حرب البنوك على صنعاء.. نذر ويل على المستكبرين
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
يمانيون – متابعات
صنعاءُ لا تخاطِبُ الهامِشَ بل تخاطِبُ الأَسَاسَ، وهذا معلومٌ.. وتحميل صنعاء الرياض مسؤوليةَ التصعيد الاقتصادي؛ لأَنَّها تدركُ أن حكومةَ الطرف الآخر لا تملك قرارًا سياسيًّا أَو اقتصاديًّا أَو حتى عسكريًّا؛ فالسعوديّة والإمارات كواجهة للأمريكان والإنجليز هما مصدرُ القرار في المحافظات الخارجة عن سيطرة صنعاء.
وبحسب الصحفي الاقتصادي رشيد حداد، فلو كان بنك عدن يستطيعُ منع وصول الحوالات الخارجية للمغتربين إلى مناطق سيطرة صنعاء لمنعها قبل ٨ سنوات؛ لذلك يمكن القول إن هذه القرارات التي صدرت عنه، استعراضية كتلويحه التحكم بكافة مصادر الدخل الأجنبي التي تغذي الاقتصاد الوطني بالنقد الأجنبي، حَيثُ لن يُكتَبَ لها النجاح..؛ لأَنَّ ذلكَ غيرُ ممكن.
ويضيفُ حداد في تدوينة رصدتها صحيفة “المسيرة” بحسابه على موقع “إكس”: قرارات بنك عدن لن ترى النور وآثارها السلبية سوف ترتدُّ على الأوضاع في المحافظات الجنوبية بشكل أكبر؛ لأَنَّ تلك القرارات جاءت بتوجيهاتٍ أمريكية ونُفِّذت بمشاركة الوكالة الأمريكية للتنمية التي تسيطرُ على معظم قطاعات بنك عدن.
ومع الآثار السلبية التي ستعودُ على أصحابها من مرتزِقة الرياض وأبو ظبي، في حالِ منعِ التحويلات لبنوكِ صنعاء، يضيفُ محمد علي الحوثي -عضو المجلس السياسي الأعلى- كما جاء في تدوينة رصدتها “المسيرة” في حسابه على “إكس”: بالنسبة للقرارات ضد البنوك، لدينا أوراق ستؤلمهم أكثر ويمكن تحريكها.. وقراراتهم مجازفة كما تعلمون؛ فالاقتصاد مصالح مشتركة ومن يلعب يندم هو بإذن الله.
ويعود رشيد حداد للتأكيد على نقاط مهمة حول هذا التصعيد ليقول: “هناك مبالَغةٌ مقصودةٌ في التناولات الإعلامية بشأن القرارات الأخيرة التي أعلنها بنك عدن مؤخّراً، ضد عددٍ من البنوك التجارية أَو إعلان وقف التعامل بالعملة القديمة في المحافظات الجنوبية..؛ فهذه القراراتُ التي تدفعُ نحو تعميقِ الانقسام النقدي والمالي، سيكون ارتدادها على عدن أكبر.
تصعيدٌ أمريكي بامتيَاز:
مع تصاعد الخنق اليمني للموانئ الإسرائيلية، مع توسع الاستهداف في المرحلة الرابعة من التصعيد، تتحَرّك واشنطن كالأعمى لتخفيف الوَطْءِ على اقتصاد الكيان؛ فتلجأ إلى ورقة الاقتصاد، يقول عبدالملك العجري: إن من المعروف أن “الحرب على البنوك خطوة أمريكية في المقام الأول لمعاقبة صنعاء على موقفها المساند لغزة، فهذا ليس مُجَـرّد تحليل ولا تكهن بل ما وصلنا وما علمناه”.
