لبنان ٢٤:
2025-02-02@20:44:19 GMT
بين الـ2006 والـ2024.. ما الذي تغيّر في حرب حزب الله؟
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
التصعيد الإسرائيليّ الذي حصلَ اعتباراً من يوم الجمعة عقب توسيع "حزب الله" خط المواجهة باستهداف مستوطنات إسرائيلية جديدة مثل عين يعقوب ويحيعام، أعاد طرح إمكانية توسّع المعركة في جنوب لبنان باتجاه مستويات مختلفة قد تسبقُ التسوية التي تحدّثت عنها الولايات المتحدة، الجمعة، عبر لسانِ رئيسها جو بايدن.
عملياً، فإن سيناريوهات القصف التي تحصل مُتوقعة، فمعروفٌ أن إسرائيل تتمادى بالضربات الجوية، في حين أنّ حزب الله بات يفتحُ المجال قليلاً لصواريخه باستهداف مناطق إسرائيلية تكون خارج منطقة الإشتباك أو على الأقل لم يجرِ إخلاؤها.
كل هذه الأمور واردة، فهي حصلت في العام 2006، فالحرب آنذاك بين الحزب والجيش الإسرائيليّ بُنيت على قاعدة "مدني مقابل مدني"، وهذا ما جرى مؤخراً خلال الإشتباكات الحالية.
السؤال الأبرز الذي يُطرح هنا وسط هذه المشهدية.. ما الذي اختلف بين حرب تمّوز والمعركة الحالية؟ الإجابة هنا لا تتعلق بالناحية العسكريّة فحسب، بل تنسحبُ على الحرب الإستخباراتية الأكثر خطورة، وهنا يكمنُ بيت قصيد المواجهة.
خلال حرب تموز، لم يكن الإستهداف الذي يطالُ قادة "حزب الله" كبيراً إلا في حالات معينة وتحديداً بناء لعمليات إستخباراتية قد تستوجبُ عمليات "كومندوس" كتلك التي حصلت في مدينة صور يوم 5 آب 2006، حينما حاولت قوة من لواء "غولاني" الإسرائيلي قتل قادة من الحزب داخل أحد المباني.
أما الآن، فإن عملية الإستهداف ترتكزُ على متابعة إستخباراتية ضخمة تتقاطع معها الوسائل التكنولوجية الحديثة والمتطورة التي لم تكن متوافرة سابقاً.
للتوسع أكثر في الوصف، فإنه خلال حرب تموز عام 2006، لم يكن هناك ما يُسمى بـ"الذكاء الإصطناعي" المُتطور، في حين أنه لم يكن هناك تطبيقات وهواتف نقالة ذات تقنيات عالية يمكن أن يستخدمها عناصر الحزب لتسهيل إسرائيل اكتشافهم عبرها. الوسائل حينها كانت أكثر محدودية، بينما في الوقت الراهن اختلف الأمرُ تماماً.
يقولُ خبيرٌ معني بالشؤون التكنولوجية لـ"لبنان24" إنَّ الواقع التكنولوجي والتقني لعب دوراً مهماً في تبديل ملامح المعارك، مشيراً إلى أنه لا يمكن بتاتاً تشبيه حرب تموز بالحرب الحالية، وأضاف: "قبل 18 عاماً، كانت التقنيات مختلفة، الظروف أيضاً مُغايرة حتى أن قدرات حزب الله وإسرائيل تبدلت كثيراً من حيث التكتيكات. لهذا السبب، هناك وسائل كثيرة تنازل الحزبُ عن استخدامها لأنها لم تعد صالحة لذلك".
وبالعودة إلى استهداف قادة "الحزب"، ما يظهرُ جلياً هو أنَّه خلال العام 2006، كانت هناك صعوبة في تحديد مواقعهم كما يجري الآن، فالإعتماد على ما يُسمى بـ"البصمة الصوتية" لم يكن فعالاً ومتطوراً كما الآن، علماً أن هناك تقنيات مماثلة يمكن أن تكون موجودة في تلك المعركة، لكنها لم تكن بالدقة الحالية.
ما يقول الخبير التقني يكشف عن أن الحرب الحالية فتحت الباب أمام 3 حروبٍ موازية وهي: حرب الكترونية – تقنية، حرب استخباراتية ذات مستويات جديدة، بالإضافة إلى النوع الثالث وهو حرب الاغتيالات التي تعتمد على النوعين المذكورين من الحروب.
