تنمية القطاع الخاص.. خيار عُمان الاستراتيجي للاستدامة
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
د. يوسف بن حمد البلوشي
yousufh@omaninvestgateway.com
تشهد بيئة الأعمال في السلطنة تحسنًا نسبيًا، يتجلى في تحسُّن مؤشرات التصنيف الائتماني وزيادة تدفقات رأس المال الأجنبي المباشر، وغيرها من المؤشرات الإيجابية، ويأتي ذلك في ظل التحسن في أسعار النفط، إلى جانب الجهود الحثيثة التي تبذلها الجهات الحكومية المعنية، من أجل تسهيل وتيسير النشاط التجاري والاستثماري، ودعم المبادرات والبرامج والمشاريع في كافة القطاعات.
وقد تجسَّدت هذه الجهود في إطلاق العديد من المبادرات الرائدة خلال الفترة الأخيرة؛ منها: تطوير خطة تنفيذية وطنية للاستثمار، وتحسين خدمات "استثمر في عُمان"، وإنشاء فريق تفاوضي ومسارات لتسريع الأداء، وإعداد خارطة استثمارية تُوضِّح الفرص المتاحة، إضافة إلى تشكيل فريق لاستهداف الأهداف الاستثمارية المنشودة. وساهمت هذه المبادرات في تسهيل بيئة الأعمال، ورفع جودة وكفاءة الخدمات الحكومية المقدمة للقطاع الخاص وتحديثها رقميًا، فضلًا عن إنشاء "صندوق عُمان المستقبل"، ومن قبل تأسيس حاضنات ومُسرِّعات الأعمال، ومراجعة العديد من القوانين والتشريعات ذات الصلة.
ورغم الإنجازات والجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة لتحسين بيئة الأعمال، إلّا أن الاقتصاد لا يزال يواجه بعض التحديات الهيكلية الرئيسية، ويكمن أبرزها في الدور المحوري الذي لا تزال الحكومة تُمارسه في القطاعات الاقتصادية وتواضع دور القطاع الخاص المعني بملفات الإنتاج والتصنيع وتقديم الخدمات. فبينما تشير مؤشرات الأداء الاقتصادي إلى تحسن نسبي في أداء شركات هذا القطاع، إلّا أن القطاع الخاص لا يزال يواجه تحديات بنيوية تستلزم تدخلات إضافية لتعزيز قدراته الإنتاجية والتصديرية. وعليه، فإن التحدي الأكبر أمامنا هو تمكين القطاع الخاص من القيام بدوره المنشود على النحو الأمثل في المرحلة المقبلة، وذلك من خلال تحفيز دور الشركات وحشد همم رجال الأعمال، وتقليص دور الحكومة والتي ينبغي أن تكون داعمًا رئيسيًا له، وخلق بيئة تنافسية وشفافة تتيح لجميع مكوناته فرصًا متكافئة للنمو والازدهار.
أقتصرُ الحديث هنا عن أحد هذه التحديات الرئيسية التي تواجه القطاع الخاص، والمتمثل في هيكلته وتركيبته غير المُتسِقة بشكل كافٍ، ويمكن تشخيص أحد مواطن الضعف في القطاع الخاص في قلة التشابك والروابط والعلاقات الأمامية والخلفية بين مكوناته الرئيسية، والتي يمكن تقسيمها إلى ثلاثة مُكَوِّنات؛ أولًا: الشركات العائلية التي نشأت في مرحلة مبكرة من النهضة، واضطلعت بأدوار محورية في توفير السلع والخدمات وبناء البنية التحتية. واستفادت هذه الشركات من المزايا والمناقصات الحكومية لتنمو وتتحول إلى مجموعات اقتصادية كبيرة تعمل عبر سلاسل الإنتاج والخدمات المتنوعة؛ بما في ذلك امتلاكها لمؤسسات مالية وشركات السفر والوكالات ومعظم الأنشطة التجارية. وأصبحت هذه الشركات العائلية تعمل بشكل مُنعزل عن باقي مكونات الاقتصاد وتميل إلى التعامل مع شركات المجموعة أو شركة عائلية أخرى.
