قرار إدانة ترامب والانتخابات المقبلة
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
أصبح دونالد ترامب أول رئيس أمريكي يُدان بارتكاب جناية. في قرار تاريخي، إذ وجدت هيئة محلفين في محكمة مانهاتن المكونة من 12 محلفا أن الرئيس السابق مذنب في جميع التهم الـ34 المتعلقة بتزوير سجلات في محاولة لإخفاء مبلغ مالي تم دفعه للممثلة السينمائية الإباحية ستورمي دانيلز، قبل انتخابات عام 2016. بدوره وصف ترامب الحكم بأنه «عار» وأن هذه «محاكمة مزورة»، مؤكداً براءته من التهم المنسوبة إليه، وأنه «سيواصل القتال حتى النهاية».
لقد حظي الرئيس السابق دونالد ترامب عدة مرات بلقب أول، أو أكثر. فهو أول رئيس أمريكي في تاريخ الولايات المتحدة يتعرض لمحاكمتين لعزله، وهو أكثر رئيس رفعت دعاوى قضائية ضده، وهو أيضا أول مرشح لحزب كبير – المرشح الرئاسي الجمهوري لانتخابات عام 2024 – يترشح للرئاسة وهو مدان كمجرم. إذن ماذا يعني كل ذلك؟ وما مدى تأثيره على نتائج الانتخابات الرئاسية المقرر إقامتها في تشرين الثاني /نوفمبر المقبل؟
المدخل للإجابة على هذه التساؤلات يبدأ بسؤال أيضا: ماذا يمكن أن تكون عقوبة ترامب؟ لقد حدد القاضي خوان ميرشان موعد النطق بالحكم على ترامب يوم 11 تموز/يوليو المقبل الساعة 10 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة، وعندها سنعرف ما إذا كانت عقوبة الرئيس السابق ستشمل السجن، أم سيكتفي القاضي بالغرامة المالية. يقول القانونيون إذا أُدين ترامب بـ 34 تهمة، فهذا يعني أنه قد يواجه عقوبة السجن لمدة أقصاها أربع سنوات لكل تهمة، ليصل إجمالي عقوبة السجن القصوى إلى 136 عاما. لكن ولاية نيويورك تحدد عقوبة السجن بمدة 20 عاما لهذا النوع من الجرائم. وإذا قرر القاضي إصدار عقوبة السجن لأكثر من إدانة واحدة، فسيتعين عليه أيضا أن يقرر ما إذا كانت عقوبة ترامب ستنفذ بشكل متزامن أو متتال، واحدا تلو الآخر. تود بلانش محامي دونالد ترامب، قال لوكالة أسوشيتد برس، إنه فوجئ بسلوك ترامب الهادئ أثناء استماعه إلى الحكم الذي جعله أول رئيس أمريكي سابق يُدان بارتكاب جريمة. كما صرح تود بلانش قائلا:» أنا محامٍ وقد خضت الكثير من المحاكمات، وصدر لي الكثير من الأحكام. لكن هذا الحكم كان الأكثر إثارة للدهشة من حيث توقيته».
قد يواجه ترامب غرامات تصل إلى 170 ألف دولار واعترف بلانش بوجود احتمال أن يحكم على ترامب بالسجن، إذ قال؛ «من ناحية، سيكون أمراً غير عادي إرسال رجل يبلغ من العمر 77 عاماً إلى السجن في قضية كهذه. أعتقد أنه لم يُسمع بمثل هذا الأمر من قبل تقريبا، لقد كانت المرة الأولى لارتكاب ترامب جرما، وكان أيضا رئيسا للولايات المتحدة». من ناحية أخرى، قال بلانش:» هذه قضية حظيت بتغطية إعلامية كبيرة للغاية. وقد يجادل البعض فيها بأن ترامب يستحق عقوبة أشد، لأنه يواجه اتهامات في مكان آخر. لذلك، أعتقد أن الحكم سيكون مثيرا للجدل، لكننا سنعمل بقوة للحصول على حكم غير السجن». من جانب آخر أشار خبراء قانونيون إلى إنه من غير المرجح أن يواجه ترامب عقوبة السجن، إذ ليس لديه سجل إجرامي، وإن التهم الموجهة إليه هي جنايات غير عنيفة، لذلك يمكن أن يفرض القاضي ميرشان عقوبات أخرى على ترامب بدلاً من السجن، مثل المراقبة. وحينذاك سيتعين على دونالد ترامب تقديم تقرير إلى إدارة المراقبة في مدينة نيويورك شخصيا على أساس منتظم، وهذا الأمر من شأنه أن يخلق فوضى كبيرة في جدولة مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة خلال الحملة الانتخابية. أما إذا ارتكب ترامب جرائم أخرى وهو تحت حكم المراقبة، فقد يتم إرساله إلى السجن على الفور.