وكما جاء نصح السيد القائد للسعوديّة بالنأي بنفسها بعيدًا عن شراك الأمريكان، حَيثُ ثمنُ المغامرة باهظٌ جِـدًّا، يقدم العجري النصح من باب التذكير فـ “يكفي دول الجوار أن تنأى بنفسها وتبقى على الحياد وألا تكون شريكاً في الحرب الأمريكية على اليمن دفاعاً عن نتنياهو وقتلة الأطفال الصهاينة”.
خطابُ السيد القائد بالتي هي أحسن مع النظام السعوديّ، مع ما يدركه الجميع أن هناك كثيراً من اللعب السعوديّ الإماراتي الظاهر والخفي، إلا أن نصح قائد الثورة مع كُـلّ ما فيه الود، فيه تحذير واضح، تعرف المملكة السعوديّة عواقبه إذَا ما تورطت في خدمة “إسرائيل”، باستهداف بنوك اليمن حَيثُ ستقع في “مشكلة كبيرة”.
فمن الضلال أن يخسر البعض أمنه وسلمه “وكلّ شيء”؛ مِن أجلِ العدوّ الإسرائيلي.
فلا شيء أبدًا كما قال السيد القائد: “سيغير موقف اليمن العزيز عن دعم الشعب الفلسطيني ومناصرته”.
تحذيرٌ ووعيدٌ شديد.. مواجهةُ الاقتصاد بالاقتصاد:
صنعاء تصعِّدُ بلهجة تحذير ولا تقبَلُ التأويل؛ فما تبنَّاه مرتزِقة الرياض في بنك عدن المركزي يسيرُ في طريق سعوديّ وتوجيه أمريكي، حَيثُ يسخرُ الإعلامُ السعوديّ اليوم، بما فيه قناة “العربية” وصحيفة “الشرق الأوسط” مساحات التهويل الكاذب، بينما ينكب ذبابها الإلكتروني على تسعير حرب كلامية، في موسم تصعيد جديد لن يفضي لشيءٍ، إلَّا شيء كارثي لمن أراد السوء باليمن واليمنيين.
وبالمجمل فصنعاء لا تُحمِّلُ تبعاتِ المواجهة الاقتصادية القائمة إلَّا من وجد المتاع عنده، والرياض بفعل كهذا تتحمل مسؤولياته وتبعاته، حَيثُ القرار السياسي، الاقتصادي وحتى العسكري لحكومة المرتزِقة مقبوض بيد سعوديّة ومن بعده إماراتية بقيادة أمريكية.
ومع الصخب الذي يعيشه موسم مؤامرات مرتزِقة التحالف بمساعدة أمريكا، وقد شحت الخيارات في مواجهة صنعاء وفق متغيرات العالم… مع كُـلّ هذا الصخب لتحَرّكات بنك عدن، تأتي تحَرّكاتُ البنك المركزي بصنعاء، حَيثُ توحي باقتدار عالٍ على مواجهة تحَرّكات واشنطن والرياض باستهدافها المَدَّ اليمني في حربِ غزة، لكن من بوابة الاقتصاد بعد مسلسل الإخفاق العسكري الأمريكي المتلاحق.
حوالاتُ المغتربين:
مع التوجيهات السعوديّة لبنك عدن المركزي مع كُـلِّ ما يعيشه من إخفاقات لتسعير حرب البنوك ضد بنوك صنعاء تجزمُ الأخيرة أن الضربةَ سترتدُّ في وجه صاحبها.
فالحديثُ عن حظر بنوك المحافظات الحرة والتي تضُمُّ البنوك الرئيسية في البلاد، حَيثُ السوق التجارية الكبيرة والكثافة السكانية العالية، لن يؤتيَ بثمارٍ حقيقية لمستهدِفي العملة القانونية في المناطق الحرة.
