هدى الحزامي**

يشهد العالم في العصر الحديث، تحولًا على مستوى العلاقات الدولية أفرز بداية فك الارتباطات التقليدية وبروز تحالفات سياسية وتكتلات اقتصادية جديدة تجمعها مصلحة مشتركة ومنفعة متبادلة ومصير مشترك ساهمت تداعيات الجائحة العالمية كوفيذ-19 و"الحرب الروسية الأوكرانية" التسريع فيها.

وتعد جمهورية الصين الشعبية اليوم، فاعلًا محوريًا على الساحة الدولية بسياستها الخارجية المبنية على السلم والتنمية.

أصبح تعزيز التنمية على مستوى العالم هدفًا رئيسيًا للدبلوماسية الصينية، وارتكزت أعمالها في تسويق وتفسير أهمية "حلم الصين للعالم" الذي يقوم على السلام والتنمية والتعاون والفوز المشترك.

زانخرطت الصين في بناء علاقات دولية جديدة محورها التعاون والفوز المشترك في إطار السلام والتنمية لبلوغ هدف عالمي ما فتئت تردده وتدعو إليه في المحافل الدولية وقد تبنته "منظمة الأمم المتحدة" وهو "تحقيق رابطة المصير المشترك للبشرية".

إن المتابع للسياسة الخارجية للصين، يلاحظ أنها تتجه في سياستها الاقتصادية إلى بناء علاقات وطيدة مع دول العالم الثالث النامي وخاصة الدول الأفريقية والعربية، فهي تعزز التعاون بين دول الجنوب المبني على الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة، وتدعمهم ماليًا بشروط ميسرة.

زتجسيدًا لخيار التعاون والفوز المشترك، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ خريف 2013، مبادرة ''البناء المشترك للحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن 21'' ودعي جميع أعضاء المنتظم الأممي الالتفاف حولها والمشاركة فيها للتشارك في ثمار التنمية العالمية تحقيقًا للغاية الكبرى وهي "بناء المصير المشترك للبشرية" والترابط في السلم والتنمية. هذه المبادرة تعتبر منصة هامة لممارسة بناء "رابطة المصير المشترك للبشرية".

زعززت مبادرة "الحزام والطريق"، العلاقات الراسخة في القدم بين الصين والدول العربية. إستجابت معظم الدول العربية، لدعوة الرئيس الصيني وإنطلقت منذ عام 2013 للالتحاق بالمبادرة ببناء علاقات تعاون إقتصادي مثمرة مع الصين تقوم على الفوز المشترك والمنفعة المتبادلة.

زأصدرت وزارة الخارجية الصينية في 12 يناير 2016 وثيقة هي الأولى من نوعها، ثمّنت فيها العلاقات التاريخية بين الصين والدول العربية ودعت إلى إقامة نوع جديد من العلاقات الدولية على أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وأكدت على مواصلة التعاون مع الدول العربية، وفق مبدأ المنفعة المتبادلة والكسب المشترك في شتى المجالات وخاصة الإقتصادية منها.

وتمثل الصين شريكًا تجاريًا وإقتصاديًا هامًا للدول العربية. فهي أكبر شريك تجاري لكل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعراق، وأهم شريك تجاري غير نفطي في الكويت، وثاني أكبر شريك تجاري لمصر.

وبفضل المبادرة تزداد فرص التعاون والكسب المشترك بين الجانبين الصيني والعربي، مما مهد لإقامة "الشراكة الاستراتيجية العربية الصينية"، التي تشكل نواة إقامة المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك في العصر الجديد.

وتفعيلًا للشراكة الاستراتيجية الصينية العربية، تعمل الصين على تطوير المزيد من المشاريع، في إطار "مبادرة الحزام والطريق"، وذلك بتكثيف التبادل والتفاعل في إطار "المعارض" و"المنتديات"، إذ تم إرساء آليات تعاون ثنائي مثل "منتدى التعاون الصيني العربي"، و"المعرض الصيني العربي" لتعزيز التبادلات التجارية والزراعية وتعميق التعاون في مجال التكنولوجيا" دفعًا بالتنمية.

