يجب على إسرائيل أن توقف حملتها ضد الأونروا
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
ترجمة: أحمد شافعي -
أفضت حرب غزة تجاهلا صارخا لمهمة الأمم المتحدة، فكانت من مظاهر ذلك هجمات شنيعة على موظفي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ومرافقها وعملياتها.
يجب أن تتوقف هذه الهجمات ويجب على العالم أن يتحرك لمحاسبة مرتكبيها.
في الوقت الذي أكتب فيه هذه السطور، تحققت وكالتنا من مصرع ما لا يقل عن مائة واثنين وتسعين من موظفي الأونروا في غزة، وقد تعرض أكثر من مائة وسبعين مبنى تابعا للأونروا للأضرار أو للتدمير، وتهدمت مدارس تديرها الأونروا، ولقي قرابة أربعمائة وخمسين نازحا مصرعهم في أثناء لجوئهم إلى مدارس الأونروا ومبان أخرى.
ويتعرض موظفو الأونروا للمضايقات والإهانات بشكل منتظم عند نقاط التفتيش الإسرائيلية في الضفة الغربية ومنها القدس الشرقية. وتستخدم قوات الأمن الإسرائيلية وحماس وجماعات فلسطينية مسلحة أخرى منشآت الوكالة لأغراض عسكرية.
وليست الأونروا وكالة الأمم المتحدة الوحيدة التي تواجه الخطر. ففي أبريل، أصيبت مركبات برنامج الأغذية العالمي واليونيسف بإطلاق نار، عن غير قصد في ما يبدو، ولكنها تعرضت لها برغم التنسيق مع السلطات الإسرائيلية.
وقد امتد الاعتداء على الأونروا إلى القدس الشرقية، حيث ساعد أحد أعضاء بلدية القدس في التحريض على الاحتجاجات ضد الأونروا. ولقد أصبحت المظاهرات خطرا متزايدا، مع وقوع ما لا يقل عن هجومين عمديين على مجمع الأونروا، وتجمع حشد من الناس يضم أطفالا إسرائيليين أما مقرنا وهم يهتفون «فلتحرقوا الأمم المتحدة». وفي أحيان أخرى، ألقى المتظاهرون الحجارة.
ولم يقتصر أمر المسؤولين الإسرائيليين على تهديد عمل موظفينا ومهمتنا فحسب، بل إنهم أيضا ينزعون الشرعية عن الأونروا من خلال وصفها فعليا بأنها منظمة إرهابية تشجع التطرف، ومن خلال وصم قيادات الأمم المتحدة بالإرهابيين المتواطئين مع حماس. والمسؤولون الإسرائيليون ينشئون بذلك سابقة خطيرة تتمثل في الاستهداف الروتيني لموظفي الأمم المتحدة ومبانيها.
كيف تسنى ذلك كله؟ أين الغضب الدولي؟ إن غيابه في حد ذاته يعد ترخيصا بازدراء الأمم المتحدة يفتح الباب للإفلات من العقاب وللفوضى. ولو أننا تسامحنا مع مثل هذه الهجمات في سياق إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، فإننا لن نتمكن من التمسك بالمبادئ الإنسانية في صراعات أخرى حول العالم. فسوف يزيد هذا الاعتداء على الأمم المتحدة من تقليص أدواة السلام في أيدينا وسوف يزيد من تقليص أدوات مقاومة الأعمال غير الإنسانية في جميع أنحاء العالم. ولا يجب أن يصبح هذا هو العرف الجديد.
وفي حين أن إسرائيل معادية منذ أمد بعيد للأونروا، إلا أنها في أعقاب الهجمات البغيضة التي وقعت في السابع من أكتوبر أطلقت حملة للمساواة بين الأونروا وحماس وتصوير الوكالة بصورة الجهة التي تروج للتطرف. وفي بعد جديد من أبعاد هذه الحملة، أثارت الحكومة الإسرائيلية مزاعم خطيرة مفادها أن موظفي الأونروا متورطون في هجوم حماس.
