المخاطر الاقتصادية المدمرة لاحتلال فلسطين
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
تستمر الأراضي الفلسطينية في مواجهة واحدة من أشد الفترات اضطرابا في تاريخها الحديث، ذلك لأن الاحتلال لمناطق حيوية مثل معبر رفح، إضافة إلى المذابح التي حدثت في رفح وغزة، والضفة الغربية، والقدس، لا تؤدي فقط إلى خسائر بشرية مروعة، بل تحمل في طياتها تأثيرات اقتصادية عميقة تمتد من المستوى المحلي إلى الإقليمي والعالمي.
أتناول في مقالي هذا المخاطر الاقتصادية البرية الناجمة عن هذه الأحداث، مع التركيز على تأثيرها على سلاسل الإمداد البري.
المخاطر الاقتصادية البرية لاحتلال معبر رفح:
1- انقطاع سلاسل الإمداد الحيوية:
- يعد معبر رفح شريان الحياة لقطاع غزة، حيث يُستخدم لنقل المواد الغذائية والطبية والسلع الأساسية الأخرى، لذا فإن احتلال المعبر يؤدي إلى انقطاع هذه الإمدادات الحيوية، مما يتسبب في نقص حاد في هذه السلع ويزيد من معاناة السكان.
- تأخير الإمدادات نتيجة تعطيل حركة الشاحنات والبضائع يرفع من تكاليف النقل، ويؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع في الأسواق المحلية، مما يضع ضغوطا إضافية على الاقتصاد الفلسطيني مباشرة واقتصاديات دول الجوار بالتبعية والآثار.
2- توقف الأنشطة التجارية:
- السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح تؤدي إلى توقف الأنشطة التجارية بين غزة والعالم الخارجي، مما يتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة ويزيد من معدلات البطالة والفقر في القطاع.
- البحث الجبري عن طرق بديلة لنقل البضائع يزيد من التكاليف التشغيلية للشركات والمصانع، ويؤثر سلبا على الإنتاجية الاقتصادية، مما يعرقل أي جهود للتنمية الاقتصادية المستدامة.
التأثيرات الاقتصادية على غزة والضفة الغربية:
1- تدمير البنية التحتية:
- المذابح والهجمات العسكرية تؤدي إلى تدمير واسع للبنية التحتية، بما في ذلك الطرق والجسور وشبكات الكهرباء والمياه. هذا التدمير يعوق حركة النقل البري ويزيد من تكاليف إعادة الإعمار.
- تدهور البنية التحتية يؤثر بشكل مباشر على قدرة المنطقة على جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، مما يعوق التنمية الاقتصادية ويزيد من حدة الأزمات الاقتصادية والإنسانية.
2- زيادة النفقات العسكرية:
تصاعد التوترات العسكرية يؤدي إلى زيادة النفقات الدفاعية على حساب الاستثمارات في البنية التحتية والخدمات الاجتماعية، هذا الاختلال في توزيع الموارد يعرقل النمو الاقتصادي ويزيد من معدلات الفقر والبطالة.
الأثر الإقليمي والعالمي على سلاسل الإمداد البري:
1- اضطراب سلاسل الإمداد الإقليمية:
- يعتبر معبر رفح نقطة ربط حيوية بين مصر وغزة، وأي تعطيل له يؤثر على حركة التجارة بين البلدين. هذا الاضطراب يؤثر على سلاسل الإمداد في مصر والدول المجاورة، مما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف وتأخير تسليم البضائع.
- تزايد التوترات الأمنية في المنطقة يؤدي إلى تراجع الثقة لدى المستثمرين الإقليميين والدوليين، مما يؤثر سلبا على حركة التجارة والاستثمار في الشرق الأوسط.
2- الأثر العالمي:
- تعطيل سلاسل الإمداد البري في فلسطين يؤثر على الأسواق العالمية، خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية والصناعية التي تعتمد على المواد الخام القادمة من المنطقة، هذا التأثير ينعكس في ارتفاع الأسعار العالمية وزيادة تكاليف الإنتاج.
- تزايد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، التي تعتبر من أهم المناطق الجيوسياسية في العالم، يؤدي إلى اضطراب الأسواق العالمية وزيادة المخاطر الاستثمارية.
