واشنطن – (د ب أ) – هو رئيس، جزء من مؤامرة ضد دولته وضد المسار القانوني لتغيير السلطة. عادة ما تحدث مثل هذه الأمور في بلدان متعثرة أو من قبل أنظمة استبدادية، لكن هذا بالضبط هو الاتهام الذي يوجهه القضاء الأمريكي الآن ضد الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة: دونالد ترامب. تعتبر لائحة الاتهام هذه غير مسبوقة، فهي تطغي في خطورتها على جميع الاتهامات الموجهة حتى الآن ضد السياسي الجمهوري.

وتعتبر هذه اللائحة فيصلية ليس فقط بالنسبة لترامب، ولكن أيضا للديمقراطية الأمريكية. كان السادس من كانون الثاني/يناير 2021 نقطة تحول بالنسبة للولايات المتحدة: اقتحم حشد متشدد مبنى الكابيتول في واشنطن بتحريض من الرئيس ترامب حينها. تخطى أتباعه الحواجز، وحطموا النوافذ، وضربوا أفرادا من الشرطة بقسوة وعبثوا بمقتنيات مبنى الكونجرس. لقي العديد من الأشخاص حتفهم في هذه الواقعة. كان هذا العنف المفرط هجوما غير مسبوق على مركز الديمقراطية الأمريكية، ومحاولة فاضحة لقلب نتيجة الانتخابات، وذروة لحملة أدارها ترامب على مدار شهور لتصوير الانتخابات الرئاسية لعام 2020 على أنها مزورة على أمل عكس نتائجها لصالحه. بعد مرور عامين ونصف على الواقعة تشهد البلاد نقطة تحول تالية: الرئيس السابق والمرشح الجمهوري الحالي للرئاسة، ترامب، يواجه اتهامات بشن حملة ضد نتيجة الانتخابات، وتتعلق اتهامات أخرى بدوره في هجوم الكابيتول. تسرد لائحة الاتهام المؤلفة من 45 صفحة كيف حارب ترامب هزيمته الانتخابية بكل طريقة ممكنة، وكيف حرّض على مؤامرة بالتعاون مع ستة أشخاص آخرين، وكيف استغل وزارة العدل وضغط على ساسة على المستوى الفيدرالي والولايات، بما في ذلك نائبه مايك بنس – كل ذلك بهدف البقاء في السلطة. يقول المدعون إن ترامب كان يعرف جيدا أن مزاعمه بشأن تزوير الانتخابات عارية عن الصحة. لم يواجه رئيس أمريكي سابق مثل هذه التهم الجنائية الخطيرة. في الواقع لم يحدث من قبل في تاريخ الولايات المتحدة أن مَثَل رئيس سابق أمام محكمة بتهمة ارتكاب جريمة. سيضطر ترامب الآن القيام بذلك في عدة قضايا. في نيويورك يواجه الرئيس السابق منذ الربيع الماضي اتهاما يتعلق بمدفوعات مالية لشراء صمت نجمة إباحية. وفي حزيران/يونيو الماضي وُجهَت إليه لائحة اتهام في ميامي بتهمة الاحتفاظ بوثائق حكومية شديدة السرية في منزله بعد مغادرته البيت الأبيض. التهم المتعلقة بالانتخابات والهجوم على الكابيتول هي الآن ولأول مرة جرائم أعلن عن القيام بها خلال فترة تولي ترامب الرئاسة. يتعلق الأمر هنا بأساسيات في الدستور الأمريكي: هل يمكن لرئيس خلال فترة ممارسة منصبه أن ينشر أكاذيب حول الانتخابات، هل يمكنه محاولة عكس إرادة الناخبين واستخدام أجهزته الحكومية للقيام بذلك؟ كان كل هذا بالفعل موضوع إجراءات لعزل ترامب، والتي أفلت من الإدانة فيها بفضل غالبية أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين. كان ذلك أيضا موضوعا للجنة تحقيق تابعة للكونجرس، ولم يسفر أيضا عن أي عواقب ضد ترامب، لكن اضطراره الآن للمثول أمام محكمة في هذا الشأن يمثل بُعدا جديدا. إذا أفلت ترامب من لائحة الاتهام هذه دون إدانة، يمكن للمتطرفين أن ينظروا إلى هذا الأمر على أنه تصريح مطلق لهم بعدم قبول نتيجة انتخابات غير مرحب