ومع التأكيد أن حوالات المغتربين اليمنيين من وإلى صنعاء والمحافظات الواقعة تحتَ حُكم المجلس السياسي لن تطالها أية أضرار، ولا وجود لأية تعقيدات بشأنها، حَيثُ تصل التحويلات بشكل عادي، ولا علاقة لها بما يتم الترويج له بهذا الشأن، فما يتم الحديثُ عنه يظل مُجَـرّد تهويل؛ فمتبني القرار في الرياض يدرك أن تحذيرات صنعاء على تكرارها ستعني رَدًّا كارثيًّا لمن يحاولُ اللعبَ مجدّدًا في الحيز اليمني، ولن تقارنَ مع محاولة عضة صغيرة في إصبع.
وبحسب الصحفي الاقتصادي رشيد الحداد “لو كان بنك عدن يستطيعُ منعَ وصول الحوالات الخارجية للمغتربين إلى مناطق سيطرة صنعاء لمنعها قبل ٨ سنوات؛ لذلك يمكن القول إن هذه القراراتِ التي صدرت عنه، استعراضية كتلويحه التحكم بكافة مصادر الدخل الأجنبي التي تغذي الاقتصاد الوطني بالنقد الأجنبي، حَيثُ لن يكتب لها النجاح..؛ لأَنَّ ذلك غير ممكن”.
وكما يقول “حداد” فَــإنَّ “قرارات بنك عدن لن ترى النور؛ فآثارها السلبية سترتد على الأوضاع في المحافظات الجنوبية بشكل أكبر؛ لأَنَّ تلك القراراتِ جاءت بتوجيهات أمريكية ونُفِّذت بمشاركة الوكالة الأمريكية للتنمية التي تسيطر على معظم قطاعات بنك عدن”.
مركَزي صنعاء يرد:
وفي مواجهة إجراءات بنك عدن، جاءت تأكيداتُ البنك المركزي بصنعاء أنه الأقدرُ على حفظ حقوق ومدخرات المواطنين في المحافظات المحتلّة، وهو كذلك بالنظر لمجملِ السياسات التي تبنَّاها مركَزي صنعاء مقارنة بسياسات بنك عدن الخاضع للمليشيات، مدخرات المواطنين من العملة القانونية في المناطق المحتلّة يمكن استبدالها في مناطق المجلس السياسي، حَيثُ أبدى مركزي صنعاء استعدادًا لتعويضِهم بما يقابلُها من القيم الحقيقية بالعُملة غير القانونية المتداولة في تلك المحافظات.
وإلى جانب هذا، هناك حديثٌ عن مفاجآت قادمة يدِّخرُها البنكُ في صنعاء ستعزز الاقتصاد في مناطق المجلس السياسي… وبعد أن كان البنكُ المركزي في صنعاء يشترطُ في الماضي إدخَال ١٠٠ ألف ريال فقط من العُملة، يقرّر اليوم بشكل مدروس أن يفتحَ البابَ لاستقبال العملة القانونية للجمهورية اليمنية وفق ضوابط وشروط محدّدة سيعلن عنها الثلاثاء القادم.
عاملُ السوق التجاري:
وما لم يستوعبْه بنكُ عدن في قراراته أن عاملَ السوق التجارية تحت سيطرة صنعاء، وأية إجراءات تتخذها صنعاء في ظل حكومة تفرض سيطرتها وتمتلك قرارها سينفذ، بعكس الطرف الآخر الذي سيجدُ نفسَه أمام تداعيات خطيرة لقراراته غير المدروسة، حَيثُ قراراتُه مرهونة بمزاجات مليشيات ودول لها حساباتها الخَاصَّة.
مع هذا التصعيد، تؤكّـدُ صنعاء أن لديها أوراقاً ستؤلمُ المرتزِقة كما ستؤلم أسيادَهم أكثرَ وحيثُ يمكن تحريكها، فيما يظل قرار بنك عدن مجازفة؛ فالاقتصاد مصالحُ مشتركة ومن يلعب يندم، كما لوَّح بذلك عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي.
