يتحدى منظمو مهرجان "إهدنيات" -الذي يستمد اسمه من بلدة إهدن في شمال لبنان- مناخ الحرب على حدود البلاد الجنوبية، ليقدم برنامجا فنيا متنوعا يجسد إرادة الحياة لدى اللبنانيين، بحسب رئيسته ريما فرنجية.

وصرفت بعض المهرجانات الكبرى، التي يحفل بها لبنان كلّ صيف، النظر عن إقامة دوراتها هذه السنة بفعل الوضع المتوتر في جنوب لبنان بين إسرائيل وحزب الله، في حين اختار القائمون على مهرجانات أخرى، ومن بينها "إهدنيات"، المضي في برامجها.

وقالت رئيسة "مهرجان إهدنيات الدولي" ريما فرنجية "قلبنا وعقلنا مع غزة وطبعا مع أهلنا في جنوب لبنان (…). ولكن بعدما فكرنا كثيرا، وجدنا أن التضحيات كلّها التي يشهدها الجنوب هي لكي يبقى لبنان حيّا ومُنتجا"، ومن مظاهر الحياة فيه المهرجانات الفنية.

ويُفتتح المهرجان في 18 يوليو/تموز المقبل بحفلة عنوانها "رحبانيات" لغسان الرحباني، تحية لوالده الراحل إلياس الرحباني. ويضمّ برنامجا منوعا يشمل الغناء الشعبي والطربي والشبابي والمسرح.

وأكدت فرنجية "التضامن مع جنوب لبنان وغزة"، مضيفة أن إهدن "البعيدة جغرافيا عما يحصل في الجنوب، ولكن القريبة وجدانيا، قادرة على أن تكون فسحة دعم لأصحاب المصالح الصغيرة المتأثرين بالأزمة الاقتصادية، وأن تقدّم تجربة فنية وثقافية فريدة لأهل المنطقة وللسيّاح الذين قرّروا رغم كلّ الظروف، زيارة لبنان".

ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف عبر الحدود بشكل يومي.

ورغم أن الحرب تلقي بظلالها على كلّ لبنان، فإن الحياة اليومية تستمر إلى حد ما طبيعية في المناطق اللبنانية البعيدة عن الحدود مع إسرائيل. ويزور اللبنانيون الموجودون في الخارج إجمالا لبنان بأعداد كبيرة خلال فصل الصيف.

ويُتوقع أن يستقطب مهرجان "إهدنيات" 27 ألف زائر، بينهم عدد كبير من اللبنانيين المقيمين في الخارج أو الأجانب.

وأشارت فرنجية بحماسة إلى أن "الإقبال خلال المهرجان يكون أكبر بـ3 مرات" على إهدن التي ترتفع 1500 متر عن مستوى سطح البحر والآسرة ببيوتها الحجرية وقرميدها الأحمر.

طبيعة وفن

وتحفز الحركة المرافقة للمهرجان -الذي بلغ سنته الـ20- منظميه "على الاستمرار"، فبحسب فرنجية، "يسهم المهرجان في إنماء حقيقي" في المنطقة التي تضمّ نحو 200 مؤسسة سياحية، ويوفر "فرص عمل موسمية للشباب والشابات، ويدعم القطاعات" المختلفة في المنطقة.

واعتبرت أن هذا الجانب "بات اليوم مهما أكثر من أي وقت مضى"، بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يشهدها لبنان منذ 2019.

ويحقّق "إهدنيات" أيضا "هدفا غير تجاري" يتجسّد في تخصيص ريع حفلاته لدعم قضايا إنسانية.

وسبق للمهرجان أن دعم مثلا "مراكز للأطفال المصابين بالسرطان ومن لديهم اضطراب طيف التوحد"، وساعد في دفع أقساط مدرسية لمحتاجين. أما هذه السنة، فسيذهب ريعه لدعم ترميم مسرح "دوار الشمس" في بيروت بعدما أتى عليه حريق، وكان "من المسارح الثلاثة التي لا تزال ناشطة في بيروت".

وفي برنامج المهرجان، عمل مسرحي بعنوان "ميري كريم" يقدّم في 21 يوليو/تموز المقبل، من كتابة وليد عرقجي وإخراج لينا أبيض.

