وقف إطلاق النار في غزة.. قرار استخباراتي لكنه متأخر
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
د. عبدالله باحجاج
حتى لو انسحبت القوات الصهيونية المجرمة من غزة بأي إخراجات سياسية أو بدونها، فلن تنعم بالأمن والاستقرار، ولن يكون هناك سلام أصلًا، وانعدامية السلام معها مُتجذرة في إيمان ملياري مسلم في العالم، وقد تصلّبت في ممارسات المقاومة وتعاطف المسلمين، فأي وقف إطلاق نار أو سلام يتحدث عنه الآن الرئيس الأمريكي جو بايدن وغيره؟
عليهم أولًا أن يمحو من ذاكرتنا ومن واقع غزة وسيكولوجياتها الديموغرافية استشهاد وجرح 117 ألفًا، مع دمار هائل، ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، ولن يتمكنوا أبدًا.
في ذلك التقرير الذي صدر في بداية يناير الماضي، استشرفت الاستخبارات الأمريكية تزايد الكراهية والعنف ضد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ضد واشنطن؛ بسبب دعمها ووقوفها اللامحدود مع الصهاينة، وخصصت بصورة فورية من قبل الجماعات الآيديولوجية المسلحة مثل: جماعة أنصار الله في اليمن، كما تتنبأ بموجة إرهاب جديدة في المنطقة، ورأت استحالة القضاء على حركة حماس أو نزع سلاحها، وكما قلنا إن هناك دافعًا آخر يقف وراء التحرك الأمريكي نحو وقف إطلاق النار، وهو الانتصارات الروسية في أوكرانيا، وعزت الاستخبارات ذلك إلى انشغال واشنطن بالساحة الإسرائيلية، ومن ثم طالبت إدارة الرئيس بايدن بتحويل انشغالاتها من الساحة إلى الساحة الأوكرانية. وأوصت بسرعة التوصل إلى وقف إطلاق النار طويل الأجل في غزة.
وللأسف، يغيب عن الولايات المتحدة- سياسيوها ومفكروها- أن حجم الضحايا وحجم التدمير لم يكن عاديًا، حتى يمكن استيعابه بقرار وقف إطلاق النار، وغاب عنها أنه يؤسس لصراع وجودي لمرحلة ختامية في الصراع من أجل زوال المُحتل، لكن سيكون بجيل الآلام المذابح والمجازر والتدمير الوحشي. جيل حقبة زوال الكيان ينبغي أن يكون كذلك بسيكولوجيات المقهور وفاقد الأمل في الشقيق والصديق. وهذا ما صنعته الحرب الصهيونية على غزة الآن.
قلنا ونكرر أن الزوال من بديهيات إيمان الملياري مسلم، والزوال يحتاج له جيل يخرج من تلكم المآسي والقتل والتدمير، وهو قد تجاوز مرحلة الولادة، ويحتاج لالتقاط الأنفاس للمعركة الأخيرة، ويبدو أنها تتهيأ له قدريًا عن طريق ربط الساحة الأوكرانية بالساحة الصهيونية؛ لذلك من الأهمية التذكير بأن انشغال بايدن بوقف إطلاق النار ليس رغبة في وضع حدٍ للمعاناة الإنسانية التاريخية لأهل غزة أو بسبب ضغوط الرأي العام الأمريكي؛ بما فيهم طلاب الجامعات والكليات الأمريكية، وإنما هو قرار استخباري خالص، لكنه جاء متأخرًا، فليس هناك جماعة إسلامية فكرية أو مسلحة، وليس هناك من يشهد أن لا إله إلّا الله محمد رسول الله، إلّا وفي نفسه الغضب من واشنطن، وهنا نُفرِّقُ بين الساسة والشعوب.
والمتأمل في آخر تداعيات استمرار المذابح والمجازر في غزة وآخرها في رفح، سيُلاحظ أن تطبيق توصيات الأجهزة الأمنية الأمريكية قد جاء متأخرا كذلك، فجماعة أنصار الله "الحوثي" استهدفوا حاملة الطائرات الأمريكية "آيزنهاور" في البحر الأحمر الذي يبعد عن الأراضي اليمينة أكثر من 181,1 كيلومتر، وهذا الحدث- وإن كما قال البنتاجون إنه تم إسقاط الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية- إلّا أنه له الكثير من الدلالات؛ أبرزها: أن الحوثيين يقولون ويفعلون، وأن قدرتهم العسكرية ذات التقنية العالية قد أصبحت معروفة للجميع، كما تحذر منه الاستخبارات الأمريكية التي تخشى مستقبلًا من قدرة الحوثيين على استهداف الكابلات البحرية التي تربط قارات العالم وليس الدول فقط.
