لمحبي الطعام.. يجب أن تكون هذه وجهتك القادمة في أمريكا اللاتينية
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- لا تبدو بوليفيا كوجهة بارزة لعشاق الطعام. لكن هذه الدولة الكبيرة المحاطة باليابسة في أمريكا الجنوبية تُحدث ضجة في عالم الطهي من خلال مطاعمها رفيعة المستوى، وعبر تحويل الوجبات التي ابتكرها شعب الإنكا والأيمارا القديم إلى أطباقٍ حديثة.
تضم العاصمة، لاباز، ثلاث مطاعم مصنفة حاليًا ضمن أفضل 100 مطعم في أمريكا اللاتينية، وهي "Gustu"، و"Ancestral"، و"Phayawi".
ولا يقتصر الأمر على لاباز فقط، بل امتدت ثورة الطعام في بوليفيا أيضًا إلى المدن الكبرى مثل سوكري، والمسطحات الملحية في أيوني.
وانطلق المطبخ البوليفي الجديد منذ حوالي عقد من الزمن، وفقًا لرئيسة الطهاة في مطعم "Gustu"، مارسيا تاها.
وقالت تاها: "كان هناك جيل من الطهاة الجدد الذين تمتعوا بعقلية مفادها أنّه يجب علينا أن نفختر بهويتنا، وثقافتنا، وطعامنا".
وأجمعت تاها وغيرها من الطهاة ذوي التفكير المماثل في لاباز حول مفهوم "مطبخ الكيلومتر الصفري" (zero-kilometer cuisine)، والذي يستخدم أكبر عدد ممكن من المكونات المحلية.
من الأطباق الزاهية التي تُقدَّم في مطعم "Ancestral" في بوليفيا. Credit: Courtesy Patricio Crooker and Christian Gutierrezويجعلهم ذلك يتمتعون باتصال مباشر مع مربي الماشية، والمزارعين الذين يوفرون هذه المكونات.
وأضاف الشيف والمالك المشارك لمطعم "Ancestral"، سيباستيان جيمينيز: "من خلال إظهار إيماننا بالمنتجات المحلية، تمكنّا أن نظهر للناس أنّ المطبخ البوليفي يمكن أن يمتاز بالروعة ذاتها للأشياء القادمة من خارج البلاد".
إحداث ثورة في المطبخ البوليفي تحتضن لاباز بعضًا من أفضل مطاعم أمريكا اللاتينية. Credit: Juan Cristhian Valenzuela/iStockphoto/Getty Imagesليس من الغريب إدراج مطعم "Gustu" ضمن أفضل وجهات تناول الطعام في القارة منذ افتتاحه لأول مرة في عام 2013.
ويُعتبر المؤسس المشارك الدنماركي، كلاوس ماير، أسطورة في عالم الطهي ساهم في قيادة حركة طعام بلدان الشمال الجديدة في مطعم "Noma" الحائز على 3 نجوم ميشلان في كوبنهاغن، ودائمًا ما يُذكر اسم "Gustu" بين أفضل المطاعم في القارة.
طبق "إسبي" المكون من أسماك مقلية صغيرة، وحبوب الذرة. ويقدمه مطعم "Phayawi" في لاباز. Credit: Courtesy Phayawiومن خلال دمج المكونات التقليدية وثقافة الطعام في بوليفيا مع النموذج المعاصر لبلدان الشمال، صمم كلا من تاها وماير بوتقة انصهار تعكس اسم المطعم حقًا، والذي يعني "لذيذًا" في لغة الكيشوا في جبال الأنديز.
وتشمل أطباق المطعم المميزة سمكة سلمون مرقط نيئة من بحيرة "تيتيكاكا" مع المانجو، ولحم اللاما مع الفانيليا الأمازونية، وجذور "أجيبا"، وأسماك الأمازون مع التوت الذهبي، والكسافا، وغيرها.
التنوعيقع مطعم "Ancestral" في حي أتشوماني العصري في الجانب الجنوبي من لاباز، ويحتل موقعًا حميمًا في قبو يتمتع بنوافذ ممتدة من الأرض حتى السقف، وتطل على حديقة غائرة.
وهو يقدم الطعام من المطبخ البوليفي الجديد مع لمسات من إقليم الباسك ودول الشمال، ولكن مفهومه هو الطبخ على النار المفتوحة، وخصوصًا باستخدام الشواية والفرن المشتعل بالخشب.
وقال الشيف سيباستيان جيمينيز: "ألهمنا التنوع البيولوجي في بوليفيا"، كما أضاف: "لدينا غابة، ووديان، وهضاب، وأماكن مرتفعة جدًا. تلهمنا أيضًا المنتجات والتقنيات المحلية. ونحن نستخدم المنتجات البوليفية فحسب، ونقدم النبيذ البوليفي فقط".
يقدم "Ancestral" مزيجًا شهيًا من الأطباق القديمة والحديثة، مثل شريحة لحم "تشوليتون"، وطبق "سيفيتشي" من سمك السلمون المرقط، مع الذرة المشوية، والبطاطا الحلوة، ولحم الخنزير المشوي، مع صلصة "أجي" الحمراء.
امتداد أوسعلا تتمتع العاصمة القضائية للبلاد في جنوب وسط بوليفيا، سوكري، بالعالمية ذاتها لمدينة لاباز عندما يتعلق الأمر بالطعام، ولكنها تلحق بالركب تدريجيًا.
ويقع مقهى "Joy Ride Cafe" قبالة كاتدرائية "Our Lady of Guadalupe".
ورُغم افتتاحه لخدمة السياح، إلا أنّه تطور ليصبح وجهة محلية مثالية للمواعيد الرومانسية، ولحفلات ما بعد العمل، ولتناول شطائر البرغر، والمعكرونة، وغيرها من المأكولات العالمية.
ولكن على مقربة منه، يقع مطعم "El Solar".
وتتميز قائمة التذوق المكونة من 7 أطباق مثل أرز المأكولات البحرية بنكهة عصير الحمضيات الأمازونية، وبطن لحم الخنزير مع صلصة الفلفل، وطبق قشدي مصنوع من الـ"بلانتين"، والـ"يوكا" المهروس، ولحم البقر مع الـ"شاركي" (لحم اللاما المقدد).
ويكلف كل هذا 12 دولارًا تقريبًا.
ويقع "سالار دي أويوني"، وهو أكبر وأروع مسطح ملحي في العالم، جنوب غرب بوليفيا وعلى بعد 500 كيلومتر تقريبًا جنوب لاباز، وهو عن أهم منطقة جذب سياحي في البلاد.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: مطاعم فی بولیفیا
إقرأ أيضاً:
13 سيدة يعدن تعريف السياحة في إسنا بمطعم نسائي
على ضفاف النيل، عاش المصريون منذ آلاف السنين في إسنا، تلك المدينة الفرعونية التي ربطت الوادي بالصحراء، وفيها كان ملتقى القوافل المتجهة نحو الجنوب إلى السودان، عرفت إسنا في العصر الفرعوني باسم "تاسنت – تاسني" بمعنى أرض العبور، حيث منها تعبر القوافل التجارية إلى الجنوب.
وفي العصر الروماني واليوناني، عرفت المدينة باسم أوتوبوليس، نسبة إلى نوع من السمك يطلق عليه "اللوت"، وهو سمك قدسه المصريون القدماء، وعثر في المدينة على جبانة للأسماك المقدسة، ثم في العصر القبطي حُرف الاسم من "تاسني" إلى "سني" أو "سيانة" (أي الحسناء)، ثم جاء العرب ونطقوها "إسنا" .
المدينة التي تعد من كبرى مدن محافظة الأقصر، تمتاز بعدد كبير من السكان على عكس بقية مدن المحافظة، وبها بعض المراكز التي يتجاوز عدد سكانها 600 ألف نسمة، وتعد إسنا متحفا مفتوحا في كل مركز من مراكزها، فبها عديد من الآثار والمعابد الفرعونية والبطلمية والقبطية، بالإضافة إلى تمركز بعض القبائل العربية القديمة بها بعد الفتح الإسلامي.
مسابقة طهي نواة للفكرةفي ذلك المجتمع الصعيدي، الذي لا يزال يحتفظ بكثير من العادات والتقاليد الاجتماعية، استطاعت مجموعة من النساء افتتاح أول مطعم نسائي للطعام التقليدي في الصعيد، مطعم "أوكرا" (Okra)، وهو واحد من مشروعات التنمية المجتمعية المستدامة التي استهدفتها شركة "تكوين" للتنمية المجتمعية والحضرية المستدامة، المشروع الذي كان أحد أفكار التنمية كان سببا في تغيير حياة 13 امرأة تعمل به.
في عام 2023، بدأت شركة "تكوين" مشروعها للتنمية في إسنا ووضعها على الخريطة السياحية، من خلال بعض الأنشطة السياحية المستدامة، وكانت البداية من خلال برنامج "زُر إسنا" (Visit ISNA)، وعبر البرنامج التنموي جاءت فكرة مسابقة طهي الطعام التقليدي في الصعيد، وشاركت عديد من نساء المدينة سعيا إلى فرصة للتغيير، من دون تخطيط مسبق لفكرة المطعم.
تلقت القائمات على "أوكرا" دعما من محيطهن العائلي والمجتمعي في إسنا التي لا تزال التقاليد المحافظة السمة السائدة فيها (الجزيرة)
تروي السيدة نور الشيخ (45 عاما)، وهي المسؤولة الإدارية لمطعم "أوكرا"، للجزيرة نت عن بداية المشروع قائلة، "تقدم للمسابقة أكثر من 35 سيدة، تم تصعيد 13 منهن للتصفيات النهائية، كل متقدمة كانت تشارك في المسابقة بطبق أو اثنين للأكلات التراثية الخاصة بإسنا، وقد شاركت في المسابقة بطبقين من البامية، أحدهما للبامية الويكة المجففة، والآخر بالبامية الخضراء الطازجة".