كما تعني إدانة ترامب أيضا أن التهم الموجهة إليه ستجعله يعاقب عليها بغرامة مالية قد تصل إلى خمسة آلاف دولار لكل جريمة؛ وإذا قرر القاضي ميرشان السير في هذا الطريق، فقد يواجه ترامب غرامات تصل إلى 170 ألف دولار. كما يمكن لهيئة الدفاع عن ترامب المطالبة بإصدار إطلاق سراح مشروط في مثل هذا السيناريو، وعندها سيكون المرشح الجمهوري حرا ولن يحتاج إلى إشراف تحت المراقبة، طالما أنه لا يواجه مشاكل إضافية. لكن يبقى السؤال الاهم قانونيا: هل يستطيع ترامب الترشح للرئاسة والخدمة في البيت الأبيض كمجرم مدان؟ والإجابة هي نعم يمكنه الترشح للرئاسة، فبموجب المادة الثانية من دستور الولايات المتحدة، التي تنص على إن الإدانة بارتكاب جناية لا تمنع المرشح من الترشح للرئاسة. إذ ينص الدستور الامريكي على إن هناك ثلاثة شروط فقط يجب استيفاؤها لمنصب الرئاسة وهي: أن يكون عمر المرشح 35 عاما على الأقل، وأن يكون مولودا في الولايات المتحدة، وأن يكون مستمرا في العيش في الولايات المتحدة لمدة لا تقل عن 14 سنة. لكن ستكون القصة مختلفة إذا اتُهم ترامب بارتكاب جرائم تمرد بموجب المادة 3 من التعديل الرابع عشر؛ فمثل هذه الجريمة ستحرمه من تولي منصب عام إذا ثبتت إدانته. وهنا يطرح سؤال آخر مفاده ؛ هل يستطيع ترامب العفو عن نفسه إذا انتخب رئيسا؟ والإجابة القانونية هي: لا، لن يستطع العفو عن نفسه في قضية نيويورك هذه، أو في قضية التدخل في الانتخابات في جورجيا. إذ لا تمتد صلاحيات العفو الرئاسي إلى جرائم الدولة، ولا يمكن لرئيس الولايات المتحدة أن يعفو إلا عن الجرائم الفيدرالية، وفقاً للمادة الثانية، القسم 2، من الدستور. أما في القضية المنظورة أمام محكمة مانهاتن التي باتت تعرف باسم «قضية أموال الصمت»، فلا يمكن العفو عن ترامب إلا من قبل حاكمة نيويورك كاثي هوتشول. وهذا أمر مستبعد إلى حد كبير نظرا لأنها ديمقراطية متشددة. إذن، هل يستطيع ترامب التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟.
دونالد ترامب مسجل للتصويت في فلوريدا، ووفقا لقانون هذه الولاية إن من يُدان بجناية من ولاية أخرى، يكون غير مؤهل للتصويت «إذا كانت الإدانة تجعله غير مؤهل للتصويت في الولاية التي أدين فيها». وبما إن ترامب قد أدين في نيويورك، حيث يُسمح بالتصويت للمدانين طالما أنهم غير مسجونين في الوقت الراهن. فإن هذا الأمر يعني أنه ما لم يكن خلف القضبان بحلول الخامس من نوفمبر، فإنه يحق له الإدلاء بصوته. وهل يستطيع ترامب استئناف الأحكام؟ بالتأكيد نعم، فمن المؤكد أن فريق ترامب القانوني سوف يستأنف الإدانات. وإن أمامهم 30 يوما لتقديم إشعار الاستئناف، وبعد ذلك سيكون لديهم ستة أشهر لتقديمه. إذا قدم فريق ترامب استئنافا، فسيبقى أن نرى ما إذا كان القاضي ميرشان سيأمر بإبقاء عقوبة ترامب، أو يوقفها مؤقتا، حتى تنتهي عملية الاستئناف، التي قد تتجاوز موعد الانتخابات. وفي النهاية يرى المراقبون إن الحكم بالإدانة قد يؤثر على الانتخابات الرئاسية المرتقبة في نوفمبر. فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته بلومبرغ ومورنينغ كونسلت في وقت سابق من هذا العام، أن 53 في المئة من الناخبين في الولايات المتأرجحة الرئيسية، سيرفضون التصويت لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب إذا أدين. كما أظهر استطلاع آخر أجرته جامعة كوينيبياك خلال شهر مايو/أيار أن 6 في المئة من ناخبي ترامب سيكونون أقل ميلاً للتصويت له، وهو أمر مهم في مثل هذه المنافسة الشديدة.
