كنيسة المهد.. أقدم الكنائس في فلسطين
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
تعد أقدم الكنائس في فلسطين وإحدى أقدم كنائس العالم، تقع في مدينة بيت لحم، هي الأولى بين الكنائس الثلاث التي بناها الإمبراطور قسطنطين في مطلع القرن الرابع الميلادي حين أصبحت المسيحية ديانة الدولة الرسمية. وحسب المراجع التاريخية المسيحية، فقد بناها بأمر من الملكة "هيلانة" فوق المكان الذي ولد فيه المسيح عليه السلام، وأُعيد تشييدها في القرن السادس بعد حريق شب فيها.
تقع كنيسة المهد في مدينة بيت لحم على بعد نحو 10 كيلومترات جنوب القدس، وهي إحدى أقدم الكنائس وأكثرها شهرة في فلسطين وعلى مستوى العالم، تعد المكان الأقدس للمسيحيين، بسبب ارتباطها بمكان ميلاد السيد المسيح، حيث بنيت فوق المغارة التي يُرجح أنه ولد فيها.
تاريخ الكنيسةاختلفت المصادر بشأن تاريخ بداية تشييد كنيسة المهد، ولكن يرجح أنه بين عامي 330م و333م، وافتتحت عام 339م، وبنيت بالتوازي مع بناء كنيسة القيامة بأمر من الملكة هيلانة والدة الملك قسطنطين الكبير.
أحرق السامريون الكنيسة قبل هدمها عام 529م، ثم أعاد الإمبراطور البيزنطي جستنيان بناءها عام 534م.
ذكر الباحث نظمي الجعبة في كتابه "كنيسة المهد في بيت لحم أقدم كنائس فلسطين" أنها احتفظت بملامحها التي شيدت عليها قبل 14 قرنا تقريبا.
تعد كنيسة المهد من الكنائس القليلة التي لم يهدمها الفرس، وذلك بسبب لوحة المجوس على واجهتها، كما أبقى عليها الخليفة الحاكم بأمر الله عام 1009م احتراما للمسيح عليه السلام.
اهتم الصليبيون بالكنيسة؛ خاصة بعد تتويج الملك بلدوين على المملكة اللاتينية في القدس عام 1101م، فزينوها بالفسيفساء على الجدران وبالرسومات على الأعمدة وبالرخام على الأرضيات.
فقدت الكنيسة جزءا من رونقها نهاية الفترة المملوكية بسبب ضعف نظام المماليك وانتشار الفساد، إضافة للكوارث الطبيعية التي حدثت في تلك الفترة، وانتشار الأمراض المعدية.
وعلى الرغم من تعرض الكنيسة لزلزال عام 1834م وحريق عام 1869م، فإنها حافظت على معمارها ومعظم أجزائها وزخارفها، فيما تضررت أرضيتها وسقفها، وقد رمما عدة مرات.
سلّمت الكنيسة لرعاية الآباء الفرانسيسكان عام 1347م، وأجروا فيها الإصلاحات اللازمة عام 1480م.
أجزاء الكنيسةحوى المبنى الأساسي للكنيسة، الذي أنشأه الإمبراطور قسطنطين، فسيفساء أرضية متقنة، إضافة إلى أديرة وكنائس لاتينية وأرثوذكسية يونانية وفرنسيسكانية وأرمنية. كما يتوفر على أبراج الجرس وحدائق ذات مدرجات.
توجد في الكنيسة مغارة المهد، وهي المزار الرئيسي فيها، وتقع تحت صحنها إلى الشرق، ويوجد درجان يؤديان إليها على جانبي مذبح المهد، ووجدت فيها نجمة فضية وكتابة لاتينية تقول بعض الروايات إنها تشير إلى أن هناك وَلدت مريم العذراء السيد المسيح، وفيها أيضا 15 قنديلا تمثل الطوائف المسيحية.
شيدت الكنيسة على الطراز البازيلكي، بصحن كبير و5 أجنحة واسعة وقاعتين مستعرضتين، تحتها مغارة المهد، ولها طرف يطل على قاعة مثمنة الأضلاع بسقف مخروطي، و40 عمودا فوقها حائطان ارتفاعهما 10 أمتار وفوقها 11 نافذة تحيطها من كل جهة.