ويعود رشيد حداد للتأكيد على نقاطٍ مهمة حول هذا التصعيد لتأكيد أن هناك مبالغةً مقصودةً في التناولات الإعلامية بشأن القرارات الأخيرة التي أعلنها بنك عدن، ضد عددٍ من البنوك التجارية أَو إعلان وقف التعامل بالعملة القديمة في المحافظات الجنوبية..؛ فهذه القراراتُ التي تدفع نحو تعميق الانقسام النقدي والمالي، سيكون ارتدادها على عدن أكبر.
تحذيرٌ ووعيد:
مع هذا التصعيد الغبي، تجدُ الرياضُ نفسَها في مفترق طريق؛ فالتهديد والوعيد اليمني، له معناه العميق، كما جاء نصح السيد القائد للسعوديّة بالنأي بنفسها بعيدًا عن شراك الأمريكان، حَيثُ ثمنُ المغامرة باهظٌ جِـدًّا، تدرك الرياض أن ثمن المغامرة هذه سيعني الكثير… فلا شيء يستحقُّ أن تضحِّيَ الرياضُ بأمنها واستقرارها “وكُلِّ شيء”… واليمنُ نهاية المطاف سيخرج منتصراً اقتصاديًّا كما كان منتصراً عسكريًّا..
وكما جاء في رسالة عضو المكتب السياسي، علي القحوم، “هنا نقولُ للأمريكي والبريطاني ولمن يستجيبُ لهم من دول المنطقة: إن أي تصعيد في هذا الجانب الاقتصادي يُعتبَرُ تصعيداً لا يَقِلُّ خطورةً عن التصعيد العسكري وسيقابَلُ ذلك بِـ رَدٍّ قاصِمٍ “ينهي” المؤامرة ويفشل الأهداف الخبيثة؛ فالاقتصاد مقابل الاقتصاد.. لكن اليد اليمانية هي الطولى وهي من لها القدرة أن تشلَّ عصبَ الاقتصاد، وهنا لا بُـدَّ من مراجعة الحسابات والاعتبار من تسع سنوات مضت وهي كافيةٌ للاعتبار”.
ومع كُـلّ هذا التصعيد “ما من شيء -كما قال السيد القائد- سيغيِّرُ موقف اليمن العزيز عن دعم الشعب الفلسطيني ومناصرته”.
المسيرة – إبراهيم العنسي:
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی المحافظات الجنوبیة المجلس السیاسی السید القائد سیطرة صنعاء هذا التصعید السعودی ة کما جاء بنک عدن مع ک ـل
إقرأ أيضاً:
بعد انتصار ترامب.. لبنان يخشى التصعيد ويتطلع للوعود
مع إعلان فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية، تتصاعد التساؤلات في لبنان بشأن الآثار المحتملة لوصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض على الأوضاع اللبنانية. إذ تلعب الولايات المتحدة دوراً محورياً في سياسات الشرق الأوسط، وتؤثر مواقفها الخارجية بشكل مباشر وغير مباشر على استقرار المنطقة.
وكان كل من المرشحين دونالد ترامب وكامالا هاريس قد وعدا في حملاتهما الانتخابية بالعمل على وقف إطلاق النار في لبنان وقطاع غزة. لكن يبقى السؤال: هل سيتمكن الرئيس الجديد من ترجمة هذه الوعود إلى واقع ملموس؟ وهل سيتجه لبنان نحو فترة تهدئة قريبة، أم أن قضيته ستظل تتأرجح ضمن أولويات الإدارة الأميركية الجديدة؟
وفي سياق موازٍ، تزداد المخاوف بين اللبنانيين من احتمال اندلاع حرب أوسع نطاقاً إذا نفذت إيران تهديداتها بضرب إسرائيل، وما قد يتبع ذلك من ردود فعل من قبل الأخيرة. ومع استمرار هذه التوترات، تثار تساؤلات بشأن قدرة واشنطن على الضغط على تل أبيب للحد من التصعيد، ومدى استجابة إسرائيل لهذه الضغوط.
