جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-30@11:50:50 GMT

نحو سياحة مُستدامة

تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT

نحو سياحة مُستدامة

 

سهام بنت أحمد الحارثية

harthisa@icloud.com

 

 

يُعد قطاع السياحة واحدًا من أكثر القطاعات الاقتصادية حيويةً وأسرعها نموًا على مستوى العالم. في هذا السياق، لا يقتصر الأمر على الدول التي تتمتع بمواقع سياحية طبيعية فحسب، بل يشمل جميع الدول التي تسعى لتطوير هذا القطاع وتنميته وتظهر تقديرات صندوق النقد العربي أن معدل المساهمة السنوية لقطاع السياحة، الذي يمثل مصدرًا مُهمًا للنقد الأجنبي، يبلغ حوالي 11.

4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويأتي التمويل السياحي كعنصر أساسي لتحقيق هذه التنمية المستدامة، حيث يسهم بشكل مباشر في دعم المشاريع السياحية المختلفة، سواء كانت كبيرة أو متوسطة أو صغيرة.

وبما أن التمويل السياحي أحد الدعائم الأساسية لتحقيق التنمية السياحية المستدامة، فبغيابه تصبح عملية تطوير البنية الأساسية، وتحسين جودة الخدمات، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة أمرًا بالغ الصعوبة؛ حيث يسهم التمويل في تنمية البنية التحتية السياحية من خلال توفير الأموال اللازمة لتطوير الطرق والمطارات والفنادق والمرافق السياحية الأخرى والتي تسهم بشكل مباشر في تحسين تجربة الزوار وزيادة أعدادهم.

كما إنه يؤدي دورًا حيويًا في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تشكل عنصرًا لا غنى عنه في دعم الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة وتعتبر هذه المشاريع أكثر قدرة على الابتكار والتكيف مع احتياجات السوق المحلية، مما يعزز من قدرتها على تقديم خدمات ومنتجات سياحية مميزة تتماشى وتطلعات السياح من مختلف أنحاء العالم.

والتمويل لا ينحصر على المشاريع الجديدة بل كذلك تطوير القائم وتوسعته وذلك برفع مستوى الخدمات المقدمة للسياح من خلال التدريب المستمر للعاملين في القطاع السياحي واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين الأداء وبدون تمويل كافٍ، يصبح من الصعب تقديم خدمات ذات جودة عالية تتناسب مع توقعات السياح العالمية.

إضافةً إلى ذلك، يمكن استخدام التمويل لدعم حملات التسويق والترويج التي تستهدف جذب السياح من مختلف أنحاء العالم بأساليب متعددة من خلال الحملات الترويجية مثلا والتي تسهم في تعزيز صورة الوجهة السياحية وزيادة إيراداتها، ما يعزز من مكانتها على الخارطة السياحية العالمية.

وللمؤتمرات والفعاليات السياحية دور مهم جداً في تنظيم ورفع وعي الشركات العاملة في قطاع السياحة لتبني أفضل الممارسات العالمية والاطلاع على التجارب الناجحة مما يعزز الاستمرار والتطوير في مجالاتهم وعلى سبيل المثال فقد عقد مؤتمر الاستثمار في السياحة مؤخرا في مسقط على هامش الاجتماع الخمسين للجنة الإقليمية لمنظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط وناقش فرص وتحديات التمويل المستدام خلال الفترة من 22-24 مايو 2024. وجمع المؤتمر بين خبراء وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم لمناقشة أهمية التمويل في دعم القطاع السياحي حيث طرحت بعض الإحصاءات التي أشارت إلى ما شهدته منطقة الشرق الأوسط من طفرة في الاستثمار الأجنبي المباشر من عام 2019 إلى عام 2022، بمعدل نمو سنوي بلغ 28.7٪ بعد الوباء، ليصل إلى 68.2 مليار دولار أمريكي. كما أشارت تلك الإحصائيات إلى أنَّ المنطقة تقود حركة الانتعاش السياحي عالميًا، كونها المنطقة الوحيدة التي تجاوزت مستويات ما قبل الوباء مع بلوغ نسبة السياحة الوافدة بها 122٪ فوق مستويات عام 2019، لتصل إلى 87.1 مليون سائح دولي.