وتغلُب الأعمال اللبنانية على الدورة الحالية. وفضّلت لجنة المهرجان -الذي استضاف سابقا نجوما عالميين على غرار غلوريا غاينر، وخوليو إيغليسياس، وإنريكي إيغليسياس، وديميس روسوس، وميشال ساردو، وكلود بارزوتي، وإرفيه فيّار، وكاظم الساهر، وزياد الرحباني، وفرقة "موسكو باليه"- ألا تخاطر هذه السنة "باستقدام فنانين أجانب، لأن أي تطوّر في الوضع قد يحول دون تمكنهم من الحضور إلى لبنان ويؤدي تاليا إلى إلغاء حفلاتهم"، وفق فرنجية.

وشدّدت زوجة الوزير السابق والمرشح إلى الانتخابات الرئاسية سليمان فرنجية على أن "إهدنيات" يحرص أساسا على دعم الفنانين اللبنانيين، وعلى أن يكون "مساحة تقدّم للفنان اللبناني وجمهور المهرجان نقطة ضوء وفرح وأمل بمستقبل أفضل".

وغالبا ما يخوض المهرجان غمار إنتاج الأعمال بنفسه، كما هي الحال بالنسبة إلى حفلة غسان الرحباني.

وقالت فرنجية في هذا الصدد "أنا أؤمن (…) بإمكان المزج بين أكثر من نوع فني، كما في عمل غسان الرحباني الذي يقدّم أجمل أغنيات والده (…). وتتخلّل الحفلة لوحات راقصة وعزف للأوركسترا السمفونية، وتعرض مقاطع سينمائية تتناسب مع موضوعها في تفاعل تام بين هذه العناصر، وهذا يثري العمل".

وتلي "رحبانيات" أمسية غنائية تحييها الفنانة اللبنانية عبير نعمة في 20 يوليو/تموز المقبل، في حين يقدّم الفنان السوري ناصيف زيتون حفلتين في 25 و26 يوليو/تموز المقبل، وتقدّم مواطنته المطربة ميّادة الحنّاوي حفلة في 27 يوليو/تموز المقبل.

ويُختتم المهرجان بحفلة يحييها منسّق موسيقي "دي جاي" في 28 من الشهر عينه.

ويريد المهرجان أن تكون إهدن "هي النجمة". ولاحظت فرنجية أن "موقع إهدنيات يجمع ميزتين" هما، إضافة إلى كونه "قيمة فنية مضافة للمنطقة"، إطاره الطبيعي الخلاب وسط غابة تفتخر فرنجية بأنها "من أروع الأماكن البيئية في لبنان".

وختمت، "يشبه المنطقة، وزواره يشعرون بأنهم من أهل البيت، بفضل كرم الضيافة وحسن الاستقبال".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير.. تنوع سينمائي عربي وعالمي رغم التحديات

في دورته الحادية عشرة، التي تُقام من 27 أبريل إلى 2 مايو، يواصل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير حضوره المميز على خريطة الفعاليات الثقافية، من خلال برنامج متنوع يحتفي بالسينما العربية والعالمية. تتضمن هذه الدورة عروضًا لأفلام من مختلف أنحاء العالم، وتكريمًا لعدد من الفنانين، إلى جانب رسالة تضامن صادقة مع القضية الفلسطينية، ما يمنح المهرجان هذا العام بُعدًا إنسانيًا واضحًا يعكس روح الفن وأهميته.


هيباتيا لـ مالك وريهام عبد الغفور


وفي إطار فعاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، قررت إدارة المهرجان منح جائزة "هيباتيا الذهبية" للإبداع للفنان أحمد مالك، تقديرًا لمسيرته السينمائية الاستثنائية التي جمعت بين السينما المصرية والعالمية. وقد استطاع مالك، من خلال تجاربه الفنية المتنوعة، أن يثبت نفسه كأحد أبرز الممثلين في جيله، حيث قدم أعمالًا لاقت إشادة واسعة من النقاد والجمهور على حد سواء.

