#نظرية_المؤامرة د. #هاشم_غرايبه
لم تكن العلاقة بين الغرب ومنطقتنا العربية في أي يوم، وطوال الحقب التاريخية، مبنية على التعاون واحترام حسن الجوار، بل على العداء بسبب أطماع الغرب بخيرات هذه المنطقة.
لذلك قامت حروب كثيرة، لم يشنها العرب في أية مرة طمعا بالإستيلاء على مقدرات الأوروبيين أو التحكم في مصيرهم، بل العكس تماما، حملات عسكرية أوروبية متتالية قامت باحتلالات فترة ثم تطرد، لكنها لم تتخل عن إعادة الكرة مرات ومرات، وعندما تجد بالسيطرة العسكرية تلجأ للتآمر مع بعض ممن سقطوا في حبائلها لدوام سيطرتها الإقتصادية السياسية.
ظلت مشكلتها في تأمين استغفال أبناء المنطقة، لدوام الإستغلال، وتبرع لعونهم بعض أبناء الأمة جهلا وحماقة، فاعتقدوا أن بقاء هيمنة الغرب ينهض بالأمة، وخيرا مما سيحققه لها الدين، أو ممن أعمى عداؤهم للإسلام بصيرتهم، فكرسوا جهدهم لتمرير مؤامراته الدائمة، باختراع قصة أن المسلمين يتوهمون أن هنالك تآمر من الأعداء، وأطلقوا على ذلك مسمى نظرية المؤامرة، ليسكتوا كل من ينبه لها ويحذر منها، وفي المقابل يحيلون أية مصيبة تحيق بهم (مثل تقسيم الأمة وتنصيب أعوان الإستعمار قادة ونشر الفساد وافقار الدول بالقروض) يحيلون كل ذلك الى فشل منهج الإسلام في حل المشكلات والى طبيعة المسلمين الدموية والفاسدة، وهم في ذلك يحققون هدفين معا: إضعاف الأمة من أجل استسلامها وتقبل التبعية للغرب، والثاني إضعاف ثقة المسلمين بأنفسهم وبقدرة عقيدتهم على توحيدهم لصدهم عنها.
لذلك تنصب معركة الحريصين على أمتهم مع هؤلاء، على التوعية لإبطال الإحباط والتيئيس الذي يبثونه في النفوس.
لو عدنا الى جذور هذا التآمر لوجدناه مرتبطا بمحاولة الأوروبيين القضاء على الدولة العثمانية، لأنها كانت امتدادا تاريخيا للدولة الإسلامية التي ظلت تقاوم أطماعهم وتفشل اعتداءاتهم، تمثل ذلك في العمل باتجاهين:
الأول اختراق النظام العثماني المترهل، بعملاء المخابرات البريطانية، وتحمهم مفاصل الدولة العثمانية عن طريق جمعية الإتحاد والترقي العلمانية، وتمويلهم من يهود الدونمة، وتعيين الولاة من عملائهم على المناطق العربية، ودفعهم باتجاه القمع والتنكيل بالعرب من أجل إذكاء روح النقمة لديهم للثورة على الأتراك.
والثاني بالإتصال بالعرب المؤهلين لقيادة التمرد والثورة على الدولة العثمانية من الداخل، لتسهيل مهمة الأوروبيين الذين سيهاجمونها من الخارج.
انطلت الحيلة على الحالمين بتكوين مملكة عربية، طمعا بمساعدة الإنكليز لهم ودعمهم بالعدة والعتاد، وتولى المهمة رجل المخابرات البريطانية “لورنس”، وعلى هذا الأساس جرت محادثات (مكماهون مع الشريف حسين).
لم يكن الأمر يحتاج الى كبير ذكاء لمعرفة أن حماس الإنجليز لدعم ثورة الشريف حسين، ليس بدافع الصداقة، ولا هو عن اهتمام بمصلحة العرب وجمع كلمتهم.