ومن ضمن ما أشارت إليه المديرة الإقليمية للشرق الأوسط، أن المنطقة استعادت الحركة السياحية والتعافي من أكبر أزمة في تاريخ القطاع السياحي والانتعاش القوي ونمو السياح الدوليين وهذا يوفر فرصة ذهبية لإعادة وضع التعريفات والمعايير التي تركز على الاستثمارات في هذا القطاع والتي يجب على الحكومات والقطاع الخاص التعاون لجذبها ووضع الممكنات للاستفاده من هذه المرحلة بأسرع وقت، وأحد الممكنات هي استراتيجيات التمويل الحديثة التي يمكن استخدامها لدعم المشاريع السياحية، بما في ذلك استخدام التكنولوجيا المالية (FinTech) التي تسهم في تسهيل الوصول إلى القروض والاستثمارات.

هذه الاستراتيجيات الحديثة تفتح آفاقًا جديدة لتمويل المشاريع السياحية بطرق مبتكرة وفعالة وهذا لن يتأتى إلّا بتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتوفير البيئة التنظيمية المناسبة لجذب الاستثمارات الخاصة، مما يعزز من قدرة القطاع السياحي على النمو والتطور ودور الحكومات هنا لا يقتصر على توفير البنية الأساسية للقطاع فحسب، بل يشمل أيضًا توفير الإطار القانوني والتنظيمي الذي يسهل عمل الشركات والمستثمرين في القطاع السياحي.

ومن بين المواضيع التي حظيت باهتمام خاص في المؤتمر، كذلك، مسألة تمويل المشاريع السياحية الصغيرة والمتوسطة، لما تُسهم به هذه المشاريع بدور محوري في تنويع المنتجات السياحية وتحقيق التنمية الشاملة للمجتمعات المحلية؛ حيث جرى استعراض الحلول التمويلية لهذا النوع من المشاريع مثل التمويل الجماعي والاستثمارات الصغيرة، والتي يمكن أن تُسهم في دعم المشاريع السياحية الناشئة وتوفير رأس المال اللازم لها.

مما سبق يتضح جليًا أن توفير مصادر تمويل السياحة؛ سواء كانت كبيرة أو متوسطة أو صغيرة، يعد ركيزة أساسية لتعزيز قطاع السياحة على المستويين المحلي والدولي إذا ما أردنا أن تسهم هذه المشاريع في جذب عدد كبير من السياح وتوفير خدمات متميزة، وتنويع المنتجات السياحية وتحقيق التنمية الشاملة للمجتمعات المحلية.

ختامًا.. يُمثِّلُ التمويل السياحي حجر الزاوية لتحقيق تنمية سياحية مستدامة ويأتي المؤتمر الأخير ليسلط الضوء على أهميته ودوره في تحقيق هذا الهدف من خلال الاستفادة من استراتيجيات التمويل الحديثة وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتمكين النظم السياحية بين الدول وبعضها سوف يسهم في الازدهار وتحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة. وهذا التحفيز المالي سيؤدي بلا شك إلى ازدهار السياحة وتقديم تجارب لا تُنسى للسياح، مما يعزز من مكانة الوجهات السياحية على المستوى العالمي؛ حيث اشارت نتاليا بايونا، المديرة التنفيذية لمنظمة السياحة العالمية، إلى التأثير المتنامي لمنطقة الشرق الأوسط على الاستثمارات السياحية العالمية، خاصة مع الدور الذي تقوم به دول المنطقة في تطور المشهد السياحي العالمي. وقالت إن من المهم "بذل المزيد من الجهود التشاركية بين مختلف الجهات والقطاعات للتوصل إلى قطاع سياحي ناجح ومستدام"؛ حيث توقعت المنظمة في تقاريرها السابقة أن يزور المنطقة العربية بحلول عام 2030 ما يزيد عن نحو 225 مليون سائح.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

“سياحة رأس الخيمة” ضمن قائمة “أفضل بيئة عمل للنساء” في دول التعاون لعام 2024

رسخت هيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة مكانتها الرائدة كوجهة مفضلة للعمل بحلولها للمرة الثانية ضمن المراكز الأولى في قائمة “أفضل بيئة عمل للنساء للعام 2024” عن فئة الشركات الصغيرة لدول مجلس التعاون الخليجي والصادرة عن مؤسسة “Great Place to Work” العالمية، المتخصصة بتقييم وتكريم بيئات العمل التي تتمتع بأعلى مستويات الموثوقية والأداء، وهو ما يعكس التزام الهيئة بتوفير بيئة عمل يشعر فيها جميع الموظفين، من كلا الجنسين، بالتقدير والتمكين.

ويسلط هذا التكريم الضوء على نهج الهيئة، لتطوير بيئة قائمة على المساواة، تشجع على تنمية المهارات والقدرات وتطوير ثقافة العمل، وتتضمن تعزيز التقدم الوظيفي والتشجيع على تولي أدوار قيادية.

