لجريدة عمان:
2025-03-03@23:27:11 GMT

في كل يوم أُماهي العصفور بالجَبَل

تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT

(1)

لا يتضعضع الليل في النهار. يضيع الليل في ليلٍ آخر، ثم يبدأ محق الليل والنَّهار.

(2)

أنتِ أول شيء حين أكون في خارج الطريق (ولا أتذكر أرض الله الواسعة).

(3)

انضمِّي إليهم في قتلي. لا تجعلي منِّي شاعرا رديئا في الذِّكريات والكلمات.

(4)

كل هذا النَّشيج: خاصرتكِ لدى الأيام الطَّويلة التي يرضع فيها الأطفال من أسمال أمَّهاتهم.

(5)

في اللغة نفقد الجسد. الجسد أهم من اللغة. في السَّراب لا أفقد أي شيء: أتكوَّن مرة أخرى، سهوا عن الجميع حين الكلُّ يطلب رأسي.

(6)

الجبهويِّون الذين لم يقرأ أيٌّ منهم رواية واحدة طوال نضاله («حياته»، لكلمة أكثر دقَّة وأمانة) يجبروننا اليوم على كل هذا الشَّوك في السَّرد.

آه، الثَّورة أشَقُّ المُهمَّات، والرِّواية أصعب الأجناس.

(7)

لم أقصدكِ في الحنَّاء، ولا في رقصات البنات الطَّائشات اللعوبات في العرس (أما الفَقْدُ فقد كان مصادفة سيئة للغاية).

(8)

«ربما كنتُ أحببتكَ لو كنتُ والدكَ وليس ولدَك» (من «أبٌ لابنٍ لم يولد» ليحيى حسن، الشاعر الفلسطيني الأصل الذي أحدث هزَّة كبيرة في الشِّعر الدانماركي المعاصر على الرغم من أنه لم يصدر سوى مجموعتين شعريتين بتلك اللغة، وذلك قبل أن يموت عن أربع وعشرين سنة فقط في ليلة ملتبسة بتاريخ 29 أبريل 2020، ولا نزال ننتظر أن نقرأه كاملا بلغته ولغتنا الأولى).

(9)

على الموت أن يكون فعل تَخُفُّفٍ من الحُبِّ الزَّائد (ما دام الحبُّ الزَّائد قد أخفق في ألا يكون موتا).

(10)

لم يعد من الممكن أن تهذي بعد أن يتكلم النَّاس (النَّاس هم انعدام القول، واستحالة كل ما يمكن أن يكون ممكنا بعد ذلك).

(11)

انتبهوا: لم يعد الموت يصيب إلا الأموات (فقط).

(12)

التَّعويض فاقة الشِّعر.

(13)

تكمن في الحبر كل أسباب الحرب.

(14)

حلمتُ البارحة أنك أمِّي (ولم أستيقظ لغاية الآن).

(15)

يقول لها: أنا أحبك.

تقول له: وأنا أحبك أيضا.

يقول لها: لن يفرِّقنا إلا الموت.

تقول له: سأتدبر طريقة تجعل الموت ينسى.

يقول لهما السَّاقي: ستغلق الحانة ذكرياتها بعد خمس دقائق.

(16)

كل التفافاتكِ لَهْوٌ وغَنَج. وحين تنظرين إلى السَّماء يصير القدِّيسون، والأنبياء، والصَّالحون، وحَسُن أولئك في رفقة ورعاية ناظركِ.

(17)

لا يخجلون منه أمام الماء. لا يستغفرونه باليُتم. لا يسعفونه على الهدايا.

(18)

بومةٌ أخرى على حافة الأوراق؛ ورقةٌ أخرى صارت بومة.

(19)

النَّوم مَقْتَلَةٌ؛ فلا توصِد. الموتُ موهبةٌ؛ فاذهب.

(20)

الافتضاح أكبر المسؤوليَّات (كان على السِّر أن يكون واجبا، فحسب).