أما المُكَوِّن الثاني للقطاع الخاص، فيتمثل في الشركات الحكومية وشبه الحكومية والتي تمَّ تأسيسها لتلبية احتياجات ملحة وسد فجوات واضحة في بعض القطاعات الاقتصادية وسلاسل التوريد التي لم يُبادر القطاع الخاص المحلي والأجنبي للدخول فيها. وكان لا بُد من إنشاء هذه الشركات لتمهيد الطريق في تلك المجالات، وفتح آفاق الاستثمار أمام شركات القطاع الخاص المحلي والأجنبي، وتوفير الهياكل الإنتاجية الأساسية اللازمة. وبدأت هذه الشركات الحكومية بالنمو وإنشاء شركات فرعية في مختلف القطاعات، وأصبحت تعمل بشكل وثيق مع نظيراتها من الشركات الحكومية وشبه الحكومية تزايدت روابط الأعمال فيما بينها لتعظيم الأرباح، مهملة بقية مكونات القطاع الخاص الأخرى.
بينما يتألفُ المُكَوِّن الثالث للقطاع الخاص من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتُمثل الشركات متناهية الصغر الجزء الأكبر من هذا المُكَوِّن المُهم والذي يعد أساسًا مُهمًا لتحقيق تحوُّلات مُؤثرة في تركيبة الاقتصاد وقد واجهت شركات هذا المُكَوِّن صعوبات كبيرة في توسيع أعمالها وتنمية نشاطاتها بسبب هيمنة المُكَوِّنين السابقين، أي الشركات العائلية الكبرى والشركات الحكومية وشبه الحكومية، على مختلف القطاعات الاقتصادية.
هذا التحدي الهيكلي- سالف الذكر- لن يُعالِج ذاته ولن تتوَلَّد الحلول تلقائيًا؛ بل تتطلب تدخُّلات حكومية مدروسة وتوليفة متكاملة من السياسات التي تهدف إلى تعزيز المشاركة الفعالة لجميع مكونات القطاع الخاص؛ بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة، وكسر احتكار الشركات الكبرى العائلية والحكومية، وتوفير بيئة تنافسية عادلة تتيح لجميع الشركات فرصًا متكافئة للنمو والازدهار.
ومن الواضح أنَّ هناك حاجة إلى مُعالجات وسياسات مختلفة للتعامل مع كل مُكَوِّن من المكونات الثلاثة الرئيسية للقطاع الخاص؛ حيث تعد جميعها مُهمة. ولكن في الوقت نفسه، يستوجب الأمر المزيد من التشبيك وخلق الروابط الأمامية والخلفية فيما بينها؛ فالعمل في جُزر مُنعزلة لا يُؤدّي لنهوض الاقتصادات.
وبالنسبة للشركات العائلية، هناك ضرورة مُلحّة لإيجاد ميثاق حوكمة واضح يسمح بإعادة تنظيم الملكية العائلية في الشركات، وحوكمتها، وإدارتها، وسياسة العمل، وسياسة توظيف أفراد العائلة، وتوزيع الأرباح، والتصرف في الحصص أو الأسهم، وكذلك يضع آلية لتسوية المنازعات أو الخلافات بما يضمن استدامة الشركة (والتوجيهات السامية الأخيرة لحضرة صاحب الجلالة- حفظه الله- تصب في هذا الاتجاه).
وفيما يتعلق بالمُكَوِّن الثاني الخاص بشركات جهاز الاستثمار والمطالبة بإيجاد آليات للتخارج في وقت مناسب وعرضها في سوق المال، وكذلك تعزيز تعاملها مع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وأن تعمل كصانع للاقتصاد وقطاعات الإنتاج وليس منافس لها (إذ إن الممارسات الحالية بعيدة كل البعد عن المُبتغى). أما بالنسبة للمُكَوِّن الثالث والذي يتعلق بالشركات الصغيرة والمتوسطة، فإنه لا بُد من ايجاد آليات لتشجيع هذه الشركات والاخذ بيدها، من خلال إعطائها الحوافز الكافية للنهوض والتعامل مع المشتريات والمناقصات الحكومية، ودعم المحتوى المحلي، ليس فقط بإصدار اللوائح، وإنما بوضعها موضع التنفيذ، وتطوير فرص مبتكرة للمستقبل، من خلال خلق بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية. ومن المهم تشجيع نموذج جديد للشركات، كالشركات المجتمعية (الأهلية) في الولايات والمحافظات، لتكون الشركات الصغيرة والمتوسطة جزءًا منها، وهناك حاجة لتدخلات استراتيجية عميقة لاحداث التأثير المطلوب في هذا الجانب.
