الإخوان الإرهابية ومسيرة التلون والتواطؤ (١٤٢)
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
نستكمل حديثنا اليوم مع مشاركة الجماعة الارهابية فى انتخابات ١٩٨٤ و١٩٨٧ وبداية توغلها فى النسيج المصرى بالدخول فى تحالفات انتخابية مع أحزاب المعارضة، وهو ما حدث أولا فى انتخابات العام ١٩٨٤ التى خاضتها الجماعة على قوائم حزب الوفد، وحصلت الجماعة وقتها على ٩ مقاعد من إجمالى ٥٨ مقعدا، وفى انتخابات ١٩٨٧ دخلت الجماعة فى تحالف جديد ضم حزبى العمل والأحرار تحت مسمى التحالف الإسلامى، الذى نجح فى الحصول على حوالى ٥٦ مقعدا حصل منها الإخوان على ٣٦ مقعدا، وشهدت هذه الانتخابات أول ظهور لشعار «الإسلام هو الحل»، نجحت الجماعة فى توسيع قاعدتها الاجتماعية ومد شبكتها التنظيمية من خلال الجامعات والمدارس والمساجد، واستفادت من صمت النظام تجاه هذا التمدد الذى كان يصب بالأساس فى مصلحته، حيث جعل من الإخوان سيفا لمواجهة الجماعات الإرهابية العنيفة مثل تنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية، وما خرج منهما من خلايا متطرفة عديدة، وذلك تنفيذا للأتفاق الأول بين الطرفين لمحاصرة التيار المتشدد.
أهداف ورؤية مختلفة عزيزى القارئ، فالنظام هدفه من الاتفاق تحقيق الاستقرار وتثبيت الشرعية، والإخوان هدفهم احتكار الفضاء الدينى والاجتماعى، لم يترك مبارك جماعة الإخوان تواصل عملها وسيطرتها على مفاصل المجتمع، حدث ما جعل النظام ينتبه إلى أن يترك الفرصة للإخوان للسيطرة الكاملة على كل شىء، ففى أكتوبر ١٩٩٢ وقع الزلزال المروع الذى كشف كذبة مبارك الكبرى فى اهتمامه بالبنية التحتية، لكن كشف ما هو أهم على المستوى السياسى، تأخرت الحكومة ولم يشعر الناس بها إلى جوارهم لمواجهة آثار الزلزال، لكن جماعة الإخوان نجحت من خلال شبابها أو النقابات المهنية التى سيطرت عليها فى تخفيف وطأة الزلزال لدى الكثيرين من المتضررين، وطبقا لموسوعة الإخوان المسلمين الارهابية، فإن الجماعة نجحت بحكم انتشارها الشعبى والمجتمعى فى الوصول إلى أماكن الكوارث قبل وصول السلطات الرسمية بساعات، وقد قامت بدور أساسى وفاعل فى إنقاذ العشرات من الموت، ومد يد العون للمشردين ممن تهدمت بيوتهم وصار الشارع مأوى لهم.
منذ هذه اللحظة قرر نظام مبارك التدخل لتقليم أظافر الجماعة، حيث قامت بدور الحكومة، وصارت دولة داخل الدولة كما أكدت ذلك تقارير الجهات الأمنية المختلفة التى رفعت لمبارك، كان اهتمام وسائل الإعلام العالمية بدور الإخوان فى مواجهة آثار الزلزال مقلقا لمبارك، وربما كان أشد ما أزعجه أن التقارير التى أذاعتها محطة «سى إن إن» ومحطة «بى بى سى» وكانت تصور الخيام التى كان ينصبها الإخوان للمتضررين والتى حرصت الجماعة على تعليق لافتة «الإسلام هو الحل».. وهو الشعار الذى كانت الجماعة تخوض به معاركها الانتخابية ضد النظام.. فبدأ الخريف الطويل بين الجماعة ومبارك، وهو الخريف الذى لم ينته إلا بسقوط مبارك نفسه، بحث نظام مبارك عن مبرر قوى ليضرب تحالفه مع جماعة الإخوان المسلمين، فقد تركهم لما يقرب من ١٢ سنة يعملون دون أن يعترض طريقهم أحد، سمح لهم بأن يدخلوا كل مكان، الجامعات، النقابات، النوادى، الانتخابات، لكنه لم يتوقع أن تتمكن الجماعة من هذا الانتشار الذى أصبح مقلقا ومخيفا... فظهرت قضية سلسبيل... وربما هى القضية الأشهر فى تاريخ العلاقة بين نظام مبارك وجماعة الإخوان، وللحديث بقية
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: انتخابات العام التحالف الإسلامي
إقرأ أيضاً:
بوب ديلان: الصوت الذى شكّل ثقافة الستينيات
أثناء دراستى للأدب فى كندا، قدّم لى زملائى أغانى بوب ديلان. فى البداية، كانت موسيقى وكلمات ديلان بعيدة عن ذهنى، ولكن بعد سنوات من الاستماع والتأمل، بدأت أستمتع بالرسائل الاجتماعية والسياسية التى كانت تلتف حول أغانيه، فتبين لى أنها كانت أكثر من مجرد موسيقى؛ كانت أشكالًا من الاحتجاج والأمل والتغيير.