المصدر: القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب امريكا بايدن ترامب مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة دونالد ترامب یستطیع ترامب عقوبة السجن ما إذا
إقرأ أيضاً:
في ذكرى الاستقلال والانتخابات.. اللبنانيون يأملون في الديمقراطية وخلق نظام جديد
يحتفل لبنان، البلد الذي يحظى بديمقراطيته الفريدة وسط مشهد إقليمي معقد، بحدثين هامين: عيد الاستقلال وانتخاباته الديمقراطية، وتمثل كلتا المناسبتين عناصر عميقة لهويته وتطلعاته للمستقبل.
ونقلت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام عن بودكاست مناظرة للدكتور سامر عبد الله، رئيس مركز الدراسات القانونية والسياسية في الجامعة اللبنانية سلط فيه الدور على أهمية الانتخابات وعلاقتها بمسيرة لبنان المستمرة نحو ديمقراطية أقوى وأكثر شمولا.
يشدد عبد الله على أن الانتخابات ليست مجرد إجراء إجرائي في لبنان بل تشكل العمود الفقري للتجديد الديمقراطي، مشيرا إلى أن ”الانتخابات مفهوم دستوري وسياسي مرتبط بالحريات العامة“، ومسلطًا الضوء على دورها في ضمان المساءلة وتجديد القيادة السياسية.
ففي النظام البرلماني في لبنان، تمثل السلطة التشريعية في لبنان حجر الزاوية للسلطة، فهي ليست مكلفة بسن القوانين فحسب، بل أيضًا بمراقبة الحكومة ومساءلتها.
ويتناغم هذا المنظور بعمق مع احتفالات عيد الاستقلال في لبنان. فكلا الحدثين يرمزان إلى سيادة الشعب وحقه في تقرير مصيره، وكما يحتفل عيد الاستقلال بذكرى التحرر من الحكم الاستعماري، فإن الانتخابات تمكّن المواطنين من التأثير على مسار أمتهم.
وبحسب عبد الله، فإن لبنان يواجه تحديات في تحقيق نظام انتخابي عادل، منتقدا الأسس الطائفية للسياسة اللبنانية، وواصفا إياها بأنها عوائق أمام الإصلاح الحقيقي.
وأوضح "كان الهدف من النظام النسبي الذي طبق في الانتخابات الأخيرة أن يكون أكثر إنصافا ولكنه في نهاية المطاف، عزز الانقسامات الطائفية، ولا يزال غياب نهج وطني غير طائفي في السياسة يشكل عقبة كبيرة".
كما يشدد على الحاجة إلى قانون أحزاب عصري لرعاية مشهد سياسي قائم على الجدارة والأفكار بدلًا من الانتماءات الطائفية، ويؤكد: "نحن بحاجة إلى إطار عمل يسمح بوجود أحزاب سياسية تنافسية ويشجع الشباب والنساء على المشاركة"، مشيرًا إلى التمثيل المحدود للمرأة في البرلمان وإمكانية أن تضفي القيادات الشابة الحيوية على السياسة اللبنانية.
وتؤكد الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها لبنان، والتي تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19 العالمية، على ضرورة الاعتماد على الذات والحوكمة الفعالة، ويشير د. عبد الله إلى أن الانهيار الاقتصادي كشف عيوب اعتماد لبنان على القطاع المصرفي والسياحة والمساعدات الخارجية، داعيا إلى الاستفادة من الإمكانات الزراعية والصناعية المحلية، مشددًا على ضرورة وجود مجلس نيابي يمثل احتياجات المواطنين ويلبيها بصدق.
ويحذّر من أن الأزمة الاقتصادية الحالية، التي تفاقمت بسبب غياب المساءلة، تؤدي إلى تآكل ثقة المواطنين. ويقول: ”لا يرى المواطنون أي تغيير ويشعرون بخيبة الأمل عندما تستمر نفس الوجوه والهياكل على الرغم من الانتخابات المتكررة“. وتهدد خيبة الأمل هذه بتقويض المشاركة ونسيج الديمقراطية في لبنان.
ويختتم الدكتور عبد الله بدعوة إلى الإصلاح الوطني والمشاركة المدنية. ويشدد على أهمية غرس الثقة في نفوس المواطنين من خلال الحوكمة الشفافة والسياسات الشاملة والجهود الحقيقية لمعالجة القضايا الملحة. ويؤكد أنه ”عندما يرى الناس النتائج، سيشاركون، وستزدهر الديمقراطية في لبنان“.