انتهي التقرير الأسبوعي لبنك QNB إلي أن استقرار الين الياباني أمر ضروري لمنع حدوث أزمة إقليمية أكبر في سوق العملات، والتي قد يكون لها تأثيرات على السيولة والنمو العالميين بشكل عام

وأوضح أنه على الرغم من أن الصين ربما تكون قد تخطت اليابان منذ بضع سنوات كمحرك رئيسي للاقتصاد الآسيوي وثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلا أن اليابان لا تزال تلعب دوراً بالغ الأهمية بالنسبة لتدفقات رؤوس الأموال والأسواق المالية.

من حيث الحجم، يبلغ الاقتصاد الياباني 4.2 تريليون دولار أمريكي، ويشكل 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي المعدل حسب تعادل القوة الشرائية، وهو ثالث أكبر اقتصاد بعد الولايات المتحدة والصين. وتُعَد اليابان دولة رئيسية مصدرة للسلع المصنعة وواحدة من أكثر العناصر تطوراً في "مراكز التصنيع الآسيوية"، أي سلاسل التوريد المتكاملة التي تربط الاقتصادات المتقدمة في شمال شرق آسيا بالاقتصادات الناشئة في الصين وجنوب شرق آسيا.

وبالإضافة إلى ذلك، تعتبر اليابان قوة مالية عالمية، حيث تلعب الأسواق المالية اليابانية دوراً رئيسياً في الاقتصاد العالمي، فالين الياباني هو عملة احتياطية رئيسية. وتعتبر سوق السندات الحكومية اليابانية المحلية أيضاً واحدة من أكبر أسواق السندات السيادية العالمية، مما يجعل عوائدها بمثابة ركيزة لأسعار الفائدة العالمية. ويتسم هذا الأمر بأهمية خاصة، لأن بنك اليابان كان في طليعة البنوك المركزية التي ظلت تطبق سياسات نقدية ميسرة للغاية لعدة سنوات، مستخدماً أدوات مثل أسعار الفائدة السلبية والتحكم في منحنى العائد والبرامج الضخمة لشراء الأصول.

ويوضح تقرير QNB أن السياسة النقدية الميسرة للغاية تجعل بنك اليابان في وضع استثنائي من حيث إجمالي حيازات الأصول وتدني أسعار الفائدة اليابانية مقارنة بالاقتصادات المتقدمة الأخرى. ونتيجة لذلك، تعمل اليابان كمزود رئيسي لرأس المال والسيولة لبقية العالم. ويرجع ذلك إلى بحث المستثمرين اليابانيين عن عوائد أعلى في الخارج واستكشاف المشاركين في السوق لفرص "تجارة المناقلة" بناءً على أسعار الفائدة المنخفضة للين الياباني، أي الاقتراض بسعر منخفض في اليابان للاستثمار بسعر أعلى في ولايات قضائية أخرى، والمضاربة في فوارق أسعار الفائدة.

وفي مثل هذه الأوضاع، ليس من المستغرب أن يحتفظ اليابانيون بأكبر قدر من صافي الاستثمارات في الخارج بشكل يفوق بكثير كل من الصينيين والأوروبيين.

 

وأوضح QNB أن الهيكل العام للأوضاع النقدية الميسرة للغاية في اليابان ساعد على تمويل الاستثمارات في الخارج لسنوات عديدة. ولكن منذ بداية عام 2022 وظهور معدلات التضخم الأعلى من المستوى المستهدف في الاقتصادات المتقدمة، بدأت المخاطر تتزايد، مدفوعة بالتغير في اتجاهات السياسة النقدية في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. وقد أدى ذلك إلى تدفق رؤوس الأموال من اليابان إلى الخارج، مما أدى إلى زيادة الضغط على العملة المحلية، حيث قام المستثمرون ببيع الين الياباني للاستثمار عالمياً.   

ضغوط الصرف الأجنبي

مرت ضغوط الصرف الأجنبي على الين الياباني بثلاث مراحل. 

أولاً، خلال "ذروة التشديد" من جانب البنوك المركزية الرئيسية في عام 2022، عندما كان التضخم مرتفعاً للغاية في الولايات المتحدة وأوروبا. في ذلك الحين، انخفضت قيمة الين الياباني بشكل حاد واضطر بنك اليابان إلى التدخل في أسواق العملات الأجنبية لدعم العملة ومنع المزيد من الضغوط المالية.

