ييدو أن طوفان المقاطعة الذي انطلق مع عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر العام الماضي وحرب الإبادة على غزة - يبدو أنه قد أفقد العديد من الشركات المستهدفة بالمقاطعة صوابها. حيث تشير الأرقام والملاحظات العامة إلى انخفاض ملحوظ بالمبيعات للعديد من هذه الشركات بدرجات متفاوتة نتيجة حملات المقاطعة. وعلى الرغم من أنه من المفترض أن تتبني الشركات التي تكبدت خسائر كبيرة من جراء المقاطعة لاستراتيجية الصمت أو الاختفاء المتعمد لحين هدوء الأوضاع ومن ثم الظهور تدريجيا لاستعادة النشاط.
هل هذه الشركة متيقنة أن ردة فعل الجمهور ستحقق نتائج إيجابية على المستوى القصير والبعيد؟
هل تراهن هذه الشركة على الانعدام التام للوعي لدى المستهلك المصري والعربي؟ وأن غرائزه مثل الجوع والعطش هى المحرك الأساسي له؟
هل تراهن شركة بيبسي على رصيدها لدى عقل ووجدان المستهلك الذي استثمرت فيه مليارات الدولارات عبر عدة عقود؟ وأن هذا المستهلك الذي نشأ وتربى على اسمها وصورتها ومنتجاتها بكل مكان لن تهون عليه أن يتخلي عنها عاجلا أو آجلا؟
ومن حيث السوق والمنافسة هل تأكدت بيبسي من أنه من الصعب تعويضها أو إحلالها بمنتجات أخرى بديلة.. وأنها تتسيد وتتربع على عرش السوق المصري والعربي؟ ومن حيث توقيت نشر إعلان "خليك عطشان" وهو مع بداية فصل الصيف.. وهو الموسم الأعلى مبيعا للشركة هل تراهن أيضا على أن تأثير لهيب الصيف على ظما الجمهور المنادي بالمقاطعة سيكون أقوى من لهيب القنابل والنيران التي تحرق أطفال غزة؟
الحقيقة أنني لو كنت مسؤولا عن منح جائزة أفضل إعلان استفزازي هذا العام لمنحته لشركة بيبسي!! فهو مستفز غريزيا وعاطفيا لعموم الجمهور والمستهلكين، ومستفز لأصول وقواعد التسويق والإعلان، ومستفز للمنافسين باعتبارهم لاوزن لهم بالسوق أمام بيبسي.. ومستفز للمستثمرين الجدد الذين يفكرون في دخول السوق بأنهم خاسرون حتما امام بيبسي حتى من قبل النزول للملعب!!
وعلى المستوى الشخصي وبحكم تخصصي وعملي بمجال بحوث ودراسات التسويق لست مندهشا من استفزاز إعلان بيبسي.. فعادة ما يوظف المسوقون كل الأدوات والوسائل من أجل إحداث التأثير على الجمهور المستهدف استنادا إلى دراسات وأبحاث دقيقة لكل جوانب هذا الجمهور.. فهم بالطبع على دراية بخصائصه وبما يناسبه من استمالات إقناعية. تماما كما هو الحال بنوعية الخطاب الموجه من حكومات الدول الغربية الكبرى للشعوب العربية.. خطاب الاستعلاء والغطرسة والتبعية.. خطاب من الأعلى للأدني.. ومع ذلك حسابات المستقبل المفاجئة ربما تقلب كل شيء.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً: