الحبيب علي الجفري يدعو إلى نفض حالة الجمود عند مناقشة أمور "التراث والحداثة"
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
قال الحبيب علي الجفري، الداعية الإسلامي، إن هناك بعض الإشتباكات التي تحدث بين أبناء المجتمع ليس لها جدوى، وعلى سبيل المثال مصطلح التراث فهو مصطلح فضفاض يجمع من شرقه إلى غربه .
وأضاف " الجفري" خلال ندوة "التحديث والتراث" بحضور عدد من كبار العلماء والشخصيات العامة، والتي تنظمها مؤسسة طابة أن التحديث لها شق أكاديمي وشق آخر له عرف بين الناس يرتبط بإحداث التغيير والتحديث، وإننا نرى أن هناك طريقة خاصة للتعامل مع التراث لها مناهج علمية مع هذا النص المقدس، ففهم النص المقدس قد يكون التغير فيه أمر شرعي يدخل في إطار فرض الكفاية.
وأشار إلي أنه يوجد لدينا اشتباك فكرى مع من يتبنى الحداثة وبين من يتبنى التراث وأصل المشكلة هى طريقة الاشتباك الفكري بين الفريقين الذي تحول إلى شكل من أشكال الصراع غير المطلوب.
ووجه "الجعفري" دعوة هامة إلى الخروج من الجمود قائلا :" أزعم أن لدينا جمود وحالة تشبه السلفية الشرعية والحدثية" مؤكدًا أننا بحاجة إلى نفض تلك الحالة السلفية للخروج من هذه الشأن، لافتًا إلي أن أننا في دعوتنا إلى إخراج الخطاب الشرعي من الجمود نصاب بحالة من الجمود التي نحتاج إلى نفضها كي نصل إلى معالجة ضرورية، خاصة وأننا لم يعد لدينا وقت أو رفاهية لوجود تلك الحالة من التراشق غير البناء.
وتهدف مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات لإعادة تأهيل الخطاب الديني واستعادة قدرته على فهم الواقع و صياغة رؤى يستقي منها قادة أصحاب القرار مواقفهم وتوجهاتهم، مستندين في ذلك إلى مرجعية أصيلة واستيعاب للتنوع الثقافي والحضاري الإنساني والديني، من خلال نخبة من العلماء والمثقفين وقادة الرأي والفكر
تقام الندوة بحضور كلًا من الدكتور أسامة الأزهري المستشار الديني لرئيس الجمهورية، الحبيب علي الجفري رئيس مجلس مؤسسة طابة، والدكتور حلمي نمنم، وزير الثقافة السابق، والدكتور مايكل مدحت مدرس بفلسفة حلوان، الدكتور عصام عبد الفتاح أستاذ الفلسفة بجامعة حلوان ، والدكتور طارق أبو هشيمة مدير المؤشر العالمي للفتوى، يوسف برسوم متخصص في التاريخ، الدكتور عمرو عبدالمنعم خبير التنظيمات الإرهابية في التاريخ.
والدكتور يوسف الورداني مساعد وزير الشباب الأسبق، والدكتور محي الدين قاسم أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة، والشيخ أحمد سيف مدير المبادرات بمؤسسة طابة، أحمد رأفت باحث مساعد في مؤسسة طابة، والشيخ محمد الجعفري مدرس بروضة النعيم، ومحمد سامي مدير الحلقة الفلسفية بمؤسسة طابة، والشيخ عبدالله الجعفري مدرس بروضة النعيم، والدكتور عبدالباسط هيكل باحث وأكاديمي مصري، والدكتور أيمن عبدالوهاب نائب مدير الأهرام للدراسات السياسية، وبعض من شباب الجامعات وتقديم الإعلامي أحمد الديني.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحبيب علي الجفري الداعية الإسلامي التراث العلماء
إقرأ أيضاً:
سول عاصمة التناقضات والحداثة المتجذرة في العراقة
من موطن شركات التقنية الكبرى كسامسونغ وإل جي وهونداي وكيا وغيرها الكثير، سيظن الزائر للعاصمة الكورية الجنوبية أن المدينة ستكون مزهوة فقط بأبراجها الشاهقة والصرعات التقنية الحديثة، لكن بينما تتألق سول بالأضواء المبهرة لأبراجها وتنشغل بحياتها العصرية وتغوص بزحام شوارعها الكبير نجدها تحتضن القصور والأضرحة القديمة والمنازل التراثية التقليدية العريقة لتخلق لوحة فنية فريدة تأسر قلوب زائريها.
وسنأخذكم في الجزيرة نت في رحلة فريدة مليئة بالصور بين معالم وأحياء هذه المدينة لتعيشوا معنا أجواءها الساحرة التي تمزج بين سحر التاريخ وروح الحداثة.
فسول التي تأسست منذ أكثر من ألفي عام كعاصمة لمملكة "بيكجي"، شهدت صعود وسقوط ممالك وإمبراطوريات تركت بصماتها في كل زاوية من زوايا المدينة التي يقطنها حاليا أكثر من 10 ملايين نسمة، وعاصرت تحولات كبيرة، من حكم سلالة "جوسون" التي استمرت لأكثر من 500 عام، إلى الاحتلال الياباني في أوائل القرن الـ20، ثم التحرير وتقسيم كوريا بعد الحرب العالمية الثانية.
الأضرحة والآثار في كل مكانعلى مسير غير كبير من الفندق الذي أقيم فيه في وسط المدينة أطل علينا جناح "بوسينغاك" ويعرف أيضا باسم "جونغاك"، ويضم في طابقه العلوي جرسا ضخما كان يستخدم لضبط الوقت في سول خلال فترة مملكة جوسون (1392-1897).
احترق مبنى بوسينغاك أثناء حرب الكوريتين ثم أعيد بناؤه في عام 1979، ونقل جرسه الأصلي إلى المتحف الوطني الكوري بسبب الشقوق التي جعلته غير صالح للقرع، وتم صنع جرس جديد طبق الأصل عنه في عام 1985.
إعلانوعند زيارتنا له وجدنا أنهم يسمحون للسياح بقرعه كل يوم أربعاء بين الساعة 11 و12 ظهرا، لكن مع ذلك يُقرع هذا الجرس 33 مرة في منتصف ليلة 31 ديسمبر/كانون الأول للترحيب بالسنة الجديدة.
وعلى غير بعيد من هذا الجناح الفريد قابلنا نصبا تذكاريا صغيرا بني لتكريم الذكرى الـ40 لتتويج جوجونغ ملكا لسلالة جوسون في 13 ديسمبر/كانون الثاني 1863 وكان عمره حينذاك 11 عاما.
قررنا بعد ذلك التوجه إلى قصرغيونغ بوكغونغ في قلب سول، والذي يعد أكبر القصور الملكية الخمسة التي بنيت في عهد سلالة جوسون، لكن كان بانتظارنا في مطلع الطريق قائد عسكري كبير هو الأدميرال يي سون سين، بطل الحرب الكوري في القرن الـ16، يقف شامخا على ارتفاع 17 مترا كأنه يرحب بزوار القصر ويحذرهم في الوقت نفسه من ارتكاب أي خطأ وهو يحمل سيفه إلى يمينه بكل ثقة.
بعد تجاوز هذا القائد العسكري الكبير سرنا مسافة أخرى لنلتقي وجها لوجه بالملك سيجونغ العظيم (1397-1450)، ملك سلالة جوسون الرابع والأب الروحي لكوريا الحديثة، والذي يبجله الكوريون بسبب الثورة الحضارية التي قام بها من خلال تطوير حروف الهانغل (الأبجدية الكورية) مما أعطى دفعة علمية كبيرة لعصره.
رحبنا بالملك واطلعنا على الاختراعات المجسمة أمام تمثاله، والتي يروى أن الملك دعم مخترعها جانغ يونغ سيل حتى أصبح جانغ من أبرز المخترعين في التاريخ الكوري، ومنها آلة الكرة السماوية الكورية وساعة لقياس الوقت بظل الشمس وجهاز لقياس كمية هبوط المطر.
