بدأت المبادرة التي أطلقها رئيس الولايات المتحدة جو بايدن بشأن وقف إطلاق النار في غزة تلقى صدى عالميا، وتحظى بتأييد الكثير من الدول التي كانت تنادي منذ عدة أشهر بضرورة وقف الحرب امتثالا للقوانين الدولية أو امتثالا للأسباب الإنسانية بالنظر إلى حجم الجرائم التي ارتكبت في قطاع غزة.

واعتبرت الكثير من دول العالم المبادرة خطوة دبلوماسية مهمة تهدف إلى وقف الصراع المستمر في غزة.

وأجلت الكثير من الدول النظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها داعما أساسيا لإسرائيل في الحرب وأحد أهم المسلحين لها عبر التاريخ.

ونظر الجميع إلى المبادرة من الزاوية الإنسانية التي تسعى إليها حيث وصلت الأزمة الإنسانية في غزة إلى طريق مسدود. وتؤكد المبادرة على وقف مؤقت للحرب مقابل إطلاق سراح رهائن تحتجزهم حركة حماس، وتسهيل عبور المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها وكذلك تحقيق الاستقرار في المنطقة.

لقد تدهور الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير، حيث يتحمل المدنيون في القطاع وحدهم نتائج الحرب، ويمكن لوقف إطلاق النار أن يسمح بإيصال الإمدادات الطبية والغذاء وغيرها من المساعدات الأساسية إلى السكان المحاصرين الذين يعيشون مجاعة سيئة خاصة في شمال القطاع ووسطه.. وبالإضافة إلى ذلك، تهدف إلى خلق نافذة للجهود الدبلوماسية لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع وتمهيد الطريق لسلام أكثر استدامة. ورغم أن هذه الأهداف التي تبدو صعبة المنال بالنظر إلى فهم عقلية الحرب هناك إلا أن تحقيق جزء منها يمثل أهمية لا يمكن التقليل من شأنها.

لكنّ نجاح المبادرة يتوقف على قبول إسرائيل لها بشكل خاص.. وبالنظر إلى المبادرات السابقة التي طرحت منذ بداية الحرب في أكتوبر الماضي كانت إسرائيل تشعر بالقلق إزاء وقف إطلاق النار، حيث كانت تنظر إليه باعتباره فرصة لحماس لإعادة تجميع صفوفها وإعادة تسليحها.. لكن الحقيقة أن أهم شخص في الحكومة الإسرائيلية كان معطلا للاتفاقيات السابقة هو نتانياهو الذي ينظر إلى وقف الحرب ولو بشكل مؤقت هو انتهاء لحياته السياسية وبدء مرحلة ملاحقته الجزائية في إسرائيل نفسها قبل ملاحقات الجنائية الدولية. ومبادرة بايدن تتحدث عن إفراج مباشر عن الرهائن الإسرائيليين، وموضوع الرهائن كان على الدوام أكبر نقطة ضغط تعرض لها نتانياهو في الداخل الإسرائيلي، وأعلن في غير مرة أن إسرائيل ملتزمة بحماية مواطنيها وهزيمة حماس، لكنّ احتمال ممارسة ضغط دبلوماسي دولي على نتانياهو والرغبة في استعادة الرهائن يمكن أن تشكل عامل ضغط قوي على قرار إسرائيل، خاصة وأن أمريكا الداعم الأقوى لإسرائيل هي صاحبة المبادرة.

ويمكن أن يشكل قبول وقف إطلاق النار من جهة إسرائيل تخفيفا للانتقادات الدولية، ويحسن صورة إسرائيل على المستوى العالمي رغم أنها ستبقى صورة ملطخة بدماء الأطفال والنساء. ويمكن لنتانياهو أن يبحث في هذه الصفقة عن نصر معنوي لو استطاع فعلا الوصول إلى صفقة تطلق سراح الرهائن، ويظهر التزامه الذي تحدث عنه تجاه مواطنيه.