إزاء ذلك، ما يمكنُ تفسيرهُ هنا هو أنَّ "حزب الله" بات يواجه 4 حروب مفصلية في الوقت الراهن، الأمر الذي يمثل استنزافاً لقدراته وطاقاته البشرية والتقنية.
وعلمياً، فإن ما يتم استنباطه مما يجري هو أنَّ الحزب حتى الآن، لم يستطع ضبط الحرب الإلكترونيّة الإسرائيلية القائمة ضده، كما أنه لم يتمكن أيضاً من تقليص الثغرات الإستخباراتية والدليل على ذلك هو أن القصف الذي يطال مواقعه أو الاغتيالات التي تطال قادته، ترتكزُ على تلك المعلومات والتقاطعات الإستخباراتية التي تحصل. وبسبب كل ذلك، تأتي مسألة الإستهدافات لتطرح نفسها كنتيجة واضحة للخروقات، وهذه المسألة خطيرة جداً ولم تكن بهذا الحجم والقدر عام 2006، خصوصاً أن الاستهداف الذي يحصل لم يعد يتركز على عناصر بشرية واضحة أو على قوات فعلية، بل يعتمد على قدرات تقنية وطائرات مُسيرة تؤدي المهمة المطلوبة من دون أي اعتراضٍ قد يطالها.
لذلك، وإنطلاقاً من كل ما ذُكر وتقّدم، فإن ما يُميز حرب تموز عن الحرب الحالية هو النطاق التقني والإستخباراتي، وهنا يمكن التحدي الكبير بالنسبة لـ"حزب الله". قد يُقال عن أن الحرب قبل 18 عاماً كانت تقليدية نوعاً ما، لكن المعركة الآن اتخذت منحى جديداً، ويقول المصدر المعني بالشأن التكنولوجي إنه "لولا لم يكن حزب الله جاهزاً بالحدّ الأدنى لمثل تلك الحروب التقنية والإستخباراتية، لكن انهار في أول مرحلة من الحرب، لكن ما يتبين أن هناك أيضاً جبهة إستخباراتية في كواليس الحزب تسعى من جهة لترميم التصدعات ومن جهة أخرى مواصلة المعركة ضد إسرائيل واكتشاف مواقعها وإلحاق الأضرار بها". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حرب تموز حزب الله الذی ی لم یکن
إقرأ أيضاً:
هذه قصة خروقات حزب الله.. السرّ في شهر 1!
عامٌ مضى على شهر كانون الثاني 2024، فحينها، وقبل سنة من الآن، شهد "حزب الله" بداية انتكاسات إستخباراتية ربما "تجاهل" معالجتها وساهمت في الإضرار به كثيراً لأنه لم يغص بها في العمق لكشف الثغرات التي طالته أمنياً. يعتبر شهر (1) الأكثر تأثيراً على "حزب الله" إبان الحرب الإسرائيلية التي شهدها لبنان مؤخراً، وبسببه دخل الحزب في حربٍ من نوع إستخباراتي عميق، وخلاله بدأت رحلة الإستهدافات التي حصلت طيلة العام الماضي 2024.12 شهراً مرّت على الشهر المذكور، ومن خلاله يمكن إستقاء أبرز الضربات التي طالت الحزب وأثرت عليه إستخباراتياً وأمنياً.. فما هي وكيف جعلته أسيرَ التجاوزات الإسرائيلية؟ مطلع شهر (1) عام 2024 وتحديداً في اليوم الثاني منه، اغتالت إسرائيل القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري وبعده بأيام قليلة (يوم 8 كانون الثاني) تم اغتيال القيادي في "حزب الله" وسام الطويل. بعد العاروري والطويل، اغتالت إسرائيل علي حسن برجي يوم 9 كانون الثاني 2024، وهو قائد منطقة الجنوب في الوحدة الجوية التابعة لحزب الله، ليتم بعده اغتيال علي محمد حدرج يوم 20 كانون الثاني 2024، وهو من أبرز خبراء التكنولوجيا في حزب الله. الاغتيالات هذه كانت غير عادية على صعيد "حزب الله"، وقد ساهمت في إرباك قاعدته الأمنية آنذاك، وما حصل هو أن الحزب أراد الانطلاق منها لدراسة واقعه الأمني، لكن إسرائيل اعتمدت على أساليب "تشتيت" جعلته غير قادر على