إعلانبعد ذلك سمح لنا الملك بالمضي لزيارة القصر الكبير الذي يعود للقرن الـ14 والذي تم تدميره خلال الاحتلال الياباني قبل أن يعيد الكوريون ترميمه، ويُعد شاهدا على العمارة الكورية التقليدية بأسقفه المنحنية وألوانه الزاهية التي تعكس ذوق الملوك والأباطرة الذين حكموا كوريا في الماضي.
ويحيط بالقصر حدائق خلابة تعكس الروح الهادئة لتلك الحقبة التي بني بها، كما يضم متحفا وطنيا داخل أسواره يعرض آثارا تاريخية نادرة، مما يجعله وجهة مفضلة للسياح والمقيمين على حد سواء. لكن للأسف كان القصر مغلقا أمام الزوار لأسباب لم نعرفها، ومع ذلك لم يفت هذا في عضدنا فزرنا المتحف ثم أكملنا جولتنا في معالم سول العديدة.
قررنا المضي في جولتنا لزيارة حي بوكتشون الشهير الذي يتميز ببيوته الكورية التقليدية، لكن هذا لم يمنع أن نصادف في طريقنا العديد من تلك المنازل العريقة والتي بدأت أعداد المتخصصين في بنائها ومعماريتها تتقلص مع تقدم العصر.
كان التوجه إلى حي بوكتشون هانوك عبارة عن رحلة صعود طويلة، حيث يستقر هذا الحي في منطقة مرتفعة ويتميز بانتشار تلك البيوت التقليدية التي يسكنها على الأغلب فئة الأثرياء نظرا لجمالها والتكلفة المرتفعة جدا لشراء منزل فيها.
ويمكن لزائر هذه المنطقة أن يعيش تجربة فريدة في البيوت الكورية التقليدية، التي تتميز بأسقفها المنحنية وجدرانها الطينية. كما يمكن له أن يتذوق الأطباق الكورية التقليدية، ويتجول في الأزقة الضيقة التي تعبق برائحة التاريخ.
وعلى الرغم من كونها مدينة ضخمة فإن سول تحرص على الحفاظ على مساحات خضراء واسعة، مثل جبل "نامسان"، الذي يقع في قلب المدينة، ويعد مكانا مثاليا للهروب من صخب الحياة اليومية، حيث يمكن للزائر أن يتجول بين الأشجار ويصل إلى قمة الجبل ليرى منظرا بانوراميا للمدينة.
كما أن هناك نهر "هان"، الذي يمر عبر سول، ويعد أيضا شريان الحياة للمدينة، حيث يمكن للزائر أن يمارس على ضفاف النهر رياضة الجري أو ركوب الدراجات، أو ببساطة الاستمتاع بالهدوء الذي يوفره هذا المكان وسط العاصمة الصاخبة.
خلال جولتنا في العاصمة، وفور دخولنا إلى أحد الأحياء السكنية صادفتنا لافتة تحمل جملة معبرة تقول إن "هذه منطقة سكنية، رجاء لا تزعج الجيران في المنطقة"، وفي حي بوكتشون هانوك العريق صادفتنا مرارا لافتات تحذر السياح من زيارة المنطقة في الفترة ما بين الساعة 5 مساء و10 صباحا تحت طائلة الغرامة، وذلك حفاظا على هدوء المنطقة وراحة سكان المنازل، فالهدوء في كوريا قبل أي شيء.
وخلال تجوالنا في شوارع المدينة صادفنا بعض كبار السن وهم في حالة تأمل كأنهم أصنام متحجرة، كما مررنا على طريق وضعت على جدار سور أحد مبانيه عشرات بوكيهات الورد والتي فهمنا أنها عادة كورية متبعة عند وفاة أحد سكان المبنى أو العاملين فيه إن كان مؤسسة حكومية أو شركة خاصة.
ولا يزال في جعبتنا الكثير، لكن نكتفي بما سردناه من جولتنا في سول التي تعتبر بحق مدينة التناقضات، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، والتقاليد بالحداثة، ليخلقوا تجربة فريدة تأخذك في رحلة عبر الزمن، وتجعلك تعيش تجربة لا مثيل لها.
إعلان