ثانياً، شهد الوضع فترة من الاستقرار المؤقت في عام 2023، بسبب تضييق "فجوة السياسة النقدية" بين بنك اليابان ونظرائه من البنوك المركزية الرئيسية، مما دعم انتعاش قيمة الين الياباني بشكل سريع. وكان ذلك يستند إلى اعتدال التضخم بشكل كبير في الولايات المتحدة وأوروبا في نفس الوقت الذي كانت فيه الأسعار ترتفع في اليابان، فقد أثارت الفترة السابقة من ضعف الين الياباني ارتفاعاً حاداً في الأسعار المحلية في اليابان، مما ساهم في رفع التضخم على نحو تجاوز المعدل المستهدف البالغ 2% ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 41 عاماً. وأشار بنك اليابان حينها إلى تحول تاريخي يتمثل في بداية عملية تطبيع السياسة النقدية، بما في ذلك نهاية أسعار الفائدة السلبية وتدابير التحكم في منحنى العائد. ومع إشارة البنوك المركزية الكبرى إلى نهاية دورة تشديد السياسة النقدية وإشارة بنك اليابان إلى بداية عملية التطبيع، ضاقت "فجوة السياسة النقدية" المتوقعة، مما عزز من قيمة الين الياباني.

ثالثاً، شهد الين مرحلة ثانية من الضغوط المكثفة، والتي اكتسبت زخماً في أوائل عام 2024 في أعقاب تأثير الزلزال الذي ضرب اليابان وكذلك إعادة تسارع التضخم في الولايات المتحدة. كان الزلزال الذي ضرب اليابان في أوائل هذا العام بمثابة عائق للين الياباني، حيث أدت الحاجة إلى تدابير الدعم الإغاثي إلى تبطيئ عملية تطبيع السياسة النقدية من قبل بنك اليابان. وقد تفاقمت هذه النوبة الجديدة من انخفاض قيمة الين الياباني بشكل أكبر بسبب المفاجآت السلبية في التضخم في الولايات المتحدة وما ترتب على ذلك من إعادة تسعير لعوائد الدولار الأمريكي. وبعبارة أخرى، اتسعت "فجوة السياسة النقدية" مرة أخرى. وقد دفع هذا الوضع الين الياباني إلى الاقتراب من أدنى مستوياته على الإطلاق مقابل الدولار الأمريكي في الأسابيع الأخيرة، مما يتطلب تدخلاً إضافياً من قبل بنك اليابان لدعم العملة اليابانية.

وأوضح التقرير أنه بدأت علامات الانخفاض غير المنظم في قيمة الين الياباني في الضغط على أجزاء رئيسية أخرى من "مراكز التصنيع الآسيوية"، مثل كوريا والصين، حيث تؤثر تحركات العملات الإقليمية على القدرة التنافسية لكل اقتصاد.

ومن الممكن أن تؤدي موجة من التخفيضات غير المنتظمة في قيمة العملات في آسيا إلى ضغوط على الأسواق المالية. وذلك سيجبر السلطات النقدية المحلية على استخدام أصولها الأجنبية للتدخل في أسواق العملات الأجنبية، أو استخدام الأدوات التنظيمية لمنع المزيد من تدفقات رأس المال إلى الخارج. وبما أن الدول الآسيوية تعتبر المزود الرئيسي لرأس المال للنظام المالي العالمي، فإن هذا الأمر سيكون سلبياً بالنسبة للسيولة، خاصة وأن بنك الاحتياطي الفيدرالي يهيئ نفسه لإبقاء أسعار الفائدة "مرتفعة لفترة أطول" أو خفض أسعار الفائدة بشكل أقل مما كان متوقعاً في السابق.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الين الياباني الصين الاقتصاد الآسيوي اليابان دولار أمريكي جنوب شرق آسيا الاقتصادات الناشئة الاقتصاد العالمي فی الولایات المتحدة قیمة الین الیابانی البنوک المرکزیة السیاسة النقدیة أسعار الفائدة بنک الیابان فی الیابان

إقرأ أيضاً:

سوق الذهب العالمي يترقب قرار الفيدرالي الأمريكي حول مصير الفائدة

استقرت تداولات الذهب مع بداية الأسبوع ليتداول بالقرب من أدنى مستوياته الأسبوع الماضي، حيث تستعد الأسواق لأسهم هام للأسواق المالية العالمية مع ترقب لانتخابات الرئاسة الأمريكية واجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي.