وعلى جدران الكنيسة توجد بقايا الفسيفساء التي كانت تزينها وأرضيتها في القرن الـ12، والتي ترجع للفترة البيزنطية الأولى.
كنيسة المهد خلال حفل النار المقدسة عشية عيد الفصح الأرثوذكسي يوم الرابع من مايو/أيار 2024 (الفرنسية)مدخل الكنيسة عبارة عن باب متواضع بارتفاع يقل عن متر ونصف، يبدو للناظر أنه لحصن وليس لكنيسة لها مكانة رفيعة، مما يستدعي من الزائر الانحناء قليلا عند الدخول، وذلك من أجل حمايتها من الغزاة لمكانتها الدينية، كما يعلو المدخل عتب حجري.
حسب الدراسات التاريخية فإن هذا المدخل قد فتح في الفترة المملوكية أو العثمانية حيث يظهر الثراء المعماري المتنوع للواجهة.
زيارة عمر بن الخطابدخل عمر بن الخطاب وأصحابه بيت المقدس بعد تحريرها، فرافقهم البطريرك صفرنيوس ليدلهم على آثارها، ثم زار عمر بعد ذلك كنيسة المهد ولما أدركه وقت الصلاة صلى بها، ثم خشي أن يتخذ المسلمون من صلاته سنة فيخرجوا أصحابها منها، فكتب للبطريرك عهدا خاصا يجعل الكنيسة للنصارى ويحدد دخول المسلمين إليها، وأعطى أوامره بألا يصلي المسلمون على أعتاب الكنائس جماعة، وألا يدعوهم إلى الجماعة مؤذن.
ضمن لائحة التراث العالميأدرجت كنيسة المهد عام 2012 ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو)، وهي أول موقع فلسطيني أضيف لهذه اللائحة، لكنها صنفت فيما بعد ضمن قائمة المباني التراثية المهددة بالخطر نظرا لحالتها السيئة.
ورفعت المنظمة الأممية كنيسة المهد مطلع يوليو/تموز 2019 من قائمة مواقع التراث العالمي المهددة بالخطر بعد ترميم الجزء الأكبر منها.
حصار الكنيسةبدأ حصار الكنيسة يوم الثاني من أبريل/نيسان 2002، بعد انتهاء عيد الفصح عند اللاتين، وكان الجيش الإسرائيلي حينها قد حاصر محافظة بيت لحم وبدأ اقتحامها خلال ما سماها عملية الدرع الواقي.
دارت اشتباكات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وبعض المقاومين الفلسطينيين الذين اتخذوا من كنيسة المهد حصنا لهم، ففرضت القوات الإسرائيلية حصارا على الكنيسة ومن فيها دام أكثر من 35 يوما.
كنيسة المهد أول موقع فلسطيني أضيف إلى لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو (الفرنسية)أثناء الحصار عقدت مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي من قبل المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي والسلطة الوطنية الفلسطينية، أبعِد على إثرها 13 شخصا خارج فلسطين، و26 آخرون إلى قطاع غزة، كما استشهد 8 فلسطينيين وأصيب 14 آخرون، فيما قتل جنديان إسرائيليان.
ميلاد دون شجرة وزينةانعكست أجواء العدوان الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ أواخر 2023 والذي دام عدة أشهر، على أجواء الاحتفالات بأعياد الميلاد في ساحة كنيسة المهد لعام 2024، فلم توضع الشجرة ولا إضاءتها التي تعد رمزا للاحتفال، ولكنها استبدلت بمجسم فني يمثل مغارة الميلاد على شكل منزل مدمر كتب عليه "الميلاد تحت الأنقاض".
استغرق العمل على المجسم حوالي 3 أسابيع وهو عبارة عن بقايا أحجار مرصوصة على الأرض ومحاطة بأسلاك شائكة ترمز للدمار الذي لحق بقطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي.