وفي الوقت التي يجري فيه العديد من الجهود لتعزيز دور القطاع الخاص، إلّا أنه من الأهمية بمكان التركيز على إشراك رجال الأعمال المحليين وشركات القطاع الخاص المحلية بشكل أكبر، لتكون الجزء الأهم من الحراك الاقتصادي والاستثماري في السلطنة وإشراكهم في القرارات الاستراتيجية التي تمس بيئة الاعمال. ويتعين بناء قدراتهم وتمكينهم ليصبحوا قادة العملية الانتقالية لنقل عُمان إلى مصاف الدول المتقدمة.
ومن الأهمية أن لا تغفل الحكومة الدور المحوري للقطاع الخاص، الذي بدونه لن ننجح في تحقيق النقلات النوعية، وأن تتراجع عن أداء دور المُنتج والمُوَظِّف والمُستثمِر الرئيسي في الاقتصاد، وأن تُركِّز بدلًا من ذلك على توفير البيئة التمكينية والتنظيمية المواتية لنمو وازدهار القطاع الخاص كمحرك رئيسي للنشاط الاقتصادي؛ فهو قائد معركة التحوُّل الاقتصادي، وهو المعني بالاستثمار والإنتاج والتصنيع والتصدير.
وقبل الختام.. نُذكِّر بالدور الاستراتيجي لغرفة تجارة وصناعة عمان في معالجة تحديات القطاع الخاص ودراسة قضاياه وتبني ملفاته وتمهيد الأرضية لانطلاقته؛ حيث تؤدي الغرفة دورًا محوريًا في معالجة تحديات القطاع الخاص ودراسة قضاياه وتبني ملفاته وتمهيد الأرضية لانطلاقته. ويُعد تأسيس مركز للدراسات والبحوث الاقتصادية بالغرفة نقطة تحول مُهمة في مسيرة الغرفة وخطوة استراتيجية نحو تعزيز دورها في دعم القطاع الخاص. وفي الواقع، يُناط بهذا المركز أدوار كبيرة تتمثل في سد الفجوات المعرفية من خلال إجراء دراسات وبحوث علمية لقضايا استراتيجية وطنية تهدف إلى صياغة سياسات اقتصادية مبنية على الأدلة العلمية، وتقديم الحلول التي تساهم في معالجة التحديات التي يواجها الاقتصاد، وتوفير قاعدة أبحاث شاملة تُتيح للشركات المعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة، وتعزيز التواصل بين الحكومة والقطاع الخاص وفتح قنوات الحوار والتشاور لتطوير سياسات اقتصادية تدعم تطور القطاع الخاص.
وختامًا.. يتفرد كل مجتمع بنسيجه الاجتماعي والاقتصادي المختلف؛ مما يُشكِّل أساسًا لخططه وبرامجه وتوجهاته الاستراتيجية. وعليه، فإن الاستفادة من التجارب العالمية مع مراعاة النسيج العُماني، يُعد أمرًا ضروريًا لتطوير القطاع الخاص العُماني؛ بما يتماشى مع فكره وتجربته التنموية. وبلا شك تتحمل الحكومة مسؤولية جسيمة في النهوض بالاقتصاد الوطني، من خلال توفير بيئة مواتية للأعمال، وضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي، وتقديم الخدمات الأساسية. ولكن، لا يمكنها بمفردها أن تَحمِل عبء التنمية الاقتصادية على كاهلها. فقد حان الوقت للقطاع الخاص أن يمارس دورًا محوريًا في دفع عجلة التنمية، من خلال القيام بالدور المنوط به في جوانب الاستثمار والإنتاج والتصنيع والتصدير وتقديم الخدمات والتوظيف.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
خلال فعالية إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للاستدامة وتمويل التنمية.. مدبولي: مشاركة الجميع في إيجاد حلول للقضايا الإنمائية المُلحة ضرورة لخلق فرص اقتصادية تعزز من رفاهية الشعوب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شارك الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم، في فعالية إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل في مصر (E-INFS)، بالشراكة مع الأمم المتحدة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتعزيز استدامة التمويل لتنفيذ رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة؛ من أجل سد فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة، وخلق إطار وطني مُتكامل يتضمن مختلف مصادر تمويل التنمية، من خلال الدمج بين أفضل المُمارسات العالمية والحلول الوطنية لتمويل التنمية.