وسجل سعر أونصة الذهب العالمي ارتفاع بنسبة 0.1% خلال تداولات اليوم الاثنين ليسجل أعلى مستوى عند 2744 دولار للأونصة ويتداول حالياً عند المستوى 2736 دولار للأونصة. وذلك بعد أن انخفض خلال الأسبوع الماضي بنسبة 0.4%، وفق التحليل الفني لجولد بيليون.

الذهب أظهر تماسك واستقرار في تداولاته، فحتى بعد أن سجل انخفاض خلال آخر جلستين تداول تظل تداولاته بالقرب من مستويات التاريخية التي سجلها الأسبوع الماضي عند 2790 دولار للأونصة.

من المتوقع أن عدم اليقين هذا الأسبوع قد يفيد الذهب، حيث قد تؤدي التأخيرات المتوقعة في نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية أو السيطرة المنقسمة على مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأمريكي إلى دفع المزيد من التدفقات إلى الملاذ الآمن، مما يدفع أسعار الذهب إلى الارتفاع.

وتكشف استطلاعات الرأي تقارب كبير لدرجة لا تسمح بإعلان الفائز بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب، بالإضافة إلى هذا تراجع الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات الرئيسية خلال تداولات اليوم بنسبة 0.5% ليسجل أدنى مستوى منذ أسبوعين، وذلك في ظل البيانات الضعيفة عن قطاع العمالة الأمريكية، بعد تقرير الوظائف الذي أظهر تراجع حاد في الوظائف الجديدة خلال شهر أكتوبر.

ضعف الزخم في مستويات الدولار الأمريكي تفتح المجال أمام المزيد من الارتفاعات في أسعار الذهب في ظل العلاقة العكسية التي تربط بينهما منذ كون الذهب سلعة تسعر بالدولار.

من جهة أخرى سينصب تركيز الأسواق هذا الأسبوع أيضاً على اجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي يوم الخميس القادم، والذي سيعلن خلاله البنك عن قراره بشأن أسعار الفائدة بالإضافة إلى تصريحات لرئيس البنك الفيدرالي جيروم باول عقب الاجتماع.

التوقعات تشير أن البنك الفيدرالي في طريقه إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال الاجتماع القادم وذلك بعد أن قام بخفض الفائدة في سبتمبر الماضي بمقدار 50 نقطة أساس دفعة واحدة، ليبدأ بهذا سياسة التوسع الاقتصادي وسلسلة لخفض أسعار الفائدة.

ضعف بيانات قطاع العمالة الأمريكي الأخيرة زادت من ثقة الأسواق أن البنك الفيدرالي في طريقه إلى خفض الفائدة للحول دون توسع التباطؤ في القطاعات الاقتصادية الأهم بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، وهو الأمر الذي يعد إيجابي لأسعار الذهب الذي يحقق استفادة من تراجع أسعار الفائدة كونها تقلل من تكلفة الفرصة البديلة للذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه.

هذا وقد أعلن مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية العالمي قد سجلت مشتريات صافية من الذهب خلال شهر سبتمبر بمقدار 40 طن، حيث سجلت مشتريات إجمالية بقيمة 48 طن ومبيعات بمقدار 8 طن.

وقد استمرت مشتريات البنوك المركزية متمركزة في الأسواق الناشئة ليقود البنك المركزي البولندي مشتريات البنوك بمقدار 22 طن يليه البنك المركزي لأوزبكستان بمقدار 16 طن، بينما كان البنك المركزي في كازاخستان أكبر بائع بمقدار 4 طن.

أسعار الذهب في مصر

افتتح سعر الذهب المحلي تداولات اليوم الاثنين على ارتفاع ليظل التذبذب هو المسيطر على تحركات السعر في ظل ترقب الأسواق لتغيرات السعر العالمي هذا الأسبوع الذي يشهد تطورات هامة في الأسواق العالمي، بينما تترقب الأسواق المحلية أيضاً المراجعة الرابعة لصندوق النقد الدولي.

وافتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم عند المستوى 3785 جنيه للجرام ليتداول عند المستوى 3790 جنيه للجرام وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون وذلك بعد أن ارتفع يوم أمس بمقدار 10 جنيهات ليغلق عند المستوى 3780 جنيه للجرام بعد أن افتتح تداولات أمس عند المستوى 3770 جنيه للجرام.

