سهام بنت أحمد الحارثية
harthisa@icloud.com
يُعد قطاع السياحة واحدًا من أكثر القطاعات الاقتصادية حيويةً وأسرعها نموًا على مستوى العالم. في هذا السياق، لا يقتصر الأمر على الدول التي تتمتع بمواقع سياحية طبيعية فحسب، بل يشمل جميع الدول التي تسعى لتطوير هذا القطاع وتنميته وتظهر تقديرات صندوق النقد العربي أن معدل المساهمة السنوية لقطاع السياحة، الذي يمثل مصدرًا مُهمًا للنقد الأجنبي، يبلغ حوالي 11.
ويأتي التمويل السياحي كعنصر أساسي لتحقيق هذه التنمية المستدامة، حيث يسهم بشكل مباشر في دعم المشاريع السياحية المختلفة، سواء كانت كبيرة أو متوسطة أو صغيرة.
وبما أن التمويل السياحي أحد الدعائم الأساسية لتحقيق التنمية السياحية المستدامة، فبغيابه تصبح عملية تطوير البنية الأساسية، وتحسين جودة الخدمات، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة أمرًا بالغ الصعوبة؛ حيث يسهم التمويل في تنمية البنية التحتية السياحية من خلال توفير الأموال اللازمة لتطوير الطرق والمطارات والفنادق والمرافق السياحية الأخرى والتي تسهم بشكل مباشر في تحسين تجربة الزوار وزيادة أعدادهم.
كما إنه يؤدي دورًا حيويًا في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تشكل عنصرًا لا غنى عنه في دعم الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة وتعتبر هذه المشاريع أكثر قدرة على الابتكار والتكيف مع احتياجات السوق المحلية، مما يعزز من قدرتها على تقديم خدمات ومنتجات سياحية مميزة تتماشى وتطلعات السياح من مختلف أنحاء العالم.
والتمويل لا ينحصر على المشاريع الجديدة بل كذلك تطوير القائم وتوسعته وذلك برفع مستوى الخدمات المقدمة للسياح من خلال التدريب المستمر للعاملين في القطاع السياحي واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين الأداء وبدون تمويل كافٍ، يصبح من الصعب تقديم خدمات ذات جودة عالية تتناسب مع توقعات السياح العالمية.
إضافةً إلى ذلك، يمكن استخدام التمويل لدعم حملات التسويق والترويج التي تستهدف جذب السياح من مختلف أنحاء العالم بأساليب متعددة من خلال الحملات الترويجية مثلا والتي تسهم في تعزيز صورة الوجهة السياحية وزيادة إيراداتها، ما يعزز من مكانتها على الخارطة السياحية العالمية.
وللمؤتمرات والفعاليات السياحية دور مهم جداً في تنظيم ورفع وعي الشركات العاملة في قطاع السياحة لتبني أفضل الممارسات العالمية والاطلاع على التجارب الناجحة مما يعزز الاستمرار والتطوير في مجالاتهم وعلى سبيل المثال فقد عقد مؤتمر الاستثمار في السياحة مؤخرا في مسقط على هامش الاجتماع الخمسين للجنة الإقليمية لمنظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط وناقش فرص وتحديات التمويل المستدام خلال الفترة من 22-24 مايو 2024. وجمع المؤتمر بين خبراء وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم لمناقشة أهمية التمويل في دعم القطاع السياحي حيث طرحت بعض الإحصاءات التي أشارت إلى ما شهدته منطقة الشرق الأوسط من طفرة في الاستثمار الأجنبي المباشر من عام 2019 إلى عام 2022، بمعدل نمو سنوي بلغ 28.7٪ بعد الوباء، ليصل إلى 68.2 مليار دولار أمريكي. كما أشارت تلك الإحصائيات إلى أنَّ المنطقة تقود حركة الانتعاش السياحي عالميًا، كونها المنطقة الوحيدة التي تجاوزت مستويات ما قبل الوباء مع بلوغ نسبة السياحة الوافدة بها 122٪ فوق مستويات عام 2019، لتصل إلى 87.1 مليون سائح دولي.
ومن ضمن ما أشارت إليه المديرة الإقليمية للشرق الأوسط، أن المنطقة استعادت الحركة السياحية والتعافي من أكبر أزمة في تاريخ القطاع السياحي والانتعاش القوي ونمو السياح الدوليين وهذا يوفر فرصة ذهبية لإعادة وضع التعريفات والمعايير التي تركز على الاستثمارات في هذا القطاع والتي يجب على الحكومات والقطاع الخاص التعاون لجذبها ووضع الممكنات للاستفاده من هذه المرحلة بأسرع وقت، وأحد الممكنات هي استراتيجيات التمويل الحديثة التي يمكن استخدامها لدعم المشاريع السياحية، بما في ذلك استخدام التكنولوجيا المالية (FinTech) التي تسهم في تسهيل الوصول إلى القروض والاستثمارات.
هذه الاستراتيجيات الحديثة تفتح آفاقًا جديدة لتمويل المشاريع السياحية بطرق مبتكرة وفعالة وهذا لن يتأتى إلّا بتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتوفير البيئة التنظيمية المناسبة لجذب الاستثمارات الخاصة، مما يعزز من قدرة القطاع السياحي على النمو والتطور ودور الحكومات هنا لا يقتصر على توفير البنية الأساسية للقطاع فحسب، بل يشمل أيضًا توفير الإطار القانوني والتنظيمي الذي يسهل عمل الشركات والمستثمرين في القطاع السياحي.