وحضر الفعالية نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، وعدد من الوزراء، والمنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر، والممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر، ولفيف من السفراء، وممثلي المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة، وعدد من أعضاء البرلمان، ومسئولي الجهات المعنية، وعدد من ممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني.
وتضمنت الفعالية عددًا من الجلسات النقاشية التي شهدها رئيس الوزراء، منها جلسة بعنوان "الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل في مصر: خارطة الطريق للتمويل المستدام في مصر"، قدمت فيها الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي شرحًا تفصيليًا للاستراتيجية، وجلسة أخرى بعنوان "الخطوات القادمة: تنفيذ وحوكمة الإطار الوطني المتكامل للتمويل"؛ أعقبها تعقيب عدد من السادة الوزراء والمسئولين المعنيين بملف التمويل في مصر.
وألقي رئيس مجلس الوزراء كلمته، التي استهلها بالإعراب عن تشرفه بالتواجد في فعالية إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل في مصر، مُضيفًا: إن لقاءنا اليوم يُعد تجسيدًا للتعهد الذي قطعناه على أنفسنا جميعًا – مُنذ عقود – من أجل ضمان مُستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وخلال كلمته، أشار رئيس الوزراء إلى أن حالة عدم اليقين والاضطراب التي يمر بها عالمنا اليوم نتيجة أزمات مُتعاقبة سواء اقتصادية أو صحية أو إنسانية أو جيوسياسية، تُلقي بتداعياتها على مسارات التنمية الوطنية، وكذلك أنظمة التمويل والاقتصاد العالمي، لافتًا إلى أن هذه الأوضاع نتج عنها تَباطؤ في مُعدلات النمو العالمية، وارتفاع تكلفة التمويل الإنمائي ونُضُوب مَصَادره، وزيادة مخاطر الاستثمار، وَثِقل حجم الديون العامة، وغيرها من التحديات ذات الصلة، وهو ما يُحتم أن يتشارك الجميع في إيجاد حلول للقضايا الإنمائية المُلحّة، والوقوف على القواسم المُشتركة التي من شأنها أن تخلق فرصًا اقتصاديةً تعزز من رفاهية الشعوب.
وأضاف: أن تمويل التنمية تُمثل أحد هذه القواسم المشتركة، حيث تُشير التقارير الدولية إلى أنه من المُتوقع أن تتسع فجوة تمويل التنمية لتصل إلى 6.4 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، في حال عدم اتخاذ تدابير وقائية عالمية عاجلة، كما ظهر تمويل التنمية على طاولة المفاوضات الدولية، وبشكل مُكثف خلال الأعوام الماضية مُنذ إطلاق أجندة عمل أديس أبابا المعنية بتمويل التنمية عام 2015 بالتزامن مع إطلاق أهداف التنمية المُستدامة للأمم المتحدة.
وفي هذا الإطار، ثَمّن الدكتور مصطفى مدبولي، الجُهود المبذولة من قبل الأمم المتحدة ووكالاتها المُتخصصة لدعم مسيرة التنمية المُستدامة في مصر على مدى 80 عامًا من التعاون بين الجانبين منذ إنشاء الأمم المتحدة، لافتًا إلى أن هذا التعاون المشترك يهدف لدعم جُهود التنمية المستدامة من خلال البرامج والمشروعات الإنمائية التي تستهدف الحد من الفقر، والحماية الاجتماعية، وتحسين التعليم والرعاية الصحية، وتشجيع المُساواة بين الجنسين، والتمكين الاقتصادي للشباب والمرأة، والتصدي للتغيرات المناخية، والزراعة، والصناعة، وغيرها.
