر بأي شيء كثمرة لعملياتها العسكرية وهو استعادة الرهائن كما تمليه الخطة المعلن عنها "القضاء على حماس سيأتي وفقها في مرحلة ما من خلال هذه الحرب أو ضمن المفاوضات".

وتساءل عن جدية هدف القضاء على حماس والتفاوض معها ولو بطريقة غير مباشرة.

وقال إن "الأهداف لدى حماس وإسرائيل مختلفة، كل له أجندته.. أعتقد أن كلاهما بصدد لعب جميع أوراقه". 

وتابع "أقولها مرة أخرى.. تحجيم قدرة حماس ممكن، لكن القضاء عليها أمر صعب، إسرائيل وواشنطن تعلمان ذلك جيدا".

"لن نسمح لها بالاستمرار"

والأحد قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إنه في نفس الوقت الذي تتواصل فيه الأعمال العسكرية الحالية، فإن المؤسسة الأمنية تقوم "بإعداد البديل السلطوي (الحكومي) لحماس".

وأضاف بعد تقييم للأوضاع أجراه في مقر القيادة الجنوبية، أن "العملية في رفح تتقدم فوق وتحت الأرض"، مضيفا أن القوات الإسرائيلية تقاتل بتصميم كبير وتدمر ما وصفه بـ"أنبوب الأكسجين" الذي يربط قطاع غزة بمصر.

وتابع قائلا "نحن نخنق حركة حماس ولا نسمح لها بالاستمرار في الوجود، ولن يكون لديها القدرة على إعادة التسليح، وعندما نعزل المناطق، سنخرج حماس منها وندخل إليها قوات أخرى، مما سيمكن من تشكيل حكم آخر يهدد حماس".

هذا التصريح "لا يتناقض مع السعي لهدنة مع الحركة الفلسطينية"، في نظر المحلل الأميركي، الذي يرى أنه في الوقت الذي تريد فيه إسرائيل الظفر باتفاق ينهي معاناة المخطوفين، تسعى حماس لربح الوقت لإعادة ترتيب صفوفها ولو أنها تعلم أن الهدف النهائي لإسرائيل هو القضاء عليها.

وقال "نعم يمكنك التفاوض مع حماس وأنت تريد نهايتها، التفاوض غير المباشر لا يعني الاعتراف بها كممثل شرعي للفلسطينيين".

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، أشار إلى أن العمل العسكري والقدرة على تغيير الحكم سيؤديان إلى تحقيق هدفين من أهداف هذه الحرب، إسقاط حكم حماس وقوتها العسكرية وإعادة الرهائن.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: القضاء على حماس حرکة حماس حماس على حماس فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

وول ستريت جورنال: إسرائيل لم تحقق هدف تدمير حماس

قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن وقف إطلاق النار الهش في غزة بدأ دون أن تحقق إسرائيل هدفها الرئيسي في الحرب بتدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعد أنصاره اليمينيين المحبطين بأنه سيحقق النصر الكامل الموعود لاحقا.

وذكّرت الصحيفة -في تقرير بقلم ماركوس ووكر- بأن حماس تدعي الفوز رغم خسائرها الفادحة، وتستعرض مقاتليها في شوارع غزة، لأنها حققت هدفها المتمثل في البقاء على قيد الحياة بعد الهجوم، ولكن المكاسب الإستراتيجية كلها من 15 شهرا من الحرب في الشرق الأوسط تقريبا لصالح إسرائيل.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: هذه سيناريوهات ما ستؤول إليه هدنة غزةlist 2 of 2كاتب روسي: هذه دلالات الاتفاق الإستراتيجي بين روسيا وإيرانend of list

ورأت الصحيفة أن إسرائيل خرجت من الحرب وهي أقوى، بعد أن نجحت في تقليص حجم العديد من خصومها رغم أنهم ما زالوا يشكلون تهديدا، وأوضحت أن توجيه ضربات ثقيلة لخصوم إسرائيل يعد إنجازا بالنسبة للإسرائيليين وتعويضا لعزلتهم الدبلوماسية، في عالم مروع من حجم الدمار في غزة.

الحرب لم تنته

ولكن الحرب لم تنته بعد -حسب الصحيفة- لأن نتنياهو، الذي يتعرض لانتقادات من شركاء الائتلاف اليمينيين المتطرفين، ما زال يؤكد أن إسرائيل يمكنها استئناف القتال بعد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، ولأن تبادل الاتهامات بين إسرائيل وحماس بشأن التراجع عن تفاصيل الاتفاق بدأ حتى قبل عودة أول المحتجزين إلى ديارهم من غزة.

