في غيبوبة وبنصف جسد.. هكذا أفرجت إسرائيل عن الفلسطينية وفاء جرار
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
جنين- بنصف جسد، أعاد الاحتلال الإسرائيلي الأسيرة الفلسطينية وفاء جرار (49 عاما) إلى مدينة جنين شمال الضفة الغربية بعد قرابة 10 أيام من اعتقالها من منزلها في حي المراح خلال عملية عسكرية واسعة في 21 مايو/أيار الماضي.
وبعد ساعات من اعتقالها، انتشرت أخبار بشأن إصابة جرار خلال تفجير المركبة العسكرية -التي احتُجزت فيها- بعبوة ناسفة محلية الصنع، حسب ادعاء جيش الاحتلال.
تقول زيتونة جرار ابنة وفاء "كانت لحظات صعبة، كنا نشعر بالقلق والتوتر، ونتابع الأخبار الواردة بسرعة، وشعرنا بالخوف والعجز لعدم قدرتنا على الوصول إلى معلومة مؤكدة، ليصلنا خبر من الجهات المسؤولة في السلطة بأن وفاء مصابة بانفجار جيب إسرائيلي".
في البيت الذي اقتحمه جنود الاحتلال لاعتقال جرار، تقول ابنتها للجزيرة نت "خلال اقتحام جنين ومخيمها، وعند حوالي السادسة مساء، وصلت قوة عسكرية إسرائيلية إلى مدخل المنزل، وبعد تكسير كاميرات المراقبة الخارجية بدأ الطرق على الباب بشكل جنوني".
كانت زيتونة مع والدتها وحدهما في المنزل، وحاولت ارتداء الحجاب فيما ارتدت وفاء ملابس الصلاة، وفور اقتحام الجنود بدؤوا بتحطيم كل شيء، وأجبروهما على الجلوس في زاوية الغرفة، وسأل جندي والدتها "هل أنت وفاء نايف جرار؟"، وحين أجابته بنعم، قال لها "سأحطم منزلك الجميل هذا".
كانت تصرفات الجيش "استفزازية جدا"، ولمدة 20 دقيقة كان الجندي الإسرائيلي يسعى للتلاعب بهدوء العائلة وثباتها، بتكسير التحف الزجاجية وتخريب محتويات المنزل ومصادرة الهواتف النقالة، وعمد بعض الجنود إلى سرقة مصاغ ذهبي وبعض النقود، وعند اعتقال جرار أخبرها الضابط أنه سيتم التحقيق معها وليس اعتقالها.
وتضيف الزيتونة "بفضل الله كانت والدتي قوية، ومعنوياتها عالية، سارت بثقتها المعهودة أمام الجنود، وبعد صعودها في الجيب العسكري، قالت لي "أنا بخير، لا تقلقوا علي".
وتؤكد أن الوضع كان صعبا بالنسبة لها كونها الوحيدة مع والدتها في المنزل وشهدت على كل ما حدث، ولأن وفاء تعاني من عدة أمراض كالغدة الدرقية ومشاكل أخرى.
بعد ساعات من اعتقالها، أبلغ "الارتباط العسكري الإسرائيلي" بتعرض جرار لإصابات بالغة إثر انفجار عبوة ناسفة في الجيب العسكري. ولم يقدم جيش الاحتلال تفاصيل دقيقة حول وضعها الصحي بعد إصابتها، أو حتى حالة الجنود الذين كانوا معها في الجيب.
تضليلواعتبرت العائلة أن إبقاء جرار داخل الجيب العسكري منذ لحظة اعتقالها وحتى وقوع التفجير، هو "تعمّد" من الاحتلال لإبقائها داخل ساحة حرب شهدها مخيم جنين الذي كان يتعرض حينها لهجوم عسكري واشتباكات واسعة.
وطوال الأيام العشرة التي احتجزت فيها جرار عند الاحتلال، كانت تصل إلى أسرتها معلومات تفيد بدخولها في غيبوبة بأحد المستشفيات الإسرائيلية. وتعمد الاحتلال تضليل العائلة بنقل معلومات ناقصة حول وضعها الصحي تارة، وبعدم وصول أي معلومة إليهم تارة أخرى.
وكان نادي الأسير الفلسطيني قد حمّل -في بيان له- الاحتلال المسؤولية عن حياة جرار. قائلا إنه نقلها إلى المستشفى في مدينة العفولة بالداخل، وكانت بوضع صحي حرج وفاقدة للوعي، وإنه يماطل في إطلاع المحامي والعائلة على التقارير الطبية الخاصة بها.
