جريدة الرؤية العمانية:
2024-06-26@19:46:10 GMT

الكرامة وعزة النفس

تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT

الكرامة وعزة النفس

 

 

ماجد المرهون

majidomarmajid@outlook.com

 

 

لكل إنسان بلا استثناء قيمةٌ خاصة يُعامل ويَتعامل بها وعامة تحفظه من الإساءة والأذى، وهي قيمٌ معيارية ذات وزنٍ ونسبية يتراوح قبولها ورفضها بين شخص وآخر وتتفاوت مفاهيمها وتتطور قليلاً باختلاف المكان والزمان والعادات والمعارف لكنها لا تختلف في أصالة مفهومها، وبما أنَّ القاعدة في الكرامة هي استتبابها على الدوام فإنَّ ما يشذ عنها هو انتهاكها بفعلٍ جسدي أو قولٍ لفظي في أنواعٍ من الظُلم والاستغلال وأشكالٍ من التمييز والعنصرية، ولن تنعم المجتمعات التي ترسخ في ثقافاتها تلك الممارسات بالاستقرار والتسامح، مع أنها نزعات إنسانية تبنتها بعض المُعتقدات الخاطئة وبنتها على مراحل سابقة أعتقد معتنقوها تفضيلًا بأهليتهم المطلقة وأحقيتهم الكاملة، إلا أنها ستؤدي إلى انكشاف غطائها على البغضاء والتشاحن في يومٍ من الأيام مهما حاولوا إخفاءه.

قد يُوقع الكِبر صاحبه في اللؤم بسبب سوء تقدير استجابته في فهم معنى حفظ كرامته وهو اقترافٌ يستكره فيه ذاته لمُعالجة الخطأ بخطأ أكبر، لتجد عزة النفس هنا لها مدخلًا وهميًا جيدًا قادرًا على الإقناع بتجنب التقليل من القيمة الشخصية، وإن كانت عزة النفس تستند على وزن قوة الشخصية وثقل التصالح مع الذات بيد أنَّ الوقوع في الخطأ والاعتراف به وتبيانه قد يلتبس على البعض فيتجنبه مخافة الشعور بالذل والمهانة.

وتعتمد المُشتبهات بين الكرامة وضدها اللؤم وبين عزة النفس وضدها الذُل على تعالقات قيميةٍ بالغة العمق وتتأرجح بين الذات الحقيقية والخيالية وقد يقع البعض في صعوبة إدراكها لا سيما ضعاف الثقة بالنفس على عكس ذي الحكمة الواثق بنفسه، وقد تُمارس المَهانة علينا أو على غيرنا بطرق متنوعةِ وأشكالٍ عِدة بقصد أو دون قصد، كالاستنكاف من مخاطبة النَّاس بألقابهم أو إنزالهم منازلهم لسعةِ عِلمٍ أو كِبر سن، أو ربما لمظلمةٍ قديمة لا تُعرف حيثياتها أو خلافٍ بين أطرافٍ جل مقترفوها تحت الثرى أو حتى سوء فهمٍ غلب عليه سوء ظن، وكل هذه الأحوال هي طرائق بُنيت على سوابق انتجت تعابير عن عدم الرضا الداخلي لتظهر علنًا على مستويات من الازدراء والحط من المكانة وتختلف تقييماتها وانفعالاتها من شخص لآخر، ويقال إن من اعتاد ممارسة امتهان غيره، قابلٌ لتقبُّل المهانة على نفسه من الآخرين.

إنِّه لمن الضرورة التأهل النفسي للتعاطي مع كُل أمرٍ حسب أهميته، ومن التدبير الجيِّد التأمل قليلًا قبل الخوض في ردة الفعل والحكم على نوايا الآخرين لتجنب فتح الباب للكرامة وعزة النفس المترصدتين لإقحام نفسيهما في كل شاردةٍ صغيرة وواردةٍ سخيفة، ومن المستحسن إبقائهما بعيدًا قدر الإمكان حتى يجد حسن الظن لنفسه موطئ قدم ليقوم بعمله ويمهد لطريقه الطبيعي حتى يتَّخذ محله، والذي غالبًا ما يكسر بوادر الطلع الأولى لمجازف سرعة الحكم، وإن لم يجد المرء بعد ذلك في نفسه السكينة الطبيعية فإنَّ عليه من الحكمة التماس الأعذار للآخرين وسيجد فيها رحابة كافية لتسهيل الصعب وتبسيط المعقد وحل ما استشكل.