ومن بين المواضيع التي حظيت باهتمام خاص في المؤتمر، كذلك، مسألة تمويل المشاريع السياحية الصغيرة والمتوسطة، لما تُسهم به هذه المشاريع بدور محوري في تنويع المنتجات السياحية وتحقيق التنمية الشاملة للمجتمعات المحلية؛ حيث جرى استعراض الحلول التمويلية لهذا النوع من المشاريع مثل التمويل الجماعي والاستثمارات الصغيرة، والتي يمكن أن تُسهم في دعم المشاريع السياحية الناشئة وتوفير رأس المال اللازم لها.
مما سبق يتضح جليًا أن توفير مصادر تمويل السياحة؛ سواء كانت كبيرة أو متوسطة أو صغيرة، يعد ركيزة أساسية لتعزيز قطاع السياحة على المستويين المحلي والدولي إذا ما أردنا أن تسهم هذه المشاريع في جذب عدد كبير من السياح وتوفير خدمات متميزة، وتنويع المنتجات السياحية وتحقيق التنمية الشاملة للمجتمعات المحلية.
ختامًا.. يُمثِّلُ التمويل السياحي حجر الزاوية لتحقيق تنمية سياحية مستدامة ويأتي المؤتمر الأخير ليسلط الضوء على أهميته ودوره في تحقيق هذا الهدف من خلال الاستفادة من استراتيجيات التمويل الحديثة وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتمكين النظم السياحية بين الدول وبعضها سوف يسهم في الازدهار وتحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة. وهذا التحفيز المالي سيؤدي بلا شك إلى ازدهار السياحة وتقديم تجارب لا تُنسى للسياح، مما يعزز من مكانة الوجهات السياحية على المستوى العالمي؛ حيث اشارت نتاليا بايونا، المديرة التنفيذية لمنظمة السياحة العالمية، إلى التأثير المتنامي لمنطقة الشرق الأوسط على الاستثمارات السياحية العالمية، خاصة مع الدور الذي تقوم به دول المنطقة في تطور المشهد السياحي العالمي. وقالت إن من المهم "بذل المزيد من الجهود التشاركية بين مختلف الجهات والقطاعات للتوصل إلى قطاع سياحي ناجح ومستدام"؛ حيث توقعت المنظمة في تقاريرها السابقة أن يزور المنطقة العربية بحلول عام 2030 ما يزيد عن نحو 225 مليون سائح.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سمو وزير الحرس الوطني يتفقد وحدات القطاع الشرقي ويدشّن عددًا من المشاريع
المناطق_واس
قام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز، وزير الحرس الوطني اليوم، بزيارة تفقدية لوحدات الوزارة في القطاع الشرقي، بحضور صاحب السمو الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، نائب وزير الحرس الوطني، ورئيس الجهاز العسكري المكلف اللواء الركن صالح بن عبدالرحمن الحربي.
وكان في استقبال سموه عند وصوله مساعد وكيل الحرس الوطني للجهاز العسكري بالقطاع الشرقي اللواء الركن محمد بن محسن السبيعي، إضافةً إلى عدد من أمراء الأفواج، وقادة الألوية والوحدات.
واطلع سموه على الجاهزية الميدانية، ووقف على سير العمل، كما دشّن عددًا من المشاريع التطويرية، وزار سموه مركز القيادة الأمني واطلع على شرح حول مهامه وأدواره.
بعد ذلك، توجّه سموه إلى ميدان العرض العسكري بقيادة لواء الأمن الخاص الثالث، حيث عُزف السلام الملكي معلنًا وصوله، ثم بدأ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم، أعقبها كلمة لمساعد وكيل الحرس الوطني للجهاز العسكري بالقطاع الشرقي، الذي رحّب بسموه وأشاد بدعمه المستمر لقوات الحرس الوطني في القطاع الشرقي.
كما شاهد سموه عرضًا عسكريًا لقوات الحرس الوطني، شاركت به الآليات والعربات الحديثة المزودة بأحدث التقنيات العسكرية، التي أبرزت مدى جاهزيتهم، حاملين على عاتقهم ردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن هذا الوطن الغالي.
وفي ختام الزيارة، تسلّم سموه هدية تذكارية، قبل أن يُعزف السلام الملكي مودِّعًا سموه بالحفاوة والترحيب.
كما شملت جولة سموه زيارة لمحافظة الأحساء حيث كان في استقباله الأمير سعود بن طلال بن بدر محافظ الأحساء، ثم توجه سمو وزير الحرس الوطني لقيادة لواء الملك عبدالعزيز الآلي بالأحساء، حيث تفقد سموه جاهزية اللواء واطلع على استعداداته، عقب ذلك قلد سموه عددًا من المصابين نوط الشرف تقديرًا لتضحياتهم في سبيل الوطن، كما منح نوط الشجاعة لمجموعة من الأبطال نظير أعمالهم البطولية في ميادين العز والشرف، بحضور عدد من أمراء الأفواج، ومديري الإدارات، ورؤساء الهيئات من مدنيين وعسكريين.