هل يتحوّل الانقسام الداخلي إسلامياً - مسيحياً؟
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والخلاف الكبير الذي حصل بين "قوى الرابع عشر من اذار" و"حزب الله" آنذاك، بدأ الانقسام السياسي الحاد الذي استمر حتى اليوم، لكنه الخلاف يومها لم يأخذ طابعاً طائفيا، اقله في مرحلته الأولى ليتحول لاحقا الى خلاف سني - شيعي بشكل اساسي في حين ان المسيحيين انقسموا في ما بينهم وتمركزوا بين الفريقين، فكان التحالف العميق بين" حزب الله" و"التيار الوطني الحر" والتحالف المماثل بين "القوات اللبنانية" و"تيار المستقبل".
لم يتحول الصراع السياسي بعد العام 2005 الى انقسام اسلامي مسيحي ولا الى خلاف شيعي - مسيحي بالرغم من ان مصلحة "قوى الرابع عشر من اذار" يومها كانت عزل "حزب الله" لكن انتقال الرئيس السابق ميشال عون الى صفوف "قوى الثامن من اذار" منع حدوث ذلك، وبقي الوضع على حاله الى حين انتهاء الحرب السورية ودخول لبنان في ازمته الاقتصادية غير المسبوقة، ومع بدء حرب غزة، بدأ يتبلور الشكل الجديد للخلاف الداخلي والذي بدأت مؤشراته توحي بقرب تحوله الى اسلامي - مسيحي.
للمرة الاولى منذ نحو 20 عاماً، اصبحت العلاقة بين الشيعة من جهة والمسيحيين من جهة اخرى بهذا السوء، بعد ان كان التحالف بين "حزب الله" والعونيين يعطيها طابعا ايجابيا، الا ان تراكم الخلافات والوصول الى حد الطلاق بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك ادى الى خلق رأي عام مسيحي معارض للحزب وتوجهاته الداخلية الاستراتيجية، بشكل شبه كامل. وجاء ذلك بعد انفجار المرفأ والثورة الشعبية في العام 2019.
لكن هذا التوتر السياسي ينتقل تدريجيا ليشمل السنة والمسيحيين ايضا، وهذا يعود الى الحزب الحاصلة في غزة والتقارب الذي احدثته بين "حزب الله" وبعض القوى السنية، على اعتبار ان موقف الحزب ووقوفه الى جانب حركة حماس انهى المرحلة السابقة وفتح صفحة جديدة، في المقابل تفاعل الخلاف بين "القوات اللبنانية" وجزء غير محدود من البيئة السنية على خلفية اداء معراب في ملف الرئيس سعد الحريري، ليصبح تمايزا جديا على معظم الملفات.
في القضايا الداخلية والخارجية يظهر ان هناك تمايزا وخلافا حقيقيا بين القوى السياسية ذات التمثيل المسيحي وبين القوى السياسية ذات التمثيل الاسلامي، وهذا يمكن ملاحظته في ملف الإنتخابات الرئاسية، وكذلك في الموقف من الحرب في الجنوب وغزة، وعليه فإن الكباش الاعلامي والسياسي الحاصل بين "حزب الله" وخصومه يؤثر بشكل حقيقي على شكل الانقسام الداخلي، خصوصا ان خطاب "الاختلاف الثقافي" الذي يصوب به على "حزب الله" يصيب المجتمع السني ايضا.
في المرحلة المقبلة، وفي حال طالت التسوية، قد يزيد عمق الخلاف الاسلامي المسيحي لنعود الى مرحلة ما قابل العام 1975 من حيث حدة وعمق هذا الانقسام، علما ان اي تحول جدي من قبل هذا الفريق او ذاك، في ملف رئاسة الجمهورية مثلا قد يعيد خلط الاوراق، كذلك بالنسبة لعناوين خلافية اخرى كسلاح الحزب وقانون الانتخاب. من غير المعروف المدى الزمني الذي سيستمر فيه الخلاف وفق شكله الحالي لكن الاكيد ان عملية عزل وإلغاء هذا الطرف او تلك الفئة لا يمكن ان يحصل في لبنان. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
الحضور التركي بأفريقيا.. كيف نجح أردوغان في حل الخلاف بين إثيوبيا والصومال؟
نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، تقريرا، سلّطت فيه الضوء على النجاح الذي حققته تركيا من خلال دور الوساطة في المفاوضات بين إثيوبيا والصومال، والتي انطلقت في تموز/ يوليو الماضي.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أنقرة قادت لأول مرة منذ حضورها الفعلي في القارة الأفريقية سنة 2005، مفاوضات بين بلدين بمفردها، في ظل ظرف إقليمي صعب.
وأضافت أن هذا النجاح له طابع خاص من المنظور التركي، لأنه تحقّق في منطقة القرن الأفريقي التي كانت نقطة انطلاق نحو غزو الأسواق الخارجية، ومن خلاله توجه أنقرة رسالة تحدٍ إلى القوى "التقليدية"، وتعزز مكانتها كلاعب محوري في القارة، وتوسع مجال نفوذها هناك.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، ورئيس الصومال حسن شيخ محمود، قد وقّعا في الحادي عشر من كانون الأول/ ديسمبر الجاري اتفاق مصالحة في أنقرة بفضل الجهود التي بذلها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في سبيل ضمان تسوية الخلاف بين البلدين والالتزام "بالمضيّ نحو المستقبل بشكل سلمي".
ثماني ساعات من المفاوضات
نقلت المجلة عن الخبير في مركز أوسرام لدراسات الشرق الأوسط في أنقرة، كان دفجي أوغلو، قوله: "تعززت علاقات تركيا القديمة مع الصومال بفضل الاستثمارات والدعم العسكري الذي تقدمه أنقرة.
وفي الوقت نفسه، تُعد إثيوبيا أحد أهم الشركاء الاقتصاديين لتركيا في أفريقيا، ومركزاً دبلوماسياً محورياً في القارة. تصاعد التوترات بين الصومال وإثيوبيا كان من الممكن أن يهدد مشاريع التعاون والأنشطة التجارية والمصالح الاستراتيجية لتركيا مع هذين البلدين".
وذكرت المجلة أن الأمور كانت على حالها منذ الجولة الثانية من المفاوضات في آب/ أغسطس من العام الحالي، وقد أُلغيت الجولة الثالثة المقررة في أيلول/ سبتمبر الماضي، لكن المشاورات السرية استمرت تحت إشراف وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان.
وبحلول أوائل كانون الأول/ ديسمبر، أحرزت المحادثات تقدماً خوّل للرئيس التركي، دعوة أبي أحمد وحسن شيخ محمود إلى أنقرة. وبعد ثماني ساعات من المفاوضات، أنهى الزعيمان الخلاف، وعقدا مؤتمرا صحفيا مشتركا.
سبب الأزمة
كانت إثيوبيا التي حُرمت من واجهة بحرية منذ استقلال إريتريا سنة 1993، قد وقعت في كانون الثاني/ يناير 2024، بروتوكول تعاون مع أرض الصومال.
بموجب الاتفاق، تعترف أديس أبابا بأرض الصومال كدولة مستقلة مقابل حصولها على عقد استغلال شريط ساحلي بطول 20 كيلومتراً.
بذلك، تضمن إثيوبيا الوصول إلى البحر الأحمر، مع إمكانية إنشاء قاعدة عسكرية وتطوير تجارتها، دون الاعتماد حصريا على ممر جيبوتي.
ردا على ذلك، استدعت السلطات الصومالية سفيرها في أديس أبابا، وبدأت خطوات للتقارب العسكري مع مصر، العدو اللدود لإثيوبيا، حسب تعبير المجلة.
وفي شباط/ فبراير وآذار/ مارس 2024، وقعت الصومال مع تركيا اتفاقاً اقتصادياً وعسكرياً، واتفاقاً للتعاون في مجال الطاقة. ينص الاتفاق الأول على أن تشرف أنقرة على تجهيز وتدريب البحرية الصومالية لمساعدتها في حماية ثرواتها وحدودها البحرية وتعزيز قدراتها ضد عمليات القرصنة وحركة الشباب المجاهدين.
ويمنح الاتفاق الثاني تركيا الحق في استكشاف النفط والغاز في المياه الصومالية واستغلال الحقول الهيدروكربونية عند اكتشافها. ومنذ ذلك الحين، سعت أنقرة لإيجاد حل يرضي الطرفين.
اتفاق المصالحة
يقوم اتفاق الحادي عشر من كانون الأول/ ديسمبر على نقطتين أساسيتين، إذ تنص النقطة الأولى على اعتراف إثيوبيا بوحدة أراضي الصومال وسيادتها، أما الثانية فإنها تنص على حق أديس أبابا في الوصول التجاري إلى البحر "في إطار القانون الدولي مع احترام سيادة الحكومة الفيدرالية الصومالية".
إلى ذلك، تعهّدت مقديشو وأديس أبابا بتوقيع اتفاقيات تجارية ثنائية من شأنها تأمين وصول إثيوبيا بشكل آمن وموثوق إلى البحر تحت إشراف السلطات الصومالية.
ومن الناحية العملية، يتعين على الفرق الفنية من كلا البلدين بدء مفاوضات تحت إشراف تركيا بحلول شباط/ فبراير 2025، على أن تُختتم في غضون أربعة أشهر. وأي نزاع يتعلق بتفسير أو تنفيذ هذه الالتزامات ينبغي حله عبر الحوار، مع إمكانية اللجوء إلى تركيا إذا لزم الأمر.
سياسة براغماتية
أضافت المجلة أن الرئيس التركي قد راهن من خلال تدخله بشكل شخصي في المفاوضات على العلاقات القوية التي تجمعه مع أديس أبابا ومقديشو. في 2005، عندما كان رئيسا للوزراء، اختار أردوغان إثيوبيا لتكون وجهته الأولى في أفريقيا.
يوجد في الوقت الراهن أكثر من 200 شركة تركية في إثيوبيا، كما لعبت الطائرات المسيّرة من طراز "بيرقدار تي بي 2" التركية، دورا كبيرا في النزاع بين حكومة أبي أحمد والمتمردين في تيغراي.
من جهتها، تعد الصومال منطقة حيوية مهمة لتركيا في القارة، حيث تدير شركتا البيرق وفافوري ميناء ومطار مقديشو، وقد أنشأت أنقرة قاعدة عسكرية في البلاد تعمل على تدريب الجيش الصومالي على "مكافحة الإرهاب".
وأكدت المجلة أن تركيا لن تتخلى عن نهجها البراغماتي في هذه المنطقة التي تقع عند مدخل مضيق باب المندب، أحد أكثر الطرق التجارية ازدحاماً في العالم.
ويقول دفجي أوغلو في هذا السياق: "لا تعترف تركيا بأرض الصومال كدولة مستقلة، لأن ذلك قد يضر بوحدة أراضي الصومال وبعلاقاتها مع أنقرة. مع ذلك، تدرك تركيا أن أرض الصومال بحاجة إلى تحقيق الاستقرار والتنمية. لذلك، تقدم لها المساعدة بشكل غير مباشر من خلال بعض المشاريع الإنسانية والاقتصادية".
مصالح متضاربة
ترى المجلة أن التوترات في المنطقة تفتح الباب للتساؤل عن إمكانية صمود اتفاق 11 كانون الأول/ ديسمبر، في ظل وجود أطراف مؤثرة أخرى، على غرار عدد من الدول الغربية التي تملك قواعد عسكرية في جيبوتي ومصر، التي تخوض نزاعًا مع إثيوبيا بشأن تقاسم مياه النيل.
ووفقا للمجلة، تلعب الإمارات العربية المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي دورا محوريا في المنطقة، حيث أقامتا علاقات مع أرض الصومال، القريبة جغرافيا من الحوثيين في اليمن. رغم نجاحها الدبلوماسي الأخير، لم تتمكن تركيا من حل الخلاف الإقليمي الذي تغذيه التوجهات الانفصالية.
ويقول الباحث في السياسة الخارجية بمركز سيتا في أنقرة، تونتش دميرتاش: "تم تعزيز صورة ومصداقية تركيا على الساحة الدولية بفضل مسار أنقرة. من خلال العمل وفقًا لمبدأ حلول أفريقية لمشاكل أفريقيا، قد تتمكن تركيا، إذا طُلب منها ذلك، لعب دور الوسيط لاستئناف المحادثات بين الصومال وأرض الصومال أو بذل جهود للوساطة بين السودان والإمارات العربية المتحدة".