بعد فوز نور واثنتين أخريين من المتقدمات للمسابقة بالمراكز الثلاثة الأولى، جاءت فكرة المطعم التراثي الأول الذي تقوده سيدات من الصعيد، دون مشاركة رجل واحد في أي مرحلة من مراحل الإشراف والإدارة وإعداد الطعام، وتقديمه لضيوف المطعم.
تراث الوصفة والطهو13 سيدة كنّ نواة المطعم الأولى في مشروع شركة تكوين لتنمية إسنا سياحيا، بدأت مرحلة إعدادهن وتدريبهن، لتحويل وصفاتهن التراثية إلى مشروع مطعم سياحي يستقبل السائحين من أنحاء العالم كافة، للاستمتاع بوجبات صعيدية لا تُقدم إلا في مطعم "أوكرا"، المطعم الذي حمل اسم "البامية"، ولكن باللغة الإنجليزية.
كان اختياره عائدا إلى "الويكة" أشهر أكلات إسنا التراثية وأقدمها، إذ تعتمد هذه الأكلة على تجفيف البامية في وقت نضج ثمارها، إذ كان يعتمد المصريون القدماء على تجفيف الخضروات مثل الملوخية والبامية بتلك الطريقة، لضمان وجودها صيفا وشتاء، ثم تلي التجفيف مرحلة "فركها" بالمفراك التقليدي، لعمل "الويكة".
جاءت فكرة المطعم التراثي الأول بعد فوز نور واثنتين أخريين من المتقدمات للمسابقة بالمراكز الثلاثة الأولى (الجزيرة)وتقول نور الشيخ إن مطعمهن لا يعتمد فقط الوصفات القديمة، بل أيضا طرق الطهي القديمة ذاتها، موضحة: "نعمل بالمفراك لفرك البامية والملوخية والعدس والبصارة، ولا نستخدم الكبة والطرق الحديثة، كما نستخدم طواجن الفخار التقليدية المحروقة في الفرن بالزبدة أو العسل، وليس تلك الطواجن العادية أو الحديثة من البورسلين والجرانيت".
كما تستخدم نور ونساء المطعم أدوات لطحن التوابل يدويا للاحتفاظ بنكهتها القوية، كما يستخدم المطعم الزبدة البلدي في إعداد الطعام، والخضار الطازج يوميا، واللحوم والدجاج المربى منزليا، أما الأسماك فإنها تأتي يوميا للمطعم من صيد صيادين النيل لعمل "طاجن البياض" أو سمك اللوت المقدس والمشهور في إسنا القديمة.
مطعم للنساءلا يتدخل الرجال في أي مرحلة من مراحل العمل داخل المطعم، فكل التجهيز والشراء والاتفاق مع الموردين، وحتى مراحل إعداد الطعام، واستقبال السائحين، وتنظيف المطعم يوميا، تقوم بها النساء العاملات، بعد تلقيهن دورات تدريبية مكثفة في الإدارة ودورات أخرى في السلامة الصحية والطهو للمطاعم.
الدعم الذي تلقته نساء المطعم من محيطهن العائلي والمجتمعي لم يكن متوقعا في البداية، خاصة أن التقاليد المحافظة لا تزال السمة السائدة لدى معظم عائلات إسنا، ونساء المدينة لا يزلن لا يخرجن من البيوت بعد المغرب، ويلتحفن بالملس الصعيدي والشال، وخروجهن للعمل -خاصة أن أغلبهن يعملن للمرة الأولى- كان جديدا على عائلاتهن.
لكن بمرور الوقت و ترحاب الناس بمشروع التنمية السياحية للمدينة، دعموا المشروع وبادروا للمساعدة، حسب نور الشيخ، "لكننا رغبنا في أن يكون المطعم خاصا بالنساء فقط، فلم نقبل يد المساعدة من أي رجل، لكنهم برغم ذلك كانوا داعمين ومرحبين حتى وإن لم يشاركونا حلمنا البسيط".
يستقبل مطعم "أوكرا" الطلبات مسبقا بقائمة طعام تحجز مسبقا، فهو يتعامل حتى الآن مع الوفود السياحية القادمة لإسنا، وقد زار المطعم عدد من السفراء الأجانب في مصر، وانبهروا بالمطعم وديكوراته المنتمية إلى بيئة المكان، بالإضافة لانبهارهم بالطعم المتميز للطعام الإسني.
وشاركت نساء المطعم في مناسبات احتفالية للأكلات التراثية في المركز الثقافي الفرنسي بالإسكندرية، ومتحف الحضارات في القاهرة، وقد نالت أطباقهن إعجاب الكثيرين.