الأمير الحسن: هويتنا هي هوية الاستقلال المتكافئ والمتكافل
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
الأمير الحسن يرعى أعمال المؤتمر الدولي الثاني عشر لتاريخ بلاد الشام الأمير الحسن: الهويات الجزئية لا تلغي الهوية الجامعة الأمير الحسن: ما يحدث في قطاع غزة نكبة ثالثة الأمير الحسن: ما يحدث دمر جميع شعارات التنمية المستدامة
رعى سمو الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي، الأحد، افتتاح أعمال المؤتمر الدولي الثاني عشر لتاريخ بلاد الشام، تحت عنوان "الكتابة التاريخية في بلاد الشام في القرون الخمسة الهجرية الأولى"، الذي نظمه مركز الوثائق والمخطوطات ودراسات بلاد الشام بالتعاون مع جامعات: اليرموك، والأردنية، ودمشق.
اقرأ أيضاً : الأمير الحسن: العقائد لا تتوافق وأتباعها يستغلونها لإدامة الظلم والاحتلال - فيديو
وأكد سموه، في كلمة له أن الغاية من الحديث حول بلاد الشام هو دق ناقوس الخطر خصوصاً وأن المسألة متعلقة بالهوية، وبناء الاستقلال والمتكامل والمتكافئ بين أقطار المشرق والجزيرة العربية.
وأوضح سموه أن المنطقة المشرقية حظيت بتنوع على الأصعدة كافة، حيث أن القوميات الكبرى في رحابه تستند إلى أعمدة أربعة: عرب، وفرس، وترك، وكرد وقد أغنى وجود هذا التعدد القومي والتنوع الديني واللغوي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المشرق.
وأشار سموه إلى الحاجة لتوجيه الإنفاق نحو الأمن الحقيقي وهو أمن الإنسان، خصوصاً في الدول التي تعاني من الحروب والأزمات والمجاعات والفقر، إذ إن مردوداته الإيجابية أكبر بكثير من الإنفاق الأمني العسكري.
وقال سموه "إن هويتنا هي هوية الاستقلال المتكافئ والمتكافل، وهو السبيل لتمتين المنطقة والصوت الإقليمي إزاء العالم، فتعاوننا كدول يحتاج تفاهما حتى نستعيد الرغبة الأكيدة في حماية هويتنا المتعددة، وأن نتذكر أن الهويات الجزئية لا تلغي الهوية الجامعة، وأن البوصلة إذا تحكمت فيها الخامات والتقانة لن يبقى فيها دور للثقافة".
اقرأ أيضاً : الأمير الحسن: الاستثمار برأس المال الإنساني مفتاح النجاح لتجديد النهضة - فيديو
ووصف سموه ما يحدث في قطاع غزة بأنه نكبة ثالثة ستخرج ضحايا يشكلون مأساة إنسانية تفوق أي تعويضات مادية.
وتابع سموه "ما يحدث دمر جميع شعارات التنمية المستدامة وأبرزها عدم ترك أحد خلف الركب".
ونوه سموه إلى أن الحديث عن المشرق يتطلب الأخذ بعين الاعتبار العناصر المتداخلة وهي المساحة والهوية والهجرة والهويات المتعددة، خصوصاً مع سياسات الإماتة التي يستخدمها الاحتلال في حربه على غزة.
ولفت سموه إلى ضرورة الحديث عن الإبادة الثقافية الجماعية في غزة.
وقال سموه إن "الإبادة الثقافية هو غياب الذاكرة المكانية بغياب الأشخاص الذين يحملونها، وهذا ما نشهده بتدمير ممنهج لأحياء ومربعات سكنية بكامل سكانها، لتقتل الذاكرة المكانية بقتل جميع أصحابها".
وأضاف سموه أن ما يجري ليس صراعًا بين الحضارات أو الثقافات، بل صراعًا حول ماهية الثقافة.
من جانبه، قال رئيس مجلس مركز الوثائق والمخطوطات ودراسات بلاد الشام، الدكتور محمد عدنان البخيت، إن فكرة عقد مؤتمر دولي حول تاريخ بلاد الشام عبر العصور انبثقت في اجتماع لقسم التاريخ والآثار في الجامعة الأردنية بحضور أعضاء القسم من جامعة دمشق سنة 1972، وافتتح جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه المؤتمر الأول عام 1974، بحضور سمو الأمير الحسن بن طلال.
وأضاف أن المؤتمرات الأحد العشر السابقة، التي انعقد خلال 52 عاما، تضمنت ندوات علمية تم نشرها وتنقيحها في 35 مجلدا، وأصبح المؤتمر بعدها مدرسة بحثية اعتلى منبره عدد من كبار المؤرخين.
بدوره، قال رئيس الجامعة الأردنية، الدكتور نذير عبيدات، إن التاريخ ليس سردا لأحداث الماضي فحسب، بل هو مجموعة من الصور المتكاملة لحياة الناس على أرض وزمان غمرهما الماء، وتابع الناس فيهما الحركة، داعيا المؤرخين اليوم الى خوض مغامرات جريئة في الماضي، بأسلوب علمي راق، يخدم الحقيقة ويقف معها دون خوف أو خجل.
وأشار إلى أن بلاد الشام أرض ما زال الكثير منها مجهولا، عاشت عليها أمم نعرفها مثل العرب والرومان والأتراك واليونان وغيرهم، وأنه يمنح دورا للأكاديميين في بدء مشوار جديد في البحث العلمي الرصين القادر على نبش كل الحقائق وتوثيقها.
وقال إنه آن الأوان لتغيير المفهوم النمطي للتاريخ باعتباره مادة تصف الماضي، حيث ينبغي اعتباره علم الماضي والحاضر والمستقبل فالمستقبل يبنى على الماضي وتجلياته.
من جهته، قال رئيس جامعة اليرموك، الدكتور إسلام مساد، إن انعقاد المؤتمر يأتي استمرارا في الحرص على إدامة البحث التاريخي، الذي تحرص الجامعات الأردنية على تكريس الاهتمام به وتعزيزه.
وأضاف أن الاهتمام بالتاريخ والبحث في ثناياه وتقليب صفحات مصادرنا ووثائقنا يسهم في الكشف عن غموض الكثير من خبايا الماضي ويؤسس لفهم الحاضر واستشراف المستقبل، ويعزز فكرة أن دراسة التاريخ ليست من باب الرفاهية، فالتاريخ عنوان هوية الأمة، فيه نقرأ مجدها التليد وانتصاراتها، وعظمة نهضتها في مراحل شهدت فيها الكثير من التحديات التي رافقتها وكأننا نرى بأن التاريخ مرآة الزمان لأمتنا العظيمة التي كانت خير أمة أخرجت للناس.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: بلاد الشام غزة الثقافة الأمیر الحسن بلاد الشام ما یحدث
إقرأ أيضاً:
أنين النواعير يروي تاريخ حماة العريق في رحاب الشام
واستعرضت حلقة (2025/3/13) من برنامج "في رحاب الشام" الذي يبث على منصة "الجزيرة 360″، تاريخ مدينة حماة العريق، موضحة أن أصل اسم المدينة يعود إما إلى كلمة "الحماية" وإما "الحصن" وإما نسبة إلى أحد أبناء كنعان المسمى "حماتي" الذي ذُكر في التوراة.
وكشف البرنامج أن المدينة تعد من أقدم المدن المأهولة في التاريخ، حيث أثبتت التنقيبات التي قامت بها البعثة الدانماركية بقيادة عالم الآثار هارون أنغول، أن حماة تفوق دمشق وحلب من حيث القدم، مع آثار يعود بعضها إلى أكثر من 4 آلاف سنة قبل الميلاد.
وتعاقبت على المدينة حضارات متنوعة، بدءا من الآشوريين والآراميين، مرورا بالرومان، وصولاً إلى الفتح الإسلامي على يد أبي عبيدة بن الجراح الذي دخلها صلحا، ليبدأ بعدها تاريخها الإسلامي الطويل.
وتناول البرنامج قلعة حماة التي تعد من أقدم الآثار في المدينة، والتي يعود عمرها إلى أكثر من 4 آلاف عام.