بدأت مسيرة بوب ديلان الفنية فى أوائل الستينيات، حيث كانت أغانيه بمثابة صرخة ضد الظلم، وشهدت انطلاقته تزامنًا مع الحركات المناهضة لحرب فيتنام، إلى جانب مطالبات الحقوق المدنية فى أمريكا. كانت أغانيه نافذة نحو قضايا معقدة، يبرز فيها الصراع بين الأمل والواقع، بين الشباب والسلطة، مما جعلها لغة لاحتجاجات الجيل الجديد فى تلك الحقبة. ولم يكن ديلان مجرد مغنٍ، بل كان صوتًا يرفع راية التمرد، ويحمل فى طيّاته شعارات التغيير، مما أكسبه تقديرًا عالميًا، كان آخرها فوزه بجائزة نوبل فى الأدب عام 2016، بالإضافة إلى جوائز أخرى مرموقة مثل الأوسكار وجوائز جرامى.
وفى عام 1964، شهدت مسيرته تحولًا جذريًا، إذ بدأ فى استخدام القيثارة الكهربائية، مما دفعه للانتقال من موسيقى الفولك إلى الروك التى أصبحت تعبيرًا مباشرًا عن مشاعر الشباب الأمريكى وأحلامهم فى ذلك الوقت. هذه النقلة جعلت موسيقاه تنبض بالحياة، وتزيد من تأثيرها على الشارع الأمريكى والعالمى.
اليوم، وفى 25 ديسمبر الحالى، يعرض فى الولايات المتحدة فيلم «مجهول تمامًا» للمخرج جيمس مانغولد، الذى يتناول قصة بوب ديلان استنادًا إلى كتاب «قيثارة ديلان الكهربائية والليلة التى غيرت تاريخ الستينيات» للمؤلف إى. والد. يعرض الفيلم حياة ديلان منذ وصوله إلى نيويورك عام 1961 حتى العرض الشهير فى مهرجان نيو بورت الشعبى عام 1965.
ربما يكون من الصعب تجسيد شخصية مثل ديلان، الذى ظلت طوال مسيرته تتحدّى التعريف والتصنيف والتحديد، وهذا ما أكده ريتشارد ف. توماس، أستاذ الكلاسيكيات فى حديثه مع مجلة «هارفارد غازيت»: «من الصعب تقييم صوت ديلان بشكل دقيق، فموسيقاه تتغير فى كل عرض، وهو يهتم بتقديم الأغنية بشكل حى وجديد، مما يبدد توقعات الجمهور». وأضاف: «ما يميز ديلان هو استمراريته وتجدده، فهو لا يتوقف عن إبداع أعمال جديدة، ومهما مضت الأعوام، تبقى موسيقاه حية وقادرة على لمس أعماق الناس».
أعتقد أنّ قيمة أغانى بوب ديلان تكمن فى أن كلماته صرخة فى وجه الظلم، وألحانه رسائل من مناهضة الحروب والكفاح من أجل تحقيق الحرية والعدالة. كانت موسيقاه ولا تزال مرشدًا للأجيال فى فترات الاضطراب، ويظل تأثيره حيويًا فى توجيه الفنانين نحو التعبير الصادق والحر. وبالنظر إلى إرثه، يمكننا القول إن بوب ديلان سيظل جزءًا من الروح الثقافية الأمريكية التى ما زالت حية فى وجدان كل من يسعى للتغيير.