بوابة الوفد:
2024-12-22@13:36:26 GMT

عبدالوهاب يمدح الريحانى وينتقد العقاد

تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT

البحث فى تاريخ مصر الحديث العامر بالفن الجميل سيكشف لنا الكثير عن ثراء هذا التاريخ وتنوعه المدهش. فها نحن أمام ثلاثة عباقرة أفذاذ أنجبتهم مصر فى نهايات القرن التاسع عشر، فأسعدونا وعلمونا وأمتعونا ومازالوا يفعلون سواء فى القرن العشرين أو فى الحادى والعشرين.

هؤلاء العباقرة الثلاثة كانوا بؤرة سجال فنى مهم اشتعل فى عام 1949.

أول العباقرة هو الموسيقار الأعظم محمد عبدالوهاب الذى دخل فى نقاش مهذب مع العبقرى الثانى الكاتب الكبير عباس محمود العقاد، رافضًا رأى العقاد فى عبقرى ثالث هو نجيب الريحانى.

بدأت الحكاية عقب وفاة نجيب قبل 75 عامًا بالضبط، وبالتحديد فى 8 يونيو 1949، إذ كتب العقاد مقالا مؤثرًا فى مجلة الكواكب (أغسطس 1949)، بعنوان (رجل خلق للمسرح)، حيث قال العقاد عن الريحانى بالحرف: (إنك تحاول أن تتخيله فى عمل آخر غير عمله المسرحى فلا تفلح. هو على المسرح كالسمكة فى الماء... دخوله إليه وحركته عليه... وكلامه وسكوته وإيماؤه، وقيامه وقعوده، طبيعة من صميم الطبيعة تنسيك كل تكلف يحتاج إليه الفنان حتى ينتقل من العالم الخارجى إلى عالم الفن والرواية).

لم يعجب هذا الكلام عبدالوهاب، فتصدى له بمقال فى العدد التالى من الكواكب، بعد أن وضع له عنوانا دالا ينسف عنوان العقاد، وهو (رجل خلق للسينما)، حيث كتب صاحب الجندول بالنص: (وبوسسعى كفنان زامل الريحانى فى آخر عمل فنى له، وهو فيلم «غزل البنات» أنا أقول بثقة وحماسة وتأكيد: إننى لا أتخيل الريحانى إلا مظلومًا على المسرح... فإن خشبة المسرح كانت تسرق الكثير من عبقرياته لتدفنها فى جو محدود، وتطويها دون أن يشعر بها أحد)...

ثم يواصل عبدالوهاب التمعن فى قسمات الريحانى وعبقرية تعبيراته قائلا: (فإن للريحانى وجهًا معبرًا صارخ الملامح ناطق السمة.. تكاد كل خلجة فيه تبرز قصة بليغة صامتة... وله لمحات تطفر من عينيه يسجل فيها أروع أحاسيس الفنان الملهم... دمعة كسيرة أو نظرة مرحة، أو غشاء من ترح أو فرح يكسبه لونا إعجازيًا قل أن يكون له نظير فى العالم).

لم ينس عبد الوهاب فى مقاله المهم هذا الحفاوة بالصوت المتفرد للريحاني، فكتب قائلا: (وكانت له أيضًا نبرة صوت فيها كل شجن الفنان. تقفز رأسًا من خفقة قلبه لتخرج من شفتيه أشبه بهمسة واهنة لا تكاد تسمعها الأذن، ولكنها أنفاس حارة تنفخ أجيجًا من نار فى إحساس من يتتبعه).

بعد هذا الشرح الذكى لملامح الريحانى المعبرة وحنجرته المؤثرة، يصل إلى النتيجة المبتغاة، فيكتب: (أقول هذا وأنا لا أكاد أتخيل شيئًا غير عدسة الكاميرا يمكن أن تسجل فى أمانة هذه البلاغة التعبيرية لتقدمها للجماهير نطقا عبقريًا... وأقولها وأنا لا أكاد أتخيل شيئًا غير الشاشة يمكنها أن تعرض فى إتقان وأمانة وراحة هذا العالم الرحب الرائع الذى كانت تلعب فيه شخصيات نجيب المتعددة أدوارها المخلدة).

أجل... صدق عبدالوهاب، فلم يبق من الريحانى سوى أفلامه الرائعة المذهلة.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ناصر عراق تاريخ مصر الحديث القرن التاسع عشر الكاتب الكبير عباس محمود العقاد محمد عبدالوهاب

إقرأ أيضاً:

إيسيسكو تحتفي بالمفكر المصري عباس العقاد بذكرى رحيله الستين

أحيت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"  في الرباط، الذكرى الستين لرحيل الكاتب والمفكر المصري عباس محمود العقاد.

وأعلنت المنظمة في بيان لها الجمعة أنها نظمت مؤتمراً دولياً بعنوان "العقاد والعالم الإسلامي"، بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية في مصر.