التذبذب الحالي في أسعار الذهب المحلي يأتي بعد أن ارتفع خلال الأسبوع الماضي وسجل قمة سعرية عند 3800 جنيه للجرام ليتراجع السعر بعدها ويستمر في التذبذب بالقرب من هذا المستوى.

التحركات العرضية لسعر الذهب المحلي حالياُ ناتجة عن ترقب الأسواق لتغيرات السعر العالمي خلال هذا الأسبوع الذي يشهد انتخابات الرئاسة الأمريكية واجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي، خاصة أن سعر الذهب العالمي هو المؤثر الأكبر على تحركات السعر المحلي.

هذا وقد أعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني عن رفع تصنيف مصر إلى B مع نظرة مستقبلية مستقرة بعد أن كان التصنيف عند B -، لتشير أن الدعم الذي تلقته مصر من صفقة رأس الحكمة وتزايد تحويلات العاملين في الخارج مع تمويلات المؤسسات المالية الدولية عمل على ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية من النقد الأجنبي وتحسين السياسة المالية.

وأشارت وكالة فيتش أن لديها ثقة أكبر إلى حد ما من أن سعر الصرف الأكثر مرونة سيكون مستدام لفترة أطول مما كان عليه في السابق.

من جهة أخرى صرحت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا خلال زيارتها لمصر أنها تشيد بالإصلاحات الاقتصادية التي طبقتها مصر وسط الظروف العاصفة والاضطرابات الإقليمية المحيطة بها.

وتأتي زيارة رئيس الصندوق بالتزامن مع المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح بمقدار 8 مليار دولار من قبل الصندوق، في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة المصرية بمد فترات تلبية طلبات الصندوق بسبب التأثير السلبي للعوامل المحيطة بمصر.

توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية

شهد سعر الذهب العالمي استقرار مع بداية تداولات الأسبوع في ظل ترقب الأسواق للأحداث الهامة هذا الأسبوع المتمثلة في انتخابات الرئاسة الأمريكية بالإضافة إلى اجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي، وما لهذه الأحداث من تأثير كبير على أسواق الذهب العالمية.

يستمر التذبذب في أسعار الذهب المحلي مع استمرار ترقب الأسواق لتحركات سعر الذهب العالمي بالإضافة إلى متابعة الأخبار عن مراجعة صندوق النقد الدولي الرابعة التي تبدأ هذا الأسبوع إلى جانب زيارة رئيسة الصندوق لمصر.

بعد أن سجل الذهب العالمي قمة سعرية تاريخية عند 2790 دولار للأونصة خلال الأسبوع الماضي، سجل اغلاق أسبوعي تحت خط الاتجاه الصاعد قصير الأجل مما يزيد من الضغط السلبي على السعر ليستهدف حالياً المستوى 2715 ثم 2700 دولار للأونصة في حال استمر التراجع، بينما الارتداد لأعلى يستهدف القمة السعرية 2790 دولارا للأونصة من جديد.

ارتفع سعر الذهب المحلي عيار 21 خلال الأسبوع الماضي ليصل إلى مستهدفه عند المستوى 3800 جنيه للجرام قبل أن يتراجع في تصحيح سلبي ليتداول السعر حالياً ضمن منطقة 3770 - 3790 جنيها للجرام.

اقرأ أيضاًسعر الذهب منتصف تعاملات اليوم الإثنين 4 نوفمبر 2024

الدولار يتراجع قبل الانتخابات وقرار بنك الاحتياطي الفيدرالي

مقالات مشابهة

  • بعد انحسار زخم ترامب..تراجع الدولار
  • استقرار أسعار الذهب مع ترقب الانتخابات الأمريكية
  • الذهب يستقر مع هيمنة الحذر قبل الانتخابات الأميركية
  • الدولار ينخفض أمام العملات الرئيسية مع قرب إجراء الانتخابات الأمريكية
  • سوق الذهب العالمي يترقب قرار الفيدرالي الأمريكي حول مصير الفائدة
  • سوق الذهب العالمي يترقب قرار الفيدرالي الأمريكي حول الفائدة
  • الدولار ينخفض مع اقتراب الانتخابات الأمريكية
  • سعر الذهب والدولار اليوم.. استقرار «المعدن الأصفر» وارتفاع «العملة الخضراء»
  • عاجل:- خبير اقتصادي ينفي وجود تعويم جديد للجنيه المصري ويؤكد استقرار الأوضاع النقدية
  • استقرار أسعار الذهب مع تلاشي رهانات خفض الفائدة