ويمكن أن يستفيد قطاع غزة من المبادرة في حال التوافق عليها عبر توفير إغاثة فورية للمدنيين الذين يعانون بشدة بسبب الحصار الجائر. ورغم أهمية السبب الإنساني في هذا السياق إلا أن حماس يمكن أن تحقق، أيضا، هدفا سياسيا عبر تعزيز موقفها في المفاوضات، سواء مع إسرائيل أو داخل المشهد السياسي الفلسطيني أو أمام دول العالم الغربي الذي لام هجوم حماس في السابع من أكتوبر.

أمّا إذا رفضت إسرائيل المبادرة فإنها تضع أمريكا في موقف معقّد. وشدد بايدن خلال حديثه عن المبادرة على أهمية الالتزام بالقانون الإنساني والدولي، وأن استمرار الصراع يمكن أن يؤدي إلى توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

ولا شك أن بايدن الذي يخوض هذا العام انتخابات صعبة جدا وحساباتها معقدة يريد أن يوصل لنتانياهو وحكومته أن كل الأوراق قابلة للحركة ومنها ورقة المساعدات العسكرية التي يمكن لأمريكا أن تنظر فيها خاصة إذا تم النظر إلى الإجراءات الإسرائيلية على أنها غير متناسبة أو تنتهك المعايير الدولية. إضافة إلى ذلك فإن رفض إسرائيل لوقف إطلاق النار يمكن أن يزيد من عزلتها دبلوماسيا، لا سيما بين الحلفاء الغربيين الذين يتحدثون بشكل متزايد عن الحاجة إلى هدنة إنسانية.

على الولايات المتحدة الآن تحريك كل أوراق الضغط التي تمتلكها ضد إسرائيل إذا لم يكن من أجل العدالة الدولية وحقوق الإنسان والإنسانية التي تنتهك في قطاع غزة فمن أجل صورة أمريكا بوصفها القوة الكبرى في العالم.. فهل تثبت أمريكا قوتها أو تؤكد ما يقال إن أمريكا في أضعف أوقاتها التاريخية؟!

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة وقف إطلاق النار یمکن أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

مبادرة توطين 40 ألف زريعة من الصفيلح في محافظة ظفار

العُمانية: يُنفذ مركز بحوث الثروة السمكية بمحافظة ظفار التابع للمديرية العامة للبحوث السمكية بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، مبادرة توطين 40 ألف زريعة من أذن البحر "الصفيلح"؛ ضمن أعمال البرنامج الدوري لتعزيز المخزون الطبيعي للصفيلح العُماني، والحفاظ على الموارد البحرية وتحقيق استدامة المصائد السمكية، إذ تشمل المبادرة المناطق الرئيسة للصيد في مرباط وسدح وحدبين وحاسك، بعد انتهاء موسم صيد الصفيلح مباشرةً للعام 2024م.

وقال المهندس سالم بن أحمد الغساني مدير مركز بحوث الثروة السمكية بمحافظة ظفار في حديث لوكالة الأنباء العُمانية: تعكس هذه المبادرة إدراك الوزارة أهمية أذن البحر كونه عنصرًا أساسيًّا في النظام البيئي البحري وموردًا اقتصاديًّا وثقافيًّا، إذ يُسهم تعزيز المخزون الطبيعي في معالجة مشكلات انخفاض أعداد أذن البحر الناجمة عن الصيد الجائر وتدهور الموائل الطبيعية، مما يعزز استدامة هذا المورد للأجيال القادمة.

وأضاف أن الصفيلح مصدر مهمٌّ للتنوع البيولوجي، ويقوم بدور في دعم التوازن البيئي للشعاب المرجانية، إلى جانب قيمته الاقتصادية العالية، خاصةً في الأسواق الآسيوية، ما يجعل استدامته ضرورة لدعم مصادر الدخل للصيادين المحليين والمجتمعات المرتبطة بهذا القطاع.