ولما أحس الوطنيون بأن فرنسا وبريطانيا تخططان لتقاسم ما كان يفترض أن يكون مملكة هاشمية، اجتمع المؤتمر السوري عام 1920 ورفضوا تلك المؤامرة، فدعا الأوروبيون الأمير فيصل لحضور مؤتمر سان ريمو بصفته قائدا لجيوش الحلفاء وليس حاكما لسوريا، ورغم اعتراض الكثيرين إلا أنه سافر وهو يؤكد لهم ثقته الكاملة في بريطانيا.
كل ماجرى بعد ذلك معروف، وهو مجرد تفصيلات للمؤامرة، لكن المبهورين بالغرب لم يروا في كل ما حدث أي تآمر، وظلوا يبررون أفعالهم رغم التقسيم والإنتداب والإعتراف بالكيان اللقيط ثم دعمه وحمايته والتغطية على كل أفعاله.. ويقولون إننا نتوهم، فالغرب أخيار وليس لديهم أية أطماع بنا، بل نحن من يحقد عليهم بسبب تخلفنا وتقدمهم.
ثم في الحرب على (الإرهاب!) جاءت طائرات الغرب والشرق تسوي مدننا بالأرض، فضاعت الأوطان واحتلت الديار وشردت الشعوب تحت شعار تنقيتنا من الإرهاب….وما زال أولئك الأتباع يتهموننا بأننا نتوهم وجود المؤامرة!.
ومؤخرا، وحينما أحس الأشرار الطامعون بأن كل تآمرهم مع أعوانهم من داخل الأمة، وحربهم ضد المسلمين (الحرب على الإرهاب) لم ينفع في استئصال روح الجهاد التي هي المتصدي الوحيد للمؤامرة، التأم حلفهم من جديد، وأعلنوا وبكل وقاحة تأييدهم وتمويلهم لأقذر حرب شنت في التاريخ، كونها تستهدف بأسلحة التدمير الهائل منطقة القطاع المحاصرة والمكتظ بالمدنيين.
قال الشيخ البوطي رحمه الله عام 2008 ، ستشهد غزة معركة حاسمة لأنها ستحقق أمرين: نصرة أهل الحق، وانكشاف منافقي هذا العصر.
وبذا سيهزم الطرفان بإذن الله: مؤسسو المؤامرة، وأذنابهم مخدرو الشعوب تعمية عنها.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: نظرية المؤامرة
إقرأ أيضاً:
ازاي ربنا هيحاسب غير المسلمين على أعمالهم الصالحة؟.. علي جمعة يجيب
وجهت إحدى الفتيات سؤالا إلى الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، وعضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، تقول فيه "إزاي ربنا هيحاسب غير المسلمين على أعمالهم الصالحة؟".
وقال علي جمعة، في إجابته على السؤال، خلال برنامجه الرمضاني اليومي "نور الدين والدنيا"، إن الإسلام يشمل كل الديانات لقوله تعالى (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) فكل الأنبياء يصفون أنفسهم بأنهم مسلمون.
وأضاف أن غير المسلم إذا فعل الخير، فعلينا أن نكرمه ونتعامل معه ونفرح به ونشجعه على هذا الخير ونثمن فعله، أما الجنة فهذه لله تعالى وليست لنا فنحن لسنا أصحاب الجنة ولا نجزم أصلا بأننا من أهل الجنة.
وتابع: كان هناك رجل مشرك أيام الجاهلية اسمه عبدالله بن جدعان، كان لديه طبق قصعة مرتفعة يضع فيها الفتة والرز لأهل مكة من زوار بيت الله الحرام، فكان النبي كلما ذكر اسم هذا الرجل يتبسم ويسكت ولاحظ هذا الأمر السيدة عائشة، وقالت أهو في الجنة؟ قال لا هو في النار، كان يفعل ذلك لسمعة يتسمعها، ما قال يوما "رب اغفر لي خطئيتي يوم الدين" ففعل ذلك حتى يقال عنه أنه كريم.