إعلان

وقد كانت الحكومة الإسرائيلية والجيش يتبادلان اللوم منذ أشهر على الفشل في القضاء على حماس، إذ يشكو كبار قادة الجيش من عدم وجود خطة لجلب سلطة بديلة لإدارة غزة والضغط على حماس، مما يضيع جهود إسرائيل في ساحة المعركة، وفي كل مرة يأمر نتنياهو الجيش بإنهاء مهمة تدمير حماس، زاعما أن الخطط السياسية مسألة وقت لاحق.

غير أن الكثير يتوقف على الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي تشمل أولوياته في الشرق الأوسط تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وهل سيواصل الضغط لإنهاء القتال، ولكن الهدنة في غزة مثل وقف إطلاق النار الهش في لبنان، قد تؤدي إلى سنوات من الصراع على مستوى أدنى، ولكن ليس إلى السلام.

وقالت وول ستريت جورنال إن حماس خسرت الآلاف من المقاتلين ومعظم كبار قادتها، ولكنها وجدت الكثير من المجندين الجدد بين الشباب في غزة، واستطاعت قتل العشرات من الجنود الإسرائيليين، قال يولي إدلشتاين، وهو عضو بارز في حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو "تعرضت حماس في غزة لضربة شديدة ولكنها لم تنكسر".

ولم تأت الهزيمة الحقيقية لحماس وسط أنقاض قطاع غزة، ولكن على جبهات إسرائيل الأخرى، حيث عانى حلفاؤها في محور المقاومة الإيراني من سلسلة من النكسات، حيث تضرر حزب الله بشدة عندما دمرت إسرائيل، مستفيدة من سنوات من العمل الاستخباراتي، الكثير من قياداته وترسانته من الصواريخ، كما دمرت الطائرات الإسرائيلية الكثير من الدفاعات الجوية الإيرانية.

الضفة الغربية جبهة قادمة

ومع ذلك تظل حماس -حسب الصحيفة- حركة ذات جذور عميقة ودعم مستمر في مجتمع غزة، وسيعزز اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن مئات النشطاء الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية مكانتها، حتى لو تم استبعادها رسميا من أي حكومة محلية في المستقبل.

غير أن حركة فتح العلمانية المنافس الرئيسي لحماس، ملطخة بسنوات من الفساد والاستبداد والتعاون مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك "يبدو الفلسطينيون في وضع متأرجح بين قيادة تمثل الشلل من جهة وقيادة تمثل الدمار من جهة أخرى"، كما يقول حسين إبيش، من معهد دول الخليج العربية، وهو مركز أبحاث في واشنطن.

إعلان

وفي الأسابيع الأخيرة، شنت السلطة الفلسطينية، من أجل إقناع الولايات المتحدة وإسرائيل أنها يجب أن تشارك في حكم غزة، معركة ضد المسلحين في مخيم جنين للاجئين، ولم تحقق قوات قواتها التي فقدت شعبيتها على نحو متزايد، سوى ترسيخ صورتها كمساعد لقوات أمن إسرائيل.

وخلصت الصحيفة إلى أن الضفة الغربية هي المكان الذي قد يغلي فيه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مستقبلا، خاصة أن العنف المتزايد من قبل المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين يزعزع استقرار هناك، قال مايكل ميلشتاين، رئيس الشؤون الفلسطينية السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إنه "من المؤسف أن الضفة الغربية ستكون الجبهة الجديدة".

مقالات مشابهة

  • اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة معلّق بخيط رفيع
  • ما الذي تحقق من أهداف نتنياهو بعد 15 شهرا من الحرب؟
  • سموتريتش: استبدال القيادة العسكرية العليا تمهيدا لاستئناف الحرب الفترة المقبلة
  • حماس تؤكد أن غزة ستنهض من جديد رغم الدمار الذي خلفته الحرب الصهيونية
  • حماس : غزة ستنهض من جديد رغم الدمار الذي خلفته الحرب الصهيونية
  • كيف نجت حماس من عام الحرب ضد إسرائيل؟
  • مستقبل حماس بعد الحرب.. هذا ما لا يمكن تجاهله
  • ​صحيفة: "مستقبل حماس" يتحول إلى هاجس في إسرائيل
  • WSJ: إسرائيل لم تحقق هدفها الرئيس من الحرب.. لا تهديد لمكانة حماس في غزة
  • وول ستريت جورنال: إسرائيل لم تحقق هدف تدمير حماس