وبُنيت القلعة فوق تل مرتفع، وكانت محاطة بسور عظيم يضم ثمانية أبواب، أربعة منها داخل السور وأربعة خارجه، مما يدل على أهمية المدينة من حيث الموقع الإستراتيجي والعسكري.
وعلى الرغم من تعرضها للهدم والبناء عدة مرات بسبب الزلازل والهجمات العسكرية، خاصة الغزو المغولي، فإن بقاياها ما زالت شاهدة على عظمة الحضارات التي مرت على المدينة.
إعلان
الجامع الكبير
وتشكل النواعير، وهي دواليب خشبية ضخمة تدور بقوة المياه لرفع الماء من النهر، محورا رئيسيا في الحلقة باعتبارها الرمز الأبرز لمدينة حماة، وبناها الرومان، واستمرت في العمل لقرون طويلة لتصبح جزءا أساسيا من ذاكرة المدينة وهويتها الثقافية.
وأوضح البرنامج أن النواعير المشهورة داخل حماة يبلغ عددها 17 ناعورة، بينما كان عددها الإجمالي يتجاوز 90 ناعورة قبل حوالي 100 سنة.
وتتراوح أقطارها بين 5 أمتار لأصغر ناعورة و21 مترا لأكبرها، وتحتوي كل ناعورة على ما بين 50 و120 صندوقا لرفع المياه.
وتتميز النواعير بأنها آلات للسقي تعمل دون توقف ليلا ونهارا دون الحاجة إلى وقود أو كهرباء أو جهد بشري، حيث تستمد قوتها من تيار الماء في نهر العاصي، ولها صوت مميز يشبه الأنين، أصبح من معالم المدينة وجزءا من هويتها السمعية.
وتطرق البرنامج إلى الجامع الكبير في حماة، الذي يُعد خامس مسجد في الإسلام من حيث المساحة والبناء، وكان في الأصل معبدا رومانيا لإله جوبيتر، ثم تحوّل إلى كنيسة بعدما تنصّر الرومان، وحينما دخل أبو عبيدة بن الجراح حماة، تحوّل إلى جامعٍ دون هدم الكنيسة بالكامل.
قصر العظم
يتميز الجامع بتصميمه الفريد، حيث يضم صحنا واسعا تتوزع فيه الأعمدة والأقواس، ويحتوي على محراب من الحجر والرخام، ومنبر خشبي مزخرف، إضافة إلى مئذنتين: الأولى مربعة مصنوعة من الحجر الأسود والأبيض، والثانية مثمنة الأضلاع من الأعلى وقاعدتها مربعة.
كما يضم الجامع "قبة الخزن" التي بُنيت بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لحفظ أموال المسلمين بعد حادثة سرقة لبيت المال في أحد البلدان.
ولم يغفل البرنامج عن الحديث عن قصر العظم في حماة، وهو القصر الذي بناه أسعد باشا العظم، الوالي العثماني المشهور الذي تولى حكم حماة ثم دمشق ثم حلب.
إعلانبدأ بناء القصر عام 1742 عندما كان أسعد باشا واليا على حماة، وبعد انتقال ولايته إلى دمشق، شرع في بناء قصر العظم هناك.
وكان القصر في البداية مقرا للحكم، ثم تحوّل بعد وفاة أسعد باشا إلى مكان خاص بنساء آل العظم، وأصبح يسمى "الحرملك"، ثم تم توسيعه بإضافة "السلاملك" ليكون قسما للرجال والضيوف.
ويتميز القصر بتصميمه على الطراز الدمشقي، مع ساحة كبيرة تتوسطها نافورة مياه، وتزينه لوحات إبداعية في غاية الجمال، من شبابيك وجدران وأقواس وأعمدة ومقرنصات، مما يجعله تحفة فنية ومعمارية فريدة.
كما أبرز البرنامج خصوصية أهل حماة وطباعهم المتميزة، حيث أشار إلى أنهم يتميزون بالكرم والشهامة والطيبة وقوة العزيمة. كما تطرق إلى حياتهم الاجتماعية في الأسواق، حيث لا يقتصر التعامل على البيع والشراء فقط، وإنما يمتد ليشمل الأحاديث الاجتماعية والسؤال عن الأحوال وتبادل الأخبار العائلية.
الصادق البديري13/3/2025