وينبغي التذكير مُجددًا أن نموذجية الحوثيين تُشكِّلُ حالة مُلهمة للجماعات وللفكر الأصولي القديم / الجديد، وقد وفّرَ الغرب- وعلى رأسهم واشنطن- من خلال نصرتهم للصهاينة ودعمهم للمذابح والمجازر، البيئات المواتية لصناعة موجة جديدة من العنف في المنطقة، وهذا ما تقصده الاستخبارات الأمريكية أيضًا. وكل من يتابع الأوضاع الاجتماعية في سوريا والسودان وليبيا واليمن، وإرهاب التعبير عن نُصرة غزة، وبعض التحوُّلات البنيوية في الدول الغنية، سيجد أن فيها مؤشرات تُعزِّزُ ما ذهب إليه استشراف المخابرات الأمريكية؛ فالفقر في الكثير منها قد وصل إلى مستوى يُمكن أن يرمي الفقراء في أي اتجاهات فكرية متعددة، والأصولية هي الأرجح، وأخرى يُصنع فيها فقر مستقبلي.
وسوف تستهدف الجماعات الآيديولوجية المسلحة الأطفال والشباب بسهولة مُمكنة لتأسيس موجة إرهابية جديدة، فمثلًا في سوريا هناك أكثر من مليون طفل خارج المدارس في شمالها الغربي، ويشهد هذا الجزء من التراب السوري ظاهرة التسرب من المدارس، ناهيك عن الفقر المُدقع؛ مما يعني أنهم مواد خام لتشكيلات ليست عدائية ضد واشنطن فحسب، وإنما ضد أي دولة حسب طبيعة الفكر الاستقطابي لهم. ومن هنا ندعو دول المنطقة الآمنة أن تدرس أوضاعها الداخلية، وتتعمق في مآلات تحوُّلاتها المُعاصرة حتى لا تتسب طموحاتها المستقبلية في إعادة صناعة مجتمعها، بما قد يجعله عرضة للاستهداف من دول أو جماعات.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كاتس من جنوب لبنان: باقون هنا للدفاع عن الجليل ولقد قلعنا أسنان حزب الله وسنقطع رأسه لو عاد لتهديدنا
يُتوقع انتشار الجيش اللبناني بأعداد واسعة في الجنوب ليكون بذلك القوة الوحيدة هناك إذا ما استثنينا قوات اليونيفل التابعة للأمم المتحدة. لكن السؤال يبقى قدرة هذا الجيش المفتقر للمعدات العسكرية اللازمة من دبابات ومقاتلات على فرض الهدوء على الجبهة المتوترة خاصة في ظل تكرر الخروقات والغارات الإسرائيلية.
اعلانخلال زيارة لموقع عسكري سيطرت عليه تل أبيب بجنوب لبنان، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس بقطع رأس حزب الله لو عنّ له انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال كاتس إن بلاده ستتحرك بقوة إذا ما لم يحترم عناصرالحزب الاتفاق وعبروا باتجاه جنوب نهر الليطاني. وقال وزير الدفاع في حكومة بنيامين نتنياهو إن حزب الله لا يملك الدفاع عن إيران ولا تهديد إسرائيل بعد اليوم.
وكان كاتس يزور القوات الإسرائيلية المتمركزة في جنوب اللبناني حيث وصفت وزارته الخطوة بأنها تهدف للإشراف على الترتيبات الأمنية التي تنص عليها المراحل المقبلة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.
