جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-25@21:41:34 GMT

الصورة هي الرسالة

تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT

الصورة هي الرسالة

 

محمد رامس الرواس

الحرب التي تخوضها المُقاومة الفلسطينية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي هي معركة ذات أربعة أبعاد؛ البعد الأول من جانب واحد وهو القصف الجوي، والبعد الثاني المعركة البرية، أما البُعد الثالث فيتمثل في الحرب الاستخباراتية، بينما يتضح البعد الرابع من خلال الحرب الإعلامية، ولقد وُفِقَت المقاومة الفلسطينية في استخدام واستعمال الأدوات الإعلامية لصالحها، فكانت لها الريادة في حرب غزة الإعلامية، فأجادت في استخدام الإعلام عبر بث رسائلها بالصوت والصورة؛ مما كان له الأثر الكبير في إرباك العدو، ودفعه لتغيير خططه العسكرية، وبالتالي أهدافه السياسية التي لم تتحقق أصلًا، وكانت هذه حرب إعلامية تخوضها حماس بكل جدارة ودهاء عبر إعلامها العسكري، الذي يتابعه الشارع الإسرائيلي لحظة بلحظة أكثر من غيره!

لقد جعلت المقاومة الفلسطينية- مُمثلة بإعلامها العسكري؛ سواء لكتائب القسام أو سرايا القدس-  من الصورة رسالة موثقة بأدلة وبراهين لا تقبل الشك، ومدعومة بحقائق واقعية وجَّهتها إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي والشارع الإسرائيلي على حدٍ سواء، بين الحين والآخر، مما أوقع فيهم ضررًا نفسيًا بليغًا.

ومن يدير الإعلام العسكري للمقاومة الفلسطينية في هذه المرحلة العصيبة "مرحلة الذروة"- كما يُطلِق عليها المحللون العسكريون- أُناسٌ أذكياء ودهاة؛ إذ يختارون الوقت المناسب لبث ما يريدون أن يوصلوه إلى العدو، فأحيانًا قد ينتظرون حتى انسحابه من أحد الأحياء بغزة أو أحد المخيمات، ويقومون بعد ذلك بنشر ما يريدون قوله؛ ليؤكدوا أن جيش الاحتلال قد انسحب مُرغمًا ومُكرهًا دون تحقيق هدف، ولم يحقق سوى التخريب وقتل المدنيين العزل. وكان عنوان رسائل إعلام المقاومة دائمًا المصداقية، إضافة إلى أنه يختار التوقيت المناسب والصورة المناسبة والكلمة المناسبة باحترافية ومهنية عالية.

ومن خلال هذا الثلاثي (المصداقية والصورة والكلمة)، وبتفاصيل محسوبة وكلمات مختارة، استطاع أن يُحرز نجاحًا باهرًا في الحرب الإعلامية ضد العدو الإسرائيلي؛ مما ألقى عبئًا كبيرًا وثقيلًا على معنويات جيش الاحتلال، الذي لم يحقق أي استحقاق ونصر في الميدان! الأمر الذي جعله أسير الكذب والتزييف وعدم المصداقية، مضيفًا على سرديته آلاعيب وخداعًا للداخل الإسرائيلي والمجتمع الدولي. وبالتالي، انعكس ذلك في هيئة ضغوط قوية على مجلس الحرب وحكومة الاحتلال في الجانب السياسي؛ مما ألزم مجلس الحرب الإسرائيلي بأن يُغيِّر سياسته ويُغيِّر أهدافه، وبالتالي سيدفعه ذلك عاجلًا أو آجلًا إلى الذهاب إلى طاولة المفاوضات مرغمًا، وليس كمين جباليا عنَّا ببعيد، فقد انتظر الإعلام العسكري للمقاومة بعد ما أعلن أبو عبيدة ما حدث قبل أسبوع، حتى خرج جيش الاحتلال ذليلًا من مخيم جباليا؛ فأعلن عن حقائق كان قد أَخبَرَ عنها مُسبقًا، ومنها قتل وأسر جنود إسرائيليين في الكمين. وهذا النوع من الحروب الإعلامية مطلوب بشدة في حروب الاستنزاف؛ فهي تضع من يجيد استخدامها في موقع لا يسمح لخصمه إعلان نصر أو استحقاق حتى لو كان وهميًا.