وخلال كلمته، أشار رئيس الوزراء إلى أن مصر كانت من أوائل الدول التي صَدَّقت على أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة عام 2015، وأجندة عمل 2030، وبادرت بالمُراجعة الطوعية ثلاث مرات أمام العالم، في إطار سياسة الشفافية والمساءلة، وَقَدَّمت أيضًا نَموذجًا هامًا في مُطابقة تمويل التنمية مع تلك الأهداف، فضلًا عن الجهود الحثيثة في توطين تلك الأهداف على المستوى المحلي في المحافظات.
وأضاف: وفي إطار الحرص على تعظيم الاستفادة من الموارد الإنمائية المتاحة، أطلقت الحكومة المصرية عام 2016 البرنامج الوطني للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، والذي تستمر في تنفيذه وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، من أجل تعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز قدرة الاقتصاد الكلي على الصمود أمام الصدمات الخارجية ودعم الانتقال الأخضر وفتح آفاق مُستقبلية لتنمية شاملة ومُستدامة.
ولفت رئيس الوزراء، خلال كلمته، إلى أنه على الرغم من تخصيص الحكومة المصرية لجزء كبير من موازنتها العامة للمشروعات التنموية، فإن التمويل المحلي يظل محدودًا بالنظر إلى حجم المستهدف عام 2030، مما يستلزم قياسًا دقيقًا لتكاليف تحقيق تلك الأهداف، وكذلك التدفقات المالية العامة والخاصة.
وحول إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة، قال رئيس الوزراء: وبناء على تطوير مفهوم الاستراتيجيات الوطنية المُتكاملة للاستدامة وتمويل التنمية من قبل الأمم المتحدة، فإننا اليوم نجتمع من أجل إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل في مصر، والتي تُمثل المظلة الشاملة والحاكمة للتمويل الإنمائي المحلي والأجنبي في مصر، وذلك بعد إطلاقها بشكل مبدئي، على هامش قمة المستقبل والدورة الــ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك سبتمبر الماضي.
وتابع حديثه قائلًا: تركز الاستراتيجية على مُعالجة الفجوات الإنمائية والتمويلية في سبع قطاعات رئيسية حددتها الحكومة المصرية، وهي: الصحة، والتعليم، والحماية الاجتماعية، والمياه، والصرف الصحي، والنقل، وتغيّر المناخ، وتمكين المرأة، كما تُحدد الاستراتيجية خارطة طريق عملية للتمويل المُستدام والمُبتكر من خلال مجموعة من الإجراءات لسّد فجوة التمويل، ومن بينها: توسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز النظام المصرفي الأخضر، ودعم تمويل القطاعات ذات الأولوية.
وخلال كلمته، لفت رئيس الوزراء إلى أنه مع اقتراب انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الدولي الرابع لتمويل التنمية في يونيو المُقبل في إسبانيا، فإننا نتطلع إلى نتائج المُراجعة الشاملة للنظام المالي العالمي، ومشهد العمل الإنمائي، وكذلك دور الاستراتيجيات الوطنية المتكاملة في تحفيز الوصول إلى التنمية الشاملة والمستدامة.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: وفي ضوء ما تعهدت به الدولة المصرية خلال قمة الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة في سبتمبر 2023، تلتزم مصر بتقديم كل الدعم للقطاع الخاص وزيادة نسبة مُساهمته في إجمالي استثمارات الدولة من خلال مجموعة من الأدوات والسياسات المحفزة للقطاع الخاص.
واختتم رئيس الوزراء كلمته بتوجيه الشكر والتقدير للجهود المبذولة من الجهات الوطنية المُشاركة، خاصةً وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، المنسق الوطني لشئون التمويل من أجل التنمية، على الجهود المبذولة للتنسيق من أجل تحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة.