أسعار مرتفعة رغم الإقبال المحدود.. أسواق اللحوم في مصر بين نقيضين
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
شهدت أسواق اللحوم في مصر حالة من التناقض قبيل عيد الأضحى الذي يحل منتصف الشهر الحالي، إذ يعاني المستهلكون من ارتفاع ملحوظ في الأسعار، بينما يشكو التجار من ضعف الإقبال.
وأبلغ مستهلكون موقع "الحرة" عن عزوفهم هذا العام عن شراء الأضاحي، إذ يقول منصور (45 عاما)، موظف حكومي، رب أسرة مكونة من 5 أفراد: "مش (لن) هشتري أضحية، الأسعار نار.
والأمر ذاته تؤكده صفية (35 عاما)، التي تقول لموقع "الحرة": "احنا (نحن) عايزين (نحتاج) نقاطع اللحمة، الأسعار مش راضية تنزل ومحدش (لا أحد) بيفكر غير في نفسه. يعني اللي (الذي) ممعهوش (لا يمتلك) فلوس ميقدرش يشتري كيلو لحم لعياله في العيد؟".
"مستويات مبالغ فيها"وارتفعت أسعار اللحوم في مصر منذ ما يقرب العام، بنسبة تتجاوز الـ40 بالمئة، حسب عضو شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالجيزة، سعيد زغلول.
ويقول زغلول في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، إن "الأسعار وصلت إلى مستويات مبالغ فيها ليتراوح سعر الكيلوغرام الواحد من اللحم المذبوح بين 450 و480 جنيها (9.5 – 10 دولارات)".
ويضيف أن "أسعار الكيلوغرام من اللحم القائم (الماشية الحية من الأبقار) تتراوح بين 190 و200 جنيه (4 – 4.2 دولارات)"، كما أنها تختلف من منطقة إلى أخرى وفق "تكاليف الجزارين والتجار".
ويتابع: "السعر في منطقة الزمالك (الراقية بوسط القاهرة) غير السعر في منطقة إمبابة، أو في مصر الجديدة (شرقي القاهرة). كل منطقة لها تسعيرتها".
"قرار جريء".. كيف حلّقت الأسعار في مصر خلال 10 أعوام؟ بالتزامن مع قرار الحكومة المصرية زيادة سعر رغيف الخبز المدعوم بنسبة 300 في المئة لأول مرة منذ عقود، بحسب تصريحات لرئيس الوزراء ، مصطفى مدبولي، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي جدلا كبيرا بسبب غضب المصريين من استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية بين الحين والآخر.بدوره، يقول رئيس شعبة القصابين باتحاد الغرف التجارية في القاهرة، مصطفى وهبة، إن "هذه الأسعار منخفضة قليلا مقارنة بالمستويات التي وصلت إليها خلال شهر رمضان الماضي، حين تجاوز الكيلوغرام الواحد 500 جنيه (10.6 دولارات) في بعض المدن".
ويضيف وهبة في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة": "هناك تفاوت في الأسعار بين اللحوم المجمدة، واللحوم المصرية، إذ يتراوح سعر اللحوم المجمدة المستوردة بين 260 و270 جنيها (5.5-5.7 دولارات)، أما اللحوم البلدية المصرية بين 400 و450 جنيها (8.5 -9.5 دولارات)".
ويشير إلى ذات الأسعار التي تحدث عنها مسؤولو شعبة القصابين، المستهلك مصطفى، الذي يقول خلال حديثه إنه "خلال السنة اللي فاتت (الماضية)، كنت لا أشتري سوى كيلوغرام واحد من اللحوم الحمراء كل شهر أو شهرين".
ويضيف: "لو اشتريت 6 كيلوغرام كل شهر زي (مثل) ما كنت بعمل قبل سنتين، فأنا كدا هصرف تلت مرتبي على اللحوم بس، ما بالك بباقي المصاريف الأخرى اللي (التي) تحتاجها الأسرة".
وتواجه مصر ارتفاعا حادا في التضخم، إذ بلغ في أبريل الماضي نحو 31.8 بالمئة، وفق ما تظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. فيما يقول البنك الدولي، إن مصر من بين "البلدان الـ10 الأكثر تضررا من تضخم الغذاء في العالم".
إقبال محدودورغم الارتفاعات الكبيرة في الأسعار، فإن مسؤولي شعبة القصابين في القاهرة والجيزة، وبعض التجار ومربي الماشية، يشيرون إلى "ضعف إقبال من قبل المستهلكين على شراء الماشية واللحوم".
ويعلق عضو شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالجيزة، على الوضع الحالي بالقول، إن "الإقبال في الموسم الحالي أقل بكثير مما كان متوقعا، ويمكن القول إنه شبه معدوم، إذ لاحظنا هذا الانخفاض على مستوى الزبائن، وكذلك من قبل الجزارين على شراء الماشية على حد سواء".
ويتوقع تقرير نشرته وزارة الزراعة الأميركية، نوفمبر الماضي، انخفاض الاستهلاك المحلي للحوم البقري في مصر في السنة المالية 2024 بنسبة تقارب 6 بالمئة، مقارنة بالسنة المالية 2023، ويأتي ذلك نتيجة "انخفاض القدرة الشرائية وارتفاع التضخم، وكلاهما من العوامل المهمة التي تعيق نمو استهلاك لحوم البقر في مصر".
ويؤكد هذا أيضا، رئيس شعبة القصابين باتحاد الغرف التجارية في القاهرة، الذي يقول إن "أغلب الموطنين غير قادرين على شراء اللحوم. ومش كل الناس عندها قدرة شرائية هذه الأيام".
أعوام عديدة مقبلة لمصر مع صندوق النقد.. هل يتحمل المواطن "ثمن الإصلاحات"؟ في السادس من مارس الماضي، سمح البنك المركزي المصري بانخفاض قيمة الجنيه بأكثر من 60 بالمئة، لتنفيذ إصلاح اقتصادي لطالما طالب به صندوق النقد الدولي القاهرة، منذ الاتفاق على برنامج تمويلي قبل عام ونصف العام تقريبا.ويبلغ الحد الأدنى للأجور في مصر للقطاعين العام والخاص نحو 6000 جنيه شهريا (126.49 دولارا)، وهو ما يوازي 13.3 كيلوغراما من اللحوم بالأسعار الحالية المعلنة. فيما يشتكي مواطنون يعملون بالقطاع الخاص من رفض بعض الشركات زيادة الحد الأدنى الذي أقرته الحكومة خلال الأشهر القليلة الماضية، من المستوى السابق عند 3500 جنيه شهريا (73.78 دولارا).
فيما يعتبر زغلول خلال حديثه أن "السبب وراء عزوف المستهلكين يعود إلى عدم استقرار الأسعار، فلا يعرف الناس والتجار ما هو مصيرها، إذ ارتفعت فجأة بشكل كبير دون وجود تفسير واضح لهذا الارتفاع المفاجئ".
ما السبب؟ومع ذلك، يحمل زغلول "المستوردين مسؤولية الزيادة الكبيرة في الأسعار"، ويتهمهم "بالتلاعب في السوق المصرية، مع استيراد لحوم بأسعار زهيدة وبيعها على أساس أنها لحوم بلدية (محلية) بأسعار تنافسية".
ووفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يغطي الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء 63.8 بالمئة من إجمالي الاستهلاك، وفق آخر بيانات صادرة عام 2022.
بينما يشير تقرير وزارة الزراعة الأميركية، إلى تراجع إنتاج الماشية المصرية (مواليد العجول) في عام 2024 بنسبة 3 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، لتبلغ نحو 1.875 مليون رأس.
كما يتوقع انخفاض أعداد الماشية المصرية بنسبة 4 بالمئة إلى 7.8 ملايين رأس نهاية 2024، مقارنة بتقديرات عام 2023، نتيجة "ارتفاع معدل الذبح بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف وانخفاض أعداد الماشية المستوردة، نتيجة للأزمة المستمرة في السودان".
بدوره يقول وهبة إن المستوردين يرفعون الأسعار استنادا إلى ارتفاع أسعار الأعلاف في مصر، إذ تخضع المواشي المستوردة إلى فترة حجر لمدة 6 أشهر، قبل أن توافق وزارة الزراعة على إدخالها للسوق.
نظرة "إيجابية" للاقتصاد.. هل بدأت مصر بتجاوز أزمتها؟ بعد أشهر من تلقي الاقتصاد المصري ضرباتٍ أثّرت على تصنيفه في التقارير الدولية، تحفز صفقات استثمارية وبرامج إقراض دولية تحسين النظرة "الإيجابية" لمصر، فيما يؤكد محللون أن هذا لا يعني أن الدولة تجاوزت الأزمة المالية التي تحوم في الأجواء منذ فترة.ويضيف: "لكن الأزمة هنا ليست فيما يتعلق بزيادة أسعار المواشي المستوردة بناء على أسعار الأعلاف، بل في التعامل معها بعد الذبح على أساس أنها لحوم بلدية، إذ تجيز المجازر التابعة لوزارة الزراعة الأختام الحمراء المميزة للحوم مثلها مثل اللحوم المصرية".
ويتابع: "المستهلكون يعتقدون أن الجزار الذي يبيع اللحوم المحلية بسعر 450 جنيها حرامي (لص)، في المقابل هناك من يبيع اللحوم بسعر 350 جنيها، غير أنها في الأساس لحوم مستوردة من كولومبيا بأسعار زهيدة للغاية، وتباع بسعر يقارب السعر الرسمي".
وتواصل موقع "الحرة" مع المتحدث باسم وزارة الزراعة المصرية، أحمد إبراهيم، عبر تطبيق "واتساب" لطلب التعليق، لكن لم يتسن الحصول على رد حتى نشر هذا التقرير.
بدوره، يشير زغلول إلى أن جزءا كبيرا من السوق المصرية بات يعتمد على الماشية المستوردة، حيث يتم استيراد أغلب الماشية الآن من كولومبيا بالإضافة إلى جيبوتي، وجزء قليل من السودان بسبب المعارك الدائرة به.
وانخفضت واردات مصر من رؤوس الماشية السودانية بنحو النصف خلال عام 2023، لتصل إلى 100 ألف رأس فقط، وفق تقرير وزارة الزراعة الأميركية، الذي يقول إن "الأزمة السودانية أدت إلى ضغوط إضافية على منتجي اللحوم والألبان المصريين".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: شعبة القصابین وزارة الزراعة فی الأسعار فی مصر
إقرأ أيضاً:
أسواق "اليوم الواحد".. مبادرة حكومية لخفض الأسعار وتحقيق العدالة الاجتماعية
تعد أسواق "اليوم الواحد" من أبرز المبادرات الحكومية التي تهدف إلى تخفيف العبء الاقتصادي على المواطنين في ظل تزايد ارتفاع الأسعار، ورغم الإقبال الكبير على هذه الأسواق، إلا أن العديد من التساؤلات لا تزال تدور بين المواطنين حول استمرارية هذه الأسواق، جودة السلع المعروضة فيها، وتأثيرها على السوق المحلي.
في هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز هذه التساؤلات ونقدم إجابات عنها بناءً على تصريحات وزارة التموين والتجارة الداخلية.
هل ستكون أسواق اليوم الواحد" مستمرة أم موسمية؟من أكثر الأسئلة تداولًا بين المواطنين هو ما إذا كانت أسواق "اليوم الواحد" ستستمر بشكل دائم أم أنها مجرد تجربة موسمية، في هذا السياق، أكدت وزارة التموين والتجارة الداخلية أن هذه الأسواق ليست مبادرة موسمية، بل هي جزء من خطة الحكومة لتوفير السلع الأساسية بأسعار مخفضة على مدار العام. وأضافت الوزارة أن هناك خططًا للتوسع في هذه الأسواق لتشمل مزيد من المحافظات، مع زيادة عدد الأسواق في كل محافظة. الهدف هو جعل هذه الأسواق جزءًا من الحلول المستدامة لتوفير السلع بأسعار معقولة، وتحقيق استقرار السوق وتقليل الحلقات الوسيطة.
هل توفر أسواق "اليوم الواحد" سلعًا بأسعار أقل دائمًا؟يُثار تساؤل آخر حول ما إذا كانت أسواق "اليوم الواحد" تقدم دائمًا أسعارًا أقل من السوق المحلي. وأوضحت الوزارة أن هذه الأسواق تسعى لتوفير السلع بأسعار أقل، حيث يتم بيع السلع مباشرة من المنتجين والموزعين إلى المستهلكين، مما يقلل من دور الوسطاء ويخفض الأسعار بنسبة تتراوح بين 20% إلى 30% حسب نوع السلعة. ومع ذلك، ونظرًا للتقلبات الاقتصادية وارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل، قد تتفاوت الأسعار من سوق لآخر، إلا أن أسواق "اليوم الواحد" تظل خيارًا مفضلًا لكثير من المواطنين مقارنة بالأسواق الأخرى.