بها وإعاقة التغيير السلمي للمنصب. في حالة إدانة ترامب، فقد يؤدي ذلك بدوره إلى حدوث اضطرابات اجتماعية هائلة في بلد منقسم سياسيا بشدة بالفعل. لكن التوصل إلى قرار في هذا الشأن لا يزال أمرا بعيدا. ومن المرجح أن محامي ترامب سيحاول إرجاء إجراءات المحاكمة لأطول فترة ممكنة. ومن المشكوك فيه ما إذا كان سيكون هناك حكم نهائي في هذه القضية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر .2024 وبحسب خبراء قانون، قد يتنافس ترامب أيضا في الانتخابات بصفته مجرم مدان. ومع ذلك، من الواضح بالفعل أن عام 2024 الانتخابي سيكون عاما لا مثيل له، حيث سيتعين على ترامب – الذي لا يزال حتى الآن المرشح الرئيسي للحزب الجمهوري – التعامل مع عدة إجراءات قضائية بالتوازي مع الحملة الانتخابية بأكملها. المثير للدهشة هنا أن هذا الكم المتزايد من المشكلات القضائية لم يضر ترامب سياسيا على الإطلاق. على العكس تماما؛ فقبل أيام قليلة نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية استطلاعا أفاد بأن 54% من الناخبين الجمهوريين يدعمون ترامب – وهي نسبة دعم تفوق جميع النسب التي حصل عليها باقي مرشحي الرئاسة الآخرين في حزبه مجتمعين. حتى حاكم فلوريدا رون ديسانتيس – أكبر منافس داخلي لترامب – حصل على نسبة متدنية عن ترامب بفارق كبير. ولم تتجاوز نسبة تأييد باقي المرشحين الجمهوريين خانة الآحاد. من غير المرجح أن يكون للائحة الاتهام الجديدة تأثير معاكس قريبا لهذا الاتجاه طويل الأمد – بصرف النظر عن مدى خطورة الادعاءات. ربما يرجع هذا أيضا إلى حقيقة أن كل إجراء جديد من قبل القضاء الأمريكي ضد ترامب يبدو وكأنه يدعم روايته في أعين مؤيديه: أن هناك دولة داخل الدولة – أي النخب الليبرالية في البلاد – تتآمر بالفعل ضده من أجل تأمين سلطتهم. تم الإعلان عن معظم الاتهامات ضد ترامب بشأن الانتخابات خلال إجراءات العزل ولجنة التحقيق التابعة للكونجرس، والتي تم بثها على شاشات التلفزيون في أوقات الذروة، مُعزَزة بمقاطع فيديو قوية وشهادات لافتة للانتباه. لم يقنع أي من هذا قاعدة أنصار ترامب بالنأي عنه. كما أن أتباعه المتشددين لا يمانعون في الاحتفاظ بأسرار الدولة داخل مرحاض. وكما كان الحال مع حملته الطويلة التي روجت لتزوير مزعوم للانتخابات السابقة، فقد بدأ ترامب منذ شهور بالإلماح إلى قاعدة أنصاره بعدم الوثوق بالمحققين والمدعين العموم، مدعيا أن كل هذا ليس سوى محاولة ذات دوافع سياسية لمنعه من العودة إلى السلطة. يردد العديد من الأنصار هذا الادعاء ببراعة. وبعد لائحتَي الاتهام السابقتين، ارتفعت أرقام ترامب في استطلاعات الرأي، وكذلك الحال بالنسبة لإيرادات التبرعات لحملته الانتخابية. وفقا لأحدث استطلاع لصحيفة “نيويورك تايمز”، فإن 37% من الناخبين الجمهوريين هم من مؤيدي ترامب الموالين له بشدة، الذين لا يردعهم أي شيء عن تأييده، ولا يؤثر التحقيق الجنائي ضده في موقفهم الموالي له مطلقا. بالإضافة إلى ذلك، هناك 37% آخرين من مجموعة الناخبين الجمهوريين منفتحة تجاه التصويت لترامب. لذلك من الصعب للغاية على منافسيه في حزبه التغلب عليه. وبناء على ذلك ليس من المتوقع أن تغير لائحة الاتهام الجديدة أي شيء بخصوص ذلك في الوقت الحالي.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