اكتشاف الثغرات التي هزّت قواعده القيادية وساهمت بانسياب المعلومات عنها الواحدة تلو الأخرى. بداية "التشتيت" كانت من اغتيال العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية. حينها، وقف "حزب الله" أمام عملية حصلت في "عقر داره" لكنها لم تستهدف أيا من مسؤوليه. آنذاك، ظن الحزب أن الخرق قد أتى من جهة حركة "حماس" كون العاروري ينتمي إليها، وهنا تكمن "الخديعة الإسرائيلية" تجاه الحزب وذلك من خلال جعله يعتقد أن الاغتيالات لم تستهدفه في الضاحية بل طالت العاروري و "حماس" على اعتبار أن الحماية الأمنية المتوافرة لدى هذا الفصيل لن تكون أقوى من الحزب، وبالتالي فإن إمكانية الخرق هناك سهلة وصعبة جداً عند الأخير، كما كان الاعتقاد سائداً. الحقيقة في الواقع كانت في مكان آخر، واغتيال العاروري كشف فعلياً عن ثغرة داخل الضاحية الجنوبية لبيروت، ما استدعى انتباه "حزب الله" لدراسة الواقع الأمني هناك، لكن الثغرات لم تنكشف، والدليل على ذلك هو الاغتيالات الأخرى التي شهدتها الضاحية وأودت بكبار قادة "حزب الله" وعلى رأسهم الأمين العام السابق الشهيد حسن نصرالله. تقول مصادر معنية بالشأن العسكري إنه لو كان "حزب الله" ركز على تبديل كافة خططه الأمنية منذ اغتيال العاروري، لكان جنّب نفسه الكثير من الصدمات الأمنية انطلاقاً من الضاحية التي تمثل "العقل الأمني" لـ"حزب الله"، لكن هذا الأمر لم يحصل فبقي الحزب على "الوتيرة" نفسها من ناحية عدم إيجاد معالجة حقيقية للخروقات الإسرائيلية. ما أجّج خطوة عدم المعالجة هو اغتيال الطويل بـ"عبوة" في جنوب لبنان. السؤال الذي يطرح هنا، لماذا لم تنفذ إسرائيل الضربة بطائرة مسيرة؟ لماذا خاطرت بـ"عميل" ليضع عبوة لسيارة الطويل؟ ما الهدف من ذلك؟ هنا، ترجح المصادر أن يكون الهدف هو إشاحة نظر "حزب الله" عن وجود عملاء في صفوفه ضمن الضاحية والقول إن العملاء "الفاعلين ميدانياً" يتواجدون في الجنوب، وبالتالي التسليم بـ"أريحية الوضع" ضمن بيروت وسط اشتعال الجبهة الجنوبية التي من الممكن أن تكون عنواناً لنشاط عملاء كُثر. هذه الفرضية لا يُمكن نفيها طالما أن "حزب الله" لم يكشف عن نتائج أي تحقيقات مرتبطة بالعمليات التي حصلت، لكن المصادر تعتبر أنَّ "الخروقات الأولى التي تعرض لها الحزب"، كانت تفترض حصول تدقيق جديد في آليات العمل، لكن هذا الأمر لم يتحقق بدليل أن كافة المراكز بقيت على حالها ولم يجر تبديلها بشأن أي قيادي من القيادات. السؤال الأكثر إثارة هنا هو التالي: ما الذي دفع "حزب الله" للإسترخاء إستخباراتياً؟ الإجابة هنا تحتملُ وجهين: إما أن التضليل جاء من الداخل عبر جهاتٍ أمنية تمثل "الخرق الأساسي" وهدفها طمأنة الحزب إلى عدم وجود أي مشكلة، وإما أن الحزب "ارتبك" فعلاً بثغرات كبيرة وحاول معالجتها لكنه لم ينجح. في كلتي الحالتين، النتائج العسكرية التي شهدها "حزب الله" تكشف عن خطر كبير هدده قيادياً، وهو الأمر الذي تحدث عنه أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في خطابه الأخير حينما أكد أن الحزب لم يكن يتوقع اغتيال القادة بالسرعة التي حصلت إزاء انكشاف معلوماتي "لم يُعالج بتاتاً خلال الحرب"، وهنا الثغرة الأخطر والأعمق التي هزّت كيان "حزب الله" منذ تأسيسه. المصدر: خاص "لبنان 24"