تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
المبدع بهاء طاهر في روايته الشيقة والممتعة "واحة الغروب" اعتمد فى سرد أحداثها على أسلوب جديد متفرد وجذاب وذلك بجعل شخصيات الرواية تتحدث منفردة بكامل راحتها وتبوح بما فى داخلها بحرية ووضوح وتعبر عن مشاعرها صراحة ولم يلتزم هذا المبدع بوحدة الراوى...
وللحق كان هذا من الذكاء المتميز لابراز أبعاد كل شخصية بكل تفاصيلها من أول صفحة فى الرواية حتى آخر سطر فيها.
فى أول صفحة فى الرواية بعنوان "محمود"
وهو اسم ضابط البوليس المصرى محمود عبد الظاهر الذى تمت ترقيته فى الظاهر ولكنها كانت عقابا شديدا بنقله إلى واحة سيوة مأمورا لها وستجد معه أيضا "كاثرين" زوجته الأيرلندية المهووسة بالأثار والباحثة عن أسطورة الإسكندر التى قرأت هى عنها كثيرا واقتنعت بانه مدفون في واحة سيوة وجعلها الكاتب موجودة من أول سطر فى الرواية حيث انه كتب فى بداية الرواية:
اقرأ إبداعه مما كتبه فى أول صفحة:
يقول لي زوجتك امرأه شجاعة، كأني لا أعرف كيف هي زوجتي...!
اليست ذاهبة معي برضاها إلى الخطر؟
ومع ذلك فلعلي لا أعرف بالفعل كيف هي 'كاثرين"
ليس هذا وقته..
المهم انه لم يذكرها مصادفة، وراء كل كلمة من كلماته هدف،
ولكن "كاثرين" ليست هي المشكلة الآن...
ثم إني لن أحل أى مشكلة وأنا أتجول في ممرات نظارة الداخلية المعتمة وبعد مقابلة المستر "هارفي" المقبضة...
لم يكن فيما قاله أي جديد غير التلميحات المبطنة التي فهمت بعضها وتحيرني بقيتها...
عرفت من قبل أن ألقاه أن المسالة منتهية...
أبلغني الأميرالاي "سعيد" بك ان مفتش النظارة رفع توصية الى معالي الباشا ناظر الداخلية...
وان معاليه أصدر أمر النقل على أن ينفذ فورا...
لم يبق أمامي سوى أيام قليلة للالتحاق بالقافلة المسافره من كرداسة وهو ينصحني كصديق بالعدول على فكرة اصطحاب زوجتي كاثرين معي إلى الواحة فالرحلة ليست سهلة والمهمة نفسها صعبة جدًا كما أعرف ولكني حر في النهاية...
واجبه مع ذلك أن يحذرني من خطر الرحلة وانها تستغرق في الظروف الحسنة أسبوعين على الأقل ومع دليل ماهر".
هكذا لفت الكاتب نظر القارئ إلى العقدة والحبكة الروائية وبمهارة شديدة فى أول صفحة من الرواية وأكد بمهارته كأديب خَلاَّق على ان ضابط البوليس ليس هو بطل الرواية الوحيد ولكن "كاثرين" زوجته وافعالها ومشاعرها المتصارعة والمتضاربة تشاركه البطولة ان لم تكن محركة أحداث الرواية كلها وخاصة حكاية الإسكندر الأكبر والتى تحدث عنها الروائي المبدع من أن واحة سيوة هى أرض الإسكندر الأكبر
الذي تلقى الوحي في معبدها الشهير الشامخ حسب ادعاء البعض، وقد استعان فى الصورة التي رسمها فى الرواية للملك المقدوني الأشهر بعدد من كتب التاريخ أبرزها كتاب "حياة الإسكندر" للمؤرخ الدكتور الروماني "كورتيوس" الذي عني فيه بالجانب الإنساني أكثر من التركيز على الغزوات والبطولات الحربية التي أهتم بها غيره...
كما قرأ باستمتاع شديد -كما صرح- كتاب "مذكرات الإسكندر الكبير"،وهي سيرة ذاتيه متخيله من تأليف الكاتب اليوناني المعاصر "نسطور ماتساس"ترجمها الأديب التونسي المعروف"الطاهر قيقة"،وأضاف لها هوامش غنية تضيف الكثير إلى النص...
وتحدث أيضا الكاتب عن مقبرة الإسكندر - وقال ان أبناء جيله يذكرون العناوين الصحفية المثيرة التي كانت تعلن عن اكتشافات "الجرسون" اليوناني- السكندري "إستيليوس"وقرب عثوره على مقبرة الإسكندر تحت مسجد النبي دانيال... ولم تسفر جهوده عن شيء غير تهديد أساس المسجد، فاوقفت السلطات نشاطه...لكن ما زالت هناك بعثات منها بعثة بولندية للآثار تواصل البحث عن المقبرة في الاسكندرية...
غير أن هناك من يبحث عنها في مواقع محتملة أخرى تتوزع بين قارات ثلاث...!