Relatedبلومبرغ: حزب الله استهدف منشآت الغاز الإسرائيلية قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذوقف النار بين إسرائيل وحزب الله يكشف عن دمار كبير في كفركلا والعديسة جنوب لبنانحزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على قصف بيروتحزب الله دمّر 8 آلاف منزل في شمال إسرائيل.. ورئيس بلدية كريات شمونة يتوقع موجة هجرة جديدة بعد الحربصوت نصر الله وصوره في الضاحية الجنوبية لبيروت.. الآلاف يحيون ذكرى اغتيال أمين حزب الله في حارة حريكوقال الوزير المعروف بتشدده: "لقد قلعنا أسنان الثعبان حزب الله ونحن على استعداد لقطع رأسه. لن نسمح لهم بالعودة ليهددونا. نحن باقون هنا للدفاع عن سكان الجليل ولتوفير كل الظروف التي تسمح للجميع بالعودة بأمان إلى بيوتهم. هذا ما فعلناه وهذا ما سنستمرفي فعله. إن حزب الله لن يمكنه الدفاع عن إيران بعد اليوم ولا أن يهددنا. لقد تحركنا لإزالة هذا التهديد وسنستمر في ذلك في المستقبل."
ستون يوما هي مدة المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته واشنطن والذي أنهى 14 شهرا من المواجهة بين إسرائيل وحزب الله. وخلال هذه الفترة، من المتوقع أن ينسحب عناصر التنظيم من إلى شمال نهر الليطاني بجنوب لبنان فيما يتعين على جيش تل أبيب الانسحاب من الجنوب باتجاه الأراضي الإسرائيلية.
في المقابل، من المتوقع أن ينتشر الجيش اللبناني بأعداد واسعة في الجنوب ليكون بذلك القوة الوحيدة هناك إذا ما استثنينا قوات حفظ السلام اليونيفل التابعة للأمم المتحدة. لكن السؤال يبقى قدرة هذا الجيش المفتقر للمعدات العسكرية اللازمة من دبابات ومقاتلات وتجهيزات أخرى على فرض الهدوء على الجبهة المتوترة خصوصا في ظل الخروقات الإسرائيلية المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار والغارات التي شنتها الدولة العبرية على عدة مناطق في الجنوب.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الشرطة النيجيرية: ارتفاع عدد قتلى حادثي تدافع بمناسبتين خيريتين لعيد الميلاد إلى 32 شخصا حادثة بـ"نيران صديقة" تسقط طائرتين أمريكيتين فوق البحر الأحمر الأمم المتحدة تحذر: شبح المجاعة يهدد 40 مليون شخصًا في غرب أفريقيا ووسطها غزةإسرائيلاليونيفيلحزب اللهوقف إطلاق الناربنيامين نتنياهواعلاناخترنا لك يعرض الآن Next الحرب في يومها الـ 443: الجيش يطلب إخلاء مستشفى كمال عدوان ويواصل سياسة التهجير القسري شمال القطاع يعرض الآن Next خامنئي يتهم أمريكا وإسرائيل بنشر الفوضى في سوريا ويؤكد: "الشباب سيواصلون معارضتهم لحكام دمشق الجدد" يعرض الآن Next حادثة بـ"نيران صديقة" تسقط طائرتين أمريكيتين فوق البحر الأحمر يعرض الآن Next "نحفر للعثور على بلاط المنزل".. سوريون يعودون إلى منازلهم المدمرة بعد سنوات من النزوح يعرض الآن Next نصائح للتوفير في عيد الميلاد.. كيف تحتفل بالأعياد من دون أن تفلس؟ اعلانالاكثر قراءة القيادة المركزية الأمريكية تعلن عن تصفية "أبو يوسف" زعيم داعش في سوريا آيتان على سقف قصر السيسي ومُلْك فرعون الذي لا يفنى.. صورة الرئيس المصري تشعل مواقع التواصل ألمانيا: 5 قتلى على الأقل وإصابة 200 شخص بعملية دهس بسوق عيد الميلاد واعتقال مشتبه به سعودي الجنسية صاروخ باليستي من اليمن يسقط في تل أبيب ويصيب 16 شخصاً بجروح طفيفة إصابة شاب بنيران الجيش الإسرائيلي خلال مظاهرة في ريف درعا السورية اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومبشار الأسدالحرب في سورياكوارث طبيعيةإعصارعيد الميلادضحاياإيرانالبرازيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني الغذاءاعتداء إسرائيلأوروباالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024