لقد ارتفع مستوى التعاون الصيني العربي في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، إذ إستفادت الدول العربية الأعضاء على طول الحزام والطريق من الاستثمارات الضخمة المرصودة لمشاريع المبادرة سواء في البنية التحتية التقليدية أو البنية التحتية الجديدة للمرافق الرقمية وغيرها من المجالات، محققة بذلك نقلة تنموية نوعية تتسم بالاستدامة والجودة العالية.

ونستعرض فيما يلي بعض النتائج الباهرة التي حققتها الدول العربية في تعاونها مع الصين في العصر الحديث في إطار مبادرة "الحزام والطريق" في مستويات عدة منها:

1- المستوى الصناعي

المغرب: انضمت إلى مبادرة في نوفمبر 2017، نجحت في أطار المبادرة في جذب إستثمار صيني لتركيز مشروع بناء مدينة صناعية بالقرب من طنجة بقيمة 1 مليار دولار، من شأنه أن يمنح الصين محطة تكنولوجية بالقرب من أحد المرافئ الأكثر حركة في القارة الأفريقية.

الجزائر: نجحت الجزائر في استثمار إنضمامها لـ"مشروع القرن" منذ سبتمبر 2018، بجذب الاستثمار الصيني في القطاع الصناعي، من ذلك:

- 22 مارس 2022، وقعت الجزائر ممثلة في "شركة صونطراك" مع الصين عقد استثمار بقيمة 7 مليار دولار أمريكي لتركيز "شركة فسفاط وأسمدة كيميائية" في ولاية "تبسة، نصيب الجزائر 54 في المائة منها والتمويل من الصين.

-مايو 2022، وقعت شركة "سونطراك" الجزائر مع شركة "سينوبك" الصينية مذكرة لتطوير مناطق استخراج النفط في منطقة "زار زيتين" الجزائرية، بلغت قيمة الاتفاق 490 مليون دولار أمريكي.

2- مستوى تكنولوجيا الزراعة

تعد تكنولوجيا الزراعة أهم مجال تعاون في إطار المبادرة بين الصين ومختلف الدول الأعضاء المشاركين في بناء "طريق الحرير الجديدة". استفادت العديد من الدول العربية الأعضاء من تحديث زراعتها بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة الخاصة بالصين والتي يطلق عليها اسم "تصنيع 4.0"، مما أسهم بالرقي في القطاع كمًا وكيفًا.

وتم إنشاء عدد من مؤسسات التعاون الصيني العربي متعدد الأطراف مثل "المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا الزراعية" في نينغشيا سنة 2015. وتم إنشاء 8 مراكز ثنائية لنقل التكنولوجيا مع جامعة الدول العربية والسعودية والأردن وسلطنة عُمان ومصر وموريتانيا وغيرها.

وتم تنفيذ مشروعات تعاون في قطاع العلوم والتكنولوجيا الزراعية تشمل مجال "إنترنت الأشياء الزراعي"، و"التحكم الذكي الأخضر" و"توفير المياه".

موريتانيا: توجد مساحات شاسعة خضراء على حافة الصحراء الكبرى في موريتانيا مزروعة محاصيل علفية، طورها "المركز النموذجي الموريتاني للثروة الحيوانية" بمساعدة خبرات صينية كانت نتيجتها أن الصحراء أصبحت مراعي خضراء لإنتاج العلف. وكانت قبل بضع سنوات أرضًا قاحلة. إذ توجه خبراء صينيون متخصصون في التكنولوجيا الزراعية منذ عام 2017، إلى موريتانيا واستطاعوا زراعة محاصيل علفية على نطاق واسع مثل البرسيم والحشائش الطويلة في الصحراء الكبرى. وتم تطبيق هذا الإنجاز في العديد من المزارع في موريتانيا حيث تغطي الصحراء 82 في المائة من أراضيها.

توسع التعاون الدولي بين الصين والدول العربية في الميدان الزراعي في إطار المبادرة ليشمل الاستفادة من "نظام "بيدو" للملاحة عبر الأقمار الصناعية.

3- مستوى الطاقة

اتفقت المغرب مع الجانب الصيني، في إطار المبادرة الصينية أن تموّل الصين مشروعي الطاقة البديلة "نور2" و"نور3" المتفرعين على أكبر سابع مشروع توليد الطاقة من الشمس في العالم "مجمع نور للطاقة الشمسية".

4- مستوى الطاقة الخضراء

تعمل الصين على دفع بناء "الحضارة الإيكولوجية" بقوة والتنمية الخضراء والدورية المنخفضة الكربون متمسكة بـ"إتفاق باريس" حول تغيّر المناخ.

ودعمت الصين، في إطار المبادرة باستمرار "التنمية والتحول الأخضر" لكثير من الدول العربية، شركائها في البناء المشترك، عبر تعزيز الطاقة الشمسية وطاقة الرياح واستخدام التكنولوجيا في تخضير الصحراء ومواجهة الجفاف والتخفيف من إنبعاثات الكربون والغازات. شرعت الإمارات العربية المتحدة بالشراكة مع الصين، في إطار حدائق تعاون الطاقة الصناعية بين الصين ودول مبادرة الحزام والطريق، في تشغيل أكبر "مشروع طاقة شمسية مركزة" في العالم تحت إسم "نور أبوظبي".

5- المستوى التكنولوجي

استفاد العديد من البلدان العربية المنخرطة في بناء "الحزام والطريق"، من التكنولوجيا فائقة الجودة الصينية في عدة مجالات. بالإضافة إلى المجال الزراعي، انتفعت مختلف الأقطار العربية بتقنيات التقدم التكنولوجي الصيني في عدة مجالات.

وتم الإعلان في 29 مارس 2021 عن إطلاق المشروع المشترك "علوم الحياة وتصنيع اللقاحات في دولة الإمارات" بين مجموعة "جي 42" الإمارتية ومجموعة "سينوفارم" الصينية، والذي ساهم في تصنيع وإنتاج لقاح "سينوفارم "الصيني المضاد لوباء "كوفيد-19" في الإمارات وترويجه تجاريًا في مختلف العالم . وهو ما شكّل ثورة في مجالي العلوم والتكنولوجيا الحياتية في المنطقة.

6-مستوى الاقتصاد الرقمي

توخت مبادرة "الحزام والطريق" نمط الاقتصاد الرقمي في البناء المشترك لطريق الحرير الجديدة بالتنمية المدفوعة بالإبتكار. فجميع الدول الأعضاء يتعاونون في "الذكاء الاصطناعي" و"تكنولوجيا النانو" وغيرها من المجالات المتقدمة.

وجسّدت مبادرة الحزام والطريق هذا التمشي بآلية "طريق الحرير الرقمي للقرن 21"، وذلك بربط الدول على طول الحزام والطريق بالبيانات الضخمة و"الحوسبة السحابية" و"المدن الذكية"، بأن يتم إنشاء شبكة التعاون في نقل التقنيات على طول الحزام والطريق، تعزيزًا للتنمية الإبتكارية التكاملية الإقليمية وهو ما طوّر النمط التنموي للعديد من الدول العربية الأعضاء.

وأصبح بناء "طريق الحرير الرقمي"، جزءًا مُهمًا من التشارك في بناء "الحزام والطريق"؛ إذ شاركت الصين كلًا من مصر والسعودية والإمارات وغيرها، في إطلاق "مبادرة التعاون الدولي في الإقتصاد الرقمي في إطار الحزام والطريق".

7- مستوى التعاون المالي

اعتمدت وزارة المالية الصينية، في إطار تعزيز الدعم التمويلي في مجالات ترابط البنية التحتية وتواصلها والتجارة والاستثمار والتعاون في طاقة الإنتاج، "المبدأ التوجيهي للتمويل" بغية التنسيق مع وزارات المالية من 27 دولة من بينها دول عربية عدة. لا شك أن الموارد المالية، تخدم تنمية الاقتصاد الحقيقي للدول العربية على طول "الحزام والطريق". لذا نجد أن الصين والدول العربية قامت بأعمال التمويل المشتركة لمشاريع "الحزام والطريق". ولهذا الغرض تأسست في يوليو 2018 "الرابطة الصينية العربية للبنوك". هذا إلى جانب استعداد دول عربية عدة للتعامل بالعملة الصينية في مستوى التبادل التجاري حيث تسعى المملكة العربية السعودية منذ مارس 2022 إلى تسعير مبيعاتها النفطية إلى الصين بـ"الياوان".