(21)

أمضي نحوكِ (ولا أعود إليك).

(22)

أستطيع أن تمرَّ بي هذه الليلة (أيضا في مرادفات الهلاك).

(23)

من أخمص الجبل، تدعوك تلك الحصاة التَّائهة إلى العرش.

(24)

لا يحب وطنه، وسيتشبَّث جثمانه بالذِّكريات.

(25)

الذين مضوا (وقد حملناهم) لم يعد في وسعهم أن يحملونا (وقد مضوا).

(26)

تستحق الشَّمس زجاجة أكبر من تلك البلاد.

(27)

«وا أسفاه

لم يَعُدْ ثمَّة غجر

يصعدون الجبال منفردين» (لوركا).

(28)

يموتون (خاصة في الاحتفال).

(29)

اجتناب العالم حقٌّ طبيعيٌّ (قُل ذلك، مرَّة أخرى، لأكثر المدن تشوُّهاً وشُبهة).

(30)

أتعَمَّدُكِ في الوسَن.

(31)

ينبغي إلغاء الماء، والشَّجر، والشِّعر، والنَّثر، والأرض: سيموت هذا العصفور من دون أن يعرف الوطن.

(32)

أيها الموت: لن يكون لي معك شأن آخر.

أيُّها الموت: لا تُضْمِر الفُسْحَة ولا تُبْطِن القلق.

أيُّها الموت: فعلتُ كل شيء نيابة عنك.

أيُّها الموت: أنتَ عالة.

(33)

يتقلَّبون على التُّخوم، وتذروهم الرِّياح.

(34)

تَخُطُّ الكتابة، والكتابة تمحوك.

(35)

ليس الأمر هو الرَّغبة أو الرَّهبة، بل اللحظة التي يكفُّ فيها الموت عن التَّمييز.

(36)

الحُبُّ ببَّغاء في مخزنٍ غادرته المؤن.

(37)

لا توجد الحياة إلا في الحسابات. الموت أعظم (لأن لا حسابات له).

(38)

الموت استراحة (أقصد: استراحته هُوَ).

(39)

كلُّ قولٍ فاقةٌ. كلُّ حرفٍ سكون.

(40)

اخلع رئتيك، ولا تنزلق.

(41)

تحتطب المدفأة الأرق.

(42)

أُنجزُ أربعة أشياء في اليوم (في الأكثر): أعاني الصُّداع الحاد والغثيان، ثم أتذكركِ، ثم أكتب (أو لا أكتب)، ثم يأخذني الليل (و«الصَّيف» هو الأقسى في تذكارك حين أستمع إلى فيفالدي في «الفصول الأربعة»)

(43)

أدلفُ إلى الحجرة الحزينة وتصير أنفاسنا التي كانت جدرانا.

(44)

في كل يومٍ أُماهي العصفور بالجَبَل.

عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

سلاحُ الموت وفلسفةُ الانتصار

الشّيخ علي حمادي العاملي

وصل حزبُ الله في ترسانته إلى أسلحة نوعية، صواريخ بالستية، مسيّرات، ولكنه رغم كُـلّ ذلك عاد في لحظة المواجهة الكبرى إلى سلاحه الاستراتيجي الأول الخارق للتوازن، والذي امتلكه يوم انطلاقته عندما كان المقاومون يملكون بضعة بنادق متواضعة.. سلاح الموت.

الموت سلاحٌ في عقيدة انتصار الدم على السيف. سلاحٌ لا يُضرب حين يكشف العدوّ مخازنه أَو منصاته، بل يُفعّل في تلك اللحظة بالتحديد. الروح لا تموت في جدلية الحياة والشهادة.. فـ”عندما نستشهد ننتصر“. بهذه الفلسفة سيخرج الملايين في تشييع سيد شهداء الأُمَّــة.

