لجريدة عمان:
2024-11-24@06:14:03 GMT

أحوال المنقرضات من أنماط الغناء والآلات

تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT

كتبت سابقا في هذا العمود عن معجم موسيقى عُمان التقليدية ومؤلفه الأستاذ الدكتور يوسف شوقي مصطفى، وأعود للكتابة عنه هذه المرة وقراءة بعض مما جاء بداخل صفحاته من أسماء ومعان، التي كان قد جمعها الدكتور شوقي وفريق عمله من أفواه الرواة والممارسين للغناء التقليدي وأنماطه وصنّاع آلاته وحفّاظ ألحانه ونصوصه المتواترة والمعاصرة في الثمانينيات من القرن العشرين الماضي.

وهذا المعجم الذي طبعته ونشرته وزارة الإعلام ممثلة في مركز عُمان للموسيقى التقليدية في عام 1989 يضم إلى جانب مصطلحات الموسيقى العُمانية مصطلحات أخرى من البيئة العُمانية ذات صلة بالممارسة الموسيقية، لهذا هو مهم من الناحية التوثيقية والتاريخية للأشخاص الذين يعملون في مجال الموسيقى العُمانية المحلية من الباحثين والمعلمين والممارسين وحتى الإعلاميين المعنيين بالموسيقى العُمانية، فهذا الكتاب كان من بين أهم مصادر ومراجع الموسوعة العُمانية في مجاله.

وهكذا فإن بعض مقالاتي تحت هذا العنوان ستكون قراءة مخصصة للنظر في أحوال المنقرضات وشبه المنقرضات من فنون الغناء والآلات الموسيقية مع ذكر بعض أسباب الانقراض رغم أني قد أشرت إلى بعضها في مقالات سابقة ولكن دون هذا الربط المباشر مع الأمثلة والزمن التاريخي ذي الصلة بتاريخ هذا المعجم، ومقارنة ذلك بالواقع الحالي حسب المتوفر عندي من معلومات. وعلى العموم أسباب الانقراضات عديدة: اجتماعية وثقافية واقتصادية وهي جديرة بالاهتمام والدراسة، أدت وستؤدي إلى انقراض العديد من أنماط الغناء التقليدي ما لم يتم اتخاذ الإجراءات الحمائية والقانونية المناسبة.

والبداية مع حرف (أ)، وقد ورد في بابه ثلاثة وثلاثين مصطلحا، ولا أدري إن كان بعضها لا يزال معروفا للأجيال الجديدة أم لا، ولكن لاحظت أن عددا منها يمكن تصنيفه ضمن المنقرضات أو شبه المنقرضات. وأولها حسب الترتيب في العجم شخصية:« أبو خرطوم؛ وهي من شخصيات الباكت التمثيلي الغنائي في مدينة صحار. وأبو خرطوم هذا حسب تعريف المعجم هو: « الغراب» وهو إحدى الشخصيات الهزلية التي يتقمصها ممثل متدثر بالسواد، لون الغراب، في فن الباكت تمثيل». وحول هذا الفن الغنائي التمثيلي المعروف بالباكت أدرجتُ سابقا في واحدة من خطط مركز عُمان للموسيقى التقليدية قبيل انتقالي إلى الجمعية العُمانية لهواة العود إنتاج فيلم وثائقي عنه وأتوقع تم إنجازه، ذلك إن هذا الفن الغنائي التمثيلي المميز في التراث الثقافي العُماني بدأ يقل عدد ممارسيه بشكل حاد ويفقد سلسلة التوارث.