إذن ما الذى يجب أن احكيه لك عن "كاثرن" السيدة الأيرلندية زوجة بطل الرواية المأمور
انتظر الأسبوع القادم باذن الله ولسوف تعرف...!
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
الرواية اليمنية لحادثة سقوط طائرة “F-18”
يمانيون/ كتابات/ علي ظافر
في حادثة غير عادية أعلنت البحرية الأميركية سقوط وغرق طائرة حربية من نوع f18 في البحر الأحمر، وتعد هذه الطائرة من أحدث أنواع الطائرات الأميركية وأكثرها تطوراً وتعدداً في المهام، كما تبلغ قيمتها أكثر من 67 مليون دولار، فإن سقوطها أو إسقاطها على اختلاف الروايات والفرضيات، يمثل في الحقيقة قيمة استراتيجية وتطوراً هو الأهم والأحدث في مسار المعركة البحرية المستمرة منذ أكثر من أربعين يوماً بين القوات الأميركية من جهة والقوات المسلحة اليمنية.
أمام هذا التطور تبرز الكثير من التساؤلات. ماهي الثغرات في الرواية الأميركية تجاه حادثة سقوط طائرة f18 من على متن حاملة الطائرات يو إس إس هاري ترومان؟ وسواء سقطت الطائرة أو أسقطت … لماذا سارعت البحرية الأميركية إلى الاعتراف بتلك الحادثة رغم ما تمثله من فضيحة مدوية لقوة صورت وسوقت نفسها منذ زمن بعيد على أنها “سيدة البحار” من دون منازع أو منافس و”القوة التي لا تقهر”.!
وما دلالة الاعتراف الأميركي بـ “سقوط الطائرة” بعد ساعات من إعلان القوات المسلحة اليمنية عن “عملية اشتباك مشتركة… ضد حاملة الطائرات هاري ترومان والقطع المرافقة لها وإجبارها على التراجع والابتعاد” إلى شمال البحر الأحمر رداً على جريمتي العدوان الأميركي اللتان تسببتا باستشهاد ثمانية مدنيين بينهم نساء وأطفال في بني الحارث بالعاصمة صنعاء، و125 شهيداً وجريحاً في مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين من جنسيات أفريقية في صعدة.
وفي المقابل لماذا لم تصدر قوات صنعاء حتى اللحظة أي تعقيب أو رواية بخصوص الأسباب والملابسات التي أدت إلى غرق الطائرة الأميركية في البحر الأحمر؟ وقد أعلنت خلال الأسبوع المنصرم على لسان الرئيس مهدي المشاط “خروج هاري ترومان عن الجاهزية في الأيام الأولى من العدوان الأميركي”.
ارتباك وتناقض في الرواية الأميركية
الرواية الأولى صدر بيان عن البحرية الأمريكية في المنامة عن وقوع حادثة على متن حاملة طائرات، وإن أحد البحارة أصيب بجروح طفيفة، جراء سقوط الجرار وطائرة من نوع f18 في البحر من على متن حاملة طائرات. وفي هذه الرواية المضللة حاولت البحرية الأمريكية فصل وسلخ الحادثة عن سياقها، إذ لم تذكر الحاملة التي سقطت الطائرة من على متنها مع الإشارة السريعة إلى الطائرة غرقت وأنها يجري التحقيق في الحادثة وكأنها حادث عرضي أو حادث مروري!، والملاحظة الأهم أن البحرية الأميركية تعمدت تماماً عدم الإشارة إلى “النيران اليمنية”، وبأن الطائرة سقطت أثناء عملية الاشتباك بين ترومان والقطع المرافقة لها في البحر الأحمر من جهة، والقوات اليمنية من جهة أخرى.
وفي انعطافة حادة على صعيد الرواية، نقلت وسائل إعلام أميركية وأخرى عربية عن مسؤولين أميركيين اعترافهم بأن “الطائرة سقطت من على متن حاملة الطائرات هاري ترومان أثناء مناورتها أو انعطافها الحاد تفادياً لنيران الحوثيين” هذه الرواية كشفت بعضاً مما حاولت البحرية الأميركية إخفاءه، ووضعت الحادثة في سياقها بأنها وقعت أثناء عملية الاشتباك بالإشارة إلى “نيران الحوثيين” وأكدت على خلاف الرواية السابقة بأن الحادثة ليست “عرضية”.
الرواية الثانية وإن كانت لاتزال محاطة ببعض الشكوك، إلا أنها أكثر إقناعاً من سابقتها وأكثر احتراماً لعقول الجماهير والمتابعين في الداخل الأميركي وعلى مستوى العالم، وربما تعكس الخشية من الفضيحة أمام الرواية اليمنية بناء على تجربة مماثلة حصلت في 22 -12 – 2024 حينما سقطت طائرة من النوع ذاته f18، وكانت الرواية حينها أنها “أسقطت عن طريق الخطأ بنيران صديقة، مع إصابة طفيفة لأحد قائدي الطائرة”، لتؤكد الرواية اليمنية حينها على لسان المتحدث باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع بأن الطائرة الأميركية “أسقطت” بنيران يمنية.
