معركة البنوك.. كيف هُزمت ذراع إيران في أول مواجهة بلا غطاء من الغرب؟
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
بخيارات محدودة وصعبة، تواجه جماعة الحوثي المدعومة من إيران معركة قاسية لمنع سقوط سلطتها على الملف الاقتصادي والمصرفي في اليمن، أمام الحكومة الشرعية والبنك المركزي في عدن المعترف بهم دولياً.
وبدأت فصول المعركة، مع الخطوة الاستفزازية التي قامت بها الجماعة أواخر مارس الماضي بسك عملة معدنية فئة 100 ريال، وهو ما اعتبره البنك المركزي في عدن كسراً للخطوط الحمراء، أعقبها قرار محافظه الشهير بإلزام البنوك التجارية نقل مقراتها إلى عدن.
ومع انتهاء مهلة الشهرين التي حددها لتنفيذ القرار، أصدر محافظ البنك المركزي الخميس، قراراً بوقف التعامل مع 6 بنوك تخلفت عن نقل مقراتها، وتبعه بإعلان آخر يمهد لإلغاء العملة المحلية القديمة المتداولة في مناطق سيطرة جماعة الحوثي.
خطوات وقرارات أثارت غضب الجماعة، ووصفها زعيم الجماعة بأنها "خطوة عدوانية ولعبة خطيرة"، في حين اعتبرها المجلس السياسي للجماعة في اجتماع له السبت، بأنها "إعلان حرب اقتصادية لا تختلف عن العسكرية".
وفي حين كررت الجماعة وقياداتها خلال الساعات الماضية التهديد والوعيد بالتصدي لخطوات البنك المركزي في عدن عبر إجراءات وخيارات لم تكشف عنها، إلا أن أول إجراء لها كشف عن حجم المأزق الذي تعاني منه.
وتجسد ذلك، عبر قيام البنك المركزي التابع للجماعة في صنعاء بإصدار قرار بمنع التعامل مع 13 بنكاً تعمل بالمناطق المحررة ولا تملك أي فروع لها بمناطق سيطرة الجماعة.
ويكشف القرار عن صورة التخبط الناتج عن المأزق الذي تعاني منه الجماعة، بسبب إدراكها لصعوبة المواجهة في هذه المعركة بعد المتغيرات التي شهدها ملف اليمن، والتي ساهمت في سرعة فرض قرارات البنك المركزي في عدن والاستجابة لها على المستوى الخارجي، وخاصة فيما يتعلق بالتحويلات الخارجية.
وعكس ذلك المواقف الأولية التي صدرت خلال الساعات الماضية من قبل مؤسسات مالية ومصرفية هامة، منها الشركة الأمريكية "MoneyGram "، إحدى أكبر شركات تحويل الأموال عبر العالم، وكذا مصرف الراجحي الذي يعد من أكبر البنوك السعودية، باشتراط موافقة مركزي عدن للتعامل مع وكلاء التحويلات باليمن.
استجابة سريعة تؤكد ما قاله محافظ البنك أحمد غالب المعبقي في مؤتمره الصحفي الذي عقده بمقر البنك في عدن، بأن قرارات وخطوات البنك تمت بالتنسيق مع أهم الجهات والمؤسسات المالية والمصرفية عالمياً وإقليمياً وعلى رأسها بنك وصندوق النقد الدوليين، وأن التأييد والاستجابة الدولية مع إدارة البنك أفضل مما كانت عليه في السابق.
ويكشف حديث محافظ البنك عن حجم التغيير في المواقف الدولية والغربية بالتعامل مع الملف اليمني بعد الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن ومزاعمها بتوسيع ذلك إلى المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط.
استهداف الملاحة الدولية من قبل جماعة الحوثي، أجبر الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا إلى تغيير سلوكها وموقفها من الصراع في اليمن وتجلى ذلك بإعادة تصنيف الجماعة ضمن قائمة الإرهاب منتصف فبراير الماضي، وتبعه إجراء مماثل من قبل الحكومة الأسترالية الأسبوع الماضي، وسط توقعات بأن تحذو حكومات غربية نفس التوجه خلال الفترة القادمة.