ويضاف هذا التكريم الأحدث إلى قائمة واسعة من الجوائز التي حصدتها الهيئة، ومنها تكريمها ضمن قائمة “أفضل بيئة عمل” للعام الرابع على التوالي، وقائمة “أفضل بيئة عمل في الشرق الأوسط للعام 2024″، حيث تعكس هذه التكريمات السياسات الفاعلة والجهود الحقيقية التي اتخذتها الهيئة لتوفير بيئة عمل شاملة. ويضم فريق الهيئة في العام الجاري أكثر من 80 عضواً يمثلون 27 جنسية، ويعكس توازناً بين الجنسين، حيث يبلغ عدد الموظفات 43، وعدد الموظفين 39. وتشغل النساء خمساً من أصل 10 مناصب قيادية في الهيئة، من ضمنها مديرة إدارة العلاقات الحكومية والفعاليات، ونائبة رئيس الشؤون المالية والخدمات المؤسسية، ومديرة إدارة الموارد البشرية، ونائبة رئيس تنظيم الألعاب التجارية، ونائبة رئيس التسويق والاتصالات.

وأعرب راكي فيليبس، الرئيس التنفيذي لهيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة، عن سعادته بالتكريم، قائلاً: “يعكس تكريمنا للمرة الثانية ضمن قائمة “أفضل بيئة عمل للنساء” لدول مجلس التعاون الخليجي للعام 2024، التزامنا الثابت بتوفير بيئة عمل تعزز من فرص النجاح والنمو لجميع الموظفين “.

وأضاف : ” نحن في الهيئة لا نكتفي فقط بالحديث عن أهمية المساواة بين الجنسين، بل نعمل على اتخاذ خطوات فعلية لتحقيقها وتطبيقها في بيئة العمل. وتأتي هذه الجائزة تقديراً لجهود فريقنا وحرصه على بناء ثقافة تدعم المرأة وترتقي بها في بيئة العمل”.

وتعكس ثقافة بيئة العمل في هيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة دعمها للعائلات، حيث يتم منح الموظفين إجازات للأمومة والأبوة أكثر من المدة المعترف بها ، وتسهم هذه السياسات الداعمة في جعل هيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة ليست فقط بيئة عمل جاذبة للآباء والأمهات لتحقيق توازن بين حياتهم ومهامهم الوظيفية، بل تبرز بوضوح مدى اهتمام الهيئة بموظفيها ورفاهيتهم.

ويضاف هذا التكريم إلى قائمة التكريمات التي حصدتها الهيئة على جهودها لتوفير أفضل بيئة عمل ، ففي العام 2023، حصلت الهيئة على المركز الرابع في قائمة “أفضل بيئة عمل في القطاع الحكومي لدول مجلس التعاون الخليجي”، وفي العام 2022، حلّت ضمن قائمة “أفضل بيئة عمل في دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط – فئة الشركات الصغيرة والمتوسطة”، كما جاءت ضمن قائمة “أفضل بيئة عمل لجيل الألفية”، وقائمة “أفضل بيئة عمل في دولة الإمارات العربية المتحدة”، وأيضاً صُنّفت ضمن قائمة “أفضل بيئة عمل للنساء – فئة الشركات الصغيرة” في العام 2021.وام


مقالات مشابهة

  • جمعية المودة تنضم إلى المنظمة العالمية للأسرة
  • مهنيو القطاع السياحي بمراكش يشكون تحايل موقع حجوزات ألماني
  • “سياحة رأس الخيمة” ضمن قائمة “أفضل بيئة عمل للنساء” في دول التعاون لعام 2024
  • مدير عام السياحة في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: مبادرات وبرامج لاستقطاب المواطنين للعمل بالقطاع السياحي
  • بنك مسقط ينظم حلقة عمل لتسليط الضوء على مستجدات أسواق المال العالمية
  • 62 مليار جنيه إجمالي التمويل الممنوح في القطاع المالي غير المصرفي
  • وزير الخارجية يبحث مع المدير القطري لمنظمة “هانديكاب الدولي” المشاريع التي تنفذها في اليمن
  • السياحة الليبية تؤكد ضرورة تعزيز القطاع لتحقيق التنمية
  • وزيرة السياحة: تنظيم المؤتمر السنوي لـ “مجموعة TUI” بالمغرب اعتراف بالمؤهلات السياحية التي تزخر بها المملكة
  • طارق أبو الفتوح: جناح الدولة في بينالي البندقية يعزز مكانتها على خريطة السياحية العالمية