الإصابة في العلم والعمل رأس الحكمة ويجسدها حسن الرد وطيب التعامل، ومن الحكمة التأني بالردود واتقاء إيقاع الأحكام من طرف واحدٍ قبل الإحاطة التامة بكل الأسباب الظاهرة والجلية منها والخافية الباطنة إن أمكن دون ضرر أو ضرار، وربما يجد أحدنا شيئًا في نفسه من الدوافع التي تُشعره بخصاصة كرامته وهي في الواقع ليست كذلك كأن يقول: "لم يقدم لي دعوة فهو لا يُقدرني، أو لم يذكر اسمي فهو لا يحترمني" ومن أمثلة هذه الأغراض التي تضرب بين الإلهام الفطري السليم وغوائل وسوسة الشيطان غشاوة قاتمة تجعل من التفريق بينهما أمرًا صعبًا، لكن من أخلاقيات تدبير النفس الاستعانة بسؤال أهل الذكر والمعرفة والخبرة مخافة الوقوع في الظلم أو سوء الظن عندما تتعذر الأداة الذهنية في تقييم الموقف لاتخاذ خطوة الرد التالية ونوعيتها.

"إن لم يسألوا عنك فلا تسأل عنهم" نسمعها كثيرًا، وما لنا لا نسأل وما الذي سيُنتقص منَّا؟ ولماذا نقحم عزة النفس في شأنٍ لا شأن لها به؟! بل سنرُسِّخ قانون التواضع ونسأل ونستعلم ولن نسمح لوساوس النفس بتقطيع أواصر المودةِ والإخاء، ونسمع كذلك "إذا لم تكن مدعوًا فلا تذهب" وفي معزلٍ عن الكرامة التي لا مكان لها هنا سوف نعتمد على الحكمة في القياس، فإن كان الذهاب دون دعوةٍ هو أقرب رحمًا فذلك أولى، وهناك سِعة كبيرة في وضع المبررات والتماس الأعذار وتقع الأخطاء سهوًا في مثل هذه الأمور، وكذلك يقال "إن دعوك متأخرًا ارفض" وهذا تصرف لايخلو من التسرع المُشرب بالكبر في إلقاء الحكم على الآخر قبل معرفة السبب وإن قبول الدعوة واجب مالم يحل حائلٌ دون تلبيتها.

الكثير من الأمثلة المُشابهة والشبيهة بالشقوق الشعرية الدقيقة والتي يسمح الإنسان للأفكار السلبية بالتسرب من خلالها، حتى يتراكم قطرها ويلامس فيضها بإرادته شيئًا في خيالهِ وستصل في معظم الأحوال للنيل من كرامته وعزة نفسه، لكن تصدي الواثق بنفسه لها سيصنع له بين النَّاس مهابة، فإن بادر أو تعذر أو تقدم أو تأخر لن يجد في شخصهِ إصابة، ولايزدري أحدًا أو يستصغره ولا يقتنص منه معابة، ذلك لأن حسن ظنه مقدمٌ في الاستجابة والتماس الأعذار للنَّاس جسر عبوره فوق أفكار الرتابة وسلبيات القِلة النمامةِ المُغتابة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هكذا أصاب جيش الاحتلال نفسه في مقتل

#سواليف

قال موقع والا العبري، إن #جيش_الاحتلال يسعى لتشكيل فرقة جديدة بسبب النقص في عدد #الجنود، والتي ستضم جنودا و #مجندات بلغوا سن الإعفاء ومتطوعين وعناصر من الحريديم، حيث هناك مساع لتجنيد 40 ألف جندي لتنفيذ مهام في الضفة و #غزة وعلى الحدود وفي حرب متعددة الجبهات في ظل المخاوف من اندلاع #حرب_شاملة مع حزب الله اللبناني.

هذه #الأزمة لدى جيش الاحتلال، تسبب قادته في الوصول لها على مدار سنوات، من خلال تقليص سنوي لأعداد #جنود_الاحتياط، لكن الحرب على غزة كشفت عن #الترهل داخل جيش الاحتلال وحجمه و #الفشل الإسرائيلي في إعداد جيش الاحتلال وقوات الاحتياط التي توصف على أنها “بقرة إسرائيل المقدسة”، وكذلك عن الفشل في إدارة الحرب أو التخطيط لإدارة حرب تشبه تلك التي تجري في قطاع غزة، التي أثبت فيها جيش الاحتلال أن التفوق التكنولوجي والعسكري غير قادر على تحقيق “النصر” له.

على مدار سنوات مضت؛ عمل رؤساء أركان جيش الاحتلال على تقليص وحدات قوات الاحتياط وتفكيكها حتى وصل جيش الاحتلال اليوم إلى أزمة في العدد لم يسبق لها مثيل في قواته، بالتزامن مع الحرب المستمرة في قطاع غزة والتصعيد على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة مع حزب الله اللبناني.

مقالات ذات صلة “حماية الصحفيين” يدعو إلى استبدال عقوبة حبس الإعلامية هبة أبو طه بالخدمة المجتمعية 2024/06/26

كانت فكرة رؤساء أركان جيش الاحتلال تتمحور حول صورة “جيش صغير وقوي وذكي ومرن وفعال ومبتكر”، لكنها كلها هزمت في حرب غزة، أمام #المقاومين الفلسطينيين.