أما لماذا سارعت البحرية الأميركية بهذا الاعتراف المنقوص والمجترئ للحقيقة فلأن إدارة ترامب بما فيها البحرية الأمريكية لا تستطيع أن تخفي الحقيقة كاملة عن الرأي العام الأميركي هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن المسارعة بالاعتراف المنقوص والمرتبك والمضلل، يأتي استباقاً للرواية اليمنية، ويرى البعض أن الاعتراف بهذه الفضيحة بمثابة قنبلة دخانية للتعمية على الجريمة الوحشية التي ارتكبها العدوان الأميركي بحق المهاجرين الأفارقة في صعدة وراح ضحيتها 125 شهيداً وجريحاً، بهدف صرف الرأي العام عن هذه الجريمة، وهذا الرأي محترم إلا أنه لا يمنع من الحديث عن السقوط الأخلاقي والإنساني لواشنطن من خلال التركيز على جريمة العدوان الأميركي بحق المهاجرين الأفارقة وما سبقها من جرائم، إلى جانب الحديث عن السقوط العسكري لأميركا ورهاناتها، ويكون الأمرين والقضيتين ضمن الأجندة الإعلامية والسياسية في آن معاً.
الرواية اليمنية لحادثة “سقوط طائرة f18”
الاعتراف الأمريكي بسقوط الطائرة جاء بعد ساعات من إعلان القوات المسلحة اليمنية عن عملية اشتباك مع حاملة الطائرات الأمريكية هاري ترومان والقطع العسكرية المرافقة لها، واستهدافها ضمن عملية مشتركة بعدد من الصواريخ والطائرات المسيرة وإجبار الحاملة على التراجع والابتعاد عن مكان تمركزها إلى أقصى شمال البحر الأحمر، ووضعت عملية الاشتباك والمطاردة تلك في إطار الرد على جريمتي العدوان الأمريكي في صنعاء وصعدة والتي راح ضحيتهما العشرات معظمهم من المهاجرين الأفارقة.
هذا التزامن وهذا السياق العسكري (الاشتباك) دليل كاف لأي متابع بالربط بين النيران اليمنية وسقوط الطائرة الأمريكية، سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر نتيجة حالة الرعب والاجهاد والارهاق الذي يعيشه فريق حاملة الطائرات “ترومان”.
وفي هذا السياق نقلت قناة المسيرة عن مصدر في وزارة الدفاع اليمنية معلومات جديدة عن عملية الاشتباك اليمنية مع ترومان والقطع المرافقة لها في أقصى البحر الأحمر كجزء من الرد على الرواية الأميركية.
المصدر الدفاعي اليمني، لم يستبعد “إصابة ترومان بشكل مباشر في عملية الاشتباك الأخيرة”، ورجح أن “ترومان قد تغادر مسرح العمليات في أي وقت”، وكشف المصدر أن عملية الاشتباك الأخيرة تميزت عن سابقاتها بـ “تكتيكات جديدة” وبزخم ناري كبير استمر لعدة ساعات، وأجبر ترومان “تحت الضغط المتواصل بالصواريخ والمسيرات” على التراجع والابتعاد عن مكان تمركزها السابق.
هذا التصريح يحمل عدة رسائل ضمنية، أولاها، أن حملة الضغط العسكري بالعدوان على المدنيين وتكثيف الجرائم بحقهم، كوسيلة ضغط على القوات المسلحة اليمنية وأدائها، يأتي بنتائج عكسية ضاغطة ومؤلمة ومؤثرة على العدو ضمن الرد على تلك الجرائم كما أشار العميد سريع في بيان الاشتباك.
الأمر الثاني، تكشف حادثة إسقاط الطائرة الأميركية فاعلية وتأثير العمليات اليمنية، بالقدر الذي أجبرت ترومان على “التفحيط في البحر” والإنعطاف الحاد خشية من النيران اليمنية، وهذا اعتراف بقوة التهديد.
كما أن العملية تحمل دلالات واضحة على أن قدرات اليمن لم تتأثر، وأن مفاجآتها تتكشف الواحدة تلو الأخرى، وأن العملية الأخيرة لم تقتصر أضرارها على طائرة واحد، بل على حاملة الطائرات وما حملت، كما تعكس حجم الإرهاق والإعياء والإجهاد الذي وصل اليه طاقم حاملة الطائرات، نتيجة الاستنزاف والضغط على مدى أكثر من أربعين يوماً.
وهذا مؤشر آخر بأن القوات اليمنية تَستنزف ولا تُستنزف، وتَردع ولا تُردع. وعلى إدارة ترامب أن تراجع حساباتها في هذه المغامرة بالنيابة عن “إسرائيل” وتوقف نزيف خسائرها الذي يترواح – على اختلاف الروايات الأمريكية – بين مليارين وثلاثة مليارات دولار.
وعلى الإدارة الأميركية أن تدرك أن اليمن لن يتوقف، وأن مفتاح الحل كما نكرر دائماً في غزة وهي قادرة عليه بالضغط لوقف العدوان ورفع الحصار، بغير هذا فإن أفق المعركة يبدو طويلاً والخسارة في نهاية المطاف ستكون أميركية.