ترامب يهدد بالسيطرة على قناة بنما والرئيس خوسيه مولينو يرد "كل متر مربع بالقناة هو بنمي خالص"

أثار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جدلًا واسعًا، يوم الأحد، عندما وصف تنازل الولايات المتحدة عن قناة بنما بأنها "تصرف أحمق"، مهددًا بالسعي لاستعادة السيطرة على القناة إذا استمر فرض الرسوم التي وصفها بـ"السخيفة" على السفن الأمريكية.

اعلان

جاءت تصريحاته خلال تجمع كبير في أريزونا، حيث استعرض أمام أنصاره خططه لفترة رئاسته الثانية، متعهداً بإعادة بناء الاقتصاد ومواجهة التحديات السياسية. 

وقال ترامب، في كلمته أمام الحشود، إن بلاده "تُركت لتتحمل رسومًا باهظة على الشحنات التي تمر عبر القناة"، مشيرًا إلى أن إدارته ستطالب بإعادة القناة "بسرعة ودون سؤال" إذا لم تُراعَ المبادئ القانونية والأخلاقية المتعلقة بتلك الرسوم. 

بنما تردّ: السيادة أولاً

رداً على تصريحات ترامب، نشر الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو، مقطع فيديو وصف فيه القناة بأنها "رمز للسيادة البنمية". وأكد مولينو أن الرسوم الجمركية تُحدد بناءً على اعتبارات اقتصادية بحتة تشمل العرض والطلب والتكاليف التشغيلية، مشددًا على أن كل متر مربع من القناة "ينتمي إلى بنما وسيبقى كذلك". 

وأضاف مولينو أن زيادات رسوم العبور جاءت نتيجة لتوسيع القناة بمبادرة بنمية لزيادة حركة الشحنات العالمية. واختتم قائلاً: "قد نختلف في بنما حول قضايا عدة، لكننا متحدون تحت راية سيادتنا على القناة". 

على إثر هذا الرد، لجأ ترامب إلى وسائل التواصل الاجتماعي وعلق بصورة تُظهر العلم الأمريكي مزروعًا في منطقة القناة، تحت عبارة: "مرحبًا بكم في قناة الولايات المتحدة!"، في تصعيد أثار مزيدًا من الجدل. 

ما هي أهمية قناة بنما؟

تمثل قناة بنما ممرًا مائيًا استراتيجيًا يربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ، مما يجعلها مركزًا رئيسيًا للتجارة الدولية. تتعامل القناة سنويًا مع أكثر من 14 ألف سفينة، ما يعادل 2.5% من التجارة البحرية العالمية، وتسهم في نقل ما يقرب من 270 مليار دولار من البضائع سنويًا. 

تمثل القناة أيضًا عنصرًا رئيسيًا في الأمن القومي والاقتصاد الأمريكي، إذ تسهم في تقليل وقت الشحن بين الساحلين الشرقي والغربي، ما يوفر ملايين الدولارات سنويًا للشركات الأمريكية. يُعد الممر حيويًا لواردات الولايات المتحدة من السيارات والسلع التجارية عبر سفن الحاويات القادمة من آسيا، كما يُعتبر أساسياً في صادرات الغاز الطبيعي المسال. 

سفينة شحن تعبر أقفال أغوا كلارا في قناة بنما في كولون، بنما، 2 سبتمبر 2024. Matias Delacroix/AP

القناة التي يبلغ طولها أكثر من 80 كيلومترًا، تمثل ثاني أهم معبر مائي صنعه الإنسان بعد قناة السويس. وقد بنتها الولايات المتحدة في أوائل القرن العشرين لتعزيز التجارة والنقل العسكري، قبل أن تتنازل عن إدارتها لبنما في 31 كانون الأول/ديسمبر 1999، بموجب معاهدة وقعها الرئيس جيمي كارتر عام 1977. 