ما من شك في أنه يجب التحقيق مع الأفراد المتهمين بارتكاب أعمال إجرامية، ومنها الهجوم المؤسف على إسرائيل. وهذا على وجه التحديد ما تقوم به الأمم المتحدة، ولا بد من محاسبة هؤلاء الأفراد من خلال الملاحقة الجنائية، ومعاقبتهم إذا ما ثبتت إدانتهم.
ومكتب خدمات الرقابة الداخلية، وهو أعلى هيئة تحقيق في منظومة الأمم المتحدة، هو الذي يتولى الإشراف على هذا التحقيق. فينظر في الادعاءات الموجهة إلى تسعة عشر من أصل ثلاثة عشر ألف موظف في الأونروا في غزة. وحتى الآن، تم إغلاق قضية واحدة لعدم توافر أدلة. وتم تعليق أربع قضايا لعدم كفاية المعلومات للمضي قدما. ولا تزال أربع عشرة قضية أخرى قيد التحقيق.
ولكن لا بد لنا من أن نميز بين سلوك أفراد وبين تفويض الوكالة لخدمة اللاجئين الفلسطينيين. وإنه لمن الظلم ومما ينافي النزاهة أن تتعرض مهمة الأونروا للهجوم على أساس هذه الادعاءات.
وفي ما عدا هذه القضايا، أثيرت مزاعم أخرى بالتواطؤ مع حماس، والتي أعتقد أنها جعلت العاملين في المجال الإنساني التابع للأمم المتحدة وأصولها - في نظر البعض - أهدافا مشروعة. ويمثل هذا خطرا على العاملين في الأمم المتحدة في كل مكان. فلا بد أن يتصرف العالم بشكل حاسم ضد الهجمات غير المشروعة على الأمم المتحدة، وليس ذلك فقط من أجل غزة والفلسطينيين، بل من أجل جميع الدول. وفي هذا الصدد، يأتي اعتماد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي للقرار رقم 2730 بشأن حماية العاملين في المجال الإنساني ليمثل تطورا موضع ترحيب.
إن لدى المجتمع الدولي طرقا للتصدي لارتكاب الجرائم الدولية، من قبيل المحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، فإن حجم ونطاق الهجمات ضد موظفي الأمم المتحدة ومبانيها في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الأشهر السبعة الماضية يستحق إنشاء هيئة تحقيق مستقلة ومخصصة بشكل عاجل، من خلال قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو الجمعية العامة، وذلك بهدف التأكد من الحقائق وتحديد المسؤولين عن الهجمات على وكالاتها. . ومن شأن مثل هيئة التحقيق هذه أن تضمن المحاسبة، والأهم من ذلك أن من شأنها أن تساعد في إعادة تأكيد حرمة القانون الدولي.
يجب علينا أن ندافع بشكل جدي عن مؤسسات الأمم المتحدة وما تمثله من قيم في مواجهة التمزيق الرمزي لميثاق إنشاء الأمم المتحدة، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال عمل قائم على المبادئ تقوم به دول العالم، ومن خلال التزام جميع الأطراف بالسلام والعدالة.
فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
خدمة نيويورك تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الأمم المتحدة فی الأونروا من خلال
إقرأ أيضاً:
منسق الأمم المتحدة: قلقون من قرار إسرائيل بتعليق دخول المساعدات لغزة
أعرب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ، عن قلقه من قرار إسرائيل تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
جاء ذلك حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، في نبأ عاجل.
وشدد منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية على ضرورة أن يصمد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
من جانبه قال وزير خارجية أيرلندا إنه يشعر بقلق بالغ إزاء إيقاف إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأضاف وزير خارجية أيرلندا أن أي تهديد لدخول المساعدات إلى غزة يشكل خطرا جسيما على حياة سكان القطاع.