غياب التغيير
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي أنه لا توجد مؤشرات تدل على تغييرات كبيرة في الإدارة الأميركية بشأن حربي غزة ولبنان في الأفق القريب، حتى بعد انتقال السلطة من الحزب الديمقراطي إلى الحزب الجمهوري.
ويوضح الزغبي أن سبب عدم توقع تغيير قريب في السياسة الأميركية يرجع إلى عاملين رئيسيين: "الأول أن الإدارة الجديدة تحتاج إلى وقت حتى 20 يناير المقبل لاستلام الرئيس الجديد سدة الرئاسة وتنظيم إدارته من خلال التعيينات الضرورية. أما السبب الثاني، فهو انتخابات الكونغرس، التي تكتسب أهمية كبيرة توازي أهمية انتخابات الرئاسة، خصوصاً مع حسمها لمصلحة حزب الرئيس الجمهوري".
ويشير الزغبي إلى أنه "يتعين انتظار فترة من الفراغ الدبلوماسي النسبي قبل اتخاذ قرارات حاسمة من قبل الإدارة الأميركية المنتخبة. وبالتالي، من المرجح أن تستمر الحرب في لبنان وغزة لأسابيع مقبلة، نظراً لبطء الحركة الدبلوماسية أو تجمّدها".
وفي هذا السياق يضيف الخبير الاستراتيجي، العميد المتقاعد ناجي ملاعب أن "الفائز في السباق الرئاسي لن يكون قادراً على اتخاذ قرارات فعلية قبل الموعد الرسمي لانتقال السلطة"، موضحاً أن "التصريحات التي أدلى بها ترامب خلال حملته الانتخابية بشأن اتخاذ خطوات فورية لا تتعدى كونها وعوداً انتخابية".
ويستبعد ملاعب امكانية استقرار في الشرق الأوسط، خاصة على الجبهتين اللبنانية والفلسطينية، في الوقت القريب، وذلك "لاستبعاد حدوث تحول جذري في السياسة الأميركية تجاه المنطقة".
كما يلفت ملاعب إلى أن "الرئيس جو بايدن قدّم دعماً غير مسبوق لإسرائيل، ومن المتوقع أن يستمر في تلبية متطلباتها إلى حين تسلّم الرئيس الجديد، وفي هذا السياق، أعلن الأمين العام الجديد لحزب الله، نعيم قاسم، عن تصعيد عسكري ضد إسرائيل، مما ينذر باستمرار حالة التوتر والعنف في المنطقة، في وقت لن تسمح إيران بانهيار حزب الله، الذي يعد رأس حربة في محورها بالمنطقة".
من جهته يرى الكاتب والباحث السياسي جورج العاقوري أن "نتيجة الانتخابات الأميركية، سواء كان فاز بها الجمهوريون أو الديمقراطيون، لن تغير من الثابت الأساسي في السياسة الأميركية أي "الحفاظ على أمن إسرائيل واستقرارها"، مشيراً إلى أن هذا المبدأ يعتبر "قاعدة لتقييم كل الخطوات الأميركية المقبلة في المنطقة".
ويشير إلى أن المرشحين للرئاسة الأميركية تعهدوا بالسعي لإنهاء الحرب في لبنان، "لكن التساؤل يبقى بشأن طبيعة الحلول المطروحة، التي باتت مرتبطة بقرار إسرائيلي اتخذ منذ 7 أكتوبر يقضي بالقضاء على أذرع إيران في المنطقة"، ويشدد على أن "الضربة التي تلقتها إسرائيل في ذلك اليوم، استدعت حلولاً جذرية منها، إذ أصبح الهدف وجودياً بالنسبة إليها".