في مفصل تاريخي يحاول الأعداء طمس القضية الفلسطينية، وإنهاء الخصوصية الوحيدة لبلدٍ تصغر سيادته وتتوسّع السفارة الأمريكية بالتوازي.. سيكون تجديد البيعة والعهد. فكما احتملت المقاومة القتال بلحمها الحيّ عن جيوش عربية مدجّجة، كذلك فَــإنَّ شعبها الواعي والمدرك يملأ اليوم فراغ شعوبٍ نائمة. حضوره الهادر ليس فقط رسالةً سياسية وشعبيّة، هو دستورٌ تكتبه شعوبٌ وأقوامٌ عديدة قدِمت من أقطار الأرض، لتسير خلفَ نعشٍ ما زال صاحبه يؤثّر في توجيه الأحداث، ويخاطب بروحه “أشرف الناس“، وهو يثق أنهم يعرفون كيف وأين يوجهون عواطفهم الصادقة.

هؤلاء الذين كانت الحروب تحمل لهم مع صواريخها الحارقة فكرة وخيار الهزيمة أسوة بإخوانهم العرب.. اقبلوها ولو في قيدٍ من ذهب!. لكن هؤلاء ولدوا أحرارًا مطهّرين من رجس الأفكار الانهزامية، ثم تمرّدوا على هامشية الحياة، وسخروا من القائلين بعبثية الوجود، وأرادوا الغوص في عمق المعاني السامية فتفرّدوا في هُويّتهم “أشرف الناس”، وتبلوروا في قيادتهم “الأسمى”.

في كُـلّ موت يولد عندهم تصميمٌ وعزمٌ جديد.. تمامًا مثل حتمية الموت، لا بد أن يولد.. إنها فلسفة الانتصار. الثورة التي تكمن في نفوسهم هي التي ترهب العدوّ.

لا تستغربوا القلق الداخلي من التشييع.. هم يعلمون أنه ليس مُجَـرّد مواراة قائدٍ في الثرى.

إنها تشكيل لوحدة جديدة حيّة من ألوان الشهادة وزيتها.. لوحة تُبرز قيم الجمال والنضال والاستعداد للفداء في مجتمعٍ مبدعٍ سوف “يدهش العالم من جديد”.

إذًا، هي حرب البقاء المعنوي أَيْـضًا. وأمام الحشد الهائل والمهيب ستتقهقر خطوط العدوّ مجدّدًا إلى الوراء، في السياسة والإعلام والحرب النفسية.

التشييع اليوم استكمال للمعركة الحضارية الطويلة ضد الصهاينة والمتصهينين. المعركة لم تنتهِ بعد.. هذه رسالة أبناء السيد.. ولن تنتهي إلا بالنصر الحاسم والكبير.. هذا وعد السيد.

قبضاتُ الملايين في التشييع ستحمل هذه الرسالة.. يمشون خلف النعش وخطواتهم فعلٌ عباديٌّ يرقى إلى مستوى الاقتداء الفكري والقلبي، وفي نيّة المشيّعين أن كُـلّ خطوة من خطواتهم.. إنما هي.. على طريق القدس.

* كاتبٌ وباحثٌ لبناني

مقالات مشابهة

  • طريقة عمل طاجن لسان عصفور باللحمة.. وصفة شهية وغنية بالنكهات
  • سوريا.. رسائل الموت تصل الهواتف في طرطوس مع صدى الغارات (صورة)
  • طعنت والدها بالسكين حتى الموت.. جريمة لـمختلة عقلياً تهز جنوب العراق
  • صفورية التي كانت تسكن تلال الجليل مثل العصفور.. جزء من هوية فلسطين
  • ماشي راجلك / الزوجة تاع اليوم تغير بزاف على راجلها ????قاتلو يا أنا يا الموت????
  • كاريكاتير| الموت البطيء في سجون الاحتلال
  • ‏‎الموت يفجع الفنان باسم سمرة
  • الموت يغيب عبدالله صقر
  • سلاحُ الموت وفلسفةُ الانتصار
  • تلاسن ترامب وزلينسكي:-ماهي الرسائل التي اراد ايصالها ترامب وزيلنسكي ؟