عبدالوهاب يمدح الريحانى وينتقد العقاد
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
البحث فى تاريخ مصر الحديث العامر بالفن الجميل سيكشف لنا الكثير عن ثراء هذا التاريخ وتنوعه المدهش. فها نحن أمام ثلاثة عباقرة أفذاذ أنجبتهم مصر فى نهايات القرن التاسع عشر، فأسعدونا وعلمونا وأمتعونا ومازالوا يفعلون سواء فى القرن العشرين أو فى الحادى والعشرين.
هؤلاء العباقرة الثلاثة كانوا بؤرة سجال فنى مهم اشتعل فى عام 1949.
أول العباقرة هو الموسيقار الأعظم محمد عبدالوهاب الذى دخل فى نقاش مهذب مع العبقرى الثانى الكاتب الكبير عباس محمود العقاد، رافضًا رأى العقاد فى عبقرى ثالث هو نجيب الريحانى.
بدأت الحكاية عقب وفاة نجيب قبل 75 عامًا بالضبط، وبالتحديد فى 8 يونيو 1949، إذ كتب العقاد مقالا مؤثرًا فى مجلة الكواكب (أغسطس 1949)، بعنوان (رجل خلق للمسرح)، حيث قال العقاد عن الريحانى بالحرف: (إنك تحاول أن تتخيله فى عمل آخر غير عمله المسرحى فلا تفلح. هو على المسرح كالسمكة فى الماء... دخوله إليه وحركته عليه... وكلامه وسكوته وإيماؤه، وقيامه وقعوده، طبيعة من صميم الطبيعة تنسيك كل تكلف يحتاج إليه الفنان حتى ينتقل من العالم الخارجى إلى عالم الفن والرواية).
لم يعجب هذا الكلام عبدالوهاب، فتصدى له بمقال فى العدد التالى من الكواكب، بعد أن وضع له عنوانا دالا ينسف عنوان العقاد، وهو (رجل خلق للسينما)، حيث كتب صاحب الجندول بالنص: (وبوسسعى كفنان زامل الريحانى فى آخر عمل فنى له، وهو فيلم «غزل البنات» أنا أقول بثقة وحماسة وتأكيد: إننى لا أتخيل الريحانى إلا مظلومًا على المسرح... فإن خشبة المسرح كانت تسرق الكثير من عبقرياته لتدفنها فى جو محدود، وتطويها دون أن يشعر بها أحد)...
ثم يواصل عبدالوهاب التمعن فى قسمات الريحانى وعبقرية تعبيراته قائلا: (فإن للريحانى وجهًا معبرًا صارخ الملامح ناطق السمة.. تكاد كل خلجة فيه تبرز قصة بليغة صامتة... وله لمحات تطفر من عينيه يسجل فيها أروع أحاسيس الفنان الملهم... دمعة كسيرة أو نظرة مرحة، أو غشاء من ترح أو فرح يكسبه لونا إعجازيًا قل أن يكون له نظير فى العالم).
لم ينس عبد الوهاب فى مقاله المهم هذا الحفاوة بالصوت المتفرد للريحاني، فكتب قائلا: (وكانت له أيضًا نبرة صوت فيها كل شجن الفنان. تقفز رأسًا من خفقة قلبه لتخرج من شفتيه أشبه بهمسة واهنة لا تكاد تسمعها الأذن، ولكنها أنفاس حارة تنفخ أجيجًا من نار فى إحساس من يتتبعه).
بعد هذا الشرح الذكى لملامح الريحانى المعبرة وحنجرته المؤثرة، يصل إلى النتيجة المبتغاة، فيكتب: (أقول هذا وأنا لا أكاد أتخيل شيئًا غير عدسة الكاميرا يمكن أن تسجل فى أمانة هذه البلاغة التعبيرية لتقدمها للجماهير نطقا عبقريًا... وأقولها وأنا لا أكاد أتخيل شيئًا غير الشاشة يمكنها أن تعرض فى إتقان وأمانة وراحة هذا العالم الرحب الرائع الذى كانت تلعب فيه شخصيات نجيب المتعددة أدوارها المخلدة).
أجل... صدق عبدالوهاب، فلم يبق من الريحانى سوى أفلامه الرائعة المذهلة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ناصر عراق تاريخ مصر الحديث القرن التاسع عشر الكاتب الكبير عباس محمود العقاد محمد عبدالوهاب
إقرأ أيضاً:
تسريبات لقرار مرتقب بتغيير سفير اليمن في واشنطن الحضرمي
كشف السياسي والدبلوماسي اليمني السابق، علي العمراني، عن ترتيب لمجلس القيادة الرئاسي بتغيير سفير اليمن لدى الولايات المتحدة محمد الحضرمي.
وقال العمراني وهو عضو في البرلمان اليمني -في تدوينة له عبر منصة (إكس)- إن قرارا مرتقبا باستبدال السفير الحضرمي وتعيين عبدالوهاب الحجري.
وحسب العمراني فإن "تغيير السفير الحضرمي في واشنطن قبل انتهاء مدته القانونية لم يكن نتيجة لأسباب موضوعية، بل جاء برغبة من الخارج بسبب مواقفه الوطنية".
واضاف الذي شغل آخر منصب له كسفير لليمن في الأردن "كل من السفير عبدالوهاب الحجري والسفير محمد الحضرمي عزيزان على المستوى الشخصي ومقتدران مهنيا".
وتابع قائلا: إن "الرئيس هادي، رغم العديد من جوانب القصور، كان يقاوم الضغوط إلى أقصى حد ممكن، بينما خلفاؤه الجدد يبدو أن مهمتهم تقتصر على السمع والطاعة"، في إشارة إلى الإملاءات التي يتلقاها مجلس القيادة الرئاسي من الخارج.
وأشار العمراني إلى أن السفير الحضرمي ليس الأول الذي يتم تغييره بناءً على رغبات خارجية بسبب مواقفه الوطنية، وقد لا يكون الأخير.
واختتم العمراني تدوينته بالقول "أتمنى التوفيق للسفير عبدالوهاب الحجري"، مستدركا "ندرك جسامة المهمة الوطنية في هذه الظروف الاستثنائية"، حد تعبيره.
يذكر أن من المواقف الوطنية للحضرمي شنه هجوما حادا على الإمارات من على منبر الأمم المتحدة لتجاوزاتها في اليمن حين كان وزيرا للخارجية في العام 2019.
وقال الحضرمي إن الشعب اليمني سيسقط أي محاولات لتمزيق الوطن، منتقدا دعم الإمارات للمجلس الانتقالي الجنوبي، وتوجيه سلاح الجو الإماراتي ضربات مباشرة إلى قوات الجيش اليمني في عدن.