مواقف تشكل انقلاباً تاماً على مواقف الدول الغربية من الصراع في اليمن ومن جماعة الحوثي تحديداً باعتبارها مشكلة يمنية وليست ذراعا من أذرع إيران لاستهداف أمن المنطقة وملاحة العالم، وشكل هذا الموقف واحدا من الأسباب التي أعاقت هزيمة الجماعة عسكرياً خلال سنوات الحرب، وتجلى ذلك في الموقف الغربي الضاغط لوقف تقدم القوات المشتركة لتحرير مدينة وميناء الحديدة من مليشيات الحوثي عام 2019م.
ولم يقتصر تأثير الموقف الغربي على المسار العسكري، بل كان تأثيره الأكبر في المسار الاقتصادي من خلال منع أي خطوات من قبل الحكومة الشرعية لفرض سيطرتها على القطاع المصرفي في اليمن، وهو ما أشار إليه ضمنياً محافظ البنك في مؤتمره الصحفي.
الجماعة الحوثية التي سارعت إلى الاستخفاف بالمواقف الغربية وبالتصنيف الأمريكي، باتت اليوم أمام أول تأثير لهذه المواقف وللتصنيف الأمريكي، وكيف أنها تواجه حاليا هزيمة قاسية في المعركة الاقتصادية وأن مواجهتها لقرارات البنك المركزي في عدن يعني دخولها في حصار وعزلة مصرفية واقتصادية عن العالم، قد يصعب عليها الوضع بشكل كبير في مناطق سيطرتها.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: البنک المرکزی فی عدن جماعة الحوثی محافظ البنک فی الیمن من قبل
إقرأ أيضاً:
كيف تاجرت جماعة الإخوان الإرهابية بالقضية الفلسطينية واستغلتها سياسيا؟
واصلت جماعة الإخوان الإرهابية استغلال قضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة، بعيدًا عن أي التزام حقيقي بدعم الحقوق العربية أو الفلسطينية، وهذه المحاولات التي استهدفت تأجيج المشاعر واستغلال معاناة الشعوب تسلط الضوء على نهج الجماعة الانتهازي، الذي يعتمد على المتاجرة بآلام الآخرين لتحقيق أهدافها.
القضية الفلسطينية في خطاب الإخوانوادعت جماعة الإخوان الإرهابية تبنيها الدفاع عن القضية الفلسطينية، لكنها في الواقع كانت تستغلها كأداة لاستقطاب الشباب وإضفاء الشرعية على أجنداتها المتطرفة، حيث تُركز الجماعة على توظيف القضية في خطابها الدعوي، مع إهمال أي دور عملي أو دعم فعلي للشعب الفلسطيني، وفقا لمواقف الجماعة المعلنة آنذاك والتي لم تتضمَّن أي تحرك رسمي يعبر عن دعمها للقضية.
تحالفات مشبوهةوأوضح اللواء دكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر أستاذ العلوم السياسية، أن الجماعة الإرهابية وبرغم تبنيها خطابا يدعي دعم القضية الفلسطينية، أقامت تحالفات مشبوهة مع أطراف تسعى لزعزعة استقرار المنطقة، وهذه التحالفات تظهر التناقض بين شعارات الجماعة وممارساتها الفعلية، حيث تقدم مصالحها التنظيمية على حساب مصالح الشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية والتيارات الإثارية تحاول استغلال الأحداث في غزة لتحقيق مكاسب خاصة بها، وحاولت الاستفادة من أجل تسجيل نقاط سياسية وتعزيز أجندتها الخاصة.
نشر الفوضى الإقليميةواستخدمت الجماعة قضايا المنطقة، بما في ذلك القضية الفلسطينية، كوسيلة لنشر الفوضى وإضعاف الدول العربية، حيث تعمل على تضليل الرأي العام عبر حملات إعلامية تشوه مواقف الدول الداعمة لفلسطين، في محاولة لتقويض الجهود الدولية والإقليمية الرامية لتحقيق السلام.
دور الدولة المصرية في المواجهةوتصدت مصر لهذه المحاولات عبر مواقف واضحة وحازمة تدعم الحقوق الفلسطينية بشكل عملي، من خلال الوساطات السياسية والمساعدات الإنسانية، كما تعمل على كشف أكاذيب الجماعة وتوعية الشعوب بحقيقتها الانتهازية.