كما يكرم المهرجان أيضًا الفنانة ريهام عبد الغفور، التي حققت نجاحًا كبيرًا في مسلسل "ظلم المصطبة" الذي عرض في الموسم الرمضاني الأخير. وتأتي هذه الجائزة تقديرًا لمشوارها الفني الطويل والمتنوع الذي جمع بين السينما والتلفزيون، حيث كان لها بصمة واضحة في العديد من الأعمال الفنية التي لاقت استحسان الجمهور والنقاد على حد سواء. جدير بالذكر أن ريهام قد شاركت في العديد من الأفلام السينمائية المميزة، أبرزها فيلم "واحدة كده" الذي عُرض في عام 2020.


20 فيلمًا في المسابقة الدولية


تشهد المسابقة الدولية عرض 20 فيلما متنوع من الأفلام، حيث تتضمن المسابقة اربعة أفلام سبق عرضها في مهرجان كليرمون-فيران الشهير، وهي
الفيلم الفرنسي "بلانش"، ومن استراليا "رجل العائلة"، والفيلم الألماني السوري المشترك "ولود"، وفيلم "ميرا ميرا ميرا" من السعودية.


إلى جانب مجموعة متنوعة من الأفلام الروائية من مختلف دول العالم منها 
"التالي" من بلجيكا، و"شقيقتان" من إيطاليا، و"فتحة الخزان" من كندا، و"الأم المحترفة" (رومانيا – سلوفاكيا)، و"القطة السامة" من الصين، و"بلانش" من فرنسا، و"التحفة الفنية" من إسبانيا، و"ميرا" من مصر، و"المراقب" من الولايات المتحدة، و"رجل العائلة" (أستراليا - ألمانيا – نيبال)، و"خروف" من إيران، و"الغسيل" من ماليزيا، و"ولود" (ألمانيا – سوريا)، و"قيلولة تانغو" من كرواتيا، و"مكان تحت الشمس" من مولدوفا، و"اختيار" من مقدونيا، و"يايا" من تشيلي، و"جماد متحرك" من تايوان، و"ألبوم العهود" من لبنان، و"ميرا، ميرا، ميرا" من السعودية.

وتتنافس في فئة التحريك أفلام من بلدان متعددة، "عالوتر الحساس" من المملكة المتحدة، و"أطفال البرزخ" من الإمارات، و"غُميضة" (فلسطين – إسبانيا)، و"تذكر" (ألمانيا – تشيلي)، و"لفين؟" من مصر، و"الثنائي الحضري" من الصين، و"ديتليف" من ألمانيا، و"الوحوش" من الولايات المتحدة، و"لا أستطيع النوم!" من اليابان، و"أغنية الأوراق الطائرة" من أرمينيا، و"الزجاجة الأخيرة" (سوريا - الإمارات).


أما الأفلام الوثائقية، فتشمل: "مسرح الأحلام" من قطر، و"عندما جئتُ بابك" (هولندا – إثيوبيا)، و"في الحقل الفارغ" من بولندا، و"سينما الأمل" من فلسطين، و"ذاكرة من منظور شخصي" (أذربيجان – سنغافورة)، و"الوادي يتغنى في الأسر" من أيرلندا، و"ظلال" (فرنسا – الأردن).


تضم لجنة تحكيم المسابقة الدولية، التي تشمل الأفلام الروائية وأفلام التحريك والوثائقية، نخبة من الأسماء السينمائية، حيث يترأس اللجنة المخرج يسري نصر الله، وتضم في عضويتها كاميل فارين، مبرمجة أفلام بمهرجان كليرمون-فيران الدولي للأفلام القصيرة، وميلياوشا أيتوغانوفا، منتجة ومخرجة ومديرة مهرجان كازان، إضافة إلى مانويل بينا، المخرج والمنتج ومدير البرمجة في مهرجان بيو الدولي للأفلام القصيرة..


 9 أفلام في المسابقة العربية


وتضم المسابقة العربية 9 أفلام قصيرة من مختلف الدول العربية، وتترأس لجنة تحكيم المسابقة الممثلة المصرية ناهد السباعي، ويشارك فيها المنتج السينمائي المغربي ورئيس مهرجان الداخلة شرف الدين زين العابدين، بالإضافة إلى المخرج العُماني سليمان الخليلي.