وأكد المدير العام لمنظمة إيسيسكو، سالم بن محمد المالك٬ أن عباس العقاد كان نموذجاً للموسوعية الثقافية، حيث أتقن الفلسفة والأدب وعلم النفس والاجتماع والتاريخ الإنساني، وهو ما تجلّى في أكثر من مئة كتاب تركها إرثاً فكرياً غنياً.

وفي كلمة ألقاها نيابةً عنه نائب المدير العام للإيسيسكو، عبد الإله بنعرفة، أوضح أن المؤتمر الدولي حول العقاد يأتي ضمن جهود المنظمة للاحتفاء بأعلام العالم الإسلامي الذين قدموا إسهامات فكرية وثقافية بارزة وتركوا إرثاً ملهماً للأجيال القادمة.


أما مدير مكتبة الإسكندرية، أحمد عبد الله زايد، أكد أن العقاد يُعد مدرسة فكرية فريدة بذاته، قدّم إرثاً فكرياً غنياً يجمع بين التراث الإسلامي وأصالة الفكر والمعاصرة.

وأشار زايد إلى أن العقاد تميّز بالانفتاح على الثقافات المختلفة، وسعى إلى بناء جسور حوار مع الغرب من خلال تقديم الإسلام كحضارة عالمية قائمة على قيم التسامح والعقلانية.

وأضاف أن العقاد تناول شخصيات محورية في التاريخ الإسلامي بتحليل منهجي عميق، جسّده في سلسلته الشهيرة "العبقريات"، وكرّس قلمه للدفاع عن الإسلام في مواجهة التيارات التي سعت إلى التشكيك في عقيدة الأمة.


ماذا تعرف عن العقاد؟
ويُعد عباس محمود العقاد أحد أبرز الأدباء والمفكرين في تاريخ مصر والعالم العربي. وُلد عام 1889 وتوفي عام 1964، وترك بصمة كبيرة في الحياة الأدبية والسياسية.

وشغل العقاد عضوية مجلس النواب المصري، وكان عضواً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة. أسهم بإثراء المكتبة العربية بأكثر من مئة كتاب تناولت مختلف المجالات، مما جعله أحد رموز الفكر العربي الحديث.

وعباس العقاد، هو أديب ومفكر وسياسي مصري، عُرف بثقافته الموسوعية رغم اكتفائه بالتعليم الابتدائي. كان من أبرز مؤسسي "مدرسة الديوان" التي سعت لتجديد الشعر العربي، واشتهر بمعاركه الأدبية والفكرية وسجنه بسبب مواقفه السياسية.

وُلد العقاد في 28 حزيران/ يونيو 1889 بمدينة أسوان جنوبي مصر، في أسرة متدينة تعود جذورها إلى محافظة دمياط. اكتسبت أسرته لقب "العقاد" من امتهان أجداده صناعة الحرير، بينما عمل والده موظفاً في إدارة المحفوظات. وعلى الرغم من أنه لم يتزوج قط، كان العقاد محباً للموسيقى وشغوفاً بالفنون.


أكثر من مئة كتاب

وتجاوزت مؤلفات العقاد المئة كتاب، بالإضافة إلى نشره آلاف المقالات الصحفية، التي طُبعت بعضها في "الهيئة المصرية العامة للكتاب" ضمن مجلدين كبيرين. أصدر تسعة دواوين بين عامي 1916 و1950.

ومن أبرز مؤلفاته: "الخلاصة اليومية" 1912، "ساعات بين الكتب" 1914، "الفلسفة القرآنية"، "حقائق الإسلام وأباطيل خصومه"، "أثر العرب في الحضارة الأوروبية"، "المرأة في القرآن"، "اللغة الشاعرة"، "التفكير فريضة إسلامية" 1962، وسلسلة العبقريات. وقد تُرجمت بعض كتبه إلى لغات أجنبية.

مقالات مشابهة

  • الأغنية العربية المتميزة.. يا عرّاف لـ أحمد زعيم ونوردو تحصد جائزة الموريكس
  • في ذكرى رحيله الستين.. إيسيسكو تحتفي بالمفكر المصري عباس العقاد
  • إيسيسكو تحتفي بالمفكر المصري عباس العقاد بذكرى رحيله الستين
  • بينها أن تُفتح الحريات في مصر.. نجيب ساويرس يثير تفاعلا بتدوينة عن أمنياته في 2025
  • أرتيتا: لا أتخيل نفسي مدرباً لأرسنال 5 أعوام أخرى!
  • انطلاق قافلة دعوية من مسجد سيدي عبدالوهاب بمطوبس في كفر الشيخ
  • الإيسيسكو ومكتبة الإسكندرية توقعان اتفاقية تعاون في مجالات الحوار الحضاري والثقافة والتراث
  • مدير مكتبة الإسكندرية: نحن فى أشد الحاجة إلى نموذج "عقَّادي" لهذا العصر
  • "الأدب العربي والكوري.. بين نجيب محفوظ وهان كانغ" فى ندوة بمركز اللغة والثقافة العربية الاثنين
  • الأحد القادم.. متحف نجيب محفوظ يستضيف مائدة مستديرة احتفالا بذكرى ميلاده الـ113