في كلمات مدوية:
استعادة دول المعاهدات والاتفاقيات والبروتوكولات لرفح ومعبرها وغزة والضفة والقدس وإعادتها للسيادة الفلسطينية؛ يسبقها فرض عقوبات دولية على المحتل وعقوبات رادعة للاحتلال.
إن إعادة الاستقرار الاقتصادي نهج يرتبط باستعادة سيادة دولة فلسطين على أراضي 1967، ليكون اعتراف 147 دولة من 194 دولة هو اعتراف بالدولة والحق والسيادة، بالتوازي مع عقوبات تجميد أصول المحتل والحظر التجاري والعزل الدبلوماسي لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات، وهو ما يوجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لتنسيق الجهود العسكرية والدبلوماسية والسياسية لاستعادة الحقوق والسلام والأمن في المنطقة، مع التركيز على إعادة بناء البنية التحتية ودعم الاقتصاد المحلي، ومن خلال تحقيق العدالة والسيادة الفلسطينية، يمكن تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة واستعادة الأمل والسلام في المنطقة.
وفي مقالي المقبل، سأتناول المخاطر الاقتصادية البحرية التي تنشأ نتيجة لاحتلال فلسطين وتأثيرها على حركة الملاحة والتجارة البحرية الإقليمية والعالمية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية الاحتلال اقتصادية غزة اقتصاد فلسطين غزة الاحتلال حصار مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المخاطر الاقتصادیة البنیة التحتیة سلاسل الإمداد یؤدی إلى معبر رفح ویزید من
إقرأ أيضاً:
إليك المسار التاريخي لاحتلال الجولان السوري.. وهذه تركيبة السكان
سارعت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى زيادة توغلها في هضبة الجولان السورية، فور سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، ودخلت للمنطقة العازلة وأطاحت باتفاقية "فض الاشتباك" التي أبرمت عام 1974 بين تل أبيب ودمشق.
وتقع هضبة الجولان بين نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال، وتتبع إداريا لمحافظة القنيطرة، وهي جزء من سوريا وتتبع لها، رغم محاولات الاحتلال ضمها وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، بل المصادقة مؤخرا على خطة لتوسيع المستوطنات فيها.
منذ عام 1967 احتل الجيش الإسرائيلي ثلثي مساحة هضبة الجولان، ومنذ ذلك الحين تعد في الأمم المتحدة أرضا سورية محتلة، وكانت تسمى بـ"الهضبة السورية"، وتطل على بحيرة طبرية ومرج الحولة في الجليل من ناحية الغرب.
من جهة الشرق يشكل وادي الرقاد الممتد من الشمال بالقرب من طرنجة، باتجاه الجنوب حتى مصبه في نهر اليرموك، حدا عُرف بأنه يفصل الجولان وبين سهول حوران وريف دمشق، فيما من جهة الشمال يشكل مجرى وادي سعار، عند سفوح جبال الشيخ، الحدود الشمالية للجولان.
تبعد هضبة الجولان 60 كيلومترا إلى الغرب من مدينة دمشق، وتقدر المساحة الإجمالية لها بـ1860 كيلو متر مربع، وتمتد على مسافة 74 كيلومترا من الشمال إلى الجنوب دون أن يتجاوز أقصى عرض لها 27 كيلومترا.
الجولان خلال القرن الماضي
كانت هضبة الجولان ضمن حدود فلسطين الانتدابية عندما تم الاعتراف بالانتداب رسميا عام 1922، ولكن بريطانيا تخلت عن الجولان لفرنسا ضمن اتفاق مشترك بتاريخ 7 آذار/ مارس 1923، وأصبحت الهضبة تابعة لسوريا عند انتهاء الانتداب الفرنسي عام 1944.
وعند رسم الحدود الدولية ضمن اتفاقية "سايكس بيكو" بقيت الجولان داخل الحدود السورية، ولكن فرنسا لم ترسم الحدود بين سوريا ولبنان بدقة، لاعتبارها حدودا داخلية، ما أثار الخلافات والمشاكل بين البلدين، عندما استقلت كل منهما من فرنسا.
وما زالت هذه المشاكل قائمة في منطقة مزارع شبعا وقرية غجر، لكنها تعقدت بعد احتلال الجيش الإسرائيلي لهضبة الجولان عام 1967.
في الأيام الأربعة الأولى من حرب 1967 تم تبادل إطلاق النار بين الجيشين السوري والإسرائيلي دون هجمات برية، ما عدا محاولة فاشلة قامت بها قوة دبابات سورية للدخول في "كيبوتس دان"، لكن بعد نهاية المعاركة في الجبهتين المصرية والأردنية، غزا الجيش الإسرائيلي الجولان واحتل 1260 كيلومتر مربع من مساحة الهضبة، بما في ذلك مدينة القنيطرة.
تركيبة السكان
نزح جميع سكان القنيطرة بيوتهم إثر الاحتلال ولجأوا إلى داخل الأراضي السورية، وكذلك نزح الكثير من سكان القرى الجولانية بيوتهم ومزراعهم، ولكن سكان القرى الدرزية شمال شرق الجولان بقوا تحت السيطرة الإسرائيلية.
أما سكان قرية "غجر" العلويون فبقوا في منطقة متروكة بين الجيش الإسرائيلي ولبنان، وبعد عدة أسابيع لجأوا إلى الحاكم العسكري الإسرائيلي ليعتني بهم، عندما أخذوا يعانون من نقص التغذية.
وتجددت الحرب بين الجيشين السوري والإسرائيلي في أكتوبر 1973، واسترجعت خلالها سوريا مساحة قدرها 684 كيلو متر مربع من أراضي هضبة الجولان، لمدة بضعة أيام، لكن أعادت إسرائيل احتلالها لهذه المساحة قبل نهاية الحرب.
في عام 1974 أعادت إسرائيل لسوريا مساحة 60 كيلومتر مربع من الجولان تضم مدينة القنيطرة وجوارها وقرية الرفيد في إطار اتفاقية "فض الاشتباك"، وقد عاد إلى هذا الجزء بعض سكانه، باستثناء مدينة القنيطرة التي ما زالت مدمرة.
بلغ عدد قرى الجولان قبل الاحتلال 164 قرية و46 مزرعة، فيما بلغ عدد القرى الواقعة تحت الاحتلال 137 قرية و112 مزرعة، إضافة إلى القنيطرة، وبلغ عدد القرى التي بقيت بسكانها 6 قرى: مجدل شمس ومسعدة وبقعاتا وعين قنية والغجر وسحيتا (رحل سكان سحيتا فيما بعد إلى قرية مسعدة لتبقى 5 قرى).
كان عدد سكان الجولان قبل حرب 1967 نحو 154 ألف نسمة، عاش 138 ألفاً منهم في المناطق الواقعة حالياً تحت الاحتلال، هجر أكثر من 131 ألف نسمة ودُمّرت قراهم ويبلغ عددهم حالياً قرابة 800 ألف نسمة ويعيشون في دمشق وضواحيها، وبقي 8 آلاف مواطن في القرى الخمسة الباقية، ويبلغ عددهم حالياً 20000 نسمة.
في 1974 أعادت إسرائيل مدينة القنيطرة لسوريا في إطار اتفاقية الهدنة، ولكن حتى الآن لم يتم ترميم المدينة. أعلنت الحكومة السورية رفضها لترميم المدينة إن لم تنسحب إسرائيل إلى خط 4 يونيو، رغم التزامها بترميم المدينة وإعادة النازحين إليها في اتفاقية الهدنة.
سكان الجزء العائد إلى سوريا
غالبية سكان هذا الجزء من الجولان حالياً هم من العرب والتركمان والشركس. خلال السنوات الأولى بعد إعادة مدينة القنيطرة وضواحيها لسوريا، واعتبارًا من عام 1975، بدأ بعض النازحين بالعودة إلى منازلهم على حذر، وبدأت الحكومة السورية بتقديم معونات لمساعدة السكان على إعادة البناء باستثناء مدينة القنيطرة نفسها. فقد تم إعادة ترميم وبناء وعودة نسبة من السكان إلى الغالبية من قرى الجولان، في الثمانينات قامت بإنشاء تجمعات سكنية، فيما أطلق عليه "مشروع إعادة إعمار القرى المحررة". مركز المحافظة حاليًا هو مدينة خان أرنبة، وهناك عدة قرى وتجمّعات سكنية أخرى.
عام 2004 أعلنت الحكومة السورية عزمها إعادة إعمار قريتي العدنانية والعشة، بحيث يتم بناء 1,000 وحدة سكنية في قرية العدنانية، و800 وحدة سكنية في العشة، بهدف إعادة إعمارهما وعودة سكّانها الأصليين.
سكان الجزء الخاضع تحت الاحتلال الإسرائيلي
عدد سكان الجولان في الجزء الواقع غرب خط الهدنة 1974 يقدر بـ40 ألف نسمة، منهم أكثر من عشرين ألف عربي (ينقسمون من ناحية دينية إلى حوالي 18.5 ألف درزي وحوالي 2500 من العلويين) وفيها حوالي 17.5 ألف مستوطن إسرائيلي يهودي.
أغلبية من بقي في الجزء من الجولان الخاضع للسلطة الإسرائيلية هم من الدروز. بعد قرار ضم الجولان في 1981 رفض معظمهم حمل الهوية الإسرائيلية وأعلنوا إضراباً عاماً، وصدر تحريم من مشايخ الدروز يحرم الجنسية الإسرائيلية.
اليوم تحمل الأغلبية الساحقة منهم مكانة "مقيم دائم" في الأراضي المحتلة، حيث يتمكنون من ممارسة أغلبية الحقوق الممنوحة للإسرائيليين ما عدا التصويت في انتخابات الكنيست، وحمل جوازات سفر إسرائيلية.
وحسب القانون الإسرائيلي يمكن للحكومة إلغاء مكانة "مقيم دائم" إذا غادر المقيم المناطق الخاضعة للسلطة الإسرائيلية لفترة طويلة. فإذا قرر أحد سكان الجولان الرافضين للجنسية الإسرائيلية الانتقال إلى بلدة داخل سوريا عليه التنازل عن جميع حقوقه في إسرائيل بما في ذلك إمكانية العودة إلى الجولان ولو لزيارة عائلته.
قرار ضم الجولان
في السنوات الأخيرة شهدت المنطقة المجاورة للقنيطرة نمواً سكانياً ونشاطاً عمرانياً واقتصادياً لافتاً، ولكن الدخول إلى بعض المناطق المجاورة لخط الهدنة لا يزال ممنوعا حسب تعليمات السلطات السورية إلا بتصريح خاص. في ديسمبر 1981 قرر الكنيست الإسرائيلي ضم الجزء المحتل من الجولان الواقع غرب خط الهدنة 1974 إلى إسرائيل بشكل أحادي الجانب ومعارض للقرارات الدولية.
قرر الكنيست في 14 ديسمبر 1981 فرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية على هضبة الجولان، وتشير الخارطة الملحقة بهذا القرار إلى أن المنطقة الواقعة بين الحدود الدولية وخط الهدنة تقع ضمن السيادة الإسرائيلية.
وأكد مجلس الأمن في قراره أن الاستيلاء على الأراضي بالقوة غير مقبول بموجب ميثاق الأمم المتحدة واعتبر قرار إسرائيل ملغيًا وباطلًا ومن دون فعالية قانونية على الصعيد الدولي؛ وطالبها باعتبارها قوة محتلة، أن تلغي قرارها فوراً. مع ذلك لم يفرض مجلس الأمن العقوبات على إسرائيل بسبب قرار ضم الجولان.
وتبلغ مساحة المنطقة التي ضمتها إسرائيل 1200 كيلو متر مربع من مساحة سوريا، بحدود 1923 البالغة 185,449 ألف كيلو متر مربع، وهو ما يعادل 0.65% من مساحة سوريا ولكنه يمثل 14% من مخزونها المائي قبل 4 يونيو 1967. كما أن الجولان هو مصدر ثلث مياه بحيرة طبريا التي تمثل مصدر المياه الأساسي لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتعود مطامع الاحتلال للسيطرة على هضبة الجولان، لأنها تتمتع بموقع استراتيجي، فمجرد الوقوف على سفح الهضبة، يستطيع الناظر تغطية الشمال الشرقي من فلسطين المحتلة، بفضل ارتفاعها النسبي.