إنَّ الأداء الميداني الرائع لكتائب الشهيد عز الدين القسام، وبقية فصائل المقاومة، يمضي بانسجام وتوافق تام مع أداء الإعلام العسكري، الذي يُوثِّقُ كل الأحداث والمعلومات أولًا بأول، عن إدائه العسكري والميداني، ويبث ما لديه من صورة دعائية تخاطب الشارع والجيش في إسرائيل مباشرةً، وهو ما تسبب في تفجير المظاهرات والاحتجاجات التي نشاهدها باستمرار لأهالي الأسرى مع من يُساندهم. هذا إلى جانب ما فرضه من ضغوط على الحكومة الإسرائيلية بضرورة استعادة الأسرى عبر الدبلوماسية؛ بل وأكثر من ذلك من خلال المطالبة بإسقاطها، ووقف الحرب والذهاب إلى طاولة المفاوضات.

لقد كان أداء الإعلام العسكري الفلسطيني بمقاطِعِه الإعلامية مقنعًا جدًا وبدرجة ممتاز في المجال الدعائي تحديدًا، فقد عصفت هذه الفيديوهات بأوراق مجلس الحرب والحكومة الإسرائيلية وبعثرتها، من خلال ما يتم نشره من مقاطع دعائية تترك في نهايتها عبارة "ما سُمح بنشره"، وكأنَّ هناك تكملة للصور وبقية للحديث، وأن هناك معلومات ستُنشر لاحقًا في حينها، وستكون بمثابة تحطيم معنوي لجيش الاحتلال الإسرائيلي، لكن في الوقت المناسب!

وأخيرًا.. إنَّ الإعلام العسكري للمقاومة الفلسطينية مارس دورًا كبيرًا في تحطيم المعنويات النفسية للجيش الإسرائيلي وتأجيج مشاعر أهالي الأسرى، وقد نَفَذَ بمعلوماته الصادقة والصادمة، إلى منازل الإسرائيليين وفي عقر دارهم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رئيس الموساد الإسرائيلي يتوجه إلى الدوحة لبحث وقف الحرب في غزة

عواصم -الومالتت٦

استشهد 5 فلسطينيين من أسرة واحدة، هم أب وأم حامل وأطفالهما الثلاثة، في قصف مسيرة إسرائيلية لخيمة كانت تؤويهم في منطقة المواصي غربي مدينة خان يونس.

وقد وصلت جثامين الشهداء لمجمع ناصر الطبي بخان يونس. وبذلك يرتفع عدد الشهداء في مختلف مناطق قطاع غزة إلى 65 شهيدا منذ فجر أمس الخميس.

يأتي ذلك بينما هدد جيش الاحتلال الإسرائيلي بتوسيع العدوان على غزة، وأمر سكان منطقتين شمالي القطاع بإخلائهما تمهيدا لمهاجمتهما.

في المقابل، نفذت المقاومة عملية جديدة في بيت حانون أسفرت عن مقتل عسكري إسرائيلي وإصابة آخرين.

إنسانيا تتفاقم الأوضاع في قطاع غزة في ظل الحصار المطبق عليه، حيث تتزايد حالات سوء التغذية خاصة بين الأطفال، وسط تحذيرات من مجاعة وشيكة.

سياسيا، قال موقع والا إن رئيس الموساد يتوجه إلى الدوحة لبحث جهود التوصل إلى اتفاق جديد بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة.

وفي اليمن، نفذ الطيران الأميركي الليلة غارات على عدة محافظات في إطار الحملة المستمرة على الحوثيين منذ أسابيع.

مقالات مشابهة

  • إنقاذ الفلسطينيين من حماس.. الإعلام الإسرائيلي يصطاد في الماء العكر بنشر تصريحات العولقي
  • رئيس الموساد الإسرائيلي يتوجه إلى الدوحة لبحث وقف الحرب في غزة
  • معركة الثقافة والمصطلحات.. ما سر انزعاج العدو الإسرائيلي من الأسماء الأصلية للمدن الفلسطينية؟
  • كمين مُحكم.. حدث أمني صعب للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.. تفاصيل
  • كمين مُحكم.. حدث أمني صعب للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة
  • الإعلام العبري: مصر تسعى لتحديث قدراتها الجوية بشكل متسارع لتطوير اذرعها الضاربة والرد على التفوق الجوي الإسرائيلي
  • نتنياهو: سنواصل الضغط العسكري على حماس حتى القضاء عليها
  • أزمة داخل مجلس ممثلي اليهود في بريطانيا بسبب رسالة تنتقد العدوان على غزة
  • هيئة يهودية بريطانية تفتح تحقيقا في رسالة تنتقد الحرب على غزة
  • المرصد الأورومتوسطي: فرنسا متورطة مع الجيش الإسرائيلي في مخططات لتهجير الكفاءات الفلسطينية من غزة