واستراتيجية رؤساء أركان جيش الاحتلال السابقين من فكرة الجيش الصغير القوي والذكي؛ ظهر فشلها، حتى بات الجيش اليوم بحاجة إلى عدد كبير من الجنود بالتزامن مع التصعيد على مختلف الجبهات التي لم يحسب لها أحد أي حساب.

في عام 2002 – 2005 شغل موشيه يعلون منصب رئيس أركان جيش الاحتلال وخلال فترة وجوده في منصبه تم تدشين أول عملية تفكيك لوحدات قوات الاحتياط، وواصل بيني غانتس العمل ذاته وفكك المزيد من الوحدات وقلص أعداد الجنود، وخلال العشرين عاما الماضية قام 5 رؤساء أركان ومساعديهم بتقليص قوات الاحتياط بشكل متواصل.

وهذا يشير إلى أنه عندما تندلع حرب إقليمية في عدة جبهات في نفس الوقت؛ لا يوجد فائض في القوات، إذا كان على جيش الاحتلال تعزيز الخط الشمالي ضد حزب الله، فإن القوات ستخرج من قطاع غزة لأنه لا توجد قوات أخرى، وإذا اندلعت انتفاضة في الضفة، فسوف يضطر جيش الاحتلال إلى تقليص انتشار القوات على الحدود الشمالية وقطاع غزة من أجل إرسال قوات إلى الضفة، وفق خبراء إسرائيليون.

وكان التصور الذي أدى إلى قرار رؤساء الأركان هو أن عصر الحروب الكبرى والدبابات قد انتهى، ومن الممكن الاكتفاء بجيش صغير تكنولوجي وذكي بسبب “السلام” مع المصريين والأردنيين، والاعتماد بشكل أساسي على وحدات النخبة.

ويأتي ذلك بالتزامن مع الإعلانات المتوالية لجنود الاحتياط، برفض الخدمة العسكرية في قطاع غزة، وسط حالة من القلق والخوف من فكرة “التضحية بهم”، وتعرضهم للإرهاق والقتال ساعات طويلة، والخوف كذلك من تداعيات استمرار القتال على حياتهم الشخصية والأسرية ومجالات العمل.

وفي سياق متصل، أفادت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بأن عشرات جنود الاحتياط يعلنون أنهم لن يعودوا للخدمة العسكرية في غزة حتى لو تعرضوا للعقاب.

يأتي ذلك في وقت ذكرت فيه وسائل إعلام إسرائيلية أن المئات من جنود الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي يغادرون شهريا إلى الخارج بدون إبلاغ قادتهم، في ظل استمرار الحرب على غزة حيث تكبدت قوات الاحتلال خسائر كبيرة خلال الأشهر الماضية.

وصادقت الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولى، مساء الاثنين، على مشروع قانون رفع سن الإعفاء من خدمة الاحتياط بالجيش بشكل مؤقت.

وأشارت صحيفة هآرتس إلى أن مشروع القانون يهدف إلى منع تسريح جنود الاحتياط الذين اقتربوا من سن الإعفاء، والذين يشاركون حاليا في القتال.

كشفت معطيات لجيش الاحتلال الإسرائيلي المعلنة أن حصيلة قتلاه في قطاع غزة بلغت 666 جنديا وضابطا منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بينهم 313 قتلوا منذ بداية الحرب البرية التي اندلعت في 27 أكتوبر/تشرين الأول، بالإضافة إلى إصابة 3894 ضابطا وجنديا منذ بداية الحرب، بينهم 1977 بالمعارك البرية.

مقالات مشابهة

  • درست علم النفس.. معلومات عن نيكول سابا في عيد ميلادها
  • هكذا أصاب جيش الاحتلال نفسه في مقتل
  • النفس المطمئنة وادخلي في حب علي وادخلي جنتي.. مقتدى الصدر يشعل تفاعلا بتصريح في عيد الغدير
  • الأمين العام للأمم المتحدة يحث الشرطة وقوات الأمن في كينيا على ضبط النفس والالتزام بسلمية الاحتجاجات
  • تعديل ساعات عمل معبر الكرامة 
  • كلية العلوم السياسية في الحكمة تنظم مناورة حية بالتعاون مع الجيش
  • والي الجزيرة يوجه برفع قدرات المستنفرين لمعركة الكرامة
  • القمص بطرس بطرس بسطوروس يهنئ الكنيسة ببدأ صوم الرسل
  • بين الحكمة والشدة.. سيرة النبي محمد في التعامل مع المنافقين
  • كوريا الشمالية: الحرب الروسية على أوكرانيا ” دفاع مشروع عن النفس”