السومرية نيوز – دوليات

ما زال تغير المناخ يُشكِّل هاجسًا، ويطل بوجهه القبيح على منطقة الشرق الأوسط؛ مهددًا بتعطيل محطاتها الكهرومائية المنتشرة على الأنهار، كما هو الحال في نهري دجلة والفرات في العراق.
بل وصلت الحالة للنهرين إلى ظهور قاع كل منهما عند الضفاف في المحافظات الواقعة جنوب وجنوب شرق العراق.

ويُعزى هذا التدهور إلى تغير المناخ وتراجع معدلات هطول الأمطار في المنطقة، وتنامي الاستعمال غير المستدام للمياه، إلى جانب ممارسات دول المنبع -تركيا وإيران- التي تُسهِم في جفاف النهرين، مثل بناء السدود.



وخلال النصف الأول من العام الماضي (2023) عانى الإنتاج العالمي من الطاقة الكهرومائية تراجعًا تاريخيًا نسبته 8.5%، واستأثرت الصين، أكبر مُنتِج لتلك الطاقة في العالم، بثلاثة أرباع هذا التراجع بعد جفاف الأنهار والخزانات الرئيسة لديها، وفق منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).

ونتج عن هذا التراجع في إنتاج الطاقة الكهرومائية ارتفاع طفيف في انبعاثات الكربون العالمية خلال المدة المذكورة، على الرغم من زيادة عالمية في إنتاج طاقة الشمس والرياح بنسبة 12%.

جفاف شديد
تؤثر موجات الجفاف الشديدة وشُح المياه في المجتمعات الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا الجنوبية، وهو ما يلقي الخبراء باللائمة فيه على تغير المناخ وظاهرة النينو.

وظاهرة النينو المناخية هي تحول دوري في نظام المحيط والغلاف الجوي بالمحيط الهادئ الاستوائي؛ ما يؤثر في الطقس بجميع أنحاء العالم.

ومع توقعات بتفاقم أزمة المياه في عالم ساخن، تمتد الضغوط الحتمية الواقعة على الري وإمدادات المياه العذبة إلى توليد الطاقة الكهرومائية التي تبرز مصدرًا منخفض الكربون يعتمد على مياه الأنهار المتدفقة، وفق تقرير نشره موقع إذاعة دويتشه فيله (Deutsche Welle) الألمانية.

وتُعد الطاقة الكهرومائية أكبر مصدر لتوليد الكهرباء النظيفة في العالم، وهناك حاجة لمضاعفة سعة تلك الطاقة بحلول أواسط القرن الحالي (2050) حال أراد العالم أن يقلص الزيادات المضطردة في درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية، وفق توصيات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا".

وبناءً عليه فإن التراجع في إنتاج الطاقة الكهرومائية يُعَد بمثابة طلقة تحذيرية من إمكان أن يؤثر هذا في جهود "التحول الأخضر" العالمية.

نهرا دجلة والفرات
قال رئيس برنامج دبلوماسية المناخ والأمن في منظمة أديلفي (Adelphi) الألمانية البحثية بنيامين بوهل، إن سعة الطاقة الكهرومائية تشهد تراجعًا على المدى الطويل في الشرق الأوسط؛ من بينها حوض نهري دجلة والفرات الذي يُعد "إحدى أسرع المناطق جفافًا على وجه الأرض"، في تصريحات أدلى بها إلى دويتشه فيله.

وأضاف بوهل: "الأنهار التي تشق تركيا وسوريا والعراق، كانت تغذي مهد الحضارة الإنسانية".

لكن موجة الجفاف الحالية المقترنة بمعدل تبخر مرتفع وانخفاض هطول الأمطار، إلى جانب المنافسة المتزايدة على موارد المياه الشحيحة، تعني أن تلك الدول المطلة على النهرين تعاني الأمرّين من أجل ري الزراعة وتعزيز إنتاج الطاقة الكهرومائية.

وشهدت 3 سدود كهرومائية مبنية عند رأس نهري دجلة والفرات في تركيا قبل قرابة 30 سنة، انخفاضًا بنسبة 25% في سعة توليد الكهرباء، وفق بحث أجراه الخبير في مجال الطاقة الكهرومائية ومقره تركيا دورسون يلديز.

*الطاقة الكهرومائية
يقول يلديز: "الهبوط في توليد الطاقة الكهربائية يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالجفاف في المنطقة"، خلال تصريحات نشرتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأشار إلى أن "تراجع معدلات هطول الأمطار وسقوط الثلوج يرتبط بظاهرة تغير المناخ، وسيقود، في النهاية، إلى انخفاض يتراوح بين 30% و40% في تدفقات نهري دجلة والفرات بحلول نهاية القرن الحالي".

*أزمة الكهرباء في العراق
قال الخبير في هندسة تقنيات الحاسوب بجامعة الكتاب شمال العراق سمير الغبوري، إن تدفقات نهري دجلة والفرات تباطأت بفعل دول المنبع مثل تركيا التي تحتجز المياه لأنشطة الري لديها واحتياجاتها لتغذية الطاقة الكهرومائية، في دراسة نُشرت نتائجها عام 2019.

وباستعمال 12 نموذجًا مناخيًا لفهم التغيرات التي تحدث على مدار عقود من الزمن في تدفق المياه، يتوقع الغبوري أن يؤدي تغير المناخ إلى تسريع هذا الانخفاض وقد يؤدي إلى خسائر تتراوح بين 5% و18% في الطاقة الكهرومائية بحلول عام 2050، في تصريحات أدلى بها إلى دويتشه فيله.

ويمهد تغير المناخ إلى ظهور آثار الجفاف في حوض نهري دجلة والفرات مرة واحدة كل 10 سنوات، بدلًا من مرة واحدة كل 250 سنة قبل أن يبدأ متوسط درجة الحرارة في الارتفاع، وفق تقرير صادر عن مجموعة أبحاث المناخ الدولية وورلد ويذر أتريبيوشن (World Weather Attribution) والمعروفة اختصارًا بـ"دبليو دبليو إيه" (WWA).

ولخفض آثار تغير المناخ بالطاقة الكهرومائية في العراق، يوصي الغبوري ببناء محطات كهرومائية أكثر كفاءة، وتوظيف إدارة أفضل للموارد من خلال إعادة تدوير المياه، أو تطوير السدود الصغيرة لتخزين المياه الزائدة في أثناء هطول الأمطار.

وأردف: "الممارسات الزراعية المقاومة لتغير المناخ والتعاون الإقليمي" مهمة -كذلك- للاستفادة القصوى من موارد المياه المتناقصة.

*التعاون الإقليمي مهم
وفق تقديرات "دبليو دبليو إيه"، يبرز الجفاف الذي ضرب حوض نهري دجلة والفرات خلال المدة من 2020 إلى 2023 "ثاني أسوأ موجة جفاف على الإطلاق، تغذيها درجات الحرارة المرتفعة".

ولتلك الموجة آثار كاسحة في شريحة واسعة من السكان الذين اعتمدوا على الزراعة القائمة على مياه الأمطار مثل زراعة القمح وتربية الماشية.

وقالت خبيرة إدارة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتقيم في ألمانيا، نعمة شريف: "بعض الأماكن في سوريا والعراق يضربها الجفاف بالكامل"، في تصريحات نشرتها منصة الطاقة المتخصصة.   وتابعت: "المياه ستكون هي محور الحروب في المستقبل"، في معرض حديثها عن التوترات الناجمة عن الأنشطة البشرية مثل سحب المياه من المنبع وبناء السدود، ولا سيما في تركيا.     المصدر: منصة الطاقة المتخصصة

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: الطاقة الکهرومائیة نهری دجلة والفرات الشرق الأوسط هطول الأمطار تغیر المناخ جفاف ا

إقرأ أيضاً:

عامر الشوبكي: أزمة الشرق الأوسط تلقى بظلالها على الاقتصاد العالمي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال الدكتور عامر الشوبكي، خبير اقتصاديات الطاقة، إن التحولات الجيوسياسية الرئيسية في الشرق والأزمات في المنطقة إلى جانب العدوان المستمر على قطاع غزة، أثرت على اقتصاد الإقليم بأكمله.

وأضاف «الشوبكي» خلال مداخلة ببرنامج «عن قرب مع أمل الحناوي» المذاع على شاشة قناة «القاهرة الإخبارية»، أن هناك تحولات رئيسية لتغيير واجهة الشرق الأوسط، وخارطته السياسية والاقتصادية، وأن أثار العدوان لن تتوقف عن الإغلاق المستمر في البحر الأحمر من قبل الحوثيين، بل ستصل التداعيات السلبية للاقتصاد العالمي.

وأشار خبير اقتصاديات الطاقة إلى أن الأزمة في الشرق الأوسط، تسببت في تأخير وتقليل أسعار الفائدة، ما يؤكد أن تأثير الصراع لم يكن فقط على دول المنطقة والإقليم، بل امتدت إلى الاقتصاد العالمي.

ولفت إلى أن بعد أثار الأزمة في المنطقة قد تبدو مستدامة، مثل الوضع الذي هو عليه الأن الاقتصاد الإيراني، والتحول السياسي في سوريا.

مقالات مشابهة

  • وزيرة البيئة: نعمل على تكامل الإطار الاستراتيجي للتكيف الصحي مع تغير المناخ
  • البيئة: دمج البحث العلمي في مواجهة آثار تغير المناخ خطوة هامة لصحة الأجيال القادمة
  • خبير اقتصاديات الطاقة: أزمة الشرق الأوسط تضرب اقتصاد العالم كله
  • عامر الشوبكي: أزمة الشرق الأوسط تلقى بظلالها على الاقتصاد العالمي
  • استعراض التجربة المصرية في الإصلاح الإداري أمام رابطة السياسات العامة بالشرق الأوسط
  • «الباولونيا».. الشجرة الأسرع نمو وأداة فعالة لمكافحة آثار تغير المناخ
  • بعد سقوط الأسد.. نظام جديد بالشرق الأوسط يلوح في الأفق
  • هيئة البيئة – أبوظبي تطلق أول مشروع لاستزراع لؤلؤ محار المياه العذبة في الشرق الأوسط
  • أبوظبي تطلق أول مشروع لاستزراع لؤلؤ محار المياه العذبة في الشرق الأوسط
  • تغير المناخ يفاقم الخسائر الاقتصادية في أفريقيا