«يتجلى فيها لطف الله وحكمته وأن كل شيء عنده بقدَر» هكذا افتتحت امرأة خليجية رسالتها معي، فقد اشترت هذه المرأة أرضا صغيرة في منطقة استراحات خارج مدينتها بنت عليها استراحة عائلية، لكنها ارتأت وزوجها أنهم بحاجة لبناء منزل العمر الذي اقترضوا له ما يقارب 300 ألف ريال عماني، ولبعض الظروف تحول القرض كاملًا باسمها، وعوضًا عن تحمل نصف مبلغ القسط كان عليها أن تتحمل القسط كاملا لعشرين عامًا والذي يمثل 50% من دخلها مما جعلها تعيش وأطفالها في ضائقة مالية خانقة، ولم تكن تجد أحيانا ما تأكل، بعد أن صرفت كل مدخراتها على تجهيز البيت.
بدأت نفسيتها تتدهور بسبب الغضب والسخط الذي كانت تشعر به بسبب (إجحاف المصرف) على حد تعبيرها، وبسبب قلة الحيلة، لكن بعد ثلاث سنوات من هذه المعاناة تنبهت فجأة إلى أن تركيزها كان منصبًا على القرض الذي أنهكاها، واستيائها من المصرف، متناسية النعم التي منّ بها المولى عليها، بدأت تنتبه لها، وقررت استلام زمام الأمور في حياتها، وترتيبها من جديد، وبدأت في استشعار النعم من حولها، بدءًا من القرض الذي جاءها في زمن قياسي، مرورًا بالمنزل الجميل الذي تعيش فيه، في ذلك الوقت بالذات جاء لوالدها اتصال يخطره فيها أن رجلًا يدعي ملكية الأرض، تبين أن ذلك الشخص وهو محام مشهور قد اشترى تلك الأرض قبل سنوات، اكتشف الاثنان أنهما وقعا ضحية احتيال، فقد تم بيع الأرض ذاتها لكليهما.
ومما زاد من تعقيد المسألة أن الشخص الذي باع الأرض كان قد توفي، فعرض الورثة كتسوية للقضية أن يعيدوا المبلغ الذي تم شراء الأرض به للمحامي كونه كان قد اشتراها قبلها، لكن المحامي أشار عليها إلى أن ترفض، فرفع قضية لكليهما ربحاها في النهاية.
المفاجأة كما تقول إن المبلغ الذي حصلت عليه، هو المبلغ ذاته المتبقي من قيمة القرض، مما يعني أنه تم سداد القرض كاملًا في أقل من خمس سنوات، «بمجرد أن حولت تركيزي وتفكيري من السخط إلى الامتنان، من اللوم للبنك وغضبي من «ظلمهم» إلى شكرهم تغير كل شيء « المرأة أصبحت وبفضل من الله من أصحاب الملايين بعد أن سددت ديونها وعرفت طريق الاستثمار الآمن.
سبحان الله نغفل أحيانًا بأن مدبر الأمر قادر بقانون «كن فيكون» أن يغير حياتنا من حال إلى حال، لو فقط سلمنا له، ولم نتوقف عن السعي، وصدق الله العظيم القائل «إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ».
حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
خطيب السيدة زينب: عمارة الأرض ونفع الغير من أعظم وجوه الخير.. فيديو
قال الشيخ أحمد عبد الهادي، إمام مسجد السيدة زينب بالقاهرة، إن النبي الكريم يقول في الحديث الشريف "خير الناس أنفعهم للناس" والإنسان الذي يغرس ويزرع وهو يعلم أنه لن يدرك ثمرة ما يزرعه، إنما يزرع إيمانا بالأمل وعمارة الأرض ورسالة الإنسان.
وأضاف عبد الهادي، خلال خطبة الجمعة اليوم، أن الله تعالى قال في كتابه الكريم (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) أي طلب منكم عمارتها والنفع فيها، ومن أعظم وجوه الخير بأيادينا ليأكل منه غيرنا.
وتابع خطيب مسجد السيدة زينب: يقول النبي في الحديث الشريف الذي رواه سيدنا أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله "ما من مسلمٍ يغرسُ غرساً أو يَزْرَعُ زَرْعاً فيأكلُ منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلاَّ كان له به صدقة).
وأشار إلى أن عمر المرء لا يقاس بطول الزمان أو كثرة السنوات بل يقاس كذلك بأمور عظيمة قدمها الإنسان لخالقه وما غرسه لأبناءه وأحفاده وما نفع به أمته من العمل الجاد المتقن.
واستشهد بقوله تعالى (وتلك الأيام نداولها بين الناس) منوها بأن تداول الأيام بين الناس ليس عبثا إنما هو سنة كونية إلهية تثبت لنا حقا ويقينا أن البقاء للأنفع وأن البقاء لمن قدم الخير والنفع.