"قرار نتانياهو واضح بمواصلة الحرب حتى تحقيق استقرار دائم"، كما يشدد العاقوري مذكّراً بأن" القرار 1701 تعرض لانتهاكات منذ 2006، "سواء عبر تحركات حزب الله العسكرية في منطقة الليطاني سواء تحت الأرض عبر بناء الأنفاق، أو فوق الأرض عبر نشاط جمعيات مثل جمعية أخضر بلا حدود، وكذلك عبر الخروق الإسرائيلية".
ويعتبر أن لبنان "ليس أولوية بحد ذاته في المعادلة الإقليمية، لكن ارتباط استقرار إسرائيل بالجبهة اللبنانية ودور حزب الله، يضع الملف اللبناني في الواجهة كأداة للتعامل مع الوضع الراهن".
وفيما يتعلق بالجهود المبذولة لوقف إطلاق النار، يوضح العميد الركن المتقاعد، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، الدكتور هشام جابر، في حديث لموقع "الحرة" أن "الأفق يبدو مسدوداً، لكن الجيش الإسرائيلي يعاني من استنزاف في جنوب لبنان ولم يحقق نتائج ملموسة. لذلك، قد يطرح نتانياهو صيغة لوقف إطلاق النار أو يستجيب للإدارة الأميركية الجديدة، فلن يقدم هدايا مجانية للرئيس بايدن بعد انتهاء ولايته".
في عين العاصفة؟
وسيبدأ الرئيس الأميركي الجديد بعد أسابيع "في صياغة سياسة خارجية واضحة، وخاصة تجاه الأزمات الكبرى، مثل الوضع في أوكرانيا والأزمة مع الصين حول تايوان، وكذلك الأوضاع في الشرق الأوسط، وتحديداً ما يحدث في غزة ولبنان"، كما يقول الزغبي.
ويشرح الزغبي أن "ترامب يتبع نهجاً متشدداً في مواجهة إيران، على عكس الديمقراطيين الذين سعوا إلى احتواء النفوذ الإيراني وربما إعادة إحياء الاتفاق النووي بشروط جديدة"، مشيراً إلى أن "كل ذلك يعني استمرار الحرب لأسابيع إضافية، مما قد يؤدي إلى تفاقم المآسي الإنسانية في لبنان".
ويوضح الزغبي أن فوز ترامب "يمنح إسرائيل ضوءاً أخضر أكثر حسماً، خصوصاً بعد تخلّص نتانياهو من معارضيه، لمواصلة عملياتها العسكرية بهدف تدمير ترسانة حزب الله العسكرية والتشكيلات المسلحة التابعة له، وهو ما قد يؤدي بشكل متسلسل إلى تراجع النفوذ الإيراني في دول عربية أخرى، مثل العراق واليمن، خاصة بعد أن بات النفوذ الإيراني في سوريا موضع اختبار في ضوء مواقف متحفظة اتخذها النظام السوري تحت ضغوط عربية وأوروبية وربما بتنسيق أميركي".
من جهة أخرى، يبرز جابر الفرق بين النهجين الديمقراطي والجمهوري، إذ يصف الديمقراطيين بأنهم "يظهرون أنفسهم كمعتدلين، لكنهم في الواقع يتبعون نهجا مكيافيليا: قبضة من حديد ترتدي قفازات من المخمل. أما الجمهوريون، فهم أكثر تشدداً، لكنهم صريحون في مواقفهم، ويعتقد جابر أن ترامب سيعمل على انهاء الحروب بعد وصوله إلى البيت الأبيض، إذ رغم دعمه الكبير لإسرائيل، إلا أنه لم يخض أي حرب خلال فترة رئاسته. بينما أظهرت إدارة بايدن دعماً غير مسبوق لإسرائيل رغم ما ترتكبه في غزة ولبنان".
ورغم الاختلافات بين الحزبين، يرى جابر أنهما "وجهان لعملة واحدة"، لكنه كان يتمنى كما يقول "فوز ترامب بسبب موقفه من لبنان، حيث يحمل شعوراً خاصاً تجاه هذا البلد وقد صرح بذلك".