تشارك مصر بثلاثة أفلام هي: "نحن في حاجة إلى المساعدات الكونية" للمخرج أحمد عماد في عرضه الأول في الشرق الأوسط، "ليل العاشقين" للمخرج خالد غريب، و"نوح" للمخرج جون فريد في عرضه العالمي الأول.

من لبنان، يشارك فيلمان: "آخر واحد" للمخرج كريم رحباني في عرضه الأول في إفريقيا، و"من – إلى" للمخرجة يارا شريان، الذي يُعرض لأول مرة في القارة الإفريقية وهو إنتاج مشترك بين لبنان والبحرين.

أما الإمارات، فتشارك بفيلم "الخطابة أم سلامة" من إخراج مريم العوضي، بينما تمثل السعودية بفيلم "تراتيل الرفوف" للمخرجة هناء الفاسي. ومن المغرب، يُعرض فيلم "إخوة العرب" للمخرجة كنزة تازي، ويشهد المهرجان العرض العالمي الأول للفيلم الأردني "زهرة" من إخراج هادي شتات.

وفيما يخص مسابقة الطلبة، تضم هذا العام ثمانية أفلام مصرية هي: "رسال" من إخراج محمد قاسم، "خمس نجوم" للمخرج محمد بيومي، "قفص تفيدة" إخراج أندرو عفت، "أرض الخلود" إخراج مصطفى سعيد، "نسمة" إخراج رهف أحمد، "تيك تاك" إخراج فرح الطايش، "قشطة" إخراج يمنى صلاح، و"تحت السيطرة" إخراج حسيني محمود.


تحديات وانسحاب مفاجئ للدعم

 

قبل أيام قليلة من انطلاق دورته الحادية عشرة، وجد مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير نفسه في موقف لا يُحسد عليه، بعد قرار مفاجئ من هيئة تنشيط السياحة بسحب دعمها للمهرجان، دون أي تفسير رسمي. قرار جاء في توقيت حرج، لتُفتح أبواب القلق والتساؤلات حول مصير الفعاليات المرتقبة، والضيوف القادمين من أكثر من 40 دولة.

المفارقة أن هذا الانسحاب يأتي في وقت يشهد فيه المهرجان نضجًا لافتًا؛ إذ أصبح معترفًا به دوليًا كمهرجان مؤهل لترشيح أفلامه للأوسكار، ويقيم فعالياته في أماكن ذات طابع حضاري وتاريخي مثل المتحف اليوناني الروماني، فضلًا عن ورش عمل للأطفال، وشراكات مع مهرجانات ومؤسسات دولية، ما يجعله حدثًا يتجاوز كونه عرضًا سينمائيًا إلى كونه نافذة حضارية على الإسكندرية ومصر عمومًا.

ورغم أن الميزانية لم تكن يومًا عنصر قوة في هذا المهرجان، إلا أن التزام فريق العمل — برئاسة محمد محمود، وإدارة محمد سعدون، وإشراف المدير الفني موني محمود — جعله واحدًا من أبرز الفعاليات السينمائية المستقلة في المنطقة. لذلك بدا الانسحاب الرسمي بمثابة صفعة مباغتة، خاصة أن بند الإقامة للضيوف الأجانب مثلًا، ليس مجرد رفاهية، بل جزء لا يتجزأ من صورة مصر أمام صناع السينما في العالم.

مقالات مشابهة

  • مهرجان ينقل لمُزاينة الحيران
  • تفاصيل حفل افتتاح الدورة الحادية عشرة من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير
  • مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير.. تنوع سينمائي عربي وعالمي رغم التحديات
  • وفاة حفيدة الرئيس فرنجية
  • دعوة الهيئات الإنتخابية البلدية والاختيارية في محافظتي الجنوب والنبطية في 24 أيار المقبل
  • إغلاق المتحف الكبير من 15 يونيو وحتى 5 يوليو المقبل استعداداً للافتتاح
  • مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يعلن انطلاق دورته الخامسة
  • 26 مايو المقبل.. موعد انطلاق مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية في دورته الخامسة
  • جامعة بنها تتألق في مهرجان حلوان الترويحي وتحصد 17 ميدالية
  • السِّت.. ماذا تحمل الدورة الـ 9 من مهرجان أسوان لسينما المرأة؟