أما الاسم الثاني الذي يندرج ضمن شبه المنقرضات إن صح الوصف هو: «أحمد الكبير»؛ وهو من الغناء الديني الصوفي في مدينة صلالة تحديدا، وقد اختفى تقريبا، وربما أسهم في ذلك تأثير بعض التيارات الثقافية الدينية المستجدة منذ التسعينيات على الأقل، حيث انتشرت في الولاية والمحافظة عامة منذ حرب ظفار ثم حرب أفغانستان الأولى تيارات دينية متنوعة لها آراء متشددة تجاه التقاليد التراثية الغنائية عامة والصوفية بصفة خاصة وأثرت تأثيرا واضحا على السلوك الاجتماعي والثقافي والموقف من هذه الفنون الغنائية.

وفي الواقع أعتقد أن المدن الساحلية في محافظة ظفار كانت مراكز أساسية من مراكز الصوفية في جنوب الجزيرة العربية، والتاريخ الثقافي الإسلامي فيها هو تاريخ صوفي والأضرحة الكثيرة لرموز الصوفية التي انقطع زوارها من بن عربية في ريسوت إلى بن علي في مرباط تدل على ذلك.

وفي هذا السياق ربما يأتي فن غنائي آخر من فنون الغناء العربية الشحرية وهو: «المكبور» أو هيلي مكبور، وهو فن غنائي وأدائي حركي مختلط خاص بأهل الجبل في ظفار والناطقين بالشحرية الجبّالية. ويصف شوقي هذا الفن الغنائي: «من فنون الريف في مرباط بالمنطقة الجنوبية، حيث يهب الرجال ويزفنون بالسيف ويمدحون النساء بشعر غزل»، وهذا الفن الغنائي المنقرض واحد من أجمل فنون الغناء الجبالية شعرا وغناءً وأداءً التي تحتفي بالأنثى والحب العفيف والمحبين العذريين إن جاز الوصف، والمكبور بمعنى المحبين، والجميلات يكثر محبيهن. وحسب معلوماتي كان هذا الفن الغنائي الراقص يؤدى بصفة خاصة في مواسم الصرب في ريف ظفار عامة. وأعتقد من الصعوبة في الوقت الحاضر إعادة أدائه حسب التقاليد القديمة للأسباب التي ذكرت.

وفي الواقع التيارات الدينية جميعها تقريبا عندها آراء متشددة تجاه الفنون عامة والموسيقى على وجه الخصوص ولا تأخذها كعلم وفن ولغة اجتماعية فطر الله الناس عليها، وهي في هذا السياق عدوة للاختلاط الذي كانت عليه هذه المجتمعات الريفية، وهذه التيارات المختلفة فيما بينها أيضا ليس لديها القدرة حتى الآن على منع أي نشاط أو نمط غنائي، ولكن عندها قدرة لا يستهان بها من الفاعلية على نشر آرائها وتغيير سلوك الأشخاص ومواقفهم تجاه الموسيقى والغناء بشكل خاص. ونشاطهم ملحوظ في بعض المدارس والتي في الوقت نفسه تعتبر الموسيقى مادة أساسية فيها، ولعل معلمي الموسيقى وطلبتهم يواجهون يوميا هذه التحديات، وقد كتبت مقالا سابقا في هذا السياق من واقع تجربة شخصية. وهكذا يمكن تصنيف هذه التيارات كسبب من أسباب عديدة أخرى مساهمة في انقراض العديد من أنماط التراث الموسيقي الغنائي أو تغيير أسلوب أدائها .

مسلم الكثيري موسيقي وباحث

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الع مانیة فی هذا

إقرأ أيضاً:

إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان

قالت مجلة إيكونوميست إن قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش النظامي في السودان، كانت قبل عام تبدو في حالة جيدة بعد أن استولت على جزء كبير من العاصمة الخرطوم، وبسطت سيطرتها على كل دارفور تقريبا، واستعد زعيمها محمد حمدان دقلو (حميدتي) للقيام بجولة في العواصم الأفريقية يستقبل خلالها باعتباره الرئيس المنتظر للسودان.

وأوضحت الصحيفة أن الحديث عن نصر عسكري واضح لقوات الدعم السريع في هذه الأيام لم يعد قويا كما في البداية، بل إنها في وضع حرج لأنها شهدت انتكاسات في أماكن عديدة بعد أن توغل الجيش في أجزاء من الخرطوم كانت تسيطر عليها، مع أنها قريبة من الاستيلاء على الفاشر عاصمة إقليم دارفور.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحيفتان بريطانيتان: قرار الجنائية الدولية زلزال هز العالمlist 2 of 2التايمز: هل أدرك ترامب أخيرا محدودية شعاره "الخوف هو المفتاح"؟end of list

وقد أدت تلك الأحداث مع انشقاق أحد كبار قادة قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة إلى موجة من الهجمات الانتقامية ضد المدنيين، كانت وحشية للغاية لدرجة أن المراقبين شبهوها بالتطهير العرقي في الأجزاء التي احتلتها قوات الدعم السريع في غرب دارفور العام الماضي.

لا مفاوضات

وذكرت المجلة بأن التفاوض في سويسرا على إنهاء الحرب التي تسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، فشل لأن القوات المسلحة السودانية رفضت الحضور، مشيرة إلى أن قوات الدعم السريع "تعتقد أنه لا يوجد مخرج من هذه الحرب من خلال النصر الكامل لجانب واحد"، ولكن المحللين يشككون في كون طلب المجموعة للمفاوضات حقيقيا.

ورأت الإيكونوميست أن ادعاء قوات الدعم السريع أنها تشن حربا من أجل الديمقراطية غير مقنع، لأنها نشأت من الجنجويد، وهي مليشيات سيئة السمعة، اتهمت باغتصاب المدنيين وذبحهم في دارفور في العقد الأول من القرن الـ21، ولا يوجد ما يشير إلى أنها تغيرت بشكل أساسي.

وهناك أسباب -كما تقول الصحيفة- تدعو إلى أخذ التزام قوات الدعم السريع بوحدة السودان على محمل الجد، لأن دارفور، المنطقة غير الساحلية التي تعاني من ندرة المياه لا تستطيع إقامة دولة مستقلة.

تصور الدعم السريع

ونقلت المجلة عن القيادي بالدعم السريع عز الدين الصافي قوله إن فكرة قوات الدعم السريع للتوصل إلى تسوية تفاوضية، تبدأ بوقف الأعمال العدائية وتجميد خطوط القتال الحالية، مع انسحاب الجانبين من "المنشآت المدنية".

وذلك إلى جانب احتمال فرض منطقة عازلة منزوعة السلاح من قبل قوات حفظ السلام الأفريقية، ليبدأ "حوار وطني" يضم جميع القوى السياسية في البلاد باستثناء الإسلاميين والحزب الحاكم السابق.

وأكدت المجلة أن معظم القوى الخارجية بما فيها الأمم المتحدة، تعتقد أن القوات المسلحة السودانية تتمتع بشرعية أكبر في نظر معظم السودانيين، مع أن رفض الجيش العنيد الانخراط بجدية في المفاوضات أضعف مكانته الدولية، وخاصة بين الدبلوماسيين الغربيين، ولذلك تحاول قوات الدعم السريع أن تضع نفسها في موقف الشريك الأكثر موثوقية من أجل السلام.

مقالات مشابهة

  • إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
  • دفتر أحوال وطن «٢٩٨»
  • كأس السياحة العُمانية
  • استثمارات العُمانية للنطاق العريض تتجاوز 287 مليون ريال
  • دفتر أحوال وطن «٢٩٨»
  • 287 مليون ريال عُماني استثمارات الشركة العُمانية للنطاق العريض
  • النجمين تامر حسني وآدم يستعدان لإحياء حفل بموسم الكويت الغنائي
  • أحوال الفلاحين.. طيـن
  • ليلى مراد.. قيثارة الغناء التي تركت بصمتها في السينما ورحلت في صمت
  • في ذكرى وفاتها.. سهير البابلي نجمة الفن التي أضاءت المسرح والشاشة