حرب إقليمية محتملة؟
يدفع اللبنانيون "ثمن حرب بالوكالة، حيث تعتبر الأرض اللبنانية ساحة لصراع ممتد بين إيران وإسرائيل" كما يقول العاقوري "وأي تصعيد بين الجانبين قد يؤثر على استقرار المنطقة ككل، فيما سيبقى لبنان عالقاً في دوامة الصراع والدمار والدم، وربما قد يؤدي توسع النزاع إلى تخفيف الضغط على لبنان أو تسريع إخماد جبهته".
ويضيف العاقوري أن وصول ترامب إلى السلطة يعني "تصعيد الضغط الأميركي على طهران، كما حدث خلال ولايته السابقة حين شُدّدت العقوبات على إيران وتم اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، مما شكّل ضربة موجعة لنفوذ طهران الإقليمي".
كما يطرح العاقوري تساؤلاً بشأن ما إذا كانت إسرائيل ستكتفي بضرب أذرع إيران الإقليمية أو ستقبل بضمانات دولية تحدّ من نفوذ إيران، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة تمكنت حتى الآن من إبقاء الضربات الإسرائيلية ضد إيران محددة، وقد يكون الاستحقاق الانتخابي دافعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي للتريث في توسيع المواجهة، والأيام المقبلة ستكشف مسار التصعيد ومدى قدرة الإدارة الأميركية على ضبط وتيرة هذا النزاع".
وفي السياق نفسه، يشير الزغبي إلى ضرورة ترقب مواجهة محتملة بين إيران وإسرائيل، حيث "اعترفت إيران، ولو مؤخراً، بالتداعيات السلبية الكبرى للغارات الإسرائيلية الأخيرة، وهي تستعد للرد بشكل موجع وحاسم، مما يشير إلى احتمال رد إسرائيلي متوقع قد يكون أشد إيلاماً وأوسع نطاقاً من الردود السابقة، لكن فوز ترامب قد يعيد حسابات طهران في مسألة الرد العنيف".
ويشدد الزغبي على أن الوضع الحالي في الشرق الأوسط، وتحديداً الأزمات التي تلعب الإدارة الأميركية دوراً في حلها، يتطلب "وقتاً إضافياً لتقييم مدى التغيير المتوقع في السياسة الأميركية".
كذلك يعبّر جابر عن تخوفه من اندلاع حرب بين إيران وإسرائيل، مشيراً إلى أن "ردود الأفعال المحتملة بين الجانبين قد تؤدي إلى تصعيد أكبر، رغم أن إيران ليست لديها مصلحة في الدخول في حرب شاملة، كونها ستتحول في النهاية إلى صراع مباشر مع الولايات المتحدة".
وفي تعليقه على الضربة الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران، يؤكد ملاعب أن "طهران سعت إلى التقليل من أهمية الهجوم بإعلانها عن مقتل جنديين فقط، لكن تصريحات نتانياهو، التي أشار فيها إلى تدمير الدفاعات الجوية الإيرانية، وضعت إيران في موقف يفرض عليها الرد، وهي تنتظر موقفاً واضحاً من الرئيس الأميركي المنتخب، فيما تؤكد إسرائيل أن أي رد إيراني سيواجه بردٍّ مؤلم، مما يزيد من تعقيد الوضع في المنطقة".
ويشدد ملاعب على أن "إيران تعد الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك مشروعاً استراتيجياً، مما يضعها في مواجهة مع إسرائيل، رغم أن قدراتها لا تضاهي قدرات الأخيرة. وبعدما كانت تعتمد على أذرعها، وخصوصاً حزب الله في لبنان، لخوض هذه المواجهة، تجد نفسها الآن في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. وقد نشهد في الأيام المقبلة تصعيداً إضافياً بين الطرفين، بما في ذلك تصعيد من قبل حلفاء إيران وأذرعها في المنطقة، ومن ضمنهم حزب الله في لبنان".