ضبط سلع تموينية ومواد غذائية منتهية الصلاحية بإهناسياهل تشمل أسواق "اليوم الواحد" جميع السلع الأساسية؟
تساءل البعض عن مدى شمولية أسواق "اليوم الواحد" لجميع السلع الأساسية. ورغم أن هذه الأسواق توفر العديد من السلع الغذائية الأساسية مثل الزيت، السكر، الأرز، والخضروات والفواكه، إلا أن هناك تساؤلات بشأن توفير سلع أخرى مثل المنظفات والمنتجات الاستهلاكية الأخرى. وزارة التموين أكدت أنها تعمل على توسيع نطاق السلع المعروضة في هذه الأسواق لتشمل منتجات إضافية تلبية لاحتياجات الأسرة المصرية، مثل المنظفات وبعض السلع الاستهلاكية الأخرى.
هل تؤثر أسواق "اليوم الواحد" على السوق المحلي؟يطرح البعض سؤالًا عن تأثير هذه الأسواق على تجار التجزئة المحليين. ورغم أن أسواق "اليوم الواحد" تقدم تخفيضات كبيرة على السلع، إلا أن بعض التجار المحليين يخشون من أن تؤدي هذه المبادرة إلى تقليص الطلب على المنتجات المحلية وتضر بمبيعاتهم. وزارة التموين أكدت أنها تهدف إلى تحقيق التوازن بين دعم المستهلكين من خلال توفير السلع بأسعار منخفضة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على استقرار السوق المحلي. الحكومة تسعى إلى تقليل دور الوسطاء وتنسيق التوزيع بين أسواق "اليوم الواحد" والأسواق المحلية لضمان عدم التأثير السلبي على النشاط التجاري في المحلات الصغيرة.
كيف تضمن الدولة جودة السلع في أسواق "اليوم الواحد"؟من الأسئلة المهمة التي يطرحها المواطنون حول جودة السلع في أسواق "اليوم الواحد"، خاصة في ظل المخاوف من تداول سلع غير مطابقة للمواصفات. الوزارة أكدت أن جميع السلع المعروضة في هذه الأسواق تخضع لرقابة صارمة من إدارة الرقابة التجارية، حماية المستهلك، و هيئة سلامة الغذاء. يتم فحص السلع قبل طرحها للتأكد من أنها تتوافق مع معايير الجودة والسلامة. وفي حال اكتشاف أي مخالفات، يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أن المنتجات المعروضة آمنة للاستهلاك.
مزايا أسواق "اليوم الواحد"خفض التكاليف للمستهلكين: من خلال تقليل عدد الوسطاء بين المنتج والمستهلك، يمكن للمواطنين شراء السلع بأسعار أقل، مما يساهم في تخفيف آثار التضخم وارتفاع الأسعار.جودة عالية بأسعار مناسبة: يتم التأكد من جودة المنتجات المعروضة في أسواق "اليوم الواحد"، مع تقديم تخفيضات تصل إلى 30%، مما يمثل دعمًا مباشرًا للأسرة المصرية.سهولة الوصول إلى السلع: توفر هذه الأسواق السلع الأساسية في أماكن قريبة من المواطنين، مما يوفر لهم الوقت والجهد في الحصول على احتياجاتهم اليومية. ضبط 3 آلاف عبوة سلع غذائية منتهية الصلاحية بالفيوم
التعاون بين القطاعين العام والخاص
من أهم مميزات أسواق "اليوم الواحد" هو التعاون المثمر بين القطاع العام والخاص. هذه المبادرة تساهم في دعم المزارعين والمصنعين المحليين من خلال تسويق منتجاتهم مباشرة للمستهلكين، كما تقلل من دور الوسطاء الذي يرفع الأسعار. هذا التعاون يعزز من قدرة القطاع الخاص على المشاركة الفعّالة في تلبية احتياجات السوق المحلي، ويضمن توافر سلع ذات جودة عالية بأسعار معقولة.