وحول أهداف مبادرة برنامج تعزيز المخزون الطبيعي وتوطين زريعة الصفيلح العُماني، وضح مدير مركز بحوث الثروة السمكية بمحافظة ظفار أنّ البرنامج يهدف إلى الإسهام في استدامة المخزون الطبيعي للصفيلح في المناطق المستهدفة من خلال توطين زريعة صفيلح مُنتجة في محطة الاستزراع السمكي بولاية مرباط وتوزيعها على مناطق الصيد في محافظة ظفار، مبيّنًا أن هذه الزريعة تُنتج عن طريق تحفيز أمهات الصفيلح للتكاثر في الأحواض، ثَمَ تربية الصغار المُنتجة لمدة تصل إلى 8 أشهر قبل استخدامها في أنشطة التوطين.

وتابع أنّ الزريعة المُنتجة تخضع للفحص المخبري للتأكد من خلوّها من مسببات الأمراض قبل توطينها في الطبيعة، ومن المتوقع أنّ تعود هذه الجهود بالفائدة على الصيادين المحليين من خلال زيادة الإنتاجية في المستقبل، إلى جانب دعم الصناعات المتعلقة بتجهيز وتصدير أذن البحر.

ووضّح أنّ هذه المبادرة تُسهم في وعي المجتمع المحلي بأهمية الممارسات المستدامة، مما يعزز روح الشراكة مع الصيادين للحفاظ على الموارد البحرية، بالإضافة إلى توفير الفرصة لجمع البيانات اللازمة لتحسين استراتيجيات إدارة المصائد البحرية في المستقبل.

وعن التحديات التي تواجهها المبادرة بيّن مدير مركز بحوث الثروة السمكية بمحافظة ظفار أنه رغم النجاح الأولي للمبادرة، لا تزال هناك تحديات تتعلق بمعدلات بقاء أذن البحر المزروع ما يتطلب تعزيز الجهود لحمايته من المفترسات والضغوط البيئية، إلى جانب استعادة وحماية الموائل الطبيعية التي تعد أساسية لنجاح توطين أذن البحر، مؤكدًا على أنّ تطبيق اللوائح المنظمة للصيد، المتمثلة في تحديد المواسم والأحجام المسموح بصيدها، يعد أمرًا بالغ الأهمية لضمان استدامة هذا المورد، لافتًا إلى أهمية إشراك المجتمعات المحلية في هذه الجهود من أجل تحقيق نجاح مستدام للمبادرة.

وأكد مدير مركز بحوث الثروة السمكية بمحافظة ظفار على أنّ توطين زريعة أذن البحر وتعزيز مخزونه الطبيعي يمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية لمصائد في ظفار، خاصةً إذا تزامنت هذه الجهود مع استراتيجيات فعّالة للرصد والحماية، كما يمكن أنّ تصبح المبادرة نموذجًا يُحتذى به في إدارة الموارد البحرية على المستويين الإقليمي والعالمي.

مقالات مشابهة

  • القوة المشتركة تكشف تفاصيل عملية عسكرية والسيطرة على قواعد عسكرية ودك مطار حربي لقوات الدعم السريع وأسلحة دخلت الى الخرطوم قبل الحرب وتتحدث عن الإتحاد الأوروبي
  • «الداخلية» تكشف حقيقة خطف 25 فتاة بالإسكندرية
  • 50 % توفير .. إطلاق مبادرة تحويل سيارات السولار للعمل بالغاز الطبيعي في بداية 2025
  • لتحقيق نسب مشاهدة.. الداخلية تكشف حقيقة اختطاف 25 فتاة
  • مبادرة توطين 40 ألف زريعة من الصفيلح في محافظة ظفار
  • إطلاق مبادرة «بطانية لكل محتاج» لدعم الأشقاء السودانيين والفلسطينيين بمصر.. صور
  • العرفي: يمكن البناء على “مبادرة خوري”
  • هل يكسب البرهان الحرب بسبب عقوبات بايدن المحتملة على حميدتي ؟؟
  • ملتقى صناع التأثير.. "كنوز السعودية" تكشف عن 11 عملًا جديدًا
  • بلينكن ينصح إسرائيل بالخروج من غزة وألمانيا وبريطانيا تدعوانها لوقف الحرب