توصيات لدعم التعاون الصيني- العربي

وللدفع بإقامة المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك في العصر الجديد، تعزيزًا للعلاقات الصينية العربية والإرتقاء بها من أجل المصلحة المشتركة للشعبين، نعتقد أن المستوى الدبلوماسي الرسمي وإن كان مهمًا للوصول إلى اتفاقات في المجال الاقتصادي. فإنه لا يكفي ويبقى قاصرًا، كون هناك اختلاف بين الثقافة العربية ونظيرتها الصينية من شأنه أن يؤثر على الهدف الأسمى المتمثل في مستقبل مشترك ثنائي. لذا نقترح أن تقوم جمهورية الصين الشعبية بمجهود أكبر في مستوى آليات الدبلوماسية الشعبية لدعم التقارب الثقافي بين الشعبين. نعتقد أنه بتقريب الثقافة الصينية من المواطن العربي بالتركيز على إنشاء دور ثقافة ومراكز رياضة في البلدان العربية تهتم بتعليم اللغة والألعاب الشعبية الصينية وتعريف المواطن العربي بثقافة وتاريخ الصين، يكون ذلك أنجع في تحقيق المجتمع الصيني العربي المشترك. فنشر الأفلام الصينية والترويج لرياضة "الكونغ فو"، يعرف المواطن العربي الصين أكثر من معرفته بها بالاتفاقات الدولية التقنية.

** أكاديمية تونسية مختصة في التعاون الدولي الاقتصادي وباحثة في الشؤون الصينية

** ورقة قدمت إلى الندوة الدولية عن “مستقبل العلاقات الصينية العربية في ظل مبادرة الحزام والطريق” التي نظمها مركز الدراسات الآسيوية والصينية (بلبنان) بالتعاون مع جريدة الرؤية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

معرض الكتاب يناقش مستقبل اللغة العربية

 


ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، شهدت القاعة الرئيسية ندوة فكرية حملت عنوان "اللغة العربية: رؤية مستقبلية"، حيث اجتمع نخبة من أعضاء مجمع اللغة العربية لمناقشة قضايا اللغة العربية بين الماضي والمستقبل.

شارك في الندوة كل من الدكتور مأمون عبد الحليم، والدكتور محمد فهمي طلبة، والدكتور محمود الربيعي، فيما أدار الحوار الدكتور عبد الحميد مدكور، الأمين العام لمجمع اللغة العربية، الذي استهل اللقاء بتوجيه الشكر إلى الهيئة العامة للكتاب، مشيدًا بأهمية هذا الحدث الثقافي الذي بات يحتل مكانة رفيعة بين معارض الكتاب الدولية.

تحدث مدكور عن اللغة العربية بوصفها لغة ذات خصوصية فريدة، فهي لم تنشأ من رحم لغة أخرى كما هو الحال مع اللغات الأوروبية مثل الفرنسية أو الإيطالية، بل تمتد جذورها عميقًا في التاريخ، حتى ظهرت منذ قرون طويلة بهذه القوة والثراء، متجليةً في الشعر والنثر، ثم ما لبثت أن انتشرت في مختلف أنحاء العالم.

من جانبه، طرح الدكتور محمود الربيعي رؤيته حول مستقبل اللغة العربية، مشيرًا إلى أن التنبؤ بمستقبل اللغات يعتمد على قراءة الحاضر، فكما أن لكل أمة مشروعًا قوميًّا تنطلق منه نهضتها، فإن اللغة يجب أن تكون في صميم هذا المشروع. وأكد أن العربية، مثلها مثل الكائنات الحية، تمر بمراحل من التقدم والتراجع، فلا يمكن أن تظل ثابتة كما هي، ولا أن تعود إلى شكلها القديم بحذافيره، بل ينبغي أن تتطور بما يلبي احتياجات الناطقين بها.