تعتمد القناة على الخزانات لتشغيل أقفالها، وقد تأثرت بالظروف المناخية مثل موجات الجفاف، التي أثرت على كفاءة عملياتها وأدت إلى فرض زيادات في رسوم العبور. مع عودة الطقس إلى طبيعته، استقرت حركة العبور، لكن دور القناة كممر عالمي يظل حاسمًا للتجارة الدولية والاقتصاد الأمريكي. 

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ترامب يهدد أوروبا بعقوبات ورسوم جمركية ويطالب بزيادة إنفاق الناتو إلى 5% عمال أمازون وستاربكس يضربون عن العمل.. فهل هم في سباق مع الزمن قبل دخول ترامب البيت الأبيض؟ أزمة سقف الدين تتصاعد وشبح الإغلاق يلوح في الأفق: مجلس النواب الأمريكي يرفض خطة ترامب لتمويل الحكومة دونالد ترامببنماالولايات المتحدة الأمريكيةقناة - معبر مائيالرسوم الجمركيةاقتصاداعلاناخترنا لك يعرض الآن Next استمرار القصف على قطاع غزة المحاصر واعتقالات في الخليل وبؤر استيطانية جديدة في الضفة الغربية يعرض الآن Next هل بدأ انتقام إسرائيل من أردوغان وهل أصبحت تركيا الهدف المقبل للدولة العبرية؟ يعرض الآن Next دمشق باتت قبلة للدبلوماسيين.. لقاءات مكثفة لرسم ملامح المرحلة المقبلة فماذا بعد اجتماعات الشرع؟ يعرض الآن Next نيسان وهوندا تعلنان عن خطط للاندماج.. هل سنشهد ميلاد شركة هي الثالثة عالميا في صناعة السيارات يعرض الآن Next الموساد وتفجيرات البيجر.. عميلان سابقان يكشفان تفاصيل جديدة عن العملية التي هزت حزب الله اعلانالاكثر قراءة بحضور الوزير فيدان.. الشرع يعد بنزع سلاح كل الفصائل بما فيها قسد وإسرائيل قلقة من تحرك عسكري تركي الشرطة النيجيرية: ارتفاع عدد قتلى حادثي تدافع بمناسبتين خيريتين لعيد الميلاد إلى 32 شخصا آيتان على سقف قصر السيسي ومُلْك فرعون الذي لا يفنى.. صورة الرئيس المصري تشعل مواقع التواصل مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز حادثة بـ"نيران صديقة" تسقط طائرتين أمريكيتين فوق البحر الأحمر اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومعيد الميلادضحاياإسرائيلروسياجنوب السودانفيضانات - سيولالحرب في أوكرانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كارثة طبيعيةحزب اللهبنيامين نتنياهوأمنالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • قبل تسلم ترامب الرئاسة.. بايدن يوقف تنفيذ الإعدام بحق عشرات السجناء الفيدراليين
  • تقرير.. «البنتاجون» يواجه تحديات جديدة مع اقتراب عودة ترامب إلى السلطة
  • ترامب يهدد بالسيطرة على قناة بنما والرئيس خوسيه مولينو يرد "كل متر مربع بالقناة هو بنمي خالص"
  • نتنياهو يمثل أمام المحكمة للمرة الخامسة
  • ترودو يواجه أزمة سياسية عميقة ومطالب باستقالته
  • ترامب: ماسك لا يمكن أن يصبح رئيسا لأميركا
  • قرار عاجل بشأن أخطر خلايا تهريب الدولار خارج مصر
  • بوتين: مستعدون لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة دون المساس بمصالح روسيا
  • غارديان: إحجام أوروبا عن دعم أوكرانيا الآن يعني زحف الظلام في 2025
  • ايران تحذر من المساس بالمراقد الشيعية المقدسة في سوريا