وبعد إصدار أمر باعتقالها إداريا (بدون لائحة اتهام) لمدة 4 أشهر، وإرسال تقارير طبية إلى العائلة تفيد بضرورة بتر ساقيها، والطلب من أولادها التوقيع على قرار البتر، سمح الاحتلال بزيارة المحامي للجريحة جرار، وأطلع أسرتها على خطورة وضعها الصحي وتعمد إسرائيل إهمال علاجها.
وقالت زيتونة "سُمح للمحامي فقط برؤية وجه والدتي دون الدخول إلى الغرفة، وأخبروه أنها في غيبوبة وأن بتر الساقين سيكون من تحت الركبة، وأنها تعاني من كسر في الأضلاع، لكننا اكتشفنا فور وصولها إلى مستشفى ابن سينا في جنين أنهم أخفوا عنا حقائق كثيرة حول إصابتها".
وبعد يومين فقط من إجراء عملية البتر، قررت إسرائيل رفع الحكم بالسجن الإداري عن جرار والإفراج عنها وتسليمها للجانب الفلسطيني يوم الخميس 30 مايو/أيار الماضي. وهو ما اعتبرته عائلتها ونادي الأسير "تنصلا إسرائيليا من مسؤولية علاجها".
في المستشفى بجنين تبين إصابة جرار بكسور في القفص الصدري، وكسر في الفقرة الـ12 من العمود الفقري، وبتر ساقيها من منطقة أعلى الركبة، إضافة لانسداد في الجهة اليسرى من الرئة بسبب تجمع السوائل فيها، وإصابتها بالتهاب في الدم.
خبر فاجعةوقال نجلها حذيفة جرار -للجزيرة نت- إن إدارة المستشفى والطبيب المشرف على حالتها، قررا إجراء تدخل سريع بعد المعاينة الأولى، وجرى نقلها إلى العناية المكثفة وتقديم العلاج لها، لتخفيف السوائل من الرئة وتجنب الالتهاب في الدم.
وأضاف "بفضل الله، وبعد مرور 24 ساعة فقط على الإفراج عنها، تحسن وضعها الصحي، وخفت السوائل في الرئة واستطاعت أن تفتح عينيها، الآن ينتظر الأطباء تحسّن حالتها لإجراء صورة رنين مغناطيسي لها ليتم تحديد موعد عملية العمود الفقري".
ويضيف حذيفة (المقيم في تركيا) أن خبر إصابة والدته كان فاجعة بالنسبة له خصوصا أنه بعيد عنها، وتصله أخبارها من خلال التواصل الهاتفي مع أشقائه. ويؤكد أن الخبر سيكون أكثر صعوبة على والده الأسير عبد الجبار جرار، خاصة مع وضعه الصحي السيئ أيضا الذي بلغه في سجن الاحتلال.
ويوضح حذيفة أن والده اعتُقل قبل 3 أشهر، وهو يعاني من أمراض في القلب ويحتاج إلى تغيير مفصل الركبة لذا يستخدم عكازا بشكل دائم.
ومنذ اعتقاله، سحبت إدارة السجن منه عكازه فأصبحت حركته صعبة جدا، "ونعلم أن الأسرى يعانون من سوء العناية الصحية والغذاء المقدم لهم، لذا نحن قلقون جدا على وضع والدي إن سمع الخبر"، يقول حذيفة.
ووفاء جرار هي زوجة القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبد الجبار جرار، وأم لأربعة أبناء، وهي مؤسسة رابطة أهالي الشهداء والأسرى في جنين ومنسقتها. وتُعد من الوجوه المعروفة في المحافظة والحاضرة في بيوت عزاء الشهداء وفي الوقفات المطالبة بالإفراج عن الجثامين المحتجزة لدى الاحتلال.
وترشّحت وفاء جرار عن قائمة "القدس موعدنا" للانتخابات التشريعية سابقا، واعتُقل زوجها في فبراير/شباط الماضي ويقضي حكما إداريا بالسجن لمدة 6 أشهر، كما أنه أمضى 16 عاما في سجون الاحتلال.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وضعها الصحی وفاء جرار
إقرأ أيضاً:
جرائم الاحتلال في جنين.. تهجير جماعي وحرق للمنازل وتجريف للشوارع
الضفة الغربية/ وكالات
يواصل جيش العدو الإسرائيلي عدوانه على مدينة جنين ومخيمها بالضفة الغربية المحتلة لليوم الـ57 على التوالي، وسط عمليات تجريف، وحرق منازل، وتحويل أخرى لثكنات عسكرية.
وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الاحتلال تواصل الدفع بتعزيزات عسكرية إلى مخيم جنين، والأحياء القريبة منه في مدينة جنين، وسط تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي في سماء المدينة.
وتتمركز دبابات الاحتلال ومدرعاته في محيط المخيم، فيما تواصل الجرافات تجريف شوارع، وتوسيع أخرى، لدخول الآليات العسكرية، فيما سمع إطلاق نار من الدبابات في محيط دوار العودة، ورصد تحركات لآليات الاحتلال في منطقة الجابريات.
وقال محمد جرار- رئيس بلدية جنين في تصريح صحفي، أمس الاثنين، إن عدد النازحين من المخيم ارتفع إلى 21 ألف شخص، مبينا أن 25% من سكان جنين في حالة نزوح.
ووصف جرار حجم الأضرار التي تسبب بها جيش الاحتلال في جنين بأنه “هائل جدا، خاصة من الناحية الاقتصادية، كما طرأ ازدياداً في نسبة الفقر”.
بدوره، قال مدير بلدية جنين ممدوح عساف، إن جيش الاحتلال جرف 85 بالمائة من شوارع المدينة، وأن قرابة 8000 منشأة تجارية مغلقة بشكل كامل، وأحياء كاملة في المخيم تم تهجير سكانها قسرا.
وبحسب المتحدث باسم وزارة التربية صادق الخضور، فإنه منذ بداية الفصل الدراسي الثاني مطلع فبراير الماضي، توقف التعليم الوجاهي في 72 مدرسة في مدينتي جنين وطولكرم، بسبب العدوان، وهو ما يعني حرمان 26 ألف طالب من الدراسة في مدارسهم.
وفي وقت سابق، أكدت اللجنة الإعلامية في مخيم جنين، تضرر 512 منزلاً ومنشأة بالكامل أو جزئياً بفعل العدوان الإسرائيلي المستمر، مشيرة إلى استشهاد 36 مواطناً، بينهم اثنان برصاص أجهزة أمن السلطة، إضافة إلى إصابة واعتقال العشرات، وسط أوضاع إنسانية متفاقمة.
وتواصل قوات الاحتلال عمليات الحرق والتدمير الممنهجة، إذ أقدمت أمس، على إحراق عدد من المنازل داخل المخيم، وسط استمرار انتشارها في الساحة الرئيسية للمخيم وعدد من الشوارع في المدينة، كما أغلقت قوات الاحتلال مدخل مستشفى جنين الحكومي بالسواتر الترابية، ما يزيد من معاناة الجرحى والمرضى.
وأشارت اللجنة إلى أنه لأول مرة منذ عام 2002م، اقتحمت دبابات الاحتلال مدينة جنين ومخيمها، حيث شنت عمليات تخريب ومداهمة واسعة بمشاركة جرافات وآليات عسكرية، كما امتدت الاقتحامات إلى بلدات جلبون، قباطية، يعبد، وقرية بير الباشا، حيث حولت قوات الاحتلال عدداً من المنازل إلى ثكنات عسكرية، ما يزيد معاناة السكان المدنيين.
وأكدت اللجنة أن تصاعد العدوان الإسرائيلي أدى إلى أضرار جسيمة في البنية التحتية، وفاقم الأوضاع المعيشية لسكان مخيم جنين، حيث يعاني الأهالي نقصاً حاداً في المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية للأطفال، بالتزامن مع استمرار انقطاع المياه والكهرباء عن أجزاء واسعة من المدينة والمخيم.
ومنذ بدء العدو الصهيوني تنفيذ ما أسماها عملية “السور الحديدي” في جنين يوم 21 شهر يناير الماضي، والتي توسعت لاحقاً إلى مدن ومخيمات أخرى، وصل عدد الشهداء في الضفة الغربية منذ بدء ذلك العدوان إلى 73 شهيداً، بالإضافة إلى مئات الإصابات ومئات المعتقلين، علاوة على هدم عدد كبير من المنازل، وفقا لإحصاءات أولية .