وانتقل الحديث بعد ذلك إلى مستويات اللغة، حيث استعرض الربيعي تصنيف اللغوي السعيد بدوي، الذي قسم العربية إلى عدة مستويات، منها "فصحى التراث"، التي باتت حكرًا على المواعظ الدينية، ولم تعد مستخدمة في الحياة اليومية، ما يجعلها غير مؤهلة لتكون لغة المستقبل. أما "فصحى العصر"، فهي الأقرب إلى الواقع، إذ تمثل تطورًا طبيعيًا لفصحى التراث، مع بعض التعديلات التي تجعلها أكثر سلاسة في الاستخدام. ولتجنب الانحدار نحو العامية، شدد الربيعي على أهمية التمسك بفصحى العصر، ودعمها عبر ثلاث ركائز أساسية: تحسين التعليم القومي، وإلزام وسائل الإعلام باستخدام الفصحى، وتقريب اللغة من الناس من خلال الفنون، كما فعلت أغاني أم كلثوم، التي جعلت العامة ينطقون العربية الفصحى دون شعور بالغربة عنها.

أما الدكتور محمد فهمي طلبة، فقد تناول محورًا بالغ الأهمية، وهو دور الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية، موضحًا كيف أصبحت التقنيات الحديثة جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية، خاصة مع تزايد أعداد الطلاب وصعوبة التواصل المباشر مع المعلمين. وأكد أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد ترف، بل بات ضرورة فرضها العصر، حيث يسهم في تصحيح الامتحانات إلكترونيًا، وتقييم مستوى الطلاب بدقة، وتطوير برامج تساعد على تعلم النطق الصحيح للعربية وقراءة القرآن بالتجويد، لتؤدي دورًا مشابهًا لدور المعلم الحقيقي. كما أشار إلى التعليم عن بعد، معتبرًا إياه أحد الحلول الذكية التي توفر بيئة تعليمية تفاعلية تحاكي الواقع.
وفي سياق استعراض اللغة العربية عبر العصور، قدم الدكتور مأمون عبد الحليم رؤية متفائلة، معتبرًا أن اللغة العربية اليوم تعيش واحدة من أزهى عصورها في مصر. وألقى نظرة على تاريخ العربية، موضحًا أنها في حقبة ما قبل الإسلام كانت محصورة في الجزيرة العربية، لكنها مع ظهور الإسلام وانتشار الفتوحات أصبحت لغة عالمية، ووصلت إلى الأندلس والبرتغال وجنوب فرنسا، بل إنها كانت لغة الإدارة والعلم في العصر العباسي، حيث دُرست بها الطب والهندسة والكيمياء في جامعات قرطبة، وظل كتاب "القانون" لابن سينا يُدرَّس في فرنسا لمدة 25 عامًا باللغة العربية.
غير أن الحال لم يبقَ على ما هو عليه، فقد شهدت العربية تحديات كبرى مع سقوط الأندلس، وامتداد الحكم العثماني، الذي فرض التركية كلغة رسمية، مما أدى إلى تراجع العربية في كثير من البلاد.

واستمر التدهور حتى القرن العشرين، حين عادت الحركة القومية العربية إلى الواجهة، ورافقها إحياء للغة العربية، حيث نشأت مجامع لغوية ومؤسسات تهتم بصونها وتطويرها، ما أعاد لها بعضًا من مكانتها المفقودة.

في ختام الندوة، أجمع المشاركون على أن اللغة العربية ليست مجرد أداة تواصل، بل هي هوية وثقافة وأساس لأي مشروع قومي نهضوي، مشددين على ضرورة دعمها عبر التعليم، والإعلام، والتكنولوجيا، لضمان بقائها لغة حية قادرة على مواكبة تطورات العصر والاستمرار في أداء دورها الحضاري.

مقالات مشابهة

  • انسحاب بنما من مبادرة “الحزام والطريق” الصينية
  • بنما تنسحب من مبادرة الحزام والطريق الصينية وتتهم أميركا بالكذب
  • صورة المبادرة الصينية هذا العام
  • بنما تنسحب من مبادرة الحزام والطريق الصينية
  • "دراسات الحدود الصينية المعاصرة".. نقاشات حول علم الحدود الصيني
  • معرض الكتاب يناقش مستقبل اللغة العربية
  • رؤية مستقبلية للغة العربية.. ندوة بمعرض الكتاب عن دور الذكاء الاصطناعي في التطوير
  • وزير الكهرباء يبحث مع سفير مصر الجديد لدى بكين تعزيز التعاون مع الشركات الصينية
  • وزير الكهرباء يلتقي السفير المصري الجديد لدى الصين لتعزيز التعاون
  • أسامة ربيع: تحديات صناعة النقل البحري تتطلب التعاون المشترك بين الدول