جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-07@13:35:27 GMT

الصورة هي الرسالة

تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT

الصورة هي الرسالة

 

محمد رامس الرواس

الحرب التي تخوضها المُقاومة الفلسطينية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي هي معركة ذات أربعة أبعاد؛ البعد الأول من جانب واحد وهو القصف الجوي، والبعد الثاني المعركة البرية، أما البُعد الثالث فيتمثل في الحرب الاستخباراتية، بينما يتضح البعد الرابع من خلال الحرب الإعلامية، ولقد وُفِقَت المقاومة الفلسطينية في استخدام واستعمال الأدوات الإعلامية لصالحها، فكانت لها الريادة في حرب غزة الإعلامية، فأجادت في استخدام الإعلام عبر بث رسائلها بالصوت والصورة؛ مما كان له الأثر الكبير في إرباك العدو، ودفعه لتغيير خططه العسكرية، وبالتالي أهدافه السياسية التي لم تتحقق أصلًا، وكانت هذه حرب إعلامية تخوضها حماس بكل جدارة ودهاء عبر إعلامها العسكري، الذي يتابعه الشارع الإسرائيلي لحظة بلحظة أكثر من غيره!

لقد جعلت المقاومة الفلسطينية- مُمثلة بإعلامها العسكري؛ سواء لكتائب القسام أو سرايا القدس-  من الصورة رسالة موثقة بأدلة وبراهين لا تقبل الشك، ومدعومة بحقائق واقعية وجَّهتها إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي والشارع الإسرائيلي على حدٍ سواء، بين الحين والآخر، مما أوقع فيهم ضررًا نفسيًا بليغًا.

ومن يدير الإعلام العسكري للمقاومة الفلسطينية في هذه المرحلة العصيبة "مرحلة الذروة"- كما يُطلِق عليها المحللون العسكريون- أُناسٌ أذكياء ودهاة؛ إذ يختارون الوقت المناسب لبث ما يريدون أن يوصلوه إلى العدو، فأحيانًا قد ينتظرون حتى انسحابه من أحد الأحياء بغزة أو أحد المخيمات، ويقومون بعد ذلك بنشر ما يريدون قوله؛ ليؤكدوا أن جيش الاحتلال قد انسحب مُرغمًا ومُكرهًا دون تحقيق هدف، ولم يحقق سوى التخريب وقتل المدنيين العزل. وكان عنوان رسائل إعلام المقاومة دائمًا المصداقية، إضافة إلى أنه يختار التوقيت المناسب والصورة المناسبة والكلمة المناسبة باحترافية ومهنية عالية.

ومن خلال هذا الثلاثي (المصداقية والصورة والكلمة)، وبتفاصيل محسوبة وكلمات مختارة، استطاع أن يُحرز نجاحًا باهرًا في الحرب الإعلامية ضد العدو الإسرائيلي؛ مما ألقى عبئًا كبيرًا وثقيلًا على معنويات جيش الاحتلال، الذي لم يحقق أي استحقاق ونصر في الميدان! الأمر الذي جعله أسير الكذب والتزييف وعدم المصداقية، مضيفًا على سرديته آلاعيب وخداعًا للداخل الإسرائيلي والمجتمع الدولي. وبالتالي، انعكس ذلك في هيئة ضغوط قوية على مجلس الحرب وحكومة الاحتلال في الجانب السياسي؛ مما ألزم مجلس الحرب الإسرائيلي بأن يُغيِّر سياسته ويُغيِّر أهدافه، وبالتالي سيدفعه ذلك عاجلًا أو آجلًا إلى الذهاب إلى طاولة المفاوضات مرغمًا، وليس كمين جباليا عنَّا ببعيد، فقد انتظر الإعلام العسكري للمقاومة بعد ما أعلن أبو عبيدة ما حدث قبل أسبوع، حتى خرج جيش الاحتلال ذليلًا من مخيم جباليا؛ فأعلن عن حقائق كان قد أَخبَرَ عنها مُسبقًا، ومنها قتل وأسر جنود إسرائيليين في الكمين. وهذا النوع من الحروب الإعلامية مطلوب بشدة في حروب الاستنزاف؛ فهي تضع من يجيد استخدامها في موقع لا يسمح لخصمه إعلان نصر أو استحقاق حتى لو كان وهميًا.

إنَّ الأداء الميداني الرائع لكتائب الشهيد عز الدين القسام، وبقية فصائل المقاومة، يمضي بانسجام وتوافق تام مع أداء الإعلام العسكري، الذي يُوثِّقُ كل الأحداث والمعلومات أولًا بأول، عن إدائه العسكري والميداني، ويبث ما لديه من صورة دعائية تخاطب الشارع والجيش في إسرائيل مباشرةً، وهو ما تسبب في تفجير المظاهرات والاحتجاجات التي نشاهدها باستمرار لأهالي الأسرى مع من يُساندهم. هذا إلى جانب ما فرضه من ضغوط على الحكومة الإسرائيلية بضرورة استعادة الأسرى عبر الدبلوماسية؛ بل وأكثر من ذلك من خلال المطالبة بإسقاطها، ووقف الحرب والذهاب إلى طاولة المفاوضات.

لقد كان أداء الإعلام العسكري الفلسطيني بمقاطِعِه الإعلامية مقنعًا جدًا وبدرجة ممتاز في المجال الدعائي تحديدًا، فقد عصفت هذه الفيديوهات بأوراق مجلس الحرب والحكومة الإسرائيلية وبعثرتها، من خلال ما يتم نشره من مقاطع دعائية تترك في نهايتها عبارة "ما سُمح بنشره"، وكأنَّ هناك تكملة للصور وبقية للحديث، وأن هناك معلومات ستُنشر لاحقًا في حينها، وستكون بمثابة تحطيم معنوي لجيش الاحتلال الإسرائيلي، لكن في الوقت المناسب!

وأخيرًا.. إنَّ الإعلام العسكري للمقاومة الفلسطينية مارس دورًا كبيرًا في تحطيم المعنويات النفسية للجيش الإسرائيلي وتأجيج مشاعر أهالي الأسرى، وقد نَفَذَ بمعلوماته الصادقة والصادمة، إلى منازل الإسرائيليين وفي عقر دارهم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ما سر سحب الجيش الإسرائيلي فرقة الاحتياط 252 ؟

 عمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى سحب فرقة الاحتياط 252 من قطاع غزة في ظل الحرب الإسرائيلية التي تدخل عامها الثاني.

وبدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي الحرب بعدة فرق عسكرية ووصلت إلى 5 في الفترة الأخيرة ثم تم الإعلان عن سحب فرقة الاحتياط 252 حيث تم السحب تدريجيا في ظل الخسائر التي تلقها الجيش الإسرائيلي على يد الفصائل الفلسطينية، بحسب صحيفة «معاريف» الإسرائيلية.

تفاصيل سحب فرقة الاحتياط 252

يشار إلى أن إذاعة الجيش الإسرائيلي أعلنت بقاء بشكل رسمي 3 فرق من جيش الاحتلال الإسرائيلي وهي 99 و98 و162، تركز الفرقة 98، عملياتها في خان يونس جنوباً، فيما تركز الفرقة 99 وادي غزة، الذي يقسم القطاع إلى شطرين؛ شمالي وجنوبي، بينما تعمل الفرقة162 في المناطق الشمالية، لا سيما بيت حانون، ومخيم جباليا.

سبب سحب فرقة الاحتياط 252

وفي خان يونس وحدها لا تزال هناك 7 ألوية تقاتل جنوب غزة، بعد أن كانت أربعة في الأصل.

وتدخل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عامها الثاني بين الفصائل الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي التي استشهد فيها حتى الآن أكثر من 43 ألف فلسطيني أغلبهم من الأطفال والسيدات وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط انتشار كوارث إنسانية، وتوسعت الحرب لتشمل جنوب لبنان منذ الثامن من أكتوبر 2023، اغتالت إسرائيل الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله الجمعة السابع والعشرين من سبتمبر الماضي، ثم اغتالت يحيى السنوار يوم 17 أكتوبر الجاري.

 

مقالات مشابهة

  • ارتفاع الإنفاق العسكري.. كيف أثرت حرب غزة على الاقتصاد الإسرائيلي؟
  • مدفعية الجيش الإسرائيلي تطلق قذائفها بكثافة باتجاه شرق مدينة رفح الفلسطينية جنوب غزة
  • الصحة الفلسطينية: شهيد برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنين
  • مرشد: انضمام مصر لخطاب وقف تصدير الأسلحة إلى الاحتلال الإسرائيلي يؤكد دعم القضية الفلسطينية
  • ما سر سحب الجيش الإسرائيلي فرقة الاحتياط 252 ؟
  • الكونغرس العالمي للإعلام 2024 يشهد انعقاد سلسلة من المختبرات الإعلامية المبتكرة
  • المقاومة الفلسطينية تشتبك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين محققة إصابات مؤكدة في صفوفها
  • رئيس أركان جيش الاحتلال يطالب «نتنياهو» بوقف الحرب
  • «الصحة الفلسطينية»: 3 شهداء في عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قباطية
  • الصحة الفلسطينية: ارتفاع شهداء جنين إلى 5 برصاص الاحتلال الإسرائيلي