وتضمن أيضا مجسما للعائلة المقدسة وآخر للسيدة مريم العذراء تحتضن المسيح عليه السلام على هيئة كفن، رمزا لشهداء فلسطين، إضافة لخارطة فلسطين وبداخلها خارطة لغزة من الحديد المطلي باللون الرمادي الداكن.
كما وضعت لافتة بالقرب من الكنيسة كتب عليها "أوقفوا الإبادة الجماعية، أوقفوا التهجير القسري، ارفعوا الحصار"، وأخرى كتب عليها "أجراس الميلاد في بيت لحم تدعو لوقف إطلاق النار في غزة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التراث العالمی کنیسة المهد بیت لحم
إقرأ أيضاً:
لماذا يختلف موعد عيد الميلاد بين الكنائس؟.. 4 مواعيد للاحتفال بالعيد
أيام قليلة وتبدأ احتفالات المسيحيين حول العالم بعيد الميلاد المجيد، والذي تحتفل به الطوائف المسيحية في مواعيد مختلفة وذلك بحسب التقويم الذي تعتمد عليه كل طائفة، إذ تعتمد كلا من «الكنيسة الكاثوليكية، الأسقفية، السريان الأرثوذكس، والكلدان الكاثوليك، والأرمن الكاثوليك، والمارون الكاثوليك، الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك» على التقويم الغربي المعروف باسم الغريغوري، فيما تعتمد الكنيسة الأرثوذكسية على التقويم القبطي.
سبب اختلاف موعد الميلاد بين الطوائفكشف ماركو الأمين، باحث في التاريخ القبطي، في تصريحات لـ«الوطن» أن هناك 4 مواعيد مختلفة تحتفل خلالها الطوائف المسيحية بعيد الميلاد، حيث يحتفل أغلب المسيحيين في العالم بعيد الميلاد يوم 25 ديسمبر، فيما يحتفل الأقباط والأحباش والإريتريين والروس وبطريركية أورشليم للروم الأرثوذكس بالعيد المجيد يوم 7 يناير.
وتابع فيما يحتفل الأرمن الأرثوذكس بالعيد يوم 6 يناير في احتفال تحت مسمى عيد الثيؤفانيا، وهو عبارة عن مجموعة من الأعياد «عيد الميلاد وعيد عماد السيد المسيح وذكرى الأحداث السيدية الأخرى» والذي يعد التقليد المسيحي الأقدم حتى القرن الرابع، وكان أغلب مسيحيي العالم يحتفلون بالميلاد والغطاس في يوم واحد، أما أرمن أورشليم فقط هم الذين يحتفلون بالميلاد والغطاس يوم 19 يناير بدلا من يوم 6.
احتفال الطوائف المسيحية بعيد الميلادوقال الباحث عن سبب اختلاف مواعيد الاحتفالات بالعيد ذاته، يعتمد الغرب على التقويم الغريغوري فيما تعتمد الكنيسة القبطية على التقويم القبطي، مشيرًا إلى أنه كان قديمًا الاحتفال بالميلاد يستغرق 3 أيام، وكان يوم 29 كيهك بحسب التقويم المصري، الذي كان يوافق 25 ديسمبر قبل التعديل الغريغورى في التقويم اليولياني في عام 1582 م، ولكن بعد التعديل الغريغورى أصبح حاليًا يوافق 7 يناير.
والتعديل الغريغوري، حدث في عام 1582 خلال أيام البابا جريجوري بابا روما، حيث لاحظ العلماء أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية، وهو الأمر الذي أوجد فارق 10 أيام بين حسابهم وحساب التقويم اليولياني والذي يحسبها 365 يومًا و6 ساعات، أي وجود فرق 11 دقيقة و14 ثانية كل عام.
وتابعت الكنيسة عبر موقعها، أن موعد عيد الميلاد قد تم تثبيته في مجمع نقية عام 325، وبحساب الفرق من ذلك الوقت وحتى 1582 وجد 10 أيام فارق فأمر بابا روما بحذفهم من التقويم الميلادي «اليولياني» حتى يقع يوم 25 ديسمبر في موقعه كما كان أيام